Search
Close this search box.

القمص متى المسكين: سيرته وكتاباته وعظاته

الكلام عن أبينا اللابس الروح القمص متى المسكين ليس بالأمر الهين، فهو لا يكفيه آلاف الصفحات ولا عشرات المجلدات، ومهما كتبنا سنظل مُقصِّرين، وستبقى هناك فراغات كبيرة تحتاج إلى ملء وتكميل، وسيذكر التاريخ بعدنا أموراً أخرى كانت غائبة عنَّا أو كانت غير مفهومة لنا في حياته. نعم هو كان يسبق عصره بكثير، وكُتبه هي خير شاهد.

هو ثروة الله للكنيسة في مصر في القرن العشرين، شخصية من النادر أن تتكرر. هو عَلمٌ من أعلام الرهبنة ومثال مُضيء في تاريخها المجيد الطويل. نعم هو من العمالقة الذين لن تنساهم الكنيسة أبداً، وستظل كتاباته وآثاره محل تقدير لأجيال كثيرة قادمة.

لم يعُد هذا الرجل مِلكاً خاصاً لدير أنبا مقار أو لأولاده الرهبان، بل صارت حياته وتراثه مِلكاً مشاعاً للكنيسة جمعاء، ليس فقط في مصر بل وفي العالم أجمع، وترجمة كتاباته في أربع عشر لغة أجنبية حتى الآن يشهد لمقدار قبول العالم المسيحي بكافة كنائسه لهذا التراث الروحي الأصيل.

علينا الآن أن ندرس هذا التراث، تماماً كما ندرس تاريخ آبائنا الرهبان الأوائل: الأنبا أنطونيوس والأنبا مقاريوس والأنبا باخوميوس والأنبا شنودة رئيس المتوحدين…

ولكن نحن هنا لسنا بصدد عرض لحياته أو مبادئه أو توثيق لكتاباته أو استعراض لمنجزاته… فهذه كلها قد سبق الكتابة عنها بتفصيل في الكُتب العديدة التي صدرت عنه من الدير، ولكننا سنحاول في هذه الصفحات القليلة تقديم بعض شهادات وومضات خاطفة وشذرات سريعة عن أمور قد تكون خَفية في بعض جوانب شخصية وحياة أبينا متى المسكين، وذلك من فم أولاده وأحبائه ومُريديه الذين لامسوه وعايشوه عن قُرب لمدة تزيد عن الخمسين عاماً.