عيد أنبا مقار الكبير

من عظات أنبا مقار الكبير بمناسبة عيد عودة رفاته إلى ديره (19 مسرى – 25 أغسطس). كل عام والجميع بكل خير وسلام.

***

1 – ينبغي لنا أن نصلِّيَ، لا كعادةٍ جسديَّة ولا باعتياد الصُّراخ ولا بتعوُّد الصَّمت ولا بإحناء الرُّكَب، بل أن ننتظر الله بتيقُّظٍ منتبهين إلى عقولنا، متى يَحضُر ويفتقد النَّفس عبْرَ جميع مخارجها وطرقها وحواسِّها. وهكذا حين تدعو الحاجة لأنْ نصمُت وحين تدعو الحاجة لأنْ نصرخ بل حتَّى أن نصلِّيَ بصياح، فقط ليكن العقل مُثَبَّتًا نحو الله. لأنَّه على غِرار الجسد حين يقوم بعملٍ ما، فإنَّه يكون بالكلِّيَّة منهمكًا فيه ومنصرفًا إليه وأعضاؤه جميعًا يشُدُّ بعضُها أزْرَ بعض؛ هكذا أيضًا فلْتُسَلِّمِ النَّفسُ ذاتَها بالكلِّيَّة إلى طلب الرَّبّ ومحبَّته، لا تُشتِّتها الأفكارُ ولا تَطيش بها، بل تجتهد هي بكلِّ ما لها من قوَّة وتجمع ذاتَها مع أفكارها وتتكرَّس لانتظار المسيح.

2 – وهكذا يشرق هو عليها، مُعلِّمًا إيَّاها الطَّلَبَ الحقيقيّ، ومعطيًا لها الصَّلاة النَّقيَّة الروحانيَّة اللَّائقةَ بالله، و«السُّجود بِالرُّوح والْحَقِّ». لكنْ كما أنَّ الَّذي يتَّخذ التِّجارةَ مهنةً لا يَقنَع بوسيلةٍ للرِّبح من جهةٍ واحدة، بل يسعَى حثيثًا لكي يستزيد الرِّبح ويضاعفه من كلِّ جهة، فينصرف من هذه الوسيلة إلى تلك، ويُسرِع من هذا المسلك إلى ذاك، ويسعَى متخطِّيًا على الدَّوام ما لا نَفْعَ فيه إلى ما هو أكثر ربحًا؛ هكذا نحن أيضًا فلْنهيِّئ نفوسَنا بشتَّى السُّبل وبحِذْقٍ لكي نربح الرِّبحَ الحقيقيّ العظيم، أيِ الله، الَّذي يعلِّمنا أن نصلِّيَ بالحقّ. فإنَّه بهذا يستريح الرَّبُّ لعَزْم النَّفس الصَّالح، جاعلًا منها كرسيَّ مجدٍ يجلس عليه ويستريح. فهكذا قد سمعْنا من حزقيال النَّبيّ عن الأحياء الروحانيَّة الحاملة لمركبة السَّيِّد، إذ يقدِّمها لنا كلَّها عيونًا كالنَّفس الحاملة لله، بل بالأحرى المحمولة من الله، لأنَّها تغدو كلُّها عينًا.

4 – لكنْ حين يرى الرَّبُّ أنَّ النَّفس تجمع ذاتَها بكلِّ ما أوتِيَت من قوَّة، طالبةً الرَّبَّ في كلِّ حين ومنتظرةً إيَّاه ليلًا ونهارًا وصارخةً إليه كما أوصى: «صَلُّوا بِلَا انْقِطَاعٍ في كلِّ حَالٍ» (1 تس 5: 17)، فإنَّه يُنصِفُها كما وَعَدَ، مطهِّرًا إيَّاها ممَّا فيها من شرّ، «وَيُحْضِرُهَا إِلَيْهِ عَرُوسًا بِلَا عَيْبٍ وَلَا دَنَسٍ». فإنْ كنتَ تؤمن أنَّ هذه الأمور هي حقٌّ، كما هي بالفعل، فانتبه لِذَاتِك، إنْ كانت نفسُك قد وجدَتِ النُّورَ قائدًا لها، والمأكلَ والمشربَ الحقيقيّين اللَّذَين هما الرَّبّ، وإلَّا فاطلبْ ليلَ نهارَ لكي تناله. فحينما تنظر الشَّمس، اطلبِ الشَّمس الحقيقيّة، لأنَّك أعمى؛ وحينما تشاهد نورًا، انظر إلى نفسك إنْ كنتَ قد وجدتَ النُّورَ الحقَّ الصَّالح. فجميع الأمور الظَّاهرة إنَّما هي ظِلٌّ للأمور الحقيقيّة الَّتي للنَّفس، فإلى جوار الإنسان الظَّاهر هناك آخرُ باطنٌ، وهناك أعينٌ قد أعماها الشَّيطان، وأذنٌ قد أصَمَّها، ولقد جاء يسوع ليصنع شفاءً لهذا الإنسان الدَّاخليّ. له المجد والسُّلطان مع الآب والرُّوح القدس إلى الدُّهور، آمين.

(من العظة 33: الصلاة دعوة إلى الرب للحضور)

نُشر حديثًا

تبرع لمساندة أنشطة الدير ونشكر أي مساهمة منكم مهما كانت صغيرة.

ويمكنكم التبرع لمشروع إخوة الرب وهو مشروع لمعونة الأيتام والفقراء (مشروع الملاك ميخائيل) أسسه الأب متى المسكين ويعوله دير القديس أنبا مقار.

Donate to support the Monastery’s activities or for the “Archangel Michael Coptic Care” program which helps orphans and needy people in Egypt.
FOR US CITIZENS
“Archangel Michael Coptic Care” has been registered in the USA to serve and help the poor of Egypt in a significant way. Our Tax ID # is: 43-1957120. Your contribution is all TAX DEDUCTIBLE. You will receive a yearly report of your contribution for your tax record. Please write the check to: Archangel Michael Coptic Care. Mail your check to: P.O. Box # 1574, Centreville, VA 20122, USA or donate with credit card or Paypal.