نال ديرنا العامر يوم 19 مايو 2022 بركة زيارة وفد من مجلس كنائس الشرق الأوسط بمناسبة انعقاد الجمعية العامة الثانية عشرة للمجلس بمركز لوجوس بوادي النطرون. لقد نال مجمعنا بركة قداسة الأب البطريرك إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية للسريان الأرثوذكس، وغبطة الأب البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ونيافة الكاردينال لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك الكلدان الكاثوليك، ونيافة الكاردينال إغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك ولفيف من المطارنة والأساقفة والكهنة والرهبان والوفود المشاركة من عدد من الكنائس الشرقية والغربية.
بدأت الزيارة باستقبال الوفد بموكبٍ على باب الدير الأثري على نغمات لحن إفلوجيمينوس حتى الوصول إلى كنيسة أنبا مقار الأثرية حيث استكمل خورس الدير استقبال الضيوف الموقرين بألحان القيامة. ثم ألقيت كلمة ترحيب أعقبتها زيارة الأماكن الأثرية ثم مكتبة الدير الاستعارية وتم الاحتفاء بالضيوف في مضيفة الدير حيث ألقى غبطة البطريرك يوحنا العاشر كلمة ختامية أعرب فيها عن مشاعر الحب والصداقة تجاه قداسة البابا تواضروس الثاني ورهبان الدير كما أنه ذكر أن القديس مقاريوس شخصية روحية معروفة ومحبوبة في كل الكنائس كونه أحد مؤسسي الطريق الرهباني. ويمكن مشاهدة الكلمة بالكامل في الفيديو المرفق.
وقد جاء في كلمة الدير الترحيبية:
***
خريستوس أنستي! المسيح قام!
أصحاب القداسة،
أصحاب السيادة،
الآباء الموقَّرون،
ممثلو الكنائس الأجلَّاء في مجلس كنائس الشرق الأوسط،
باسم مجمع دير القديس مكاريوس، نرحب بكم جميعًا في برية شيهيت وفي دير القديس مكاريوس الكبير وفي الكنيسة العريقة التي تحملُ اسمَه.
إنه يومُ فرحٍ ويوم فخرٍ لبرية شيهيت أن تَستَقْبَلكم أيها الآباء المكرَّمون وأن تكون الموضع الذي فيه تتبادلون مشاعر الصداقة لتوثيق أواصر المحبة بين كنائسكم.
إن وجودَكم هنا في أحد أقدم الأديرة المسيحية في العالم بركةٌ عظيمةٌ بالنسبةِ لَنَا نشعر في داخلنا وكأنَّ المسيحَ نفسَه جاء لزيارتنا.
لذلك، نشكرُ الربَّ الذي سمح في نعمتِهِ بهذا التجمع المقدس في مصر وعلى وجه الخصوص زيارتكم هنا اليوم.
***
لقد امتاز مؤسِّس ديرنا، بل مؤسِّس الرهبنة في هذه البرية كلها، القديس أنبا مقار، امتاز بسعة صدره واتساع قلبه الذي جعله يستقبل ويستوعب ويضم إلى قلبه، بل وإلى مجمعه، القادمين إليه من أقطارٍ وثقافاتٍ وأوساطٍ اجتماعية متباينة للغاية.
فنجد من بين تلاميذه عالمـًا خبيرًا بالأدب اليوناني والروماني مما أهَّله أن يكون معلِّمًا لأولاد الملوك، أرسانيوس المكرَّم في بلاط الإمبراطور، نجده يجاور بل ويستشير وينتفع روحيًّا من راهبٍ بسيط تربَّى في الريف المصري.
كذلك، نجد رجلاً نوبيًّا باسم موسى القوي تألَّب على كل أنواع الخطية قبل توبته حتى صار قاتلاً، نجده بعد أن تاب وصار راهبًا يجاور ويُنافس القديسين الذين وصلوا إلى أعلى مستويات الفضيلة.
نجد أولادًا للملوك مثل مكسيموس ودوماديوس يجاورون فلاحين بسطاء، ولم نسمع قطُّ عن أيِّ خلافٍ أو نزاعٍ نَشَبَ بين كل هؤلاء، وذلك بفضل اتساع صدر أب البرية القديس أنبا مقار الذي نجح في تسليم نفس الصفات لأولاده الروحيين.
والحقيقة أن سرَّ القديس مكاريوس في ذلك كان قدرته على اكتشاف الناحية الصالحة الموجودة في كل إنسانٍ وتشجيعِهِ عليها.
من المبادئ التي كان يُلقِّنها لأولاده المبدأ التالي:
[إنّ الكلمات الشريرةَ والمتكبرةَ تحوِّل الناسَ الأخيار إلى أشرارٍ، ولكن الكلام الطيب المتواضع يحوِّل الأشرار إلى أخيار]
لقد خرج بهذا المبدأ تعقيبًا على قصةٍ حدثت له تستحق أن نسردها بالكامل لأن الذهن البشري يتذكَّرُ المبادئَ التي تُـجسِّدُها القصص بأفضلِ مما يتذكرُ المبادئ النظرية.
كان مكاريوس سائرًا ذات يومٍ في البرية مع تلميذٍ شابٍّ كان يسبقه بمسافة طويلة. وتصادف أن تقابل التلميذُ مع أحد كهنةِ الأوثان، فشتمه حتى غَضِبَ عليه الرجل الوثني وضربه وتركه بين حيٍّ
وميت.ثم تقابل كاهن الأوثان مع أنبا مقار الذي بادره بكلمةٍ صالحة: «تَصْحَبْكَ المعونة يا رجل النشاط». فاندهش الكاهنُ وأقبل نحوه وقال: «أيُّ شيءٍ جميلٍ رأيتَه فيَّ حتى حيَّيتني هكذا»؟
فقال له الشيخُ: «إنني أرى أنك تكدُّ وتتعبُ وإن كنتَ لا تدري لماذا». فأجاب الكاهنُ: «وأنا إذ تأثَّرتُ بتحيتِكَ عرفتُ أنك تنتمي إلى الإله العظيم،
ولكنْ هناك راهبٌ شريرٌ صادفني قبلك ولعنني، فضربتُه ضربَ الموتِ». فعرف الشيخُ أنه تلميذُه. أما الكاهنُ فأمسك بقدمي مقاريوس الطوباوي وقال له: «لن أدعَكَ تمضي حتى تجعلني راهبًا»![1]