طعام الأقوياء
- 79 -



الخراف تعرف صوت راعيها

قـال الرب يسوع مَثَل ”الخـراف والراعي الصالح“ للفرِّيسيين الذيـن نصَّبوا أنفسهم رُعـاةً وقـادةً ومُعلِّمين للشعب اليهودي، وأنكـروا على المسيح تفتيح عينَي المولود أعمى، لأنه صنع هذه المعجزة في يـوم السبت، حتى أنهم قالوا للذي فُتِحَت عينـاه: «نَحْـنُ نَعْلَمُ أَنَّ هـذَا الإِنْسَـانَ خَاطِئٌ... نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللهُ، وَأَمَّا هذَا فَمَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ!!» (يو 9: 29،24).

فأجابهم المولود أعمى الذي فُتِحَت عيناه بكلِّ استنارة وبصيرة مُنفتحة: «إِنَّ فِي هذَا عَجَباً! إِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَقَدْ فَتَحَ عَيْنَيَّ. وَنَعْلَمُ أَنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ، فَلِهذَا يَسْمَعُ. مُنْذُ الدَّهْرِ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ أَحداً فَتَحَ عَيْنَيْ مَوْلُودٍ أَعْمَى. لَوْ لَمْ يَكُنْ هذَا مِنَ اللهِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَفْعَلَ شَيئاً» (يو 9: 30-33).

أجابـوا وقالـوا له بكل غطرسة وانغلاق ذهن: «”فِي الْخَطَايَـا وُلِدْتَ أَنْتَ بِجُمْلَتِكَ، وَأَنْتَ تُعَلِّمُنَـا!“ فَـأَخْرَجُوهُ خَارِجاً» (يو 9: 34). فلمـا عَلِمَ الرب يسوع بذلك قابله وقـال له: «”أَتُؤْمِنُ بِابْـنِ اللهِ؟“. أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: ”مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟“ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: ”قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ“. فَقَالَ: ”أُومِنُ يَا سَيِّدُ“. وَسَجَدَ لَهُ» (يو 9: 35-38).

وهكـذا ثَبَت أنَّ هذا المولود أعمى قد أبصرت عينـاه الجسديتان، وانفتحت بصيرته الروحية، دون أولئك الفرِّيسيين الذيـن عَمِيَت بصيرتهـم بسبب غطرستهم وكبريائهم. لذلك علَّق الرب يسوع قائلاً: «”لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ“. فَسَمِعَ هذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، وَقَالُوا لَهُ: ”أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضاً عُمْيَانٌ؟“ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ”لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَاناً لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ، فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ“» (يو 9: 39-41).

وأعقب ذلك قـول الرب يسوع عـن مَثَل ”الراعي الصالح والخراف“، إنَّ الخـراف تسمع صـوت الراعي وتُميِّزه عـن صـوت الغريب فتتبعه؛ وأمَّا الغريب فتهرب منه لأنها لا تعرف صوت الغرباء.

ثم جاء بعد ذلك قول الإنجيلي: «هذَا الْمَثَلُ قَـالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ. وَأَمَّـا هُـمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ» (يو 10: 6)، مع إن الرب يسوع كان يقصدهم، فهُم الغرباء وهُم السُّرَّاق واللصوص الذين أتوا قبله.

+ ويُعلِّق على ذلك القديس كيرلس الكبير قائلاً:

[إنَّ الفرِّيسيين كانوا بعيدين جداً عن أن يفهموا أي أَمر ضروري (لخلاصهم)، ورغم أنهم كانوا حكماء على نحـوٍ مُنافٍ للعقل في تصوُّراتهم الخاصة (عـن أنفسهم)، فإنهم لم يفهموا هـذا (ال‍مَثَل) الواضح جداً والشفَّاف جداً، وليس فيه شيء يصعب إدراكه... وهـو يسخر بحقٍّ من سوء مشورة اليهود، حيث إنهم اعتبروا المسيح كلا شيء بالنسبة لهم، رغم أنـه علَّم بما هـو أعلى مـن الناموس، وقدَّم طريقاً للمعرفة مُقدِّماً أكثر جداً مِمَّا قدَّمه موسى](1).

”الذي يدخل من الباب هو راعي الخراف“:

بدأ الرب المَثَل بقوله: «إِنَّ الَّذِي لاَ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ إِلَى حَظِيرَةِ الْخِرَافِ، بَلْ يَطْلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَذَاكَ سَارِقٌ وَلِصٌّ. وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ فَهُوَ رَاعِي الْخِرَافِ» (يو 10: 2،1). وهو أَمرٌ طبيعي أن يدخل الراعي صاحب الحظيرة إلى حظيرة الخراف من بابها؛ أمَّا الذي يدخل من موضع آخر مُتسلِّقاً أسوارها، فهو بلا شكٍّ سارقٌ ولصٌّ. واللص لا يدخل إلاَّ ليسرق ويذبح ويهلك. ومتى رأت الخـراف اللِّص تنزعج وتهرب منه وتضطرب من صوته.

وأمَّا راعي الخراف، فالخراف تسمع صوته وتجري نحوه وتتبعه وتفرح بقدومه، لأنها تُميِّز صوته عن صوت الغريب، وهو يدعوها بأسمائها ويُخرجها ويقودها إلى مراعٍ خُضْرٍ، وعند مياه الراحة يُربضها.

وإن كان الرب في هذا المَثَل يقصد بالخراف ”الخراف الناطقة“، إلاَّ أنَّ الخراف العجماء أيضاً تعرف راعيها وتُميِّز صوته، وهـذا الأَمر يعرفه جيداً رُعاة الأغنام. فالمَثَل مُطابق للواقع، والرب يضرب الأمثال دائماً مـن واقع الحياة لأنه هـو الخالق والمُبدع لكلِّ الكائنات.

«أنا باب الخراف»:

بعد أن أكَّـد الرب هـذه الحقيقة: «إِنَّ الَّذِي لاَ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ إِلَى حَظِيرَةِ الْخِرَافِ، بَلْ يَطْلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَذَاكَ سَارِقٌ وَلِصٌّ»، انتقل إلى حقيقة جديدة هامة وجَّهها للفرِّيسيين أيضاً قائلاً: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ. جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ، وَلكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ. أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى» (يو 10: 7-9).

هنا يُحـدِّد الرب طريقاً واحـداً للدخول إلى حظيرة الخراف سواء كـان ذلك بالنسبة للراعي أو للخراف. فبـاب الخراف هـو الـرب يسوع وحده، فهـو الوحيد الذي بـه الخلاص: «وَلَيْسَ بِـأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَـرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَـدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِـهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أع 4: 12)، «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَـدٌ يَـأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يو 14: 6).

أمـا قوله: «جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ»، فهـو يقصد جميع الذين ادَّعوا أنهم رُعاةٌ ولكنهم لم يسلكوا الطريق الذي حدَّده الآب منذ الأزل، ولم يدخلوا من الباب.

وحتى في العهـد القديم يقـول إرميا النبي: «وَيْلٌ لِلرُّعَاةِ الَّذِينَ يَهْلِكُونَ وَيُبَدِّدُونَ غَنَمَ رَعِيَّتِي، يَقُولُ الرَّبُّ. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ شَعْبِي: أَنْتُمْ بَدَّدْتُمْ غَنَمِي وَطَرَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا. هَأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُـمْ، يَقُـولُ الرَّبُّ... وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رُعَـاةً يَرْعَوْنَهَا فَلاَ تَخَافُ بَعْدُ وَلاَ تَرْتَعِدُ، وَلاَ تُفْقَدُ، يَقُولُ الرَّبُّ» (إر 23: 1-4).

كمـا يقـول حزقيال النبي: «وَيْـلٌ لِرُعَـاةِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِيـنَ كَـانُوا يَرْعَوْنَ أَنْفُسَهُمْ... هَأَنَذَا أَسْأَلُ عَـنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَـا. كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ يَوْمَ يَكُونُ فِي وَسْطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ (نبـوَّة عـن عمانوئيل إلهنا الذي في وسطنا الآن)... أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَـا، يَقُـولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ، وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وَأَرْعَاهَا بِعَدْلٍ... وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِياً وَاحِداً فَيَرْعَاهَا عَبْدِي دَاوُدُ (”المسيَّا“: «هذَا يَكُونُ عَظِيماً، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ» - لو 1: 32)، هُوَ يَرْعَاهَـا وَهُوَ يَكُونُ لَهَا رَاعِياً. وَأَنَا الرَّبُّ أَكُونُ لَهُمْ إِلهاً، وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيساً فِي وَسْطِهِمْ» (حز 34: 2-24).

«أنا هو الراعي الصالح»:

بعد أن أَظْهَر الرب رياء الرعاة الكَذَبة الذين يُهلكون ويُبدِّدون رعيَّتهم، ولا يرعـون سـوى أنفسهم، أعلن لهم قائلاً: «أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَـنِ الْخِرَافِ» (يو 10: 11). هـذه هي أُولى مـواصفات الراعي الصالح، فهو يفتدي الخراف بحياتـه ولا يتركها ويهرب لحياته عندما يرى الذئب مُقبلاً. فهو قد جاء ”لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل“. وثاني مواصفاته التي قالها عـن نفسه: «أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الـرَّاعِي الصَّالِـحُ، وَأَعْـرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي» (يو 10: 14).

وهنا المُفارقة الكبرى: إنه قد سبق أن «جاء إلى خاصَّته وخاصَّته لم تقبله» (يو 1: 11). أمَّا هو فيعرف خاصَّته الذين قَبِلوه وأعطاهم سُلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه، الذين ارتفع بمستوى معرفتـه بهم ومعرفتهم بـه إلى مستوى معرفة الآب بـه ومعرفته بالآب، حيث قـال عنهم: «كما أنَّ الآب يعرفني وأنـا أعرف الآب» (يو 10: 15). فلقد رفعهم إلى مستوى بنوَّته للآب بأنْ سَكَبَ عليهم روح التبنِّي، وجعلهم أبناءً لله، ويدعونه: ”يا أَبَا الآب“ (رو 8: 15).

+ وفي هـذا يقـول القديـس أثنـاسيوس الرسولي:

[... قد صار للكلمة جسدٌ لكي يجعل الإنسان قادراً أن يستقبل اللاهوت... حتى يظهر من ذلك أننا لسنا نحن أبناء الله بحسب الطبيعة، بـل هـذا يخصُّ ابن الله الذي فينا. وبالمثل أيضاً الله الآب ليس أباً لنا بحسب الطبيعة، بل هو أب اللوغس الذي فينا الذي نحن أيضاً فيه وبـواسطته نصرخ: ”يا أَبَـا، الآب“. وهكذا الذي يـَرَى الآبُ فيهم ابنَه الخاص، فهؤلاء يدعوهم أيضاً بنينَ له](2).

ويؤكِّد الرب يسوع حقيقة كونه يبذل نفسه عن الخراف بقوله: «وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ... لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَـا أَيْضـاً. هـذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَـا مِـنْ أَبِي» (يـو 10: 15-18).

+ وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

[يُعلِّم الرب في هذا الموضع أنه ليس فقط راعياً صالحاً مُخاطِراً لأجل قطيعه، بل إنه أيضاً بطبيعته الله. لذلك فهو لم يكُن ليحتمل الموت لو لم يكن ذلك باختياره، إذ هو يملك السلطان اللائق بالله لتتميم هـذا التدبير، الذي هو نافع جداً لنا... لكي يُظْهِرَ أنَّ قوَّته في ممارسة السلطان حتى على ربـاطات الموت هي ثمرة طبيعته الخاصة...

وهـذه هي إحدى خصائص ذلك الذي هو بالطبيعة الله... لأنـه لم يأخذ أَمراً كعبدٍ أو خادم، كما أنـه لم يكـن نتيجة اضطرار (أن يموت على الصليب)، أو إجبار مـن آخرين، بل باختياره (وبمسرَّته) جاء ليفعل هذا](3).

والرب يسوع هو الراعي الصالح أيضاً، لأنه سيجمع خرافه من كل أقاصي الأرض ومن كل أُمَّة وقبيلة كقوله: «وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ (بني إسرائيل)، يَنْبَغِي أَنْ آتِي بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ» (يو 10: 16). فدعوته لكلِّ البشر بلا تفرقة لكلِّ مَن يسمع صوته ويتبعه.

مميِّزات الرُّعاة المُختارين من الله:

أولاً: أن يدخل الراعي من باب الخراف ولا يطلع من موضعٍ آخر. والرب يسوع هو باب الخراف، وهـو الذي يدعـو مَـن يختارهم كما اختار رُسله ودعـاهم بأسمائهم. أمَّا الذي يشتهي الرئـاسة والكهنـوت، فهـو يأخـذ مـن نفسه ما ليس له.

ثانياً: أن يَحسب نفسه عبداً لمخدوميه من أجل الرب يسوع، وذلك كقول القديس بولس الرسول: «فَـإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَـلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّـا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيداً لَكُمْ مِـنْ أَجْلِ يَسُوعَ» (2كو 4: 5).

ثالثاً: أن يبـذل نفسه عـن الخراف ويُعرِّفها بالوسيط الوحيد والشفيع الوحيد بين الله والناس: الرب يسوع المسيح. وأن يشترك في احتمال المشقَّات كجنـدي صالـح ليسوع المسيح، وأن لا يرتبك بـأعمال الحياة لكي يُرضي مَـن جَنَّده (1تي 2: 4،3).

رابعاً: «اجْتَهِدْ أَن تُقِيمَ نَفْسَكَ للهِ مُزَكًّى، عَامِلاً لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاِسْتِقَامَةِ» (2تي 2: 15)، «مُؤَدِّباً بالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ» (2تي 2: 25)، دون اللجوء إلى وسائل العالم وحكمة هذا الدهر التي هي جهالة عند الله.

خامساً: سـاعياً إلى وحـدة الكنيسة بالمحبة والوداعة لكي تكون الكنيسة «رعية واحدة وراعٍ واحد» (يو 10: 16).

(يتبع)

(1) ”تفسير إنجيل يوحنا“، أصحاح 10؛ مؤسَّسة القديس أنطونيوس، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية.
(2) Against the Arians, 2,59; NPNF, 2nd Series, Vol. IV, p. 380.
(3) ”تفسير إنجيل يوحنا“، 10: 18؛ مؤسَّسة القديس أنطونيوس، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis