من أقوال
الآباء القديسين

من سيرة القديس أنطونيوس:
+ أتى إخوة إلى الأنبا أنطونيوس وقالوا له: ”يا أبانا، قُلْ لنا كيف نخلص؟“. فقال لهم: ”هل سمعتم ما يقوله الرب؟“. فقالوا: ”من فمك أيها الأب“. فأجابهم قائلاً: ”«مَن لطمك على خدِّك الأيمن حوِّل له الأيسر» (مت 5: 39)“. فقالوا له: ”ما نطيق ذلك“. قال لهم: ”إن لم تطيقوا ذلك، فاصبروا على اللطمة الواحدة“. فقالوا له: ”ولا هذه نستطيع“. فقال لهم: ”إن لم تستطيعوا، فلا تجازوا مَن يظلمكم“. فقالوا له: ”ولا هذا نستطيع!“.

فما كان من القديس إلاَّ أن دعا تلميذه وقال له: ”أَعْدِد لهم مائدة واصرفهم، لأنهم مرضى. إن هذا لا يطيقون، وذلك لا يستطيعون، ووصايا الرب لا يريدون. فماذا أصنع لهم؟“.

من أقوال القديس مقاريوس الكبير:

+ ”لا تقبلوا في فكركم، ولا تَصِفوا في كلامكم أي إنسان أنه نجس أو رجس. فالقلب الطاهر ينظر كل الناس أطهاراً. فقد كُتِبَ: «كل شيء طاهر للأطهار، أما القلب النجس فهو يُنجِّس كل شيء» (تيطس 1: 15)، لأن كل شيء هو للأعمى ظلام“.

+ ”لنعملْ ما دام لنا زمان، لنجد عزاءً في وقت الشدَّة. فمَن لم يعمل ويتعب في حقله في أوان الشتاء، لن يجد في الصيف قمحاً يملأ به مخازنه ليقتات به. فليحرصْ كل واحد على قدر طاقته، فإنْ لم يمكنه أن يربح خمس وزنات، فليجاهد كي يربح اثنتين. أما العبد الكسلان الذي لا يعمل ولا يربح، فمصيره العذاب“.

من أقوال القديس باخوميوس أب الشركة:

+ ”يا ابني إذا جعلتَ توكُّلك على الله، فإنه يصير لك ملجأ ويُخلِّصك من جميع شدائدك. إن سلَّمتَ كل أمورك إلى الله، فآمِن أنه قادر أن يُظهر عجائبه لقدِّيسيه. جميع المعلِّمين والآباء والكتب المقدسة تأمر بالصبر الكثير وتحثُّ عليه“.

+ وعن الادِّعاء برؤية رؤى، أو الاشتياق إلى ذلك قال أيضاً: ”سألني أحد الإخوة مرة قائلاً: قُلْ لنا منظراً من المناظر التي تراها لنستفيد منه. فأجبتُه قائلاً: إنَّ مَن كان مثلي خاطئاً لا تُعطَى له رؤى. ولكن إن شئتَ أن تنظر منظراً بهيّاً يفيدك بالحق، فإني أُدِلُّك عليه وهو: إذا رأيتَ إنساناً متواضع القلب طاهراً، فهذا أعظم من سائر الرؤى، لأنك بواسطته تشاهد الله الذي لا يُرَى. فعن أفضل من هذه الرؤيا لا تسأل“.

من أقوال الأب إيسيذوروس قس الإسقيط:

+ قيل عن الأب الكبير إيسيذوروس قس الإسقيط: إن كل مَن كان عنده أخ صغير النفس أو شتَّاماً أو عليلاً فيطرده من عنده، كان القس إيسيذوروس يأخذه إلى عنده ويُطيل روحه عليه، ويُخلِّص نفسه.

+ سأله الإخوة مرة قائلين: ”لماذا تفزع منك الشياطين؟“. فقال لهم: ”لأني منذ أن صرتُ راهباً حتى الآن، لم أَدَعْ الغضب يجوز حلقي إلى فوق“.

+ وقال أيضاً: ”إن السيرة الصالحة بدون كلام نافعة، أما الكلام بغير عمل فهو باطل. لأن أحدهما بسكوته ينفع، والآخر بكثرة كلامه يُقلِق الآخرين. فإذا استقام القول مع العمل، كملت فلسفته“.

+ وقال أيضاً: ”إنَّ شرف التواضع عظيم، وسقوط المتعاظم فظيع جداً، وإني أُشير عليكم بأن تلزموا التواضع فلن تسقطوا أبداً.“

من أقوال الأنبا موسى الأسود:

+ أرسلها إلى أنبا نومين حسب طلبه: ”إني أفضِّل خلاصك بخوف الله قبل كل شيء، طالباً أن يجعلك كاملاً بمَرْضاته، حتى لا يكون تعبك باطلاً، بل يكون مقبولاً من الله لتفرح. لأننا نجد أن التاجر إذا ربحت تجارته كثر سروره، وكذلك الذي يتعلَّم صناعة إذا أتقنها كما ينبغي، ازداد فرحه متناسياً التعب الذي أصابه، وذلك لأنه قد أتقن الصنعة التي رغب فيها. ومن تزوَّج امرأة وكانت عفيفة صائنة لنفسها فمِن شأنه أن يفرح قلبه. ومَن نال شرف الجندية فمِن شأنه أن يستهين بالموت في حربه ضد أعداء دولته. وكل واحد من أولئك الناس يفرح إذا ما أدرك الهدف الذي تعب من أجله. فإذا كان الأمر هكذا مع شئون هذا العالم الفاني، فكم وكم يكون فرح النفس التي قد بدأت في خدمة الله عندما تُتَمِّم خدمتها حسب مرضاة الله؟

الحق أقول لك إن سرورها يكون عظيماً، وفي ساعة خروجها من الدنيا تلقاها أعمالها وتفرح لها الملائكة إذا أبصروها وقد أقبلَتْ سالمة من سلاطين الظلمة. لأن النفس إذا خرجت من جسدها رافقتها الملائكة، وحينئذ يلتقي بها أصحاب الظلمة كلهم ويحاولون أن يمنعوها عن المسير ملتمسين شيئاً لهم فيها. والملائكة وقتئذ ليس من شأنهم أن يحاربوا عنها، لكن أعمالها هي التي تحفظها وتستر عليها منهم. فإذا تمَّ تغلُّبها عليهم بأعمالها، تفرح الملائكة حينئذ ويُسبِّحون الله معها حتى تُلاقي الرب بسرور. وفي تلك الساعة تنسى جميع ما انتابها من أتعاب في هذا العالم... لنحب طهارة القلب والجسد لننجوا من الدَّنس. فهذا كله يحتاط بالنفس ويتبعها عند خروجها من الجسد“.

من أقوال الأنبا بيمين:

+ سأل أحد الآباء أنبا بيمين قائلاً: ”لماذا تُقاتلنا الشياطين يا أبي؟“ أجاب الشيخ قائلاً: ”الحقيقة أن الشياطين لا تُحاربنا إلاَّ عندما نُتمِّم ميولنا الرديئة التي هي في الحقيقة شياطيننا التي يُقال إنها تحاربنا، فننهزم أمامها برضانا. أما إن شئتَ أن تعرف مع مَن كانت الشياطين تُصارع؟ قلتُ لك: مع القديس أنبا موسى الأسود ومَن مثله“.

(عن كتاب: ”بستان الرهبان“)