دعوة لتجديد العهد مع الله
|
|
|
هل جاء المسيح ليُلقي سلاماً
على الأرض أم سيفاً؟
كثيرون يتساءلون: أليس المسيح هو رئيس السلام وملك السلام؟ ألم يأتِ ليُعطينا سلامه؟ ألم يتنبَّأ عنه إشعياء النبي قائلاً: «لأنه يولد لنا ولد ونُعطَى ابناً، وتكون الرياسة على كتفِه، ويُدعى اسمه: عجيباً مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية، على كرسي داود وعلى مملكته ليُثبِّتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد» (إش 9: 7،6)؟ وحينما وُلد الرب يسوع، ألم تُهلِّل له الملائكة قائلين: «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرَّة» (لو 2: 14)؟
وعندما كان مُزمعاً أن يُسلِّم نفسه للموت عن حياة العالم، ألم يَقُل لتلاميذه في جلسته الوداعية معهم: «سلاماً أترك لكم، سلامي أُعطيكم، ليس كما يُعطي العالم أُعطيكم أنا» (يو 14: 27)؟ وألم يَقُل لهم أيضاً: «قد كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام، في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم» (يو 16: 33)؟
فكيف به يقول في موضع آخر: «لا تظنُّوا أني جئتُ لأُلقي سلاماً على الأرض. ما جئتُ لأُلقي سلاماً بل سيفاً» (مت 10: 34)؟
يظنُّ الكثيرون أن دعوة المسيح لنا هي للحياة السلامية الهادئة، التي لا يشوبها ضيق ولا تكدير. مع أنه قالها لنا صراحة: «في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم». فمِن أين يأتي الضيق وهو قد وعدنا بأنه قد غلب العالم؟
لقد غلب العالم بمعاناته وآلامه واضطهاده وصَلْبه وموته وقيامته. فالمسيح بموته وقيامته قد غلب الموت، آخر عدوٍّ للإنسان: «آخر عدوٍّ يُبطَل هو الموت... أين شوكتُك يا موت؟ أين غلبتُك يا هاوية» (1كو 15: 55،26). فالمسيح بموته وقيامته «أبطل الموت، وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل» (1تي 1: 11). لذلك يقول القديس بولس الرسول أيضاً: «فإذ تشارَك الأولاد (أي المؤمنون بالمسيح) في اللحم والدم اشترك هو (أي المسيح) أيضاً كذلك فيهما، لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويُعْتِق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية» (عب 2: 15،14). فهو قد حررنا من عبودية الخوف من الموت، ومن كلِّ ما يؤدِّي إلى الموت.
فسلام المسيح، إذن، لا يعني أننا سنحيا حياةً هانئة هادئة، خالية من الضيقات والاضطرابات، والآلام والأحزان، والمخاطر والاضطهادات حتى الموت؛ بل إنه يقول لنا صراحة أيضاً: «لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصَّته. ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يُبغضكم العالم... إنْ كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم. وإنْ كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم» (يو 15: 20،19). وبولس الرسول يؤكِّد على هذا المعنى بقوله: «لأنه قد وُهِب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضاً أن تتألَّموا لأجله» (في 1: 29).
إذن، فسلام المسيح لا يتأثَّر بالظروف المحيطة، بل ينمو ويثبت ويزداد رغم كل الضيقات التي تحيط بالإنسان، لأنه سلام نابع من شخص المسيح نفسه: «لأنه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحداً، ونقض حائط السياج المتوسط، أي العداوة، مُبطِلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً، ويُصالح الاثنين في جسدٍ واحد مع الله بالصليب قاتلاً العداوة به. فجاء وبشَّركم بسلام أنتم البعيدين والقريبين» (أف 2: 14-17).
فالمسيح صالحنا مع نفسه بدم صليبه، وهكذا صار هو سلامنا، وصالح النفس مع الجسد، والشعب مع الشعوب، والسمائيين مع الأرضيين. وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:
[ما أسماها تسبحةً: «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرَّة» (لو 2: 14)، فإننا نحن الأشقياء، لمَّا فضَّلنا شهواتنا على إرادة الرب، صرنا في وضع الأعداء بالنسبة له، ولكن هذه (العداوة) قد نُقِضَت بواسطة المسيح، «فإنه هو سلامنا» (أف 2: 14)؛ وقد وحَّدنا بواسطة نفسه مع الله الآب، ورفع من الوسط الخطية المُنشئة العداوة (بموته على الصليب)، وبرَّرنا بالإيمان، ودعا الذين كانوا بعيدين ليصيروا قريبين، وبالإضافة إلى ذلك قد خلق الشعبين ليصيرا إنساناً واحداً جديداً، وصنع السلام وصالح الاثنين في جسدٍ واحد مع الآب (أف 2: 14-16). فإنَّ الله الآب قد سُرَّ أن يجمع فيه الجميع (أف 1: 10)، ويربط معاً العُلويين مع السُّفليين، ويجعل الذين في السماء مع الذين على الأرض قطيعاً واحداً. فالمسيح قد صار لنا سلاماً ومسرَّة](1).
وسلام المسيح شيء مختلف تماماً عن سلام العالم، لذلك قال المسيح: «سلاماً أترك لكم، سلامي أُعطيكم. ليس كما يُعطي العالم أُعطيكم أنا» (يو 14: 27). فهو ليس مجرد سلام التحية التي نعتاد أن نقولها. ولكنه سلام يتركه لنا المسيح كميراث نمتلكه، ولا يستطيع العالم أن ينزعه منَّا. فهو سلام يفوق كل عقل يحفظ قلوبنا وأفكارنا في المسيح يسوع (في 4: 7). وهو سلام يُصاحبه فرح لا يُنطق به ومجيد، عبَّر عنه المسيح قائلاً: «ولكني سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم» (يو 16: 22).
أما قول المسيح: «لا تظنُّوا أني جئتُ لأُلقي سلاماً على الأرض. ما جئتُ لأُلقي سلاماً بل سيفاً. فإني جئتُ لأُفرِّق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أُمها، والكنَّة ضد حماتها. وأعداء الإنسان أهل بيته. مَن أحب أباً أو أُمّاً أكثر مني فلا يستحقني. ومَن أحب ابناً أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني...» (مت 10: 34-37)؛ فالسيف هنا ليس أداة حرب وعِراك، بل هو سيف الفُرقة والانحياز للحق. لأنه إذا بلغ الأمر حدَّ المفاضلة بين الانحياز للحق واتِّباعه، أو الانحياز للباطل والسير وراء العاطفة الجسدية ورباط الدم، فلا مفرَّ من الفُرقة وتَرْك أعزَّ مَن لدى الإنسان حتى لو كان أباً أو أُمّاً أو ابناً أو ابنةً أو زوجةً أو زوجاً أو مجداً عالمياً!! فالأمر لا يحتمل المفاضلة بين محبة المسيح وأي شخص آخر مهما كان. وهذا ما فعله بولس الرسول لمَّا تعرَّف على المسيح: «لكن ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة. بل إني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي، الذي من أجله خسرتُ كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح، وأُوجد فيه، وليس لي برِّي الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح، البر الذي من الله بالإيمان» (في 3: 7-9).
والرب لم يُخْفِ عن تلاميذه ولا عنَّا هذه الحقيقة قط، بل قالها صراحةً: «ها أنا أُرسلكم كغنم في وسط ذئاب... وسيُسلِم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ولده. ويقوم الأولاد على والديهم ويقتلونهم، وتكونون مُبغَضين من الجميع من أجل اسمي. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص» (مت 10: 16-22).
ومع ذلك، فلم يُطالبنا المسيح، إزاء هذه المخاطر المحيطة بنا، أن نُغيِّر طباعنا ونلبس لبس الذئاب أو نتطبَّع بطباعهم لكي نتغلَّب على وحشيتهم. ولكنه أوصانا قائلاً: «مَن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني. مَن وجد حياته يُضيعها. ومَن أضاع حياته من أجلي يجدها» (مت 10: 39،38).
كما أوصانا قائلاً: «أحبُّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مُبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات. فإنه يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطر على الأبرار والظالمين» (مت 5: 45،44).
ويقول بولس الرسول أيضاً: «لا يغلبنَّك الشر بل اغلب الشر بالخير» (رو 12: 21). كما يقول أيضاً: «لا تجازوا أحداً عن شرٍّ بشرٍّ، معتنين بأمور حسنة قدَّام جميع الناس. إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس. لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل أعطوا مكاناً للغضب، لأنه مكتوب: لي النقمة أنا أُجازي يقول الرب» (رو 12: 17-19).
ولنقتدي بالمسيح إلهنا، الذي قال لنا: «احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحةً لنفوسكم، لأن نيري هيِّن وحملي خفيف» (مت 11: 30،29).
فقد قيل عنه بإشعياء النبي القائل: «هوذا فتاي الذي اخترته. حبيبي الذي سُرَّت به نفسي. أضع روحي عليه فيُخبر الأُمم بالحق. لا يُخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبةً مرضوضةً لا يقصف، وفتيلة مُدخِّنة لا يُطفئ، حتى يُخرج الحق إلى النصرة، وعلى اسمه يكون رجاء الأمم» (مت 12: 17-21).
فالمسيح لم يَكُفَّ عن قول الحق بكل شجاعة، وجال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلِّط عليهم إبليس، مع أنَّ الشعب لم يحتمل الحق الذي أعلنه لهم مراراً لكي يؤمنوا به ويعرفوا الحق، والحق يُحررهم؛ بل أبغضوه وتآمروا عليه لكي يقتلوه. فقال لهم: «ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، وأنا إنسان قد كلَّمكم بالحق الذي سمعه من الله» (يو 8: 40).
ولنتذكَّر دائماً أنه منذ وُلد المسيح وهلَّلت له الملائكة مُعلنةً حلول السلام على الأرض، والمجد لله في الأعالي، والمسرَّة بالناس ذوي الإرادة الصالحة؛ تولَّد في نفس الوقت مع هذا السلام للذين قبلوه، البغضة والحقد والقتل عند الذين رفضوه. فعندما عرف هيرودس من المجوس أنه قد وُلد المسيح ملك اليهود، هاج وماج وقتل أطفال بيت لحم، ظانّاً في نفسه أنه قد تخلَّص من المولود ملك اليهود. لكن هيرودس الذي خاف على كرسي مُلْكه، مات؛ والمسيح الذي هرب والتجأ إلى مصر، عاش ونما وأكمل رسالته وأبطل سلطان الموت، وأسَّس ملكوته في قلوب مختاريه.
«الله نور وليس فيه ظلمة البتة» (1يو 1: 5):
المواجهة بين النور والظلمة:
يبدأ إنجيل يوحنا مُتكلِّماً عن الله الكلمة الكائن منذ الأزل، الذي «كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء ممَّا كان. فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور يُضيء في الظلمة، والظلمة لم تُدركه» (يو 1: 3-5).
لمَّا جاء النور الحقيقي إلى العالم، كان لابد أن تهرب من أمامه فلول الظلام، لأنَّ «الله نور وليس فيه ظلمة البتة». فلا يمكن للظلمة أن تبقى في حضرة النور، لذلك يقول الكتاب: «وهذه هي الدينونة: أن النور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل مَن يعمل السيئات يُبغض النور ولا يأتي إلى النور لئلا تُوبَّخ أعماله. وأما مَن يفعل الحق فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة» (يو 3: 19-21).
ولكن النور إنْ كان قد جاء لكي يتعقَّب الظلمة، إلاَّ أنه لم يأتِ ليُهلك الظالمين: «لأنه لم يُرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليَخْلُص به العالم» (يو 3: 17). إلاَّ أنه ليس للنور مُهادنة مع الظلمة، فقد «أُظْهِرَ ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس» (1يو 3: 8).
ولكن الذين أطغاهم إبليس وأعمى بصيرتهم لم يقدروا أن يروا نور المسيح، مع أنه أعلن ذاته لهم قائلاً: «أنا هو نور العالم، مَن يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة» (يو 8: 12). فالعالم بدون المسيح ظلمة، ومَن لا يتبع المسيح يمشي في الظلمة، لأنه ليس فيه حياة، فالحياة هي المسيح: «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو 14: 6)، و«فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس»، لذلك فكل مَن يتبع المسيح يكون له نور الحياة.
من أجل ذلك يقول بولس الرسول: «لأنكم كنتم قبلاً ظلمة، وأما الآن فنورٌ في الرب. اسلكوا كأولاد نور» (أف 5: 8). كما يقول يوحنا الرسول: «إن قلنا إنَّ لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق. ولكن إنْ سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض، ودم يسوع المسيح ابنه يُطهِّرنا من كل خطية» (1يو 1: 7،6). وقد حذَّر المسيح الإنسانَ على أن فرصة اتِّباعه والإيمان به ليست متاحة كل حين، لذلك كان الإلحاح على اتِّباعه والإيمان به شديداً: «النور معكم زماناً قليلاً بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلا يُدرككم الظلام، والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب. ما دام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور» (يو 12: 36،35).
ثم يعود الرب يسوع ثانية ويدعوهم أن يستجيبوا إلى دعوته قبل فوات الأوان قائلاً: «أنا قد جئتُ نوراً إلى العالم حتى كل مَن يؤمن بي لا يمكث في الظلمة» (يو 12: 46).
ولكنهم رغم هذا كله لم يؤمنوا به بل ناصبوه العداء، وقرروا أن يقتلوه. وشهد على ذلك يوحنا الرسول قائلاً: «ومع أنه كان قد صنع أمامهم آياتٍ هذا عددها لم يؤمنوا به، ليتم قول إشعياء النبي الذي قاله: يا ربُّ مَن صدَّق خبرنا، ولمَن استُعلنت ذراع الرب. لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا، لأن إشعياء قال أيضاً: قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم، لئلا يُبصروا بعيونهم، ويشعروا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم» (يو 12: 37-40).
كما شهد عليهم الرب يسوع أيضاً قائلاً: «لو لم أكن قد عملتُ بينهم أعمالاً لم يعملها أحد غيري لم تكن لهم خطية. وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي، لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم أنهم أبغضوني بلا سبب» (يو 15: 25،24).
ونختم بقولٍ للأب متى المسكين:
[ولكن ليس مجاناً وهب المسيح نفسه للعالم ليكون له مصدر نور وحياة ومحبة، فقد ثمَّن الله هذه العطية ببذل ابنه حتى الموت، محتملاً بُغضة قاتليه وظُلْم المشتكين عليه. وكان الدافع الوحيد الذي جعل الله يتحمَّل هذه المأساة في ابنه، هو محبته الحقيقية للعالم: «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد...». فالذي قال: «أنا هو نور العالم»، قالها وهو يعلم قُدرة النور على اكتساح الظلمة واكتساب النصر النهائي لقيامة الحياة، مهما اكتسب الموت من مواقع وزمن. وقد قلناها مرة إنَّ المسيح لم يتقدَّم إلى الصليب إلاَّ بعد أن راهن على العالم كلِّه. فإنْ كان الشيطان قد جال وصال ولطَّخ بعض عصور الإنسان بالظلمة والجهالة، فقيامة العالم عُرفت وحُسِبَت يوم أن قام المسيح من بين الأموات.
فعندما قال المسيح: «أنا هو نور العالم»، وضع نفسه في مواجهة سلبيات العالم وحركاته الارتدادية العنيفة. فلابد أن تأخذ هذه عنفوان شدَّتها لتستهلك رصيدها القائم على الغش والخداع والكذب وتزييف الحقائق. ولكن، بالنهاية، عندما يُستعلَن حقُّ الله ويتجلَّى النور ويراه كل بشر؛ تَكُفُّ أعمال الإنسان التي استخدمها الشيطان لحسابه ليبدأ عمل النور في عالم النور](2).
(يتبع)
(1) St. Cyril of Alexandria, On Luke 2: 8-18, PG 72, 493-496.
(2) الأب متى المسكين، "ألقاب المسيح"، جزء 11: "أنا هو نور العالم"، ص 186.