ما هو هدف قراءة تاريخنا الكنسي كما أوضحه كاتب سيرة البطاركة في القرن الحادي عشر؟ لماذا درجت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منذ نشأتها على يد القديس مرقس الإنجيلي والكاروز على تسجيل تاريخها وقراءته ودراسته؟ يكتب الأب الفاضل أنبا ميخائيل أسقف تنيس في القرن الحادي عشر (كما يكتب هو اسمه هكذا) في بداية السيرة الثالثة والعشرين، والتي تضم البطاركة من البابا خائيل الثالث (السادس والخمسين) إلى البابا شنوده الثاني (الخامس والستين)، عن الهدف من تسجيله تاريخ الكنيسة: ”... فأكتب ما سمعتُه وعرفتُه من الصادقين الذين يُقبل قولهم، ولكي نسلك منهاج مَن تقدَّمنا (سبقنا) الذين نالوا النعمة“. فعملاً بنصيحة هذا الأب البار، نواصل نهجنا على نفس الطريق الذي اختطَّه لنا الآباء، فنسجِّل تاريخ كنيستنا بما فيه من انبساط أحياناً وتعرُّج أحياناً أخرى، ومِن مُثُل عُليا أحياناً ونماذج متدنِّية عن السمو الروحي أحياناً أخرى؛ حينئذ ندرك قيمة النصيحة التي أسداها لنا هذا الأسقف التنيسي، حيث نجتهد لنقتدي بأصحاب المُثُل العُليا، بينما نحرص على أن نعزف عن سلوك النماذج المتدنِّية عن السمو الروحي المُفتَرَض في خُدَّام ومؤمني كنيسة الله الأرثوذكسية. وهذا هو النهج الذي ننهجه وينتهجه كل الذين يُقدِّمون تاريخ كنيستنا للأجيال الصاعدة. انتخاب ورسامة البابا السادس والخمسين: على أثر انتقال البابا شنوده الأول إلى مصاف الأبرار، اتَّبع الأساقفة والأراخنة ما درجت عليه الكنيسة من تقاليد الشركة في انتخاب مَن يصلح لتولِّي الخدمة الرسولية. فاستقرَّ رأيهم على انتخاب راهب قس اسمه ”خائيل“ أو ”ميخائيل“ معروف بسعة صدره ونسكه إلى جانب تبحُّره في العلوم الكنسية، حتى أنه كُتِبَ عنه في سيرته: ”كان ذا خصال سلسة جميلة، تشبه الذهب المسبوك في النار بسبب التجارب التي لحقته وصبر عليها“. أول تجربة: الأسقف الغاضب: ذلك أنه كان على كرسي ”سخا“ (بكفر الشيخ) أسقف (يُلقِّبه كاتب سيرة البابا ميخائيل بأنه ”أسقف شرير“)، وكان من بين بلاد إيبارشيته ضَيْعة معروفة باسم ”نوشر“، وكان فيها كنيسة على اسم الشهيد طلماوس (برثولماوس) تحتاج إلى ”تكريس“. فاجتمع أراخنة المنطقة مع الأب البطريرك أنبا ميخائيل والآباء الأساقفة الذين حضروا معه إلى الكنيسة لينالوا بركتهم، فحضروا جميعاً واجتمع شعب كثير لحضور القداس الإلهي. وكان أسقف سخا المذكور غائباً عن الكنيسة لأنه كان مهتماً بعمل طعام لهم. ومضى وقت من النهار وجاء وقت القداس، فأرسلوا إلى الأسقف ليحضر، فلم يحضر لأنه كان منشغلاً بما ذكرناه. فسأل الأساقفة الأب البطريرك أن يُحمَل القربان إلى الهيكل ليبتدئ الكهنة بقراءة الأسفار وترجمتها للعربية للمصلِّين (لأن الشعب بدأ يفهم اللغة الوافدة الجديدة، وبعضهم لم يَعُدْ يتعلَّم القبطية)، وذلك إلى أن يحضر الأسقف، ففعل ذلك. ولكن الأسقف حضر بعد ذلك، فوجدهم قد بدأوا القداس قبل حضوره، فغضب!! وقال للبطريرك بضجر: ”مَن أعطاك السلطان أن تفعل هذا في كرسيي بغير أمري ولا حضوري“. ثم تقدَّم إلى الهيكل وأخذ قربانة الحَمَل (تُسمَّى في المخطوطات: ”ذورون dhoron“، وهي كلمة يونانية معناها ”القربانة“ مفرد ”قرابين“)، ومزَّقها قطعاً قطعاً ورماها على الأرض، وخرج غاضباً. فصَعُب ذلك على الأب البطريرك وعلى جميع الحاضرين. ثم أحضروا قربانة أخرى وحملوها إلى الهيكل وأكملوا القداس، ثم ناولوا الحاضرين. وفي اليوم التالي جلس الأب البطريرك واجتمع إليه الأساقفة وقطعوا ذلك الأسقف وقدَّموا أسقفاً آخر غيره. ردُّ فعل الأسقف: وشاية ضد الأب البطريرك: فلما عَلِمَ الأسقف بذلك، دخله الشيطان، إذ تسلَّط عليه الغضب، ومضى إلى الأمير المتولِّي على مصر من قِبَل الخليفة ”أحمد بن طولون“، وكان مُحباً لجمع المال، فشكا له البطريرك وأوغر صدره ضدَّه مُدَّعياً عليه أن معه مالاً وفيراً. وكان هذا الوالي يعدُّ العدَّة بتجهيز جنود من بلاد الشام، ففرح بقول الأسقف ليأخذ من البطريرك ما ينفقه على هؤلاء الجنود. فأرسل يستدعي الأب البطريرك وخاطبه بكلام معسول قائلاً له: «إنك تعلم ما نحتاج إليه من أموال من أجل الحملة المزمع إقامتها، وعلى الأخص أنكم أنتم يا رؤساء "النصارى" لستم في حاجة إلى ذهب ولا فضة إلاَّ الخبز الذي تأكلونه والثوب الذي تلبسونه، وأنا قد عرفتُ أن لك مالاً كثيراً وآنية لا تُحصَى من الذهب والفضة وأنواع متعددة من الحرير للبيع“، ثم تظاهر بأنه يحترمه حتى ينال منه مبتغاه! أما البابا البطريرك فسكت ولم يَدرِ بماذا يُجيبه، ثم قال له بهدوء وتواضع: ”إن مملكتكم ليس فيها ظلم، وأنتم تعرفون الحق؛ أما أنا فإنسان ضعيف لا أملك ذهباً ولا فضة ولا شيئاً مما وُشي به عندك، ذلك لأننا قوم مأمورين أن لا نكنز كنوزاً على الأرض، ولا حتى نهتم بالغد. والآن فأنا بين يديك فافْعَل ما تريد، فسلطانك هو على جسدي، أما روحي فبيد خالقي“. حَبْس الأب البطريرك: فلما سمع أحمد بن طولون ذلك، غضب وتطاول على الأب البطريرك، ثم أمر بحبسه. وكان في الحبس معه إنسان رئيس يُعرَف باسم ”ابن المنذر“، وكان رجلاً أميناً يحب الصَّدَقَة وكان كثير المال، فكان يخدم البطريرك ويصوم معه وقت الصيام ويفطر معه على خبز وملح وبقول مسلوقة وما شابه ذلك. وكان هذا الرئيس لا يأكل شيئاً مِمَّا يأتي إليه من بيته، بل يُشارك الأب البطريرك في طعامه وشرابه. وكان السجن مكتظاً بالمحبوسين، فبعد انقضاء سنة كاملة، دفع البطريرك للسجَّان شيئاً حتى يوافق على أن يعمل له غرفة مرحاض مستقلة من الطوب والطين لكي لا يقضي حاجته أمام بقية المسجونين، لأنه ظن (أو وضع في نفسه) أنه سيبقى محبوساً إلى يوم وفاته. ولكن في اليوم الذي فرغ فيه البنَّاء من بناء ”بيت الماء“ (أي المرحاض)، أفرج الله عنه وغادر السجن. ما الذي حدث حتى أُفرج عن البطريرك؟ كان لأحمد بن طولون كاتبان أخوان أحدهما يُسمَّى ”يوحنا“ والآخر ”أبرام“، ابنا موسى. وكان أحمد ابن طولون يحبهما جداً. لكنهما حينما أكثرا من التوسُّط لدى الأمير أن يقبل أن يكونا ضمينين لسداد ما هو مفروض على الأب البطريرك (عشرين ألف دينار) مقابل أن يذهبا ويأخذا البطريرك من الحَبْس إلى منزلهما؛ لم يستجب الأمير. وكان لأحمد بن طولون وزير له كاتب اسمه ”يؤانس“، فسأل هذا الكاتب الوزير أن يتوسَّط لدى الأمير لإخراج الأب البطريرك من الحَبْس. ثم مضى يؤانس إلى أُم أحمد بن طولون، وكانت امرأة ورعة في دينها، وقال لها: ”أنتِ تعلمين طول مدة حبس البطريرك، وقد مات جماعة من الأساقفة ولم يُقَم بدلاً منهم، والحاجة تدعو إلى إقامة أساقفة“. فقالت: ”ألم تعلم أن كاتبيَّ الأمير يوحنا وأبرآم فشلا في ذلك، فكيف يسمع منك أنت“؟! فقال لها: ”أنا أفعل ما قد جعله الله في قلبي، والأمر في النهاية في يدي الله“. فشجَّعته على ذلك. ففي فجر اليوم التالي، قام وأخذ معه ابنه ويسمَّى ”مقاره“، إلى دار الوزير. وجلسا أمام باب داره وقد فرشا كِسْوة سروج الركوبتين (الجحشين) اللذين امتطياهما، وجلسا عليها، في انتظار عودة الوزير من صلاته بالجامع. فلما عاد الوزير تعجَّب من المنظر وسألهما عن سبب بكورهما بالمجيء على غير العادة، فقالا له: ”يا سيدنا (لقب الوزراء في العصر الإسلامي) الوزير، ليس لنا صلاة في كنائسنا ولا مَن يحكم في أمورنا، وقد طال مدة حبس بطريركنا، ونحن نسألك مساعدتنا نحن وجميع شعب "النصارى" حتى تتوسط لدى الأمير فيه“. فقال لهما: ”أَمَا تعلمان مكانة ابنيّ موسى (يوحنا وأبرآم) عنده، وقد سألاه مرات كثيرة ولم يُجِب سؤالهما، غير أني سأُوجِّه اهتمامي بهذا الأمر“، وحلف لهما بذلك. ثم مضى الوزير إلى الأمير كعادته، وبعد أن تباحث معه في أمور الدولة ذَكَرَ له قضية البطريرك. فردَّ عليه الأمير: ”أنا سأقتله لأنه عاند معي“، فقال له الوزير: ”ما في قتله من فائدة، ولكن نحن نجتهد في أن نحصل على أي شيء لبيت المال أفضل من قتله“. فرد عليه الأمير بخشونة: ”ألعله أرسل يسألك للتوسُّط في الأمر“؟ (طريقة الطغاة في صدِّ وسطاء الخير)! فحلف الأمير وقال: ”إنه من يوم اعتقاله ما قرأت منه ولا ورقة رسالة، ولا خاطبني فيه أحد، إلى أن جاءني يؤانس الكاتب وابنه مقاره وبكيا، فحلفتُ لهما أن أُخاطبك في أمره“. وأمر الوزير بإحضار يؤانس الكاتب وابنه مقاره. فلما حضرا، كتب لهما رسالة إلى مأمور سجن الاعتقال بتسليم الأب البطريرك لهما ويمضيا به إلى حيث يريدان، ويُقررا أمره على ما يستقر في يده من المال ليُسدِّد العشرين ألف دينار. وأعدَّا له مكاناً بجوار بيت الوزير مفروشاً ومُزيَّناً، واستأذن يؤانس الوزير أن يأتي إليه بما يأكله كل يوم، فقال له الوزير إن من بيته سيخرج كل ما يأكله الأب البطريرك، وإن أردتَ أنت أن تأتي إليه بشيء آخر، فالأمر لك. فكان الوزير يحمل إليه في كل يوم من الطعام والشراب الشيء الكثير. وكان قد استقر الأمر على عشرين ألف دينار، يُدفع نصفها بعد شهر، والباقي بعد أربعة شهور. وطابت نفس ابن طولون بهذا الاتفاق، وأمر أن يؤخذ على يؤانس وابنه مقاره صكّاً بما اتُّفق عليه، ويشهد عليهما الوزير بأن هذا المبلغ في ذمتهما، ففعلا ذلك. وحينئذ تسلَّما البطريرك، واجتهدا أن يمضيا به إلى منزلهما، لكن الأب البطريرك لم يفعل ذلك، بل مضى إلى كنيسة السيدة العذراء بقصر الشمع، وأقام بها عشرين يوماً كان الأراخنة يتردَّدون عليه ويتحادثون معه، ويأكلون ويشربون عنده، ويتباركون منه. الخروج من المأزق، بمأزق آخر: ولما قرب انتهاء مهلة الشهر، ولم يحصل البطريرك على شيء من العشرة آلاف دينار (الدفعة الأولى)، قلق الجميع وأخذوا يُفكِّرون، ويا لَهوْل ما تَفكَّروا به! إذ أحصَوْا الكراسي الخالية من الأساقفة، فوجدوها عشرة. فأقاموا (أي انتخبوا) لها عشرة أساقفة، وقرروا على كل واحد مبلغاً من المال يقوم بسداده خلال 10 أيام، ثم يُرسمون أساقفة. وأحضر يؤانس وابنه ألفي دينار، ودفع لهم الوزير ألف دينار من ماله بصفة قرض، ومضوا إلى كُتَّاب مسلمين اقترضوا منهم سبعة آلاف دينار، وهكذا تجمَّع المبلغ، ومضوا إلى الأمير عند انقضاء الشهر وحملوا معهم العشرة الآلاف دينار، وحلفوا له أن ليس للبطريرك في هذا المبلغ ولا دينار ولا درهم واحد، ولا وجدوا عنده شيئاً وأن جميعها قرض عليه، فأخذ المال وردَّ لهم الصكَّ وخزَّقوه (حتى لا يكون صالحاً للاستخدام والمطالبة مرة أخرى)، وكتب يؤانس وابنه مقاره صكّاً بالباقي وهو عشرة آلاف دينار. فلما عاد إلى الأب البطريرك سلامه وسكن رَوْعه، اجتمع إليه سنودس الأساقفة وتشاوروا في أمر المال المقترض، وما تبقى للأمير، فاستقرَّ رأيهم على أن يُرسلوا إلى كراسيهم، ويأخذوا من كل إنسان قيراط ذهب. ويقول كاتب سيرة الأب البطريرك خائيل الثاني: ”ونقضوا بفعلهم هذا قانون الآباء الرسل ومُعلِّمي البيعة القديسين القائلين بأن لا يؤخذ عن موهبة الله وهي الكهنوت لا ذهب ولا فضة“! وهكذا أخذوا من الأساقفة العشرة الذين رسموهم على الكراسي ما استقر عليهم من مبالغ، وكانت سابقة لأول مرة في تاريخ الكنيسة القبطية. ثم مضى الأب البطريرك إلى وادي هبيب (وادي النطرون)، فباع ”الرمارم“ (جمع ”رِمَّة“، وهي الأثواب البالية) في موضع وقوفهم في الكنيسة للصلاة، وأُخِذَ من كل راهب عن موضع وقوفه ديناراً واحداً. كما مضى إلى الإسكندرية، وسأل الكهنة أن يأخذ ما في الكنائس مما يمكن بيعه، ليأخذ ثمنه ويُسدِّد للسلطان، لكن الكهنة لم يطيعوه، وحدثت مناقشات معه، وأخيراً تقرر أن يبيعوا ”رباع“ (أي ربع أوقاف كل كنيسة) الكنائس، مقابل أن يُعطيهم الأب البطريرك ومَن يجلس بعده على الكرسي ألف دينار رسماً مستقراً كل سنة. وتجمَّع من كل هذا عشرة آلاف دينار بمقدار ما اقترضه، وتبقَّى عليه بعد ذلك عشرة آلاف أخرى للأمير لم يُعرف من أين يأتي بها؟! ومن ذلك اليوم، صار هذا الأب البطريرك القديس إذا كتب رسالة يُوقِّعها ليس باسمه ”ميخائيل“ بل ”خايال“ ومعناه أنه الأخير، أي آخر مَن ولدته أُمه التي هي الكنيسة، إذ تحوَّل حُسنُها إلى كآبة بسبب أنه أخذ مالاً من الأساقفة مقابل شرطونيتهم (أي رسامتهم)، وهو ما يُسمَّى ”السيمونية“، أي بيع مواهب الله بدراهم. وأقام الأب أنبا ”خايال“، كما سمَّى نفسه، تحت ضيق بسبب العشرة آلاف دينار الباقية عليه. وعزم أن يذهب إلى مدينة تنيس ليأخذ من شعبها المسيحي المحبين لله صدقات، ثم بدأ يطوف البلاد الأخرى ليحصل على شيء آخر منها. فلما أقام في تنيس يوماً واحداً، حضر إليه أُناس يسألونه عن أخباره وما انتهى إليه حاله؛ وإذا براهب مستور الوجه، نحيف الجسم، زري المنظر، وعلى جسمه ثوب مهلهل، يدخل إلى الأب البطريرك وسط الجمع ويأخذ بركته، ولم يَقُل له أحد ”اجلس“، لكنه جلس إلى جانب تلاميذ الأب البطريرك، وقال لأحدهم: ”لماذا أبونا البطريرك قلق بسبب ما هو مُطالَب به وما يتوقعه من المطالبة، امضِ إليه وقُل له: بعد أربعين يوماً يُمزِّق عنه الرب هذه الصك، ولن يُطالَب بأي مال، بل يُترك له“. فتقدَّم التلميذ وأَعلَمَ البطريرك بذلك. فأمر التلميذ بإحضاره إليه، فلم يجدوه؛ وفتشوا عليه في مدينة تنيس، فما عثروا له على أثـر؛ وفي دمياط والمواضع القريبة، فلم يجدوه. كيف تمجَّد الله في الأمر؟ ولكن بعد المخالفة: ثم إنه بعد ثلاثة أيام، خرج أحمد بن طولون من مصر متوجِّهاً إلى دمشق (حوالي عام 872م) على رأس جيشه الذي أنفق عليه ثلاثمائة ألف دينار، وظل 29 يوماً سائراً ولم يسترح في مكان، وفي تمام الأربعين يوماً التي أخبر بها الراهب مات أحمد ابن طولون بعد عودته، موتاً رهيباً، وجلس ابنه خمارويه بدلاً منه. فعند ذلك أخرج الوزير الصكَّ بالضمان، وسلَّمه إلى كاتبه يؤانس. وأرسل يؤانس إلى الأب البطريرك بالحضور من تنيس. فلما وصل، نزل في كنيسة العذراء بقصر الشمع، واستدعى الأراخنة عنده، وأحضروا الصك إليه فخزقه بيده (أي ألغى قيمته). وعاد إلى قلايته يمجِّد الله، ولكن بحزن وندم على ما انكسر من قوانين الكنيسة، وعلى مَن سيأتي بعده على كرسيه، بشأن ”السيمونية“ التي فُرضت على كل مَن يُرسم أسقفاً، وعلى ما جرى بينه وبين شعب وكهنة الإسكندرية. كل هذا نتيجة تسرُّعه في الإجراءات لجمع العشرة الآلاف دينار، وإن كان تحت ضغط الظروف القاسية. وأقام بطريركاً سبعاً وعشرين سنة، وتنيح يوم 21 أمشير عام 897م. |