دير القديس العظيم أنبا مقار
الصفحة الرئيسية  مجلة مرقس الشهرية - محتويات العدد

 

«إن شهادة يسوع هي روح النبوَّة»

(رؤ 19: 10)

المسيح

يعرِّفنا عن ذاته

- 6 -

رابعاً: الشهادات (3)

ج - شهادة النبوَّات والرموز

المسيح رئيس الإيمان

العناصر الرئيسية:

أولاً: المسيح يعلن أنه الرب ابن الله والواحد مع الآب.

ثانياً: المسيح يُعرِّفنا عن الروح القدس. ثالثاً: المسيح يكشف عن لاهوته وسلطانه وصفاته.

رابعاً: الشهادات: أ - شهادة الشهود؛ ب - شهادة الأحداث؛ جـ - شهادة النبوَّات والرموز.

+ لا زلنا مع الشهادات التي تعترف بالمسيح رباً وإلهاً ورئيساً للإيمان. وقد تناولنا من قبل شهادة الشهود(1) (عدد يونية 2006، عدد سبتمبر 2006)، وشهادة الأحداث (عدد أكتوبر 2006)، ونختم هنا هذه الدراسة بشهادة النبوَّات التي كتبها أنبياء العهد القديم من قبلُ، ما بين خمسة عشر قرناً وخمسة قرون من ميلاد المسيح، وأيضاً شهادة الرموز أشخاصاً أو أشياءَ منذ آدم وإلى يونان.

هذه شهادة لا يمكن الطعن فيها، ذلك «لأنه لم تأتِ نبوَّة قط بمشيئة إنسان، بل تكلَّم (بها) أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس» (2بط 1: 21). فالذي أوحى للأنبياء إنما هو روح المسيح الذي لا يخفى عليه شيء، وكل شيء مكشوف لعينيه من البداية إلى النهاية. بالتالي، فالرب - الذي هو محور النبوَّة وغايتها - يعرف النبوَّات التي تشهد له. الروح يرى الأحداث الآتية بسَبْق معرفته ويوحي للأنبياء بتسجيلها حتى عندما يأتي زمانها لتتم تصبح شاهدة بصدق النبوَّة، والنبوَّة شاهدة بصدق مَن تشير إليه.

وكانت النبوَّات معروفة لليهود، خاصة رجال الدين وأتقياء الشعب، فهي تتعلَّق بخلاصهم وهم شعب الله المكلف ببشارة سائر الشعوب بالخلاص. وبالتالي كان انطباقها على شخص المسيح مما لا يمكن إنكاره، ويكون رذله مقاومة لروح الله ورفضاً لكلمة الخلاص.

+ الرب يحث الجميع أن يفتشوا الكتب:

في بشارته بالخلاص كان المسيح يطلب من اليهود، ومن كل مَن يسعون إلى الحق والنجاة من الموت، أن يفتشوا النبوَّات بحثاً عنه. فهي شهادات عن المسيَّا مخلِّص العالم سجَّلها الوحي في سالف الزمان وأودعها كتب الناموس والأنبياء والمزامير بالغة القداسة والصدق، وهي مِن ثمَّ دلائل لا تشوبها شائبة ولا يؤتيها الباطل بأي حال: «فتِّشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية، وهي التي تشهد لي» (يو 5: 39).

- وقد أشار المسيح إلى نبوَّة موسى الشهيرة بصورة خاصة عندما قال: «لو كنتم تصدِّقون موسى لكنتم تصدِّقونني، لأنه هو كتب عني» (يو 5: 46). والرب يقصد ما كلَّم به موسى شعبه: «يُقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي، له تسمعون... قال لي الرب: ... أُقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه فيُكلِّمهم بكل ما أُوصيه به» (تث 18: 18،17،15)، وهو ما يعرفه كل اليهود وينتظرونه. فبالرغم مما مر بهم خلال الأجيال من أنبياء كثيرين بعد موسى، كان أولهم يشوع وآخرهم المعمدان؛ ظل مجيء هذا ”النبي“ الذي تشهد له السماء هو شغلهم الشاغل حتى جاء يسوع(2).

- ففيلبُّس، بعد أن عرف الرب قال لرفيقه نثنائيل (برثلماوس): «وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة... تعالَ وانظُرْ» (يو 1: 46،45).

- والكهنة واللاويون عندما سألوا يوحنا المعمدان «ألنبي أنت»؟ نفى ذلك منوِّهاً عن يسوع قائلاً: «ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه» (يو 1: 26،21). وفي الحقيقة فهذه كانت مهمة المعمدان لتهيئة الطريق قدَّام الرب وإعلان أنه هو المسيح «حَمَل الله الذي يرفع خطية العالم» (يو 1: 29)(3).

- وبعد معجزة إشباع الجموع قال الناس عن المسيح: «إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم» (يو 6: 14).

- وفي اليوم الأخير العظيم من عيد المظال وقف يسوع منادياً: «إن عطش أحد فليُقبل إليَّ ويشرب... مشيراً إلى الروح القدس...»، فكثيرون لما سمعوا هذا الكلام قالوا: «هذا بالحقيقة هو النبي» (يو 7: 40).

+ الرب يستشهد بالنبوَّات:

كما حث الرب سامعيه أن يفتِّشوا الكتب لأنها تشهد له، فهو أيضاً استخدم النبوَّات - وهي معروفة على الأقل لرؤساء الكهنة والكهنة والكتبة والفريسيين - لتأكيد رسالته. وهو يدخل المجمع في السبوت يقرأ ويُفسِّر ويستشهد بالنبوَّات.

- وفي بداية خدمته وهو في مجمع الناصرة (حيث كان قد تربَّى) دُفِعَ إليه سفر إشعياء، فقرأ هذه النبوَّة: «روح (السيد) عليَّ لأنه (الرب) مسحني لأُبشِّر المساكين، أرسلني لأشفي (لأعصب) المنكسري القلوب، لأُنادي للمأسورين (للمسبيين) بالإطلاق (بالعتق)، وللعُمي بالبصر، وأُرسل المنسحقين في الحرية، وأَكرز (لأُنادي) بسنة الرب المقبولة (بسنة مقبولة للرب)» (إش 61: 1-3؛ لو 4: 16-19). وبعد أن طوى الرب السفْر وجلس ابتدأ يقول لهم: «اليوم قد تمَّ هذا المكتوب في مسامعكم» (لو 4: 21). ورغم أن الانطباع الأول للكلمات كان طيِّباً إلاَّ أن الإعجاب انقلب إلى التهوين من شأنه باعتبارهم يعرفونه ويعرفون عائلته. وانتقد الرب مسلكهم وانتهى الأمر بأن أرادوا التخلُّص منه بإلقائه من فوق الجبل، ولكنه جاز في وسطهم ومضى (لو 4: 22-30).

- وكثيراً ما أشار الرب لتلاميذه إلى أن أحداث حياته تُحقِّق ما جاء في النبوَّات. فقبل صليبه قال لهم: «وها نحن صاعدون إلى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان» (لو 18: 31).

- وقد يشير الرب إلى نبوَّة بعينها عن اقتراب تحقيقها فيقول لتلاميذه بعد العشاء الأخير: «لأني أقول لكم إنه ينبغي أن يتم فيَّ هذا المكتوب: ”وأُحصِيَ مع أَثَمَة“ (إش 53: 12)، لأن ما هو من جهتي له انقضاء (أي أن ما يتعلَّق بي لابد أن يتم)» (لو 22: 37). وهو ما تحقَّق بالفعل في منتصف النهار التالي عندما صُلِبَ يسوع بين لصَّيْن (مت 27: 38؛ مر 15: 28،27؛ لو 23: 33)، حيث عومل الرب كمذنب وجَمَعَت عقوبة الصلب بينه وبين لصَّيْن أُتيح لأحدهما - بسبب هذه الرفقة - أن ينجو من الموت الأبدي ويكون أول الداخلين إلى الفردوس، عندما أعلن إيمانه بالمخلِّص البار المعلَّق في المنتصف بينهما.

- أشار الرب إلى ما جاء في سفر إشعياء في معرض حديثه عن غلاظة قلب السامعين: «قد تمَّت فيهم نبوَّة إشعياء (إش 6: 9-11) القائلة: تسمعون سمعاً ولا تفهمون، ومُبصرين تُبصرون ولا تنظرون، لأن قلب هذا الشعب قد غلظ وآذانهم قد ثقل سماعها وغمَّضوا عيونهم، لئلا يُبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم» (مت 13: 14-16؛ لو 8: 10؛ يو 12: 40)، «يقترب إليَّ هذا الشعب بفمه ويُكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمُبتعد عني بعيداً» (إش 29: 13؛ مت 15: 8).

- وعند طرد الرب للباعة من الهيكل انتهرهم مُذكِّراً إيَّاهم بنبوَّة إشعياء: «بيتي بيت الصلاة يُدعَى (لكل الشعوب) لجميع الأُمم (إش 56: 7)، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص» (مت 21: 13؛ مر 11: 17؛ لو 19: 46) (وعندها تذكَّر تلاميذه المكتوب: «غيرة بيتك أكلتني» - مز 69: 9؛ يو 2: 17).

- وختم الرب مَثَل الكَرْم والكرَّامين بأنَّ مَن رفضه اليهود سيكون هو حجر الزاوية في الملكوت، مشيراً إلى ما جاء في المزمور (مز 118: 23،22): «الحجر الذي رفضه البنَّاؤون هو قد صار رأس الزاوية. مِن قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا» (مت 21: 42؛ مر 12: 11،10؛ لو 20: 18،17). [وهو ما أشار إليه أيضاً معلِّمنا بطرس في دفاعه أمام حنَّان وقيافا والإسكندر رؤساء الكهنة مواجهاً إيَّاهم بأنهم البنَّاؤون الذين صار الحجر الذي احتقروه رأس الزاوية (أع 4: 11)، وهو ما ذكره فيما بعد في رسالته الأولى (1بط 2: 7)].

- واستخدم الرب مزمور داود 110: «قال الرب لربي...» لكي يُفحِم اليهود ويكشف لهم أنه ابن داود وأيضاً رب داود. فهُم يقولون عن المسيح إنه ابن داود، ويسوع يقول لهم: «إن كان داود يدعوه ربّاً فكيف يدعوه ابنه» (مت 22: 41-45؛ مر 12: 35-37؛ لو 20: 41-44). فالمسيح رب، وإذا كان يسوع هو المسيح فهو رب داود (وإن كان ابنه بالجسد)، وهو رب الكل.

- وإزاء غضب واحتجاج رؤساء الكهنة على هتاف الأولاد: «أوصنَّا لابن داود»، قال لهم يسوع، مستعيداً كلمات النبوَّة: «نعم. أَمَا قرأتم قط من أفواه الأطفال والرُّضَّع هيَّأت سُبحاً» (مز 8: 2؛ زك 9: 9؛ مت 21: 4).

- وفي تعليقه على موقف اليهود وكهنتهم منه قال الرب: «وأما الآن فقد رأوا (أعمالاً لم يعملها غيري) وأبغضوني أنا وأبي، لكن لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم إنهم أبغضوني بلا سبب» (مز 35: 19؛ يو 15: 25،24).

- وهو مُعلَّق على الصليب كانت ضمن كلماته الأخيرة اثنتان هما: ترديد لِمَا جاء كنبوَّة في المزامير: «إلهي إلهي لماذا تركتني» (مز 22: 1؛ مت 27: 46)، و«في يديك أستودِع روحي» (مز 31: 5؛ لو 23: 46).

- وفي لقائه مساء أحد القيامة بتلميذَي عمواس المتحيِّرَين، قال الرب وهو يلوم فيهما بطء الفهم والإيمان بجميع ما تكلَّم به الأنبياء: «أَمَا كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده. ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يُفسِّر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب» (لو 24: 27،26).

- وفي نهاية الأحداث بعد قيامته ولقائه تلاميذه كشف لهم أن فيه تحقَّقت النبوَّات قائلاً: «وأما هذا كله فقد كان لكي تُكمَّل كتب الأنبياء» (مت 26: 56)، «هذا هو الكلام الذي كلَّمتكم به وأنا بعد معكم، لأنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألَّم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، وأن يُكرَز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم» (لو 24: 44-47).

+ كرازة التلاميذ والرسل تدعمها النبوَّات:

بعد أيام من صعود الرب، وقف بطرس وسط التلاميذ والرسل والمريمات لاختيار تلميذ بديلاً عن يهوذا الذي خان سيده. وفي معرض حديثه في هذا المجال أشار إلى ما تنبَّأ به داود: «لتَصِر داره خراباً ولا يكن فيها ساكن، وليأخذ وظيفته آخر» (أع 1: 20؛ مز 69: 20؛ مز 109: 8).

وبعد حلول الروح القدس يوم الخمسين وجَّه بطرس أذهان الحضور إلى نبوَّة يوئيل: «يقول الله: ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبَّا بنوكم وبناتكم، ويرى شبابكم رؤى، ويحلم شيوخكم أحلاماً. وعلى عبيدي أيضاً وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام، فيتنبَّأون» (أع 2: 16-21؛ يؤ 2: 28-32) قبل أن يُبشرهم بيسوع، مُستشهداً في قيامته بما جاء في المزمور (مز 16: 10): «أنه لم تُتْرَك نفسه في الهاوية، ولا رأى جسده فساداً» (أع 2: 31؛ 13: 35)، وأيضاً المزمور (2: 7): «أنت ابني، أنا اليوم ولدتك» (أع 13: 33)، وعن صعوده بالمزمور (110: 1): «قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك» (أع 13: 35،34).

ومنذ الأيام الأولى للكرازة بعد حلول الروح القدس بدءاً من أورشليم واليهودية، ولما امتدَّت على يد بولس إلى آسيا وأوروبا، كانت النبوَّات سلاحاً مُشهراً لإقناع اليهود بأن الرب هو المسيَّا الذي بالإيمان به ينالون الخلاص. كان التلاميذ والرسل يهوداً يعرفون الكتب ويحفظون النبوَّات، يُلهمهم بالطبع الروح القدس الذي يُذكِّرهم بكلمات المسيح (يو 14: 26) وأقوال الأنبياء، وما ينبغي أن يقولوه ساعة الكرازة أو وقت المحاكمات (مت 10: 19؛ لو 12: 12).

كما كانت النبوَّة مدخلاً إلى البشارة، فإن ما كان يقرأه وزير ملكة الحبشة من سفر إشعياء: «مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزُّه هكذا لم يفتح فاه...»، صار هو الباب الذي دخل منه إلى الإيمان: «ففتح فيلبُّس فاه وابتدأ من هذا الكتاب، فبشَّره بيسوع» (أع 8: 35).

وحتى مع بداية الكرازة للأمم، عندما رتَّب الروح رؤيا كرنيليوس قائد الفرقة الإيطالية في قيصرية مع رؤيا بطرس، بدأ بطرس بشارته لكرنيليوس وصحبه الأُمميين بسرد خدمة الرب وصلبه وقيامته، ختمها بالقول: «له يشهد جميع الأنبياء أنَّ كل مَن يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا» (أع 10: 43).

ولأن الكرازة بدأت في مجامع اليهود، حيث كان الرسل يُبشِّرون ويقرأون الناموس والأنبياء (أع 13: 15،14)، فكان طبيعياً أن يُشار إلى كيف تحقَّقت النبوَّات في شخص المسيح.

- ففي بشارته في مجمع أنطاكية بيسيدية، وقف بولس يقول بعد أن تكلَّم عن مسيرة بني إسرائيل حتى مجيء الرب: «وأقوال الأنبياء التي تُقرأ كل سبت تمَّموها (يهود أورشليم ورؤساؤهم)، إذ حكموا عليه... ولما تمَّموا كل ما كُتب عنه، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر. ولكن الله أقامه من الأموات، وظهر أياماً كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم، الذين هم شهوده عند الشعب. ونحن نُبشِّركم بالموعد الذي صار لآبائنا» (أع 13: 27-32). واستخدم بولس في حديثه مزمورين لداود في صَدَد قيامة الرب: «كما هو مكتوب أيضاً في المزمور الثاني: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك، إنه أقامه من الأموات غير عتيد أن يعود أيضاً إلى فساد. فهكذا قال: إني سأُعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضاً في مزمور آخر (16: 10): لن تَدَع قدوسك يرى فساداً. فليكن معلوماً عندكم أيها الرجال الإخوة أنه بهذا يُنادَى لكم بغفران الخطايا. وبهذا يتبرَّر كل مَن يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرَّروا منه بناموس موسى. فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قيل في الأنبياء (حب 1: 5): انظروا أيها المتهاونون وتعجَّبوا واهلكوا لأنني عملاً أعمل في أيامكم، عملاً لا تُصدِّقون إنْ أخبركم أحد به» (أع 13: 33-41).

- وفي عظة لليهود في نفس المكان، السبت التالي، استخدم بولس نبوَّة إشعياء للتوجُّه إلى الأُمم بخلاصهم قائلاً: «كان يجب أن تُكلَّموا أنتم أولاً بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجَّه إلى الأُمم، لأنه هكذا أوصانا الرب: قد أقمتك نوراً للأُمم لتكون أنت خلاصاً إلى أقصى الأرض (إش 49: 6). فلما سمع الأمم ذلك كانوا يفرحون ويُمجِّدون كلمة الله، وآمن جميع الذين كانوا مُعيَّنين للحياة الأبدية. وانتشرت كلمة الرب في كل الكورة» (أع 13: 46-49).

- وفي مجمع بيرية باليونان (على عكس ما جرى في مجمع تسالونيكي) قَبِلَ اليهود الكلمة بنشاط: «فاحصين الكتب كل يوم، هل هذه الأمور هكذا» (أع 17: 11،10).

- وفي محاكمته أمام الملك أغريباس والوالي فستوس، قال بولس عن خدمته: «شاهداً للصغير والكبير، وأنا لا أقول شيئاً غير ما تكلَّم به الأنبياء وموسى أنه عتيد أن يكون» (أع 26: 22).

- وفي روما لما اجتمع بولس بوجوه اليهود، طفق يشرح لهم قصة الخلاص: «شاهداً بملكوت الله، ومُقنعاً إيَّاهم من ناموس موسى والأنبياء بأمر يسوع من الصباح إلى المساء. فاقتنع بعضهم بما قيل، وبعضهم لم يؤمنوا» (أع 28: 24،23).

وختم حديثه بما كلَّم به الروح الآباءَ على لسان إشعياء: «اذهب إلى هذا الشعب وقُلْ: ستسمعون سمعاً ولا تفهمون، وستنظرون نظراً ولا تبصرون، لأن قلب هذا الشعب قد غلظ، وبآذانهم سمعوا ثقيلاً، وأعينهم أغمضوها؛ لئلا يُبصروا بأعينهم، ويسمعوا بآذانهم، ويفهموا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم» (أع 28: 27،26).

- ومكتوب عن أبُلُّوس أيضاً أنه: «كان باشتداد يُفحِم اليهود جهراً، مُبيِّناً بالكتب أن يسوع هو المسيح» (أع 18: 28).

(بقية ”شهادة النبوَّات والرموز“ وختام الدراسة العدد القادم).

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) تصويب: في مقال ”شهادة الشهود“ من هذه السلسلة (عدد سبتمبر 2006، ص 36) سقط عند الطبع في ختام ب - شهود موت المسيح: المريمتان: المجدلية ومريم الأخرى (أُم يوسي) (مت 27: 61؛ مر 15: 47؛ لو 23: 56،55). وبعده عنوان: ج - شهود المسيح بعد قيامته وعند صعوده (وهو العنوان الذي يسبق مجموعة الشهود التي تبدأ بالمريمتين، وتنتهي بالخمسمائة أخ).

(2) وهو نفس المدخل الذي استخدمه بطرس في كرازته للإسرائيليين بعد شفاء المقعد (أع 3: 22)، وهو أيضاً ما ذكره استفانوس في شهادته أمام المجمع (أع 7: 37)، والتي انتهت باستشهاده.

(3) وهي المهمة التي تضمنتها نبوَّة ملاخي: «هأنذا أُرسل (أمام وجهك) ملاكي (الذي)، فيُهيِّئ الطريق (طريقك) أمامي (قدامك)» (ملا 3: 1)، والتي أشار إليها المسيح في معرض حديثه عن يوحنا المعمدان (مت 11: 10؛ لو 7: 27)، وسجَّلها أيضاً القديس مرقس في إنجيله (مر 1: 2).