دراسة كتابية


كُنْ أميناً

تكلَّمنا في مقال سابق (عدد سبتمبر 2010، ص 34) عن ”أمانة الله“ باعتبارها طبيعته ككلِّي الفضائل ومصدرها، وهو يُقدِّم نفسه النموذج والمثال «تعلَّموا مني» (مت 11: 20) عندما طالبنا أن نكون أمناء حتى الموت (رؤ 2: 10)، فهو ظل أميناً على تدبيره الخلاصي ولم يهرب من الموت «الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها» (يو 18: 11)، وأطاع حتى رُفِعَ على الصليب، وبموته داس الموت «لذلك رفَّعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كل اسم» (في 2: 9)؛ وهو يَعِدنا أيضاً، إن ظللنا أمناء إلى المنتهى، أن ننال إكليل الحياة (رؤ 2: 10).
+ الرب يُعلِّم عن الأمانة:

والرب أشار كثيراً إلى الالتزام بالأمانة(1) في تعاليمه، خاصة تلك الأخيرة قبل الصليب:

+ فهو عندما يتكلَّم عن مجيئه الثاني للدينونة، يُقدِّم نفسه كسيِّد سافر زماناً طويلاً ثم عاد ويبدأ في حساب عبيده، فيُجازي «العبد الأمين الحكيم»، الساهر المستعد، حسناً؛ أما العبد الرديء المستهتر اللاهي الذي يُفاجَأ بعودة سيده، فهو ينال العقاب (مت 24: 45-51؛ لو 12: 42-46).

+ وفي مَثَل الوزنات يشير الرب إلى نهجَيْن في التصرُّف فيما حبانا الله من هبات: فالذين استثمروها حسناً لحساب الله وخير الناس سمَّى كلاًّ منهما «العبد الصالح والأمين»، وكانت لهما المكافأة؛ والذي طمر مواهب الله وجمَّدها ولم تفرز حياته إلاَّ شرّاً سمَّاه «العبد الشرير والكسلان» الذي رفضه وطرحه في الظلام. وكان نص الحُكْم للفريقين: «أن كل مَن له يُعطى فيزداد، ومَن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه» (مت 25: 14-30؛ لو 19: 26).

الأمانة التي يُطالب الله بها الإنسان، كما نرى، تعني الثبوت في حق الله والالتزام به والمحافظة عليه والسلوك بحسبه عبادةً وعملاً وكلاماً وسلوكاً بالاستقامة كل الحياة، وحُسن استخدام ما نلناه من نِعَم ومواهب. وهي إفراز طبيعي لحياة الإيمان والمحبة؛ فالمؤمن الحقيقي يسلك بالأمانة طائعاً سيده، وفي محبته له يحفظ وصاياه ويلتزم بها: «الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني... إن أحبني أحد يحفظ كلامي... أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به» (يو 14: 23،21؛ 15: 14).

والرب يشير إلى أن الأمانة لا تتجزأ، وهي تكون في الأمور الجوهرية والثانوية على السواء: «الأمين في القليل أمين أيضاً في الكثير» (لو 16: 10). كما أن مَن يحرص على الأمانة في الأمور الصغيرة من الطبيعي أن يسلك أيضاً بالأمانة في الأمور الهامة والمصيرية. من هنا تكون المفارقة صارخة وصادمة عندما تقتصر الأمانة على الأمور الهامشية، ويأتي الاستهتار والاستهانة في القضايا الرئيسية.

والرب أدان الكتبة والفرِّيسيين الذين كانوا يُدقِّقون في تعشير النعنع (والسذَّاب) والشبث والكمون (وكل بقل)، وفي نفس الوقت يهملون «أثقل (ما في) الناموس»، أي أساسه ومركز الثقل فيه «الحق والرحمة والإيمان (ومحبة الله)» (مت 23: 23؛ لو 11: 42).

كما أنه ليس مقبولاً أن يُعتدَّ بالأمانة في الأمور الرئيسية وحدها، ويسود التسيُّب والتساهُل فيما يعتبره البعض أموراً ثانوية يُغَضُّ الطرف عنها: كأخطاء اللسان التي تنزلق بسهولة أثناء الكلام، والحنث بالوعود، وعدم الالتزام بالمواعيد بغير مبرر، وأَخذ ما ليس لنا أو أكثر مما نستحق، وغيرها.

وهذه كلها، وإن بَدَت للبعض أشياء هيِّنة لا تستحق الاهتمام، لكنها في الحقيقة مؤشراً على أن الوهن يدبُّ في البنيان الروحي، وأن النفس تتجه إلى الدخول من الباب الواسع إلى الطريق الرحب السهل المؤدِّي في نهاية المطاف إلى الهلاك (مت 7: 13؛ لو 13: 24)؛ ولا مفرٌّ، إن أرادت النفس الحياة، من الرجوع والتوبة لمنع السقوط الكبير. على أيِّ حالٍ، فالكتاب يُحذِّر من «الثعالب الصغيرة» (نش 2: 15)، كما أن معظم النار من مستصغر الشرر.

+ مجالات الأمانة:

مجالات الأمانة تغطِّي كل الحياة، ولكننا نعرض هنا لجوانبها الرئيسية:

1. الأمانة في العبادة:

الوحي الإلهي منذ القديم يوصينا على لسان كل من يشوع بن نون وصموئيل النبي أنْ: «اخشوا (اتقوا) الرب واعبدوه بكمال وأمانة» (يش 24: 14؛ 1صم 12: 24). فالأمانة في العبادة تقتضي مخافة الله ومحبته وعدم انقسام القلب، وحياة القداسة والتدقيق.

كما أن الالتزام بمخافة الله يحضُّ على الأمانة في كل أنشطة الحياة ويدعمها، ويصير إرضاء الله لا الناس هدف كل عمل: «فلو كنت بعد أُرضي الناس لم أكن عبداً للمسيح» (غل 1: 10).

الأمانة في العبادة تقتضي أيضاً أن تكون بالروح والحق (يو 4: 24)، وبالمواظبة والسهر (مت 26: 41؛ مر 13: 37،33؛ 14: 38)، وأن تقدَّم لله وحده، وأن تكون تعبيراً عن برِّ الإيمان (عب 11: 6)، وتفعيلاً لمحبة الله والقريب، وأن يكون الملكوت لا الأرض هو غاية الجهاد.

2. الأمانة في الإيمان:

والمقصود هنا التمسك بإيماننا المسيحي كما تسلمناه من الآباء وكما هو في الإنجيل، وألاّ نسمح لأي ضغط سواء كان اضطراراً أو إغراءً بالمال أو الشهوة أو تهديداً بالقتل، أن يدفعنا لإنكار عقيدتنا في المسيح الحق والحياة: «إن كنا ننكره فهو أيضاً سينكرنا» (2تي 20: 12).

على العكس، فهذا هو وقت الشهادة الأمينة للمخلِّص والمجاهرة بالإيمان في وجه المقاومين، وقبول آلام الشهادة بالصبر والشكر، ومقاومة عمل إبليس حتى النَّفَس الأخير، مقتدين بتلميذَي الرب بطرس ويوحنا اللذين لم يرهبهما التهديد ألاَّ يُعلِّما باسم يسوع ونقول معهما: «نحن لا يمكننا أن لا نتكلَّم بما رأينا وسمعنا (وتعلَّمنا واختبرنا)» (أع 4: 20)، ومنصتين إلى الوصية:

+ «كما اشتركتم في آلام المسيح، افرحوا، لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضاً مبتهجين. إن عُيِّرتم باسم المسيح، فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحلُّ عليكم، أما من جهتهم فيُجدَّف عليه، وأما من جهتكم فيُمجَّد» (1بط 4: 14،13).

وعلى نهج السيِّد الذي قَبِلَ الصليب والموت من أجلنا، وتلاميذه وشهدائه الذين قدَّموا حياتهم للصلب والسيف والسهام والنار والأحجار والوحوش، لا يزال خدام الرب يبذلون حياتهم من أجل الكرازة باسمه(2)؛ بل إن بعض عامة المؤمنين يتم اغتيالهم في أنحاء مختلفة من العالم لمجرد أنهم مسيحيون(3).

3. الأمانة في الخدمة:

الأمانة أحد أعمدة الخدمة الأساسية، حيث الراعي والخادم الصالح يبذل نفسه من أجل مخدوميه، يتقدَّمهم روحياً ويفتقدهم ويسعى وراء الضال. والكتاب يُسجِّل أمانة الآباء، فهذا موسى يقول عنه الرب: «... بل هو أمين في كل بيتي» (عد 12: 7؛ عب 3: 5،2).

ويتغنَّى اللاويون بأمانة إبراهيم في صلاتهم، فيقولون: «أنت هو الرب الإله الذي اخترت أبرام وأخرجته من أور الكلدانيين وجعلت اسمه إبراهيم، ووجدت قلبه أميناً أمامك» (نح 9: 8،7).

ويشهد سفر الأعمال بأمانة خدمة الرسل، وكيف يتعرضون للاضطهاد والمحاكمات والسجن والآلام، ولكنهم يحتملون ويبشرون ولا يصمتون. ويُرجم اسطفانوس (أع 7: 58) ويُذبح يعقوب بن زبدي (أع 12: 2)، ولكن الخدمة تسير وتمتد من أورشليم ودمشق وأنطاكية إلى آسيا الصغرى وأوروبا، وفي النهاية يُقدِّم الرسل حياتهم على مذبح الاستشهاد دليل أمانتهم «إلى الموت» حباً في الملك المسيح.

والقديس بولس بالذات، في معرض دفاعه عن إرساليته، يكتب عن جوانب خدمته الأمينة ويذكرها بكل اتضاع مؤكِّداً على عمل نعمة الله التي ساندته وكَفَتْهُ وقوة الله التي أكملت ضعفه (2كو 11: 22-30؛ 12: 9).

ومن السجن كتب رسائل الفرح والتعزية للكنائس التي خدمها ليلاً ونهاراً منذراً بدموع كل واحد (أع 20: 31)، مهتمّاً بالخراف الضالة: «مَن يضعف وأنا لا أضعف. مَن يعثر وأنا لا ألتهب» (2كو 11: 29)، ومحتضناً فقراء الكنيسة (رو 15: 25؛ 1كو 16: 1-3؛ عب 6: 10). هذه هي مواصفات الخدمة الأمينة التي يسعى كل خادم للمسيح أن يُمارسها، فطعامه وراحته أن يعمل مشيئة الله ويُتمِّم عمله كسيِّده (يو 4: 34).

وإذا كان الكاهن والخادم الأمين بركة لشعبه ومخدوميه، وتوفيقه في تدبير أمور أسرته الصغيرة ينعكس إيجابياً على خدمته، فإن تقصيره وتعثُّر أمور بيته تفسد خدمته، وتضعه تحت طائلة تأديب السيِّد. وقد نال عالي الكاهن التوبيخ على إهماله شأن ابنيه اللذين عاثا فساداً، وعُزل من خدمته وجاءه صوت الله: «وأُقيم لنفسي كاهناً أميناً حسب ما بقلبي ونفسي وأبني له بيتاً أميناً، فيسير أمام مسيحي كل الأيام» (1صم 2: 35).

والأخبار المحزنة التي تُفجعنا بين الحين والحين عن شباب يُنكرون الإيمان، تكشف عن قصور الخدمة والرعاية وعدم الدراية بما تُعانيه بعض البيوت روحياً واجتماعياً، فضلاً عمَّا تتعرض له من مؤامرات عدو الخير وضغوطه.

وهكذا تُفاجئنا هذه الانفجارات التي لم تسلم منها حتى بيوت بعض الخدام. ولعلها تفتح أعيننا على الأخطار المحيطة بنا وعن الحاجة إلى مضاعفة الجهد لحماية الخراف من الذئاب بالخدمة الساهرة الأمينة، خاصة في النجوع والقرى والمناطق العشوائية ومساندة الطبقات الضعيفة المحاصرة بين شقَّي الرحَى.

4. الأمانة في التعليم:

الأمانة في التعليم ضرورة قصوى ليظل الإيمان على نقاوته وأصالته ولتسليمه صحيحاً للأجيال التالية. والكتاب يحثنا أن نثبت على ما تعلَّمناه (2تي 3: 14)، وأن نُعلِّم بأمانة ما تسلَّمناه ونودِعه آخرين أمناء أيضاً (2تي 2: 2).

ومن ناحية أخرى، يُحذِّر القديس بولس المؤمنين من التعليم المنحرف أو اتِّباعه حتى لو جاءهم منه هو: «ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما (محروماً)» (غل 1: 8).

وهو يوصي الكنيسة مُشدِّداً أن تنذر المبتدعين، فإن لم يرتدعوا تعرض عنهم وتتركهم لمصيرهم: «إن كان أحد يُعلِّم تعليماً آخر لا يوافق كلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة والتعليم الذي حسب التقوى، فقد تصلَّف وهو لا يفهم شيئاً. بل هو متعلِّل بمباحثات ومماحكات الكلام، التي منها يحصل الحسد والخصام والافتراء والظنون الردية... تجنَّب مثل هؤلاء» (1تي 6: 3-5)، «نوصيكم، أيها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، أن تتجنَّبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التعليم الذي أخذه منَّا» (2تس 3: 6)، «الرجل المبتدع بعد إنذاره مرة ومرتين، اعرض عنه، عالماً أن مثل هذا قد انحرف وهو يُخطئ محكوماً عليه من نفسه» (تي 3: 11،10).

5. الأمانة مع النفس:

المقصود هنا أن يعرف الإنسان قدراته ويحترمها ولا يتجاوزها و«ألاَّ يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بل يرتئي إلى التعقُّل» (رو 12: 3). فالمبالغة في تقدير النفس والتطلُّع إلى ما لا نستطيعه والسعي للمكان الأول كغاية في حدِّ ذاته دائماً ما يقود إلى المتاعب. والرب يحثنا على الاتضاع تمثُّلاً به (مت 11: 29)، وأن نختار الموضع الأخير (لو 14: 10)، مؤكِّداً أن «مَن يضع نفسه يرتفع» (مت 23: 11؛ لو 14: 11؛ 18: 14)، وينال نعمة من الرب (يع 4: 6؛ 1بط 5: 5)، وفي نفس الوقت «يُقاوم الله المستكبرين» ويحكم أن «كل مَن يرفع نفسه يتضع».

وفي تعاملنا مع النفس، علينا أن نُنحِّي المجاملة والتبرير جانباً، إن أردنا إصلاحها بالفعل. فالتغاضي عن عيوب النفس وقصورها أو التهوين من شأنها هو كمَن يخفي مرضه وينكره فلا يُعالجه، وتكون النتيجة تأصُّل الضعف وربما تعذُّر الشفاء. أخْوف ما نخافه هنا أن تبقى العيوب ويأتي الرياء وازدواج الحياة فيصير الخرق أردأ. وقد تحتاج النفس إلى لطمة قاسية كي تفيق وتطلب التوبة!

6. أمانة الحواس:

خاصة النظر والسمع والكلام، وهي النِّعَم التي ينبغي أن يشكر الله عليها كل مَن يتمتع بها، فهناك الملايين في العالم مِمَّن حُرموا منها، فتعطَّل اتصالهم بما ومَن حولهم، ومن هنا يتجدد توظيفها بكل أمانة كي لا تصير أداة للشر. فالعين المختونة بالروح، ضمن الجسد الذي هو لله (1كو 6: 5)، تُبارك كل ما تراه وهي لا ترى في الوجود إلاَّ كل ما يُمجِّد الله، متعففة عن النجاسة، كما تحترم خصوصية الآخر فلا تقتحم غيرها، أو تشتهيه أو تشتهي ماله، أو تتجسس عليه؛ والأُذن تسعد بكل ما هو طيِّب وخيِّر، وهي ترفض كلام القباحة والسفاهة والوشاية والاغتياب؛ واللسان يُصلِّي ويُسبح ويشكر، ويبني ويُعزِّي، ويُعلِّم، ويُخبر، ويشهد للحق، ويُعبِّر عن الحب والفرح، ولكنه وقد تحلَّى بالأمانة يُدقق في كل قول، فلا يكذب أو يحلف أو يشتم أو يُراوغ أو يُقبِّح، أو يثرثر، ولا يتكلم فيما لا يعرف، ولا يضيف ولا يحذف فيما ينقل (إلاَّ لقصد طيب)، ولا يتقوَّل على أحد، ولا يظن السوء، ولا يحتدّ، وقانونه (يع 1: 19) أن يكون مُسرعاً في الاستماع (مستجيباً مَن يحتاجه)، ولكن مُبطئاً في التكلُّم كي يتحكَّم فيما يقول، مُبطئاً في الغضب لئلا يتجاوز الوصية أو يهين المحبة.

(يتبع)

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) العلاقة اللفظية واضحة بين ”الإيمان“ faith و”الأمانة“ faithfulness، فهما من جذر واحد، ولا يختلفان (في العربية) إلاَّ في حرف واحد. كما أن الإيمان من ناحية المعنى اللغوي يتضمن الالتزام الأمين بمَن وبما نؤمن به والثبات على ما تعلَّمناه (2تي 3: 14). والعلاقة الروحية بين الإيمان والأمانة أكثر وضوحاً والتصاقاً، فالمؤمن الحقيقي يظل أميناً لمخلِّصه ووصاياه، مُنصتاً إلى وعده: «كُنْ أميناً إلى الموت، فسأُعطيك إكليل الحياة» (رؤ 2: 10).
(2) حملت إلينا الأخبار مؤخراً (أغسطس 2010) أن سبعة من الأطباء ومساعديهم، الذين تطوَّعوا بلا أجر في منظمة مسيحية خيريــة للمساعدة الدولية لتقديم المعونات = = وعلاج المرضى الفقراء وسط النيران في جبال وأودية أفغانستان، قد فقدوا حياتهم ذبحاً في كمين نصبه لهم مجاهدو طالبان باعتبارهم مبشِّرين بالمسيح، وكانت من بين الضحايا طبيبة بريطانية (كارين وو - 36 سنة) لم يشغلها زفافها الذي كان سيحلُّ بعد أسبوع!
(3) هذا جرى في العراق وفلسطين والجزائر وتركيا، ومؤخراً في صعيد مصر.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis