حول كتابات
|
|
|
مقدِّمة: منذ ما قبل نياحة الأب متى المسكين، اهتمَّ باحثون من أنحاء العالم بدراسة مؤلَّفاته في رسائـل جامعية، مثل تـلك الباحثة ”كريستيان راثلي“ التي قدَّمت رسالة في مايـو 1987 في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ونيفين منير توفيق في هيئة Proch-Orient Chrétien عام 2000، وثـروت جـورجي (راهـب أوغسطيني) عام 2000. وقـد بلغت الرسائل الجامعية حتى الآن أكثر من عشر رسائل.
+ وآخر رسالة جامعية مزمع تقديمها في إحـدى جامعات أستراليا مـن طـالب رسالة الدكتوراه: ”وجـدي سمير“ الذي بـدأ مجهوده العلمي في يوليو 2016 في جامعة بأستراليا. هذا ما سنعرضه في هذا المقال المنقول عن المُذكِّرة التمهيدية التي أعدَّها هنا الباحث.
عنـوان البحث: يـدور حـول: ”التفاسير الخاصـة بـالتجسُّد والحياة المقدَّسة لـلإنسان المسيحي، كمـا أوضحهـا الأب متى المسكين بالمقارنة مع القديس كيرلس الكبير (سنة 376-444م) في شرحهما على إنجيل يوحنا“.
ويبدأ الباحث رسالته بالتساؤل: هل يمكننا أن نقول إنَّ هناك تناسُقاً منهجيّاً بين هذين الاثنين اللذين يُمثِّلان المسيحية القبطية الإسكندرانية؟
أسئلة أخرى تـدعم موضوع البحث: يقول الباحث ”وجدي سمير“: سوف نفحص في هـذه الرسالة الجامعية كُلاًّ من تفسيرات القديس كيرلس الكبـير والأب متى المسـكين حـول ”الحيـاة المقدَّسة“ من خلال الأسئلة الداعمة لهذا البحث:
+ لماذا اهتمَّ كلٌّ من القديس كيرلس الكبير والأب متى المسكين بـاستكشاف ”الحياة المقدسة“ التي يحياها المؤمن في ”شرح إنجيل القديس يوحنا“؟ ولماذا اعتبر كلاهما أنَّ الخلقة الأولى ثم سقوط آدم الأول، وثيقَيّ الصلة بسَكْب ”الحياة المقدَّسة على البشر“، كما يظهر في تفسيرهما لإنجيل يوحنا؟
+ وكيف فَهِمَ هذان الأبوان تخصيص هذه الحياة المقدسـة كموضوع لتفسير إنجيل يوحنا؟ وفي حالة الأب متى المسكين في سائر كتاباته الأخرى أيضاً!
+ وقـد شَرَحَ هـذان الأبوان كيف سيبلغ الإنسان إلى هذه القداسة، سواء في هذه الحياة أو في الحياة الأخرى!
مُلخص الموضوعات والإسهامات
في كتابات الأب متى المسكين:
لقد ألَّف الأب متى المسكين (1919-2006) حوالي 181 كتابـاً في الموضوعـات الروحية، وفي الطقوس الكنسية، وفي القضايـا السلوكيـة المسيحية، وفي مفاهيم عقائدية ولاهوتية، وغير ذلك، على مدى 58 عاماً في الحياة الرهبانية. كما شرح في حوالي 300 عظة مُسجَّلة، قضايا وموضوعات متنوعة: لاهوتية وروحية وسلوكية. والقليل من هذه الكُتُب والعظات تُرجم من العربية إلى اللغات الأخرى. وأخيراً، وفي شهر مايو 2016 شدَّ الأب متى المسكين انتباه العالم أجمع بذلك المؤتمر الأول العالمي حول حياته وأفكاره الروحية واللاهوتية، وذلك بدير Bose بإيطاليا.
ويُكمِل الباحث في الورقة التمهيدية لرسالته قائلاً: هناك ثلاثة أحداث أحاطت بالتعليم القبطي في مصر عموماً، وأَثَّرت على نوع الموضوعات التي كُتِبَ فيها:
أولاً: فإنه بعد الانقسام الذي حدث في مدينة ”خلقيدونية“ (سنة 451م) حدثت عُزلة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن باقي الكنائس الأخرى.
+ ولكن بعد مجمع خلقيدونية، فإنَّ التعليم اللاهوتي الذي سبق وانتشر في الإسكندرية من قبل، وَجَدَ فرصة طيِّبة للرجوع مرَّة أخرى في الانتشار بالأديرة القبطية، وعلى الأخص في دير القديس أنبا مقار الكبير.
+ وفي منتصف القرن العشرين، بدأ الأب متى المسكين نهضة روحية ولاهوتية في دير القديس أنبا مقار، بالتركيز على دراسة الأسفار المقدَّسة والأناجيل، وذلك بالرجوع إلى دراسة آباء الكنيسة الأوائل في لُغاتهم الأصلية.
ثانيـاً: وبعـد الغـزو العربي لمصر (عـام 639م)، وبانتشار اللغة العربية تدريجياً، أدَّى ذلك إلى حَدَثَيْن هامَّيْن اثنين: إذ بدأ ضمور اللغة القبطية، وبزوغ العهد الذهبي لترجمة الكتابات القبطية إلى اللغة العربية. وكان التركيز على الكتابات السلوكية والقانونية. كما تُرجمت بعض الكتابـات الآبائيـة إلى العربية عـن التثليث والتوحيد، وعلى الكتابـات الخاصـة بشخصية المسيح، وذلك بسبب تناسبها مع السياق الجدلي الجديـد حـول المسيحية، وذلك في الحـوار الإسلامي المسيحي.
+ وفي خِضَمِّ هذه الظروف، أصبح العلم اللاهوتي القبطي يتَّجه ناحية الجدل.
+ ولكن كتابات الأب متى المسكين منذ القرن العشريـن، اتَّجهت إلى طَـرْق الموضوعـات الخاصة بالروح الميستيكية mystery التي تُميِّز الإيمان المسيحي، ما كانت الكنيسة قد فقدته منذ القرن العاشر حتى الآن، بسبب التركيز السابق على الجدل الإسلامي المسيحي.
ثالثاً: وفي عهد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، بـدأ مجيء البعثات التبشيريـة البروتستانتية والكاثوليكية، مـا أثـار ردَّ الفعل الجَدَلي من جانب الكنيسة القبطية مرَّةً أخرى تجاه هذه الطوائف البروتستانتية والكاثوليكية.
+ وظلَّ هذا الوضع الجديد حتى مجيء الأب متى المسكين، الذي جَمَعَ في كتاباتـه ما بين الكتابـة المنهجية والكتابـة اللاهوتية؛ ولكن في محاولة لتقديـم مصـدر أساسي لمنهج لاهـوتي شامل، ولكن غير جَدَلي.
+ وبهذا الأسلوب، فإني أعتَبِر أنَّ تأثير هذه العناصـر الموضـوعية في كتابـات الأب متى المسكين، إنما تُركِّز على تفسـير ”الحياة المقدَّسة“ كما صوَّرها كتابه عن ”شرح إنجيل يوحنا“.
+ ولتحديد مكانـة الأب متى المسكين في تاريخ المسيحية المصرية (القبطية)، فإني سوف أُقارِن في محاولتي بين كتابات الأب متى المسكين في ”شرح إنجيل يوحنا“ مع مُساهمة القديس كيرلس الإسكندري في تفسير نفس الإنجيل.
+ وإنَّ محاولتي هذه يُحرِّكها اهتمام أصيل بالتفسيرات حـول ”الحياة المقدَّسة“، كما في التفسيرين لإنجيل القديس يـوحنا اللذيـن للقديس كيرلـس الإسكندري والأب متى المسكين؛ ولكن يُحرِّكها أيضاً - وللأسف - ذلك الاستقبال الفاتر داخل الكنيسة القبطية لكتاب الأب متى المسكين ”في شـرح إنجيل يوحنا“ (عام 1990)، وكذلك باقي مؤلَّفاته!
المسـاهمات الجامعيـة لكتابـات الأب متى المسكين: تخضـع كتابـات الأب متى المسكين للبحث الجامعي بشكلٍ كبير. ويمكن تقسيم هذه المراجع إلى قسمين اثنين:
1. كُتيبات باللغة العربية لرهبان دير القديس أنبا مقار، الذي كان الأب متى المسكين هو الأب الروحي للدير (1969-2006). هذه الكُتيبات كانت لشرح بعض كتاباته من خلال كتابات آباء الكنيسة القدامى المُعتَبَريـن المرجـع الأساسي للتعليم الصحيح.
2. دراسات ورسائـل جامعية، ومنها رسالة دكتوراه باللغة الإنجليزية عن: ”الاتحاد بالمسيح في كتابـات الأب متى المسـكين“ في جـامعـة Westminister Theological (Seminary 1995)؛ ورسالة دكتوراه باللغة العربية في مقارنة بين الفكر اللاهوتي والفلسفي للقديس توما الأكويني وبين الأب متى المسكين للباحثة عايدة نصيف - جامعة القاهرة 2009؛ ورسالة دكتوراه بـاللغة الإنجليزيـة تَعقد مُقارنـة بـين تاريـخ علـم شخصيـة المسيح Christology لـدى ”كارل بارث“ Karl Barth والأب متى المسكين، مـن المعهد اللاهـوتي في بـرينستون بالولايات المتحدة الأمريكية Prinston Theological Seminary عـام 2013؛ وكتاب باللغة الإنجليزية يُقدِّم مُلخَّصاً وافياً لبعض كتابات الأب متى المسـكين (Toronto, 1998). وهـذه الكتابات لا تشرح كتاباته اللاهوتية أو التفسيرية، وبالتالي فهي لا تشرح جوهر تعليم الأب متى المسكين عن ”الحياة المقدَّسة“ التي هي محور هذه الرسالة. ومن معرفتي لم أجد أي تحليل، سواء كان منهجياً أو أي وصف آخر، لشرح الأب متى المسكين لإنجيل يوحنا، سواء كان محوره ”الحياة المقدَّسة“ أو أي شيء آخر.
+ لذلك، فإنَّ هذه الرسالة سوف توفِّر تحليلاً أصيلاً ومُفصَّلاً لتفسيره القائم على سرِّ التجسُّد لـ ”الحياة المقدسة“، كما هو مشروح في ”تفسير إنجيل يوحنا“ للأب متى المسكين.
+ إنَّ فحصي لتفاسير الأب متى المسكين، أظهر لي أنه ليس له سابقة. وبالرغم من ذلك، فإنَّ أصل محاولتي قائمٌ على الأبحاث السابقة على شرح القديس كيرلس الإسكندري لإنجيل يوحنا، الذي حـدَّد المحور الأساسي للتعليم عن ”الحياة المقدَّسـة“ أو ”الشركـة في الطبيعة الإلهية“، كما ورد في شرح القديس كيرلـس الكبير لإنجيل يوحنا في كتابات أخرى له.
+ وفي محـاولتي، عملتُ على أن أُظْهِر إلى أيِّ مدى كـان المنهج التفسيري للقديس كيرلس الإسكندري هو الذي أَلهَم الأب متى المسكين في شرحه لإنجيل القديس يوحنا.
+ إنَّ استرجاع تعليم الأب متى المسكين إنما هو التعليم الكنسي الإسكندري التقليدي، ولكنه في الوقت نفسه يتميَّز بالحداثة التفسيرية التي تتميَّز بها كتابـات الأب متى المسكين. لذلك، فهو ذو أهمية لكـلٍّ مـن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأيضاً لكلِّ الكنائس المسيحية الأخرى.
رسالة جامعية منهجية:
بالنظر في مصادر ثانويـة نادرة عـن الأب متى المسكين، فـإنَّ الرسالة سوف تأخـذ في الاعتبـار المصـادر الأسـاسية، والتي نُشِرَت معظمها باللغة العربية. وسوف أقرِن ترجماتي بالنصـوص ذات الصلـة، بـالتحليل والتقييـم والتفسير. وفيما يتعلَّق بالمصدر الأَوَّلي الرئيسي، أي الشرح، سوف أتبع الخطوات التالية:
1. استعانـة الأب متى المسكين بـالمراجع باللغة الأصلية.
2. تركيزه على فَهمِه لمؤلِّف النص.
3. منهجه التفسيري.
4. تفسيره على نصوص إنجيل يوحنا.
+ وعلى الرغم مـن أن تركيز هذه الرسالة هو على تفسير الأب متى المسكين لإنجيل يوحنا، نحو إعادة بناء مُكثَّف لإسهاماته، فسيتمُّ تحليل بعض كتاباته الأخرى ذات الصلة نسبياً، وسيتمُّ تقييم المصادر ذات الصلة نسبياً، من أجل تحديد ما إذا كانت تعكس منهجاً مُتَّسقاً للحياة المقدسة من جانبه. وتحقيقاً لهذه الغاية، سأفحص بشكلٍ حاسم المصادر الثانويـة القليلة جداً ذات الصلة.
+ وسيكتمل التحليل السابق بلمحةٍ عامة عن التفكير الإسكندري المُبكِّر، ولا سيما تركيزه على ”الحياة المقدسة“.
+ وعنـد فحص الآبـاء السابقين للأب متى المسكين مـن الأقباط، وعلى الأخص القديـس كيرلس الكبير، سوف آخُذ في الاعتبار المصادر الأساسية الأوَّلية، كمـا سـأُشارِك في فحص الرسائل الجامعية ذات الصلة.
+ وهـذا النهج سوف يُوفِّر لبحثي الأدوات الفاحصة التي يتطلَّبها إثبات أنـه مـن خلال مُشاركة الأب متى المسكين في تفسيره لإنجيل يوحنا وتركيزه على ”الحياة المقدَّسة“، كان هو الوريث المُخْلِص لهذا التقليد الآبائي.
+ تبلغ عدد كلمات الرسالة الجامعية 80.000 كلمة. وستُقدَّم الرسالة على أربع جلسات حتى عام 2020م، وتقع في حوالي مائتَي صفحة.