قصة رمزية


محبة المسيح للخطاة

+ عن أناجيل قدَّاسات آحاد شهر مسرى:
يبدو مناسباً تماماً أن تضم أناجيل قداسات آحاد شهر مسرى، وهو الشهر الأخير من السنة القبطية، فصولاً عن الأيام الأخيرة والمجيء الثاني (الأحدين الأخيرين من السنة: مر 13: 3-37؛ مت 24: 3-35)(1)، فنهاية العام هي مؤشر على نهاية العمر، وعلى المدى البعيد، على نهاية العالم.

على أن فصول آحاد الشهر الأخرى، هي أيضاً تتصل بصورة ما بنفس الموضوع. فإنجيل قداس الأحد الأول، يسرد فيه المسيح، من خلال مَثَل الكرَّامين (لو 20: 19،9)، قصة الخلاص، حيث هو الابن الوارث الذي يُقدِّم حياته فداءً ويستبعد الكرَّامين الأردياء، ويؤسِّس كنيسة العهد الجديد، وهو فيها حجر الزاوية، وفيها الرسل هم الكرَّامون الجدد؛ وفي إنجيل قداس الأحد الثاني (موضوع هذا المقال)، يؤكد الرب، من خلال دعوة متى، على محبته للخطاة، مقدِّماً نداء الإنقاذ لاجتذاب كل الخطاة، قبل النهاية، لكي يلحقوا بدعوة الخلاص وينالوا هم أيضاً نصيباً مساوياً لمَن آمنوا؛ وإنجيل قداس الأحد الثالث (مر 3: 22-35) يؤكِّد على انفتاح قلب المسيح على كل البشر الذين يصنعون مشيئة الآب ليكونوا ضمن عائلته، أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه (أف 5: 30).

وهذا هو الوجه المضيء للمجيء الثاني للرب. وفصول القراءات، إذ تحث على السهر والاستعداد، فهي في نفس الوقت تُعطي رجاءً لكل الخطاة، ولكل مَن يقبل مشيئة الله ولو في الساعة الأخيرة.

+ لاوي يتبع الرب:

في هذا اليوم، لم يمضِ يسوع إلى الخلاء ليصلي (مر 1: 34؛ لو 11: 1)، أو جلس عند البحر (مت 13: 1؛ مر 2: 13؛ 4: 1؛ 7: 31)، أو دخل المجمع (مر 1: 21؛ 3: 1؛ 6: 2؛ لو 4: 16)، ولكنه جاء قاصداً مكان الجباية، حيث كان يجلس عشار اسمه لاوي(2). ويذكر الكتاب دعوة الرب للاوي أو متى وقبوله الدعوة في كلمات قليلة «فقال له: اتبعني، فترك كل شيء وقام وتبعه» (مت 9:9؛ مر 2: 14؛ لو 5: 28،27).

لعلنا نتعجَّب: كيف ترك لاوي (أو متى) كل شيء وقام وتبع الرب(3)؟ لا يبدو معقولاً أن يمر شخص اسمه يسوع أمام متى الجالس في مكان الجباية، فيقول له: ”اتبعني“، فينهض متى على الفور ويترك كل شيء ويقوم ويتبع الرب ليصير ضمن تلاميذه!

ما يبدو مقبولاً أنه كانت هناك خبرات ومواقف سابقة، كان ختامها هذا اللقاء الذي غيَّر حياة متى بالكامل. كما يمكن أن نقول إن متى العشار - أو ربما رئيس العشارين - لم يكن سعيداً بحياته. كان يثقِّل قلبه طبيعة عمله، الذي ينطوي على كثير من الظلم والقسوة واستخدام كل وسيلة لجباية الضرائب من الناس مهما كان بؤس أحوالهم، كما كان يشين سمعته خدمته للمحتل الروماني والتعاون معه وخيانة شعبه(4)، فهو كل يوم يخسر شرفه وضميره ووطنيته.

ولعله كان يرى المسيح يمر من أمامه، وربما سمع عنه وكوَّن عنه انطباعاً طيِّباً، وربما فكَّر أن يتبعه. ولكن كيف يجرؤ على الانسحاب من مكانه ومكانته فيفقد هيبته، ويصير نهباً فيما بعد للشماتة والسخرية والإهانة مِمَّن أذلَّهم السنين الطوال.

هذه المرة وضع في قلبه أن يهرب من حتفه، وينجو بنفسه مما يؤرق ضميره، حتى إذا مر السيد من أمامه وأحس أنه يقبله، فسوف ينتزع نفسه من موقعه تاركاً مكان الجباية، ويتبعه كما تبعه آخرون.

وهو ما حدث بالفعل. والرب من جانبه، فاحص القلوب والكُلَى، مدَّ له يد النعمة ليقتلعه من مكان الجباية ويجذبه بعيداً عن دائرة الهلاك. ولما قال له: ”اتبعني“، فإن قلبه، قبل أُذنيه، التقط الدعوة التي كان ينتظرها، وصوت الرب حرَّك مشاعره، ونعمته منحته جسارة التمرُّد، وشجعته على التخلُّص من ماضيه، بغير أن يحسب الأمر بمنطق المكسب والخسارة المادية الذي كان قانون حياته قبلاً، ولكن الانفلات من دائرة الهلاك كان له كنزاً ثميناً.

+ بهجة التوبة:

+ «وصنع له لاوي ضيافة كبيرة في بيته والذين كانوا متَّكئين معهم كانوا جمعاً كثيراً من عشَّارين وخطاة».

كان لاوي يُدرك حقيقة اختباره مثمِّناً تبعية المسيح. من هنا كان مبتهجاً، والفرح لا يسعه، كأن حِِمْلاً ثقيلاً قد سقط من على ظهره. هكذا أراد أن يحتفل بالتخلُّص من عبء حياته الماضية ونجاته من الموت، وبالأكثر أن يحتفي بمَن أنقذه من الهلاك الأبدي. والرب رحَّب بالطبع بدعوة لاوي الذي فرحت السماء بتوبته (لو 15: 10،7)، كما فرح الرب الذي لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا. وقد دعا لاوي أصدقاءه القدامى وزملاء مهنته ليفرحوا معه، ويتعرَّفوا مثله على يسوع صديق الخطاة، وربما تعلَّقوا به ونجوا هم أيضاً من مصير مظلم.

+ لا يحتاج الأصحَّاء إلى طبيب بل المرضى:

في الحفل كان أيضاً الكتبة والفريسيون، الذين لم يأتوا بالطبع ليشاركوا لاوي فرحته بالتوبة، وإنما لكي ينتقدوا التلاميذ، ومعلمهم ضمناً بالطبع، لأنهم «يأكلون ويشربون مع عشَّارين وخطاة».

ولأن الكلام كان في الأساس موجَّهاً إلى الرب، فقد بادر بالرد: «لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى» (مت 9: 12؛ مر 2: 17؛ لو 5: 31). فالرب يرى الخاطئ مريضاً جديراً بالإشفاق والرحمة والأَخْذ بيده، حتى يبرأ من مرض الخطية ويتبرَّر ويصير صحيحاً روحياً. والرب يُقدِّم نفسه الطبيب الشافي المُحب، الذي يسعى وراء هؤلاء المرضى لكي ينقذهم.

وأضاف الرب قوله: «ما جئتُ لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة» (لو 5: 32). فهو لم يأتِ لمَن هم أبرار في أعين أنفسهم، الذين لا يشعرون بحاجتهم للتوبة، وإنما هو جاء إلى الخطاة، كل الخطاة، حتى هؤلاء الذين يحبون خطيتهم، ولا يفطنون إلى الموت الذي يترصدهم، ويرفضون أية دعوة للتوبة باعتبار أنها لا تخصهم(5).

وفي رواية القديس متى عن هذا المشهد، أن الرب في ردِّه السابق على الكتبة والفريسيين بدأه بالقول الإلهي: «فاذهبوا وتعلَّموا ما هو: إني أُريد رحمة لا ذبيحة(6). ما جئتُ لأدعو...» (أم 21: 3؛ هو 6: 6؛ مت 9: 13؛ 12: 7). فالعبادة ليست ممارسات شكلية، ولا ذبائح تُقدِّمها آلياً نفوسٌ لا تعرف التوبة. الله لا يريد ذبائح استوفت شكلها، وإنما يريد قلوباً حية تُتقن المحبة لله وللقريب، وتُدرك احتياجها لله. لو أن قلوب الكتبة والفريسيين كانت قد امتلأت بالرحمة على إخوتهم لكانوا قد فرحوا مع الفرحين برجوع الخطاة، لا أن يتذمروا ويدينوا مشاركة التلاميذ العشارين والخطاة طعامهم وشرابهم، دون أن يفطنوا إلى أن الخاطئ التائب هو في حقيقة الأمر «كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوُجِدَ»، ومِن ثمَّ «كان ينبغي أن نفرح ونُسَر» (كما قال الأب في مَثَل: ”الابن الضال“ - لو 15: 32).

ومن المسيح تعلَّم التلاميذ، والكنيسة من بعدهم، محبة الخطاة وقبولهم لا رذلهم والتخلُّص منهم، ودعوتهم إلى وليمة إفخارستيا الرب الذي قال: «فمَن يأكلني فهو يحيا بي» (يو 6: 57).

+ عن الحياة الجديدة:

لم يتوقَّف الكتبة والفريسيون عن الانتقاد والمؤاخذة، وعَبَر عليهم كلام الرب بغير تأثير، فعقدوا بعد ذلك مقارنة بين تلاميذ المسيح من ناحية، وتلاميذ يوحنا والفرِّيسيين من ناحية أخرى. فهؤلاء الأخيرون يصومون بينما الآخَرون لا يلتزمون فيأكلون ويشربون.

واضح أن الكتبة والفريسيين لم يتوقَّفوا عن التركيز على الممارسات بشكلها دون اهتمام بروحها، كما أنهم لا يُدركون أن الرب بتجسُّده قسم الزمن إلى اثنين وفصَل بين عهدين. فهو العريس الذي يؤسِّس كنيسة العهد الجديد التي سيُدشِّنها بدمه، هو فيها حجر الزاوية وتلاميذه هؤلاء هم فيها الأعمدة. وبعد الصليب والقيامة سيُرفع العريس، وبحلول الروح القدس تـنشأ الكنيسة حيث السجود وجوانب العبادة، صلاةً وصوماً، تكون بالروح والحق، ويصير المؤمنون هياكل مكرَّسة لله وروح الله يسكن فيهم (1كو 3: 16؛ 6: 19).

فالحياة الجديدة ليست هي الحياة القديمة ببعض الإضافات من الخارج، كأن يصوم الخاطئ ليخدع ضميره وإن ظل في خطيته، أو كمَن يسعى لتغيير نفسه بجهده الذاتي، ويحاول التخلُّص من خطاياه واحدة فواحدة فيظل أسير خطاياه بغير نهاية. ولكن الولادة الجديدة عمل إلهي ينقل المؤمن من الموت إلى الحياة، فيختبر تغييراً حقيقياً كلِّياً، وتحوُّلاً جذرياً في القلب والفكر والاتجاه.

والرب استخدم للإيضاح مثلَيْن: الخمر الجيدة، والثوب الجديد. فالخمر الجيدة (ويقصد الحياة الجديدة) لا تُوضع في زقاق عتيقة بالية (أي نفس مراوغة غير تائبة بصورة شاملة)، وإلا فهذه تنشق والخمر تُهرَق (أي لا يصادف المرءُ غير الفشل والتعثر، وتبقى الحياة على بؤسها، بينما هو يحسب أنه قد أدَّى ما عليه). كما أنه لإصلاح ثوب عتيق متهرِّئ (أي حياة خاطئة) لا تُستخدم رقعة من ثوب جديد (محاولة الإصلاح الجزئي بممارسة بعض الفضائل) لأن الملء الجديد سيأخذ من القديم فيشقه ويصير الخرق أردأ، بمعنى أن النفس المخدوعة تتوهم أنها تغيرت بينما تظل في حقيقتها منقسمة لم تفارق دائرة الموت، وبالتالي هي لا تُعاين حياة السلام التي تختبرها النفس المؤمنة التائبة التي تصالحت مع الله. ففي الحياة مع المسيح يسقط كل ما هو عتيق، ويكون كل شيء جديداً: «هوذا الكل قد صار جديداً» (2كو 5: 17).

فالنفوس التي تختبر الخلاص هي مَن اعتمدت على النعمة ووثقت في قوة دم المسيح. هكذا تطرح حياتها القديمة برمتها، وتترك كل شيء يتعلق بها، وتلبس «الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق» (أف 4: 24)، «الذي يتجدَّد للمعرفة حسب صورة خالقه» (كو 3: 10)، وتبدأ حياة جديدة تماماً كأنها وُلدت الآن (1بط 2: 2).

ولكن هذه لا تكون النهاية، وإنما هي فقط البداية، حيث تظل التوبة عمل كل يوم لتجديد مسيرة الحياة، وهي عمل القديسين الدائم لتنقية حياتهم من الشوائب وحفظها «بلا دنس من العالم» (يع 1: 27). وكما قال الرب لبطرس يوم غسل الأرجل: إن «الذي اغتسل (أي الذي قَبِلَ الإيمان واعتمد ويسير في خوف الله) ليس له حاجة إلاَّ إلى غسل رجليه، بل هو طاهر كله» (يو 13: 10)، أي هو في حاجة فقط إلى التوبة المتجدِّدة عن الخطايا الطارئة أولاً بأول واستعادة لياقته الروحية بمعونة النعمة.

+ عن الترك، والذين أخفقوا:

على أن الترك ليس أمراً سهلاً، وقد يكون شكلياً هامشياً، أو لا يكون كاملاً وشاملاً. وهو محكوم عليه بالفشل إن لم تسانده وتحميه نعمة الله. ونماذج مَن أخفقوا في الترك وتبعية الله كثيرة نختار منها نموذجين:

+ فامرأة لوط كانت تسير ضمن العائلة الهاربة من الهلاك، وأطاعت الملاكَيْن ظاهرياً، ولكن قلبها كان مُعلَّقاً بما تركته، حتى أنها نظرت إلى الوراء «فصارت عمود ملح» (تك 19: 26)، لتظل نموذجاً للتبعية المُدَّعاة إلى آخر الدهور (لو 17: 32).

+ وحنانيا وسفيرة كانت تبعيتهما مظهرية، فقد أحرجهما موقف الآخرين، الذين باعوا حقولهم وبيوتهم وقدَّموا أثمانها، فراحا هما أيضاً وباعا مُلْكاً ولكن اختلسا جانباً من الثمن، فقلبهما لم يكن مستقيماً وأتيا بما بَقِيَ من المال عند أرجل الرسل. ولكن الروح كشف للقديس بطرس كذبهما على الروح القدس، فالله لا يُجبر أحداً على تبعيته، ولكنه أيضاً لا يقبل الزيف ويرفض التبعية الكاذبة (أع 5: 1-11).

+ والذين أفلحوا:

الترك في حقيقته يعني تبعية كلِّية للرب، أي بالقلب والنية والعمل. وهو الترجمة العملية لإنكار الذات، والعلامة الأكيدة على صدق التبعية (مت 16: 24؛ مر 8: 34؛ لو 9: 3) لأنه «لا يقدر أحد أن يخدم سيِّدَيْن» (مت 6: 24). والذين أفلحوا في تبعية الرب بمعونة النعمة هم أيضاً كثيرون، بينهم:

+ الصيادون الأربعة الذين لما دعاهم الرب «تركوا كل شيء وتبعوه» (لو 5: 11) حتى الصليب والموت.

+ ولاوي العشار المكروه صار أحد الاثني عشر، وواحداً ضمن أربعة فقط سجَّلوا حياة المسيح وخدمته في الإنجيل، وخدم الرب حتى الاستشهاد.

+ وشاول مضطهِد الكنيسة، تحوَّلت حياته إلى الضدِّ بلقاء الرب غير المسبوق في طريق دمشق، ودون أن يستشير لحماً ودماً، طرح كل ما كان له تابعاً سيده «لأجل جعالة دعوة الله العُليا في المسيح يسوع» (في 3: 14،13). وفي هذا كتب الرسول بولس: «ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة. بل إني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح» (في 3: 8،7). وامتدَّت كرازتـه بـالخلاص حتى بلغت أقصى الأرض (آنذاك)، ومن أجل سيده قَبِلَ أنواع الآلام حتى الدم.

+ يفرح قلبنا ويملأنا رجاءً أن المسيح يحب الخطاة، وبذل نفسه من أجلهم، وأنه لم يأتِ ليدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة: «لأن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويُخلِّص ما قد هلك» (لو 19: 10)؛ «ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعدُ خطاة مات المسيح لأجلنا» (رو 5: 8).

+ فالخاطئ له الحق في لقاء المسيح الذي يغفر خطاياه. والتوبة هي باب العودة إلى حضن المسيح كلما حدث التباعُد. ومَن يجرؤ على القول إنه ليس خاطئاً، أو إنه بار بذاته ولا يحتاج إلى برِّ المسيح: «إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضلُّ أنفسنا وليس الحق فينا» (1يو 1: 8)، حتى بولس رسول الأمم الجبار يقول: إن «المسيح يسوع جاء إلى العالم ليُخلِّص الخطاة الذين أولهم أنا» (1تي 1: 1-15). نعم، كلنا خطاة في حاجة إلى غفران.

+ ويا الله محب الخطاة، أَعْطِنا نحن الخطاة أيضاً أن نحبك. وشكراً على دعوتك لنا أن نتبعك وهي تأتينا في ختام العام، ولترافقنا نعمتك لنكون لك إلى آخر الأيام.

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) راجع مجلة مرقس، العددين سبتمبر وأكتوبر 2013.
(2) يشير إليه القديس متى في إنجيله أن ”اسمه متى“، وكأنه يتكلم عن آخر وليس عن نفسه (مت9: 9)!
(3) ربما احتاج ”متى“ أن يعود بعد يوم كي يرتب خروجه من عمله ويسلِّم أوراقه لآخرين. وربما كان رئيساً لعشارين يعملون لحسابه، وعاد لكي يعطيهم حقوقهم قبل أن يمضي.
(4) كان العشار بحكم وظيفته مسئولاً عن جمع الضرائب من منطقة بعينها على أن يُسدِّدها من ماله مُقدَّماً إلى الدولة الرومانية المحتلة، ثم يتولى هو ومعاونوه استرداد أضعاف ما أعطوه مستخدمين كل وسيلة دون رحمة أو تقدير لظروف الناس. هذا يعني أن متى لما مضى وراء المسيح ترك أيضاً كل ما كان له عند مموِّلي الضرائب مما دفعه للدولة مُقدَّماً على أن يسترده فيما بعد.
(5) والرب فيما بعد قدَّم نفسه عوناً لكل محتاج بكل نوع: «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم» (مت 11: 28).
(6) للتوسع في هذه النقطة، يمكن الرجوع إلى مقال: ”رحمة لا ذبيحة“ (مجلة مرقس، عدد سبتمبر وعدد أكتوبر 2009).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis