في الطريق الروحي


رفاق الإيمان

+كان الرجاء أول قائمة رفاق الإيمان المسيحي الكبار الذي تناولته المقالات الأربعة السابقة (أعداد يناير، مارس، أبريل، مايو 2011). ونعرض في هذا المقال الصبر كرفيق للإيمان لا يُستَغنَى عنه.

2. الصبر

الصبر هو بطبيعته أحد الفضائل الأخلاقية التي يلجأ إليها الناس عند مواجهة بعض مصاعب الحياة الصغيرة(1) والكبيرة(2) أو لتحقيق أهدافهم في الحياة(3).

والناس يتغنُّون بالصبر ويقولون فيه الأمثال. ورغم امتداحه إلاَّ أنه يُوصَف بالمرارة والنُّدرة. وفي عالم النبات سُمِّي الصبَّار بهذا الاسم لتحمُّله الحياة في الصحاري(4)، وباقترانه بالمرارة الشديدة صار تجسيداً للسائد الشعبي عن صعوبة التحلِّي بالصبر وقسوته.

فالإنسان الطبيعي لا يَقوَى على الصبر طويلاً. وما أسهل ما يضيق بمعاناته فيغضب وينفجر بعد أن ينفد صبره. ومن هنا يمتدح الكتاب مَن يُجاهد فيقتني الصبر ويُمارسه مستنداً إلى نعمة الله، حتى أنَّ الحكيم سليمان يكتب: «الطويل الأناة خير من الجبَّار، ومالك نفسه خير مــن فاتح مدينة» (أم 16: 32)، «ببطء الغضب يُقنع الرئيس، واللسان الليِّن يكسر العظم» (أم 25: 15)، «طول الروح خير من تكبُّر الروح» (جا 7: 8). ويترادف الصبر مع طول الأناة والتأنِّي والاحتمال، كما يقترن بالوداعة والتسامُح والحلم وضبط النفس والصمت والهدوء.

نعم، فالصبر فضيلة كبرى، ورفيق أثير ليس فقط للإيمان بل وللرجاء والمحبة وكل نشاط روحي للمؤمن.

+ الصبر قرين الإيمان:

أمَّا أن الإيمان يستدعي الصبر [«الإيمان والمحبة والصبر» (تي 2: 2)، «إيماني وأناتي ومحبتي وصبري» (2تي 3: 10)، «اتْبَع البر والتقوى والإيمـان والمحبـة والصبر والوداعــة» (1تي 6: 11)]؛ فواضح من أن الإيمان بطبيعته يتعامل مـع ما نترجَّاه ومع ما لا يُرَى وليس بين أيدينا، ومِن ثمَّ «فإننا نتوقَّعه بالصبر» (رو 8: 25).

فالصبر، الذي هو الانتظار الصامد الواثق بغير تراجُع [«إيَّاك انتظرتُ اليوم كله» (مز 25: 5)، «انتظِر الرب واصبر له» (مز 37: 7)]، يُشدِّد الإيمان وقت الضيق، ويحفظ حيويته وصلابته ويقيه من الارتداد إلى أن يتحقَّق ما يرجوه المؤمن: «فلا تطرحوا ثقتكم (أي لا تتراجعوا عن إيمانكم) التي لها مجازاة عظيمة، لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد (تحقيق وعود الله)» (عب 10: 36،35).

وفي المقابل، فالإيمان يمدُّ في حِبال الصبر ويُطيل أمده قويـاً نـاهضاً، ويحفظه مـن النكوص والنفاد: «هنا صبر القديسين وإيمانهم» (رؤ 13: 10). فآلام الحياة وتجاربها تجعل من الصبر حتمية ومظلة يحتمي تحتها المؤمن حتى تعبُر شمس المحن. كما أنَّ الجهاد المطلـوب للنصرة يقتضي الصبر: «صابرين في الضيق» (رو 12: 12)، «عالمين أن الضيق يُنشئ صبراً» (رو 5: 4،3)، «احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان إيمانكم يُنشئ صبراً» (يع 1: 2).

وإذا كان الرب يُطالبنا أن نصبر ”إلى المنتهى“ كي ننقذ أنفسنا (لو 21: 19)، ونتمتع بتمام الخلاص والدخول إلى الملكوت (مت 10: 22؛ 24: 13؛ مر 13: 13)؛ فهو من ناحية، قد تعهَّد بأن يضبط ثقل التجربة حتى يمكن احتمالها: «ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضاً المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا» (1كو 10: 12)؛ ومن ناحية أخرى، فهو قد وهبنا الصبر (طول الأناة) كأحد ثمار الروح (غل 5: 22)، لأن الصبر في حقيقته يتجاوز قدراتنا الإنسانية، وأيضاً لكي يُتاح له أن يعمل عمله التام: «لكي تكونوا تامين وكاملين وغير ناقصين في شيء» (يع 1: 4)، أي إلى نهاية التجربة: سواء كانت مرضاً أو آلاماً [كأيوب البار: «الرب أعطى الرب أخذ، ليكُن اسم الرب مُباركاً» (أي 1: 21)]، أو اضطهاداً وقبولاً للموت [كالقديس بولس: «وأخيراً وُضِعَ لي إكليل البر» (2تي 4: 8)]، أو حتى تحقيق الوعد كما صار لأبينا إبراهيم: «وهكذا إذ تأنَّى نال الموعد» (عب 6: 15)، وزكريا الكاهن: «مُبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداءً لشعبه» (لو 1: 68)، وسمعان الشيخ: «الآن تُطلق عبدك يـا سيِّد حسب قـولك بسلام، لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك» (لو 2: 30،29).

فصبر الإنسان الطبيعي هو تصرُّف المظلوم العاجز قليل الحيلة، المقترن بالضيق والنقمة وعدم الرضا؛ بينما صبر المؤمن يقترن باليقين والطمأنينة والفرح، كما يخلو من البغضة والتشفِّي وانتظار الانتقام. وهو عنده ليس عارضاً مؤقتاً، وإنما منهج حياة وعنصراً أصيلاً في إيمانه المسيحي يُمارسه من أجل طاعة المسيح: «لأني لك يا رب صبرتُ» (مز 38: 15)، «إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون، فهذا فضلٌ عند الله» (1بط 2: 20) والرب يُسانده بالجزاء الأبدي إذا نجح في الاختبار: «طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة، لأنه إذا تزكَّى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه» (يع 1: 12)، «كُن أميناً إلى الموت فسأُعطيك إكليل الحياة» (رؤ 2: 10).

+ الصبر قرين الرجاء:

إذا كان الإيمان يُنشئ الرجاء ويستدعي الصبر ويقترن به، فالرجاء هو أيضاً يستدعي الصبر ويقترن به: «متذكِّرين بلا انقطاع عمل إيمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم، ربنا يسوع المسيح، أمام الله وأبينا» (1تس 1: 3). فالصبر يُساند الرجاء المسيحي ويُتيح له أن يتوهَّج ولا يخيب أو يخبو: «لأننا بالرجاء خلَصْنَا. ولكن الرجاء المنظور ليس رجاءً، لأن ما ينظره أحدٌ كيف يرجوه أيضاً؟ ولكن إنْ كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقَّعه بالصبر» (رو 8: 25،24)، «عالمين أن الضيق يُنشئ صبراً، والصبر تـزكية، والتزكية رجاء» (رو 5: 4)، «لأن كل ما سبق فكُتب كُتب لأجل تعليمنا، حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاءً. وليُعطِكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماماً واحداً» (رو 15: 5،4).

كما أن صمود الصبر وامتداده يعتمد على تعالي ثقة الرجاء ويقينه مهما تكاتفت السُّحُب وطال الليل، فإن خاب الرجاء نفد الصبر وانهار المؤمن تحت وطأة التجربة، فالصبر والرجاء صنوان ولا يستغني أحدهما عن الآخر.

+ الصبر قرين المحبة:

في شريعة المسيح أنَّ المحبة الحقيقية هي التي تتسع للقريب والغريب، للصديق والعدو، والتي تبذل إلى آخـر المدى بغير تحفُّظ: «وليس لأحد حُبٌّ أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه» (يو 15: 13)، وقد قدَّم المسيح نفسه نموذجاً لها عندما أحب حتى الموت موت الصليب.

ليس غريباً إذاً أن يُقال إن المحبة: «تتأنَّى وتَرْفُق... وتحتمل كل شيء... وتصبر على كل شيء» (1كو 13: 7،4)، وتُطيل أناتها على مَن يقابلونها بالعداء والكراهية، أو حتى مَن يرفضونها ويولون ظهورهم لها بل يعتبرونها كافرة ويُحلِّلون دمها: «تأتي ساعة فيها يظن كل مَن يقتلكم أنه يُقدِّم خدمة لله» (يو 16: 2).

المحبة هي هبة الروح، وهي التي تُساند المؤمن بالصبر والأناة حتى تستوعب محبته الكل، وتغلب بُغضة البعض. كما أنَّ المحبة بدورها تُجرِّد الصبر - وقت الضيقات - من المرارة والتشفِّي وترجِّي سقوط المُضايقين.

+ الصبر في العبادة والخدمة:

الصبر عنصر أساسي في كل ألوان العبادة. فالجهاد والاجتهاد والتغصُّب يقتضي الصبر والمقاومة والصمود في معارك الحياة وساعة التجربة: «ولنُحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا» (عب 12: 3).

+ فلكي نتمتع بالصلاة، لابد من التركيز وحَصْر الفكر في الله، والانحصار في الروح، وبذل الجهد، وعدم الانصياع لضعف الجسد والسأم. فالصبر والأناة مطلوبان في الصلاة الفردية والجماعية وأثناء القداس. والذين يفقدون صبرهم سريعاً يخرجون صفر اليدين، ورغم الممارسة الطويلة الخاوية فهم لا يتقدَّمون خطوة في معرفة الله والاتصال به.

+ ولكي يصبح اللهج في كلمة الله جزءاً من حياة المؤمن اليومية، فهو يحتاج إلى الصبر كي يُعطي كلمة الله حقها من التدقيق والفهم والتأمُّل والحفظ والتوقير، ومِنْ ثمَّ ينال الثمر: «ويُثمرون بالصبر» (لو 8: 15). النفس الملولة الطائشة لا تُحصِّل كثيراً لا في دراسة علمية ولا في حفظ كلمة الله واللهج بحسبها. ربما اضطرتها الدراسة والحصول على مؤهِّل أن تبذل بعض الجهد الذي قد لا تُوفِّره لمعرفة كلمة الله، ولكننا بغير تعويد النفس على حفظ كلمة الله واستيعابها نكون كالأغراب وسط عائلة الرب، ونتحوَّل إلى مسيحيين بالاسم، ويصير الرب بالنسبة لنا كما هو لغير المؤمنين!

+ كما أنَّ الصوم، بشقَّيه الروحي (وهو الأهم)، والجسدي، وما يتضمنه من جهاد في ضبط الفكر ونقاوته واقترانه بانتعاش ضروب العبادة الأخرى من توبة وتأمُّل في كلمة الله، وعدم الانشغال بأمور الطعام والتحرر من التعوُّد على بعض طقوسه («ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» - تث 6: 13؛ مت 4: 4؛ لو 4: 4) واحتمال الجوع - مثل الملايين من فقراء العالم - بكل رضا؛ كل هذا يستدعي الصبر والاحتمال لكي تُؤتي فترة الصوم، طالت أم قصرت، ثمارها في تغيير الذهن والقلب، والتحرُّر من قيود الجسد وضبط الغضب والشهوات، والتآلف مع كلمة الله والصلاة.

+ يمكن القول إنَّ كل عمل صالح وجهد روحي، وخدمة الله والكرازة باسمه؛ كلها تحتاج إلى الصبر: «أنا عارفٌ أعمالك ومحبتك وخدمتك وإيمانك وصبرك» (رؤ 2: 19)، «أما الذين بصبر في العمل الصالح» (رو 2: 7). وفي الخدمة يصبر الخادم ويتأنَّى على مخدوميه، ويحتمل توانيهم من أجل خلاصهم: «لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين، كي يحصلوا هم أيضاً على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدي... إن كنا قد مُتنا معه فسنحيا أيضاً معه. إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معه» (2تي 2: 12،10)، «ولسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تُلام الخدمة. بل في كل شيء نُظهر أنفسنا كخدَّام الله في صبر كثير» (2كو 6: 4،3)، «فاشترك أنت في احتمال المشقَّات كجندي صالح ليسوع المسيح... مؤدِّباً بالوداعة المقاومين عسى أن يُعطيهم الله توبة لمعرفة الحق، فيستفيقوا من فخ إبليس إذ قد اقتنصهم لإرادته» (2تي 2: 26،25،3).

+ الصبر في التعامُل مع الآخرين:

تحثنا كلمة الله على التأنِّي والصبر والتسامح في التعامُل مع الآخرين خاصة الصغار الذين لا يُدركون، والمضطربين نفسياً، والعنفاء، والذين يُسبِّبون المشاكل سواء في البيت (بين الزوجين أو بين الوالدين وأولادهما)، أو أماكن العمل (سواء مع الرؤساء أو الزملاء أو العملاء)، أو الكنيسة (بين الخُدَّام أو بينهم وبين مخدوميهم)؛ فهذا على الأقل يمنع تداعي المواقف إلى الأسوأ، كما أنه يُجنِّبنا الأخطاء التي تُرافق الغضب وانفلات الزمام ومقابلة الأخطاء بمثلها، وقد يفتح الباب إلى الحلِّ وعودة السلام: «فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفاتٍ، ولُطفاً، وتواضعاً، ووداعة، وطول أناة، محتملين بعضكم بعضاً، ومسامحين بعضكم بعضاً إن كان لأحد على أحد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً. وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال» (كو 3: 12-14)، «... أن تسلكوا... بكل تواضع ووداعة وبطول أناة، محتملين بعضكم بعضاً في المحبة» (أف 4: 2)، «وكونوا لُطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين، كما سامحكم الله أيضاً في المسيح» (أف 4: 32)، «شجِّعوا صغار النفوس. أسندوا الضعفاء. تأنَّوْا على الجميع» (1تس 5: 14)، «... حُلماء مُظهرين كل وداعة لجميع الناس» (تي 3: 2).

+ الصبر في التعامُل مع السلطات:

يُبيِّن الكتاب أنَّ «الرب مُجري العدل والقضاء» (مز 103: 6)، وأنَّ العدل أساس الحُكْم (لا 19: 15؛ أم 29: 4)، وأنَّ الأصل أن الحاكم هو «خادم الله للصلاح... مُنتقم للغضب من الذي يفعل الشر» (رو 13: 4)، وبالتالي فـإنه ينبغي الخضوع له التزاماً بالضمير المسيحي وليس خوفاً من العقوبة (رو 13: 5)، وتصير مقاومته مقاومة لترتيب الله: «والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونـة» (رو 13: 2). فإذا انحرف صاحب السلطان (سواء كان الحاكم أو مَن يُمثِّله على كل المستويات) عن الحق والعدل، وصار ظالماً مُستبدّاً، يصبح كمَن يستقيل من خدمة الله، ويحقُّ عندها التصدِّي له وتقويمه بكل الوسائل المشروعة. فماذا إن كانت الظروف السائدة لا تُتيح مساءلته وإجباره على الإذعان للحق؟ ليس أمام المؤمن الفرد عندها غير الصبر عليه وتحويل الشكوى إلى مَن بيده كل أمر (عب 4: 13)، القاضي العادل (مز 7: 11)، والمكتوب عنه قوله: «لي النقمة. أنا أُجازي» (تث 32: 35؛ رو 12: 19).

ولكن هذا الصبر النبيل لا يعني الخنوع والاستسلام للظلم بالصمت والسكون، وإنما بالصمود واحتمال الآلام (1بط 2: 20،19)، والمجاهدة أمام الله وطلب تدخُّله بغير هوادة، واستنهاض همم الآخرين باحترام كرامتهم الإنسانية الممنوحة من الله، ورفض إهانتها من قِبَل الحاكم المستبد. وما لا يَقوَى عليه المؤمن منفرداً تستطيعه الجماعة المتحدة، وبمساندة الله الذي «يقضي بالعدل للمساكين» (إش 11: 4) يسود الحق ويتراجع الظلم. فهو صبر الأقوياء الصابرين، لا صبر الضعفاء الخانعين. والمؤمن الصابر يظل متأهِّباً في انتظار الوقت المناسب الذي تُعيِّنه إشارة الله وإرشاد الروح، كي يبدأ التحرُّك تحت قيادة الله، صارخاً من أجل رفع الظلم وتحقيق العدل بغير تجاوز للوصية قولاً أو فعلاً.

(يتبع)

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) فالصبر مطلوبٌ عند التعامُل مع الغضوب لتفادي الصدام، والتمهُّل في ردِّ الفعل عند المواجهات الصعبة لمنع التصعيد. وهو مطلوب لتحمُّل طول انتظار وسيلة مواصلات تتأخر، أو في عيادة طبيب تفتقد النظام، أو أثناء الوقوف في صف طويل يتحرَّك ببطء، وغيره من ظروف الحياة اليومية.
(2) كالأمراض الشديدة والآلام والخسائر وفقدان الأحباء، أو أمام ظُلم الأقوياء وتجبُّرهم والعجز عن مجابهتهم.
(3) فالتلميذ في سنوات دراسته الطويلة يُسانده الصبر وطول الأناة لبلوغ الأمل، والفلاح يبذر البذار ويتعهَّد الزرع وينتظر الحصاد صابراً مترجِّياً الثمر. وكل عمل وإنتاج فكري أو يدوي يقتضي المثابرة وبَذْل الجهد حتى يؤتي ثماره. فالعالِم والكاتب والشاعر والفنان والباحث والمخترع، كل منهم ينكبُّ على عمله في صبر الناسك، عاكفاً على مشروعه حتى يبلغ مُـراده. وكـل رئيس وقائد ومسئول على كـل مستوى يحتاج إلى الصبر والتروِّي حتى تكون = = قراراته صائبة. وفقدان الصبر والتسرُّع في اتخاذ القرار قد يقود إلى كارثة يُعاني منها الجميع.
(4) ويُقابله، في عالم الحيوان، الجمل الذي ينفرد بصبره البالغ على العمل الشاق، واحتمال العطش والجوع لأسابيع، حتى سُمِّي بسفينة الصحراء.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis