دير القديس العظيم أنبا مقار
الصفحة الرئيسية  مجلة مرقس الشهرية - محتويات العدد

نافذة على ما يجري في الكنائس الأرثوذكسية

في أقطار المسكونة

 

                                          الوحدة بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

                                           والكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية

                                           استرجاعها بمجهودات بطريرك الكنيسة الأرمنية

                                      الكاثوليكوس آرام الأول

 

في يوم الجمعة 13 يوليو 2007، احتُفِلَ بالكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس بصاحبي القداسة الكاثوليكوس آرام الأول بطريرك الأرمن الأرثوذكس بلبنان، والبطريرك أبونا باولوس بطريرك الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية، ومعهما الوفدان المرافقان لهما.

وكان في استقبالهما قداسة البابا شنوده الثالث في المقر البابوي مُرحِّباً بهما، ثم توجَّه الجميع إلى الكاتدرائية المرقسية، حيث افتتح قداسة البابا الاحتفال بصلاة الشكر.

وقد ألقى قداسة البابا الكلمة الأولى مُرحِّباً بالضيوف، ثم تلاه قداسة الكاثوليكوس آرام الأول، ثم قداسة البطريرك الإثيوبي باولوس.

وبعد ذلك قام البطاركة الثلاثة بالتوقيع على بيان مشترك. ثم عُقد مجمع مُصغَّر من المجامع المقدسة للكنائس الثلاث.

- وقد دعا قداسة البطريرك الإثيوبي قداسة البابا شنوده الثالث لزيارة إثيوبيا في شهر سبتمبر 2007.

 

قداسة البابا شنودة الثالث

وعن يمينه قداسة البطريرك الإثيوبي أبونا باولوس

وعن يساره قداسة بطريرك الأرمن

الكاثوليكوس آرام الأول

 

وفيما يلي كلمات الآباء البطاركة الثلاثة:

1. قداسة البابا شنوده الثالث.

2. قداسة الكاثوليكوس آرام الأول.

3. قداسة البطريرك أبونا باولوس.

1 - كلمة قداسة البابا شنوده الثالث

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.

الليلة أنا سعيدٌ جداً لأن نستقبل أخوَيَّ العزيزَيْن جداً: قداسة الكاثوليكوس آرام الأول، وقداسة أبونا باولوس.

 

ونحن نُرحِّب بهما في الأرض المباركة التي زارها ربنا يسوع المسيح والقديسة مريم العذراء. نُرحِّب بهما في أرض مصر، أرض القديس أثناسيوس بابا الإسكندرية. فالقديس أثناسيوس كان هو بطل الإيمان في مجمع نيقية المسكوني، وهو الذي صاغ قانون الإيمان الذي قَبِلته كل الكنائس في العالم. والقديس أثناسيوس بطريركنا قام أيضاً برسامة أول أسقف لإثيوبيا، وهو القديس فرومنتيوس المعروف بـ ”أبونا سلامة“، وهذا حدث سنة 329م في بداية القرن الرابع للمسيحية.

وهكذا كان لنا علاقات متينة بالكنيسة الإثيوبية على مدى 16 قرناً مضت. فالإثيوبيون هم إخوتنا في المسيح، ونحن نحبهم كلهم، ونصلِّي من أجل الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية دائماً. كانت هناك فترة من الانفصال أثناء حُكم ”منجستو“، ولكننا نشكر الله أن الأمور آلت إلى الاتجاه الصحيح بعد ذلك.

أودُّ أن أشكر وأرحِّب بالدور الذي قام به أخي العزيز قداسة الكاثوليكوس آرام الأول للإعداد لهذا الاجتماع. ونحن نؤمن بالحياة المقدسة للقديسين الإثيوبيين والقديسين الأرمن. وكلنا نذكر دائماً القديس تكلاهيمانوت الإثيوبي والقديس غريغوريوس الأرمني. وكلنا أعضاء في عائلة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية، ولنا عقيدة واحدة وإيمان واحد وتقليد واحد ومُعتقد واحد في ربنا يسوع المسيح. ونحن نؤمن بالمجامع المسكونية الثلاثة: الأول عُقد في نيقية، والثاني في القسطنطينية، والثالث في أفسس. ونحن نريد أن نعمل معاً من أجل وحدة المسيحية.

إني آمل أن أزور إثيوبيا في المستقبل. ومنذ أكثر من 30 عاماً - عام 1973 - زرتُ إثيوبيا أيام حُكم الإمبراطور هيلاسلاسي وأبونا ثاوفيلس بطريرك إثيوبيا. وقد استقبلوني بحفاوة كبيرة هناك، ولي ذكرى جيدة وعميقة بتلك الأيام.

وفي هذه الليلة، أُريد أن أُهنِّئ أبونا باولوس بمناسبة العيد الخامس عشر لتتويجه بطريركاً لإثيوبيا. كما أودُّ أيضاً أن أُهنِّئ قداسة الكاثوليكوس آرام الأول بمناسبة العيد الثاني عشر لتتويجه كاثوليكوس للكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في كيليكيا.

نحن الثلاثة لنا بعض العمل في مجلس الكنائس العالمي كأعضاء. فالكاثوليكوس آرام كان هو المقرر لمجلس الكنائس العالمي لسنوات عدة خلت. وأنا صرتُ كرئيس لمجلس الكنائس العالمي لمدة 7 سنوات. وكذلك قداسة أبونا باولوس هو الآن أحد رؤساء مجلس الكنائس العالمي. ونحن نُصلِّي من أجل الأرثوذكسية والمسيحية في كل العالم. ونحن نريد أن نعمل معاً من أجل تعليم الإيمان الأرثوذكسي في كنائسنا.

وأنا أشكر كل واحد منكم وأُرحِّب بكم لمجيئكم لكنيستنا الليلة. وأشكركم لحضوركم هذا الاجتماع، وأشكركم على ترانيمكم وموسيقاكم ومحبتكم. وشكراً.

- وفي هذه المناسبة يسرني أن أُقدِّم لقداسة أبونا باولوس أيقونة القديس أثناسيوس.

(وكان مكتوباً على اللوحة باللغة الأمهرية اسم ”القديس أثناسيوس البطريرك الأرثوذكسي الرسولي“، وباللغة اليونانية مقطع من قانون الإيمان: ”إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر“).

2 - كلمة قداسة الكاثوليكوس آرام الأول

بطريرك الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية

 

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.

أصحاب القداسة وأصحاب النيافة أعضاء المجامع المقدسة، وأحباءنا المؤمنين بالمسيح.

هذا اليوم هو حقاً يوم مُبارك. إن ربنا يسوع المسيح جعل هذا اليوم يوماً تاريخياً مباركاً مقدَّساً في تاريخ الكنائس الشرقية الأرثوذكسية.

هذا اليوم هو يومٌ مبارك، لأني أعتقد أنه سيُقوِّي وحدة عائلة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية. هذا اليوم هو يومٌ مبارك لأني أعتقد أنه سوف يُقوِّي ويُدعم ويمتد بالتعاون التاريخي الطويـل الأمـد والوثيق بين الكنيستين الشقيقتين القبطية الأرثوذكسية والإثيوبية الأرثوذكسية.

 

إنه يومٌ مبارك لأنها المرة الأولى التي يجتمع فيها الرئيسان في عائلة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية رسمياً في هذه الكاتدرائية كنيسة الله. وأنا شخصياً بذلت مشاركة متواضعة لتحقيق هذا الاجتماع. وإن أخويَّ صاحبي القداسة قد أديا دوراً مهماً بإيمانٍ وثقة في تحقيق هذا الهدف المهم لعائلة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية.

ولذلك، فإنني بهذه المناسبة أُعبِّر عن محبتي الأخوية وترحيبي لصاحبي القداسة. كما أودُّ أن أُعبِّر عن تقديري للمجمعين المقدسين للكنيسة القبطية والكنيسة الإثيوبية كما لمجمع كنيستنا الأرمنية. إن المجامع المقدسة الثلاثة قد أيَّدت وشجَّعت رسالتي الروحية في هذا الشأن.

إن هذا اللقاء مملوءٌ بالفرح والمحبة الروحيَّيْن. وهذا اللقاء بين الإخوة الروحيين له أيضاً رسالته وتحدِّيه. الرسالة والتحدِّي لهذا الاجتماع هو لنا نحن الكنائس الشرقية الأرثوذكسية بأن نُعمِّق تعاوننا ونواجه معاً مشاكلنا واهتماماتنا التي تواجهها مجتمعاتنا وشعوبنا.

فليُبارك الله عائلة كنائسنا الشرقية الأرثوذكسية. وليُبارك الله هذه الخطوة في تاريخ كنائسنا الشرقية الأرثوذكسية. وليُبارككم الله أيضاً.

3 - كلمة قداسة البطريرك الإثيوبي أبونا باولوس

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.

صاحب القداسة البابا شنوده الثالث،

صاحب القداسة آرام الأول،

أصحاب النيافة المطارنة والأساقفة،

وأبناء الله المحبوبين.

هذا اليوم هو حقاً يومٌ تاريخي عظيم. هذا اليوم المهم والعظيم سوف تُدركه الأجيال القادمة بعد جيلنا الحاضر. إنه يومٌ عظيم لأنه مكتوب في الكتاب المقدس: «هوذا ما أحسن وما أجمل أن يجتمع الإخوة معاً».

وهذا اليوم هو اليوم الذي تخطَّينا فيه كل العقبات التي واجهتنا في الماضي. ومنذ الآن فصاعداً لن تكون هناك عقبة من أجل أن يجتمع أصحاب القداسة وكنائسنا الشرقية من أجل خدمة الله.

لقد عاشوا في الماضي لقرونٍ عديدة كعائلة واحدة، وكمَثَل لذلك فإن كلتا الكنيستين القبطية والإثيوبية عاشتا معاً لمدة 16 قرناً. وفي تلك الأيام لم تكن هناك فرص كثيرة ولا تسهيلات للقيام بزيارات الكنائس بعضها للبعض إلاَّ بواسطة الإيمان القوي للذين كانوا يتطلَّعون لخدمة الله معاً. أما اليوم فأصبحت وسائل المواصلات تُسهِّل الزيارات المتبادَلة بأكثر سهولة من الماضي، وقد أصبح يوجد الآن عمل كبير لنعمله معاً، لأن مجتمعاتنا أصبحت تواجه المدنية الحديثة، مما يدفع الآباء المقدسين أن يجتمعوا معاً ليؤدوا خدمتهم لشعوبهم الذين يواجهون هذه الصعوبات.

وأحد هذه الأعمال هو أننا نحن آباء هذه الكنائس، المفوَّضين من الله مباشرة، مسئولون أن نؤدِّي هذه الخدمة ليحفظوا شعب الله، أي يُقدِّموا الخدمة لشعوبهم التي ليست بينها اختلافات بل يؤمنون بنفس العقيدة، ولهم نفس آباء الكنيسة القديسين، ويؤمنون بنفس الأسرار، وبنفس قانون الإيمان، وليس عندهم أي مبرر ليعملوا منفصلين.

 

هؤلاء الآباء عندهم وصية من الرب أن يذهبوا إلى العالم، إلى الذين لا يعرفون الله، ليُعرِّفوهم الله، ويجعلوهم مؤمنين بالله. وهذه هي المسئولية الأولى طبعاً لهؤلاء الآباء القديسين. فإذا حاول المُجرِّب أن يجعلهم ينفصلون بعضهم عن البعض، ويمنعهم من العمل معاً وخدمة شعوبهم، فإن كل هذه التجارب سوف تنتهي. أَلاَ يمكننا أن نقول، إذن، إن هذا اليوم هو يوم الشكر؟!

أريد أن أُذكِّر - بتواضع - الآباء القديسين أنه من الآن فصاعداً، ومهما تكون الأسباب، فسوف نجتمع معاً لنجد الحلول، ولا نبقى وحدنا أو نُسيء الفهم لأسباب لا وجود لها. وحتى لو حدثت بعض الأخطاء، عفواً أو على سبيل الخطأ، فهذا واجبهم الأول أن يغفروا ويرجعوا بعضهم للبعض.

لذلك، فلابد أن نتذكَّر التزاماتنا، أننا مُفوَّضون لنُعطي الخدمة والسلام والتعليم والعقيدة الصحيحة للشعب معاً في عالم متسع جداً ولشعبٍ كثير جداً. وعلينا أن نكون معاً، وأن نُصلِّي معاً حتى يُعطينا الله نعماً كثيرة.

على مدى الـ 20 عاماً الماضية، كنتُ أُصلِّي النهار والليل لأرى يوم المصالحة هذا، ولكي أرى بالوجه الآباء القديسين.

وإني شخصياً، إذا سُمِحَ لي أن أقول ما يلي: حينما كنتُ في المنفى خارج وطني، حينما كان البابا شنوده الثالث يؤدِّي خدمته الرعوية في العالم الغربي؛ فإن قداسته لم يُهملني ولم يتجاهلني. فقد زارني في الكنيسة التي كنتُ أخدم فيها، ودعاني بأني ابنه الخاص، وحيَّاني بهذه الصفة. وحينما حاول الشعب أن يُبعدني عنه، قال لهم إن المسيح قال لتلاميذه حينما كانوا يُبعدون الأطفال عنهم: «دعوا الأولاد يأتون إليَّ»، فأمسكني من ذراعي وجعلني أسير بجانبه. هذا موقف لم أكن قادراً أن أنساه.

في ذلك الوقت كنتُ الأقل مرتبة، وكان هو في القمة، ولكنه في ذلك الوقت انحنى لكي يسندني. إذا وقف شخص معك في وقت شدَّتك واحتياجك، فهل يمكنك أن تنساه؟ إذا كنتَ تنسى فضل مَن أحبك، ففي هذه الحالة لا يمكن أن تكون مُخلِصاً أو مؤمناً حقيقياً بالله. ولأن هذا اليوم هو يوم المصالحة، فأنا لا أسرد شيئاً لمجرد أن يجعلنا كلنا مسرورين، بل أنا أشهد بما فعله معي قداسة البابا في أيام محنتي. أنا أشهد للحق بدون كذب.

واليوم، وقد جمعنا الله في هذا المكان المقدس، فيجب أن نقطع معه وعداً بأن ننفذ التزاماتنا ونحن متصلون متعانقون يداً بيد. وأنا مستعدٌّ لأن أكون مع قداسة البابا شنوده الثالث وقداسة الكاثوليكوس آرام الأول، وأن نسير معاً يداً بيد، ومع كل رؤساء الكنائس الشرقية الأرثوذكسية الذين ليسوا حاضرين معنا الآن؛ أكون أنا خادمهم المتواضع.

وأنا لا أتطلَّع إلى شيء آخر سوى أن أرى استمرار العمل المشترك يداً بيد دائماً، بالتشاور والمشورة وتقوية عائلة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية، وأن يظلوا على الطريق الصحيح في العالم الصعب جداً. وأنا أعلم جيداً أن هذه هي رغبة أصحاب القداسة، وأعتقد أن علينا أن نُصلِّي جميعاً لله حتى لا تُعطِّلنا أية عقبة ولا تجربة.

شكراً لله، لأن نرى الآباء القديسين جالسين معاً، يتحدَّثون معكم، ويشهدون بما كان لهم في الماضي والآن، ويأتون بالمصالحة بين بعضهم البعض. وهذا ما يجب أن تفعلوه الآن بينكم وبين بعضكم البعض، إذ لا توجد مسيحية ونحن نتشاجر وفي تعب كل واحد مع الآخر، بل بالمغفرة والمصالحة بعضكم مع البعض، ويجب أن تكونوا كلكم مستعدِّين لأن تفعلوا ذلك. شكراً لكم جداً، والله يُبارككم.

(عن التسجيل المرئي الصوتي بقناة ”أغابي“

ومجلة الكرازة - عدد 13 يوليو 2007)

 

لمحة عن:

- البطريرك الكاثوليكوس آرام الأول كيشيشيان كاثوليكوس كيليكيا للأرمن الأرثوذكس، ومقره في أنطلياس، لبنان. وهو شخصية دينية معروفة في لبنان وقريبة من الأوساط الدولية، وقد تمَّ انتخابه وللمرة الثانية رئيساً للجان المركزية والتنفيذية لمجلس الكنائس العالمي. وهو من مؤسِّسي مجلس كنائس الشرق الأوسط. والأرمن في لبنان يمثِّلون طائفة دينية مرموقة، ولها شأن هام في الحياة الاجتماعية في لبنان.

- أبونا(1) باولوس بطريرك الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية التواحيدية(2). درس في الولايات المتحدة الأمريكية، ويحمل درجة دكتوراه في اللاهوت من جامعة برنستون. وفي حديث مع مجلة النور اللبنانية رفض قداسته التحدُّث عن نفسه ولم يذكر شيئاً إلاَّ هذه المعلومة، وحتى الكهنة الذين كانوا معه لم يشاءوا قول المزيد. وفي هذا الحديث قال قداسته إن عدد أبناء الكنيسة الإثيوبية يتجاوز الأربعين مليوناً في إثيوبيا، يُضاف إليهم خمسة ملايين منتشرين في بلاد المهجر.

(عن: مجلة النور اللبنانية - سبتمبر 2005

السنة 61، 9، ص 495-498)

 

(1) لقب البطريرك والأساقفة في الكنيسة الإثيوبية هو: ”أبونا البطريرك“، ”أبونا الأسقف“.

(2) وهي صفة مُضافة على اسم الكنيسة، وتعني إيمانهم بطبيعة واحدة في المسيح باتحاد اللاهوت والناسوت فيه.