دير القديس العظيم أنبا مقار
الصفحة الرئيسية  مجلة مرقس الشهرية - محتويات العدد

دراسة الكتاب المقدس:
 

سفر العدد
سفر التيه والتجربة في البرية
ـ 32 ـ
(تابع)

ملخَّص خطة دراسة السفر:

أولاً: إعداد الجيل القديم ليرث أرض الموعد (1:1ــ10:10).
1 ــ تنظيم الجماعة تمهيداً للارتحال ( 1:1ــ49:4).
2 ــ تقديس الجماعة (1:5ــ10:10).
ثانياً: فشل الجيل القديم في أن يرث أرض الموعد (11:10ــ18:25).
1 ــ بدايات الفشل في الطريق إلى قادش (11:10ــ16:12).
2 ــ أزمة قادش برنيع (1:13ــ45:14).
3 ــ إخفاق إسرائيل المتواصل (1:15ــ22:19).
4 ــ حوادث في الطريق إلى موآب (1:20ــ18:25).
ثالثاً: إعداد الجيل الجديد لميراث أرض الموعد (1:26ــ13:36).
1 ــ إعادة تنظيم إسرائيل (1:26ــ23:27).
2 ــ شرائع للتقدمات والنذور (1:28ــ16:30).
3 ــ الانتصار على الشعوب في شرق الأردن وتقسيمها على
أسباط إسرائيل (1:31ــ13:36).

ثانياً: فشل الجيل القديم في أن يرث أرض الموعد (10: 11-25: 18)

4 - حوادث في الطريق إلى موآب (20: 1-25: 18)
د - سقطة إسرائيل في موآب (22: 1-25: 18)

نطق بلعام بالبركة لشعب إسرائيل كما أمره الرب، وذلك بخلاف ما كان يرغب هو وبغير ما كان يشتهي بالاق، مما أغضب بالاق وضايقه؛ ولكنه لم يفقد الأمل، فما زال يرجو أن يستخدم بلعام سحره ليلعن به شعب الله.

بالاق يُعاتب بلعام ويدعوه ليُعيد الكَرَّة:

+ "فقال بالاق لبلعام: ماذا فعلتَ بي؟ لتشتم أعدائي أخذتُك، وهوذا أنت قد باركتهم؟! فأجاب وقال: أَمَا الذي يضعه الرب في فمي أحترص أن أتكلَّم به؟ فقال له بالاق: هَلُمَّ معي إلى مكان آخر تراه منه. إنما ترى أقصاءه فقط، وكله لا ترى، فالْعَنْهُ لي من هناك. فأخذه إلى حقل صوفيم إلى رأس الفِسْجة، وبَنَى سبعة مذابح وأصعد ثوراً وكبشاً على كل مذبح. فقال لبالاق: قف هنا عند محرقتك وأنا أوافي هناك.

فوافَى الرب بلعام ووضع كلاماً في فمه وقال: ارْجـِعْ إلى بالاق وتكلَّم هكذا. فأتى إليه وإذا هو واقفٌ عند محرقته ورؤساء موآب معه. فقال له بالاق: ماذا تكلَّم به الرب؟ فنطق بمَثَله وقال: قُمْ يا بالاق واسمع. اصْغَ إليَّ يا بن صِفُّور. ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلَّم ولا يفي؟ إني قد أُمِرْتُ أن أُبارِكَ. فإنه قد بارَكَ فلا أرُدُّه. لم يُبْصِر إثماً في يعقوب، ولا رأى تعباً في إسرائيل. الرب إلهه معه، وهتاف مَلِك فيه. الله أخرجه من مصر، له مثل سُرعة الرِّئم. إنه ليس عِيَافة على يعقوب ولا عِرافة على إسرائيل. في الوقت يُقال عن يعقوب وعن إسرائيل ما فعل الله. هوذا شعب يقوم كَلَبْوةٍ ويرتفع كأسد. لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى." (عدد 23: 11-24)

عاتب بالاقُ بلعامَ عتاباً شديداً، ولكنه لم ييأس من أن يعيد الكَرَّة ويطلب منه أن يُغيِّر مكان تطلُّعه إلى الشعب ويلعنه من هناك. وأعاد بلعام طلبه من بالاق ببناء السبعة مذابح وإصعاد المحرقات عليها. وعمل بلعام كالمرة الأولى، فوافاه الرب ووضع كلاماً جديداً في فمه، وأمره أن ينطق به أمام بالاق. فنطق بلعام بمثله:

+ "قُمْ يا بالاق واسمع. اصْغَ إليَّ يا بن صِفُّور. ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلَّم ولا يفي"؟

هنا يوجِّه الله إنذاره وتحذيره لبالاق بالتحديد، مُعلناً له هذا المبدأ الذي يجهله عن الإله الحق الذي ليس كآلهته الكاذبة. فالله ليس إنساناً فيرجع في كلامه أو يُغيِّر رأيه. فحاشا له أن يقول ولا يفعل، أو يَعِدَ ولا يفي.

+ "إني قد أُمِرْتُ أن أُبارِكَ. فإنه قد بارَكَ فلا أرُدُّه".

فقد أمرني الرب أن أنطق بالبركة لهذا الشعب. فقد سبق فباركهم، فمَن أنا حتى أُعارض أحكامه؟

+ "لم يُبْصِر إثماً في يعقوب، ولا رأى تعباً في إسرائيل. الرب إلهه معه، وهتاف مَلِك فيه".

إن الرب الذي تبنَّى هذا الشعب وقدَّسه له واقتناه لنفسه، لا يرى فيه إثماً ولا ذنباً يستحق عليه اللعنة. فالله برحمته يقبل توبتهم ويغفر لهم ذنوبهم ويقبل ذبائحهم وتقدماتهم أمامه. وأهم ما يميِّز هذا الشعب أن الرب إلهه معه، حالٌّ في وسطه؛ وهتاف الشعب وتسبيحه للرب الذي يملك عليه لا يُفارقه. ولكن، يا للعجب أن الرب لا يُبصر إثماً في يعقوب وهو الذي أغاظ الرب بأعماله الشريرة وتعدياته مرات كثيرة منذ أخرجهم من أرض مصر!! ولكن الله ينسى كل إساءة من شعبه الذي اختاره لأن الله في مغفرته لا يعود يذكر التعدِّي.

+ فالله أخرجه من مصر بقوة عظيمة وذراع رفيعة، له مثل سرعة الرئم: والرئم هو الظبي الأبيض الذي يشتهر بسرعته الفائقة وقدرته على مقاومة الوحوش والحيَّات.

+ "إنه ليس عيافة على يعقوب، ولا عرافة على إسرائيل".

أي أن جميع أعمال السحر وضروبه لن تؤثر في هذا الشعب الذي احتمى في الله حافظه وحارسه.

+ "هوذا شعب يقوم كَلَبْوةٍ ويرتفع كأسد. لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى".

فهو شعب لا يُغلَب، فقد أعطاه الرب قوة اللبؤة، وعزة الأسد وبطشه، ولن يهدأ حتى يسحق أعداءه ويفنيهم.

وهكذا رأينا كيف استخدم الله بلعام العرَّاف لكي ينطق بالبركة لإسرائيل بدل اللعنة. فكما جعل الله الأتان تنطق بطريقة إعجازية لتوبِّخ حماقته؛ استخدمه هو أيضاً رغماً عنه لينطق بمباركة شعبه بدل لعنتهم. وفي هذا تقول تفاسير الآباء:

[ذكر القديس بطرس (الرسول) أن حمار بلعام وبَّخ بطريقة إعجازية حماقة سيِّده... وبلعام ذاته على غرار البهيمة التي كان يركبها واستنطقها الله، وضع في فمه أيضاً النبوَّة كما لو كان بصورة آلية.](1)

كما يُعلِّق على ذلك أيضاً العلاَّمة أوريجانوس قائلاً:

[انظر الآن كيف أن حكمة الله تستخدم هذا الإناء المخصَّص للهوان، ليس فقط لفائدة أمة واحدة، ولكن لمنفعة العالم كله... الله تركه لرغبته في الربح لكي يتحقَّق ما كتبه الرب في المزمور: "فسلَّمتهم إلى قساوة قلوبهم، ليسلكوا في مؤامرات أنفسهم" (مز 81: 12). وهكذا اكتملت خطة الإرادة الإلهية، حيث إنه قال: "إنما تعمل الأمر الذي أُكلمك به فقط" (عد 22: 20). فلو كان بلعام مستحقاً لكان الله قد وضع كلمته في قلبه وليس في فمه.](2)

محاولة أخرى لبالاق:

ازداد بالاق غيظاً، إذ رأى بلعام ينطق بالبركة على شعب إسرائيل مرتين، وتحيَّر جداً ماذا يفعل به. فما كان منه إلاَّ أن طلب من بلعام قائلاً:

+ "فقال بالاق لبلعام: لا تلعنه ولا تُباركه بركة. فأجاب بلعام وقال لبالاق: ألم أُكلِّمك قائلاً: كل ما يتكلَّم به الرب فإيـَّاه أفعَلُ. فقال بالاق لبلعام: هَلُمَّ آخذك إلى مكان آخر، عسى أن يصلُح في عيني الله أن تلعنه لي من هناك. فأخذ بالاق بلعام إلى رأس فغور المشرف على وجه البرية. فقال بلعام لبالاق: ابْنِ لي ههنا سبعة مذابح وهيِّئ لي ههنا سبعة ثيران وسبعة كباش. ففعل بالاق كما قال بلعام وأصْعَد ثوراً وكبشاً على كل مذبح.

فلما رأى بلعام أنه يَحْسُن في عيني الرب أن يُبارِك إسرائيل، لم ينطلق كالمرة الأولى والثانية ليُوافي فألاً، بل جعل نحو البرية وجهه. ورفع بلعام عينيه ورأى إسرائيل حالاً حسب أسباطه. فكان عليه روح الله." (عد 23: 25-30؛ 24: 1و2)

أعاد بالاق محاولاته مع بلعام لعلَّه يحظى بما يصبو إليه ولو مجرد أن يحدَّ من خطورة زحف هذا الشعب الذي يلتهم كل ما يقابله. لذلك قال له: لا تلعنه لعنةً، ولا تباركه بركةً. ولكن بلعام كرَّر له ما سبق أن قاله له بأنه مقيَّد بما يُلقِّنه إيـَّاه الرب. إلاَّ أن بالاق لم ييأس من تكرار المحاولة مع بلعام، فأخذه إلى مكان آخر يُدعى رأس فغور، وهو الرأس الشمالي من جبال عباريم، ولعلَّه أعلى رؤوسه، وكان بعل (أي صنم) فغور يعبدونه هناك، وكان يطل على كل البرية التي يعسكر فيها شعب إسرائيل. وكان بالاق يأمل أن يكون منظر الشعب بجحافله في البرية مثيراً لحفيظة بلعام ليلعنهم من هناك. أما بلعام فلم يكف عن استغلاله لرغبة بالاق الجامحة في لعن بني إسرائيل، فطالبه للمرة الثالثة ببناء سبعة مذابح وتقديم سبعة ثيران وسبعة كباش عليها. فانصاع بالاق لطلب بلعام وفعل كما أمره مُصعِداً ثوراً وكبشاً على كل مذبح. ولكن بلعام تغاضى عن كل ذلك، لأنه تحقَّق أنه يَحْسُن في عيني الرب أن يُبارك إسرائيل. فلم ينطلق كالمرات السابقة ليوافي فألاً، ومعنى ذلك أنه استغنى عن العرافة، وانتظر ما يمليه عليه الرب. وهنا يقول الكتاب: "فكان عليه روح الله"، بينما في المرات السابقة كان القول: "وضع الرب كلاماً في فم بلعام" (عد 23: 5و16). ولا يعني هذا أن بلعام قد صار نبياً من أنبياء الله، بل لكونه انصاع لإرادة الله وترك العرافة ونحَّاها جانباً إلى حين؛ استخدمه الرب لينطق ببعض النبوَّات كآلة طيِّعة في يده.

بلعام ينطق بالبركة للمرة الثالثة لبني إسرائيل:

وهكذا تكلَّم بلعام أخيراً بروح الله:

+ "فنطق بمثله وقال: وحيُ بلعام بن بعور، وحي الرجل المفتوح العينين. وحي الذي يسمع أقوال الله، الذي يرى رؤيا القدير مطروحاً وهو مكشوف العينين. ما أحسن خيَامَك يا يعقوب مساكنك يا إسرائيل. كأودية ممتدَّة كجنَّاتٍ على نهر، كشجراتِ عُودٍ غرسها الرب. كأرزاتٍ على مياه، يجري ماءٌ من دلائه، ويكون زرعه على مياهٍ غزيرة، ويتسامى مَلِكُه على أجاج وترتفع مملكته. الله أخرجه من مصر. له مثل سرعة الرئم، يأكل أُمماً، مضايقيه، ويقضم عظامهم ويُحطِّم سهامه. جثم كأسدٍ ربض كلبوة، مَن يُقيمه؟ مُباركُكَ مُبارَكٌ، ولاعنُك ملعون." (عد 24: 3-9)

من الواضح هنا أن أسلوب بلعام قد تغيَّر عن المرات السابقة، حينما كان الله يضع كلاماً على فمه، لأنه في هذه المرة "كان عليه روح الله"، فقد وقع في غيبوبة مدهشة. لذلك عبَّر عن نفسه بقوله: "وحي الرجل المفتوح العينين، وحي الذي يسمع أقوال الله، الذي يرى رؤيا القدير مطروحاً، وهو مكشوف العينين". ولعلها كانت المرة الأولى في حياته التي اختبر فيها هذا الاختبار العجيب، لأنه لم يكن معتاداً أن يحل عليه روح الله. فروح الله حينما حلَّ على الرسل في يوم البنديكستي (الخمسين)، جعلهم يظهرون كأنهم سكارى وطفقوا يتكلَّمون بألسنة أخرى، وانطبقت عليهم نبوَّة يوئيل النبي الذي وصف ما يفعله روح الله حينما ينسكب على البشر فيتنبَّأون.

أما قول بلعام عن نفسه: "وحي الرجل المفتوح العينين"، فهو وحي روح الله له، الذي يعني أن الله قد كشف عن عينيه ما لم يكن ممكناً أن يراه من نفسه. فقد كان مطمس العينين وفتح الله بصيرته ليرى ما لا يُرى. وكان أصم الأذنين، وفتح الله أذنيه ليسمع أقواله. أما ما رآه وما سمعه من أمور لم يكن يعرفها ولا يتصوَّرها، فكانت عن مستقبل إسرائيل الشعب الذي اختاره الله من بين جميع الشعوب ليتمجَّد فيه، ويعلن بواسطته خلاصه العظيم لجميع الأمم، وهوذا ما قاله الوحي على لسان بلعام عن شعب إسرائيل:

+ "ما أحسن خيامَك يا يعقوب، مساكنك يا إسرائيل":

انبهر بلعام بخيام يعقوب الملتفة حول خيمة الاجتماع، مسكن الله وسط شعبه، التي تعلن عن مستقبل سُكنى الله وحلوله في وسطنا بتجسُّده الذي كان مزمعاً أن يكمله في ملء الزمان، والذي به صار عمانوئيل الكائن في وسط شعبه إسرائيل الجديد، الذي لن يُفارقنا كل الأيام وإلى انقضاء الدهر.

وفي نظامها الرائع وتنسيقها العجيب الذي يدل على استقرار الشعب وسلامه وخضوعه تحت رعاية الله وتدبيره، رآها "كأودية ممتدة، كجنَّاتٍ على نهر، كشجراتِ عودٍ غرسها الرب، كأرزات على مياه". وكلها تشبيهات ترمز إلى الوفرة والاتساع، والنضرة وكثرة الثمر والنمو والشبع الروحي بنعمة الله وروحه. وتستمر رؤيا بلعام العجيبة عن خيام إسرائيل، فيصفها بقوله هكذا:

+ "يجري ماء من دلائه، ويكون زرعه على مياه غزيرة": هنا تُشبِّه الرؤيا شعب الله برجل يحمل ماءً في دلاء (جمع دلو)، يجري ويتدفق منها الماء لوفرته، رمزاً لكثرة الخيرات الروحية والجسدية التي تفيض من هذا الشعب، الذي يشبه غروساً منزرعة على مجاري المياه.

+ "ويتسامى مَلِكه على أجاج وترتفع مملكته": و"أجاج" هو لقبٌ لملوك عماليق. وكان العمالقة وقتئذ من أقوى الشعوب، والنبوة هنا تشير إلى أن ملك إسرائيل سيرتفع ويسمو على أقوى ممالك الأرض وأعتاها.

+ "الله أخرجه من مصر. له مثل سرعة الرئم، يأكل أُمماً، مضايقيه، ويقضم عظامهم ويُحطِّم سهامه. جثم كأسدٍ، ربض كلبوة، مَن يُقيمه؟ مُباركُكَ مُبارَكٌ، ولاعنُك ملعون":

عاد بلعام مرة أخرى إلى تاريخ إسرائيل منذ أن أخرجه الرب من مصر. وقد سبق أن ذكرها قبلاً في (عد 23: 22) في نبوَّته الثانية. وهو هنا يعيد على أسماع بالاق ما صنعه الرب من معجزات وعجائب مع إسرائيل حينما أخرجه من مصر بقوة واقتدار. فلم يقف أمامه عدو، بل كان يأكلهم أكلاً ويقضم عظامهم كما يقضم الوحش عظام فريسته.

أما قوله: "جثم كأسدٍ، ربض كلبوة، مَن يُقيمه"؟ فالمقصود منها أن إسرائيل قد استعدَّ كالأسد واللبوة حينما يربض أو يتحفز للقفز على الفريسة. وقد سبق أيضاً أن شبَّه بلعام شعب الله بالأسد واللبوة في (عد 23: 24). وأخيراً يوجِّه بلعام حديثه إلى شعب إسرائيل في نبوَّته عنهم قائلاً: "مباركك مبارَك، ولاعنك ملعون". وهنا يعترف بلعام بأنه لا يستطيع إلاَّ أن يُبارك شعب الله الذي هو مبارَكٌ من الرب، ولا يمكن أن يلعنه لئلا يصير هو ملعوناً. وفي هذا ترديد لوعد الله لإبراهيم: "وأُبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه." (تك 12: 3)

(يتبع)

(1) ANF, Vol. VII, Elucidations V, p. 257. (2) Hom. 14 sur Nb. 3,1,2.