دير القديس العظيم أنبا مقار
الصفحة الرئيسية  مجلة مرقس الشهرية - محتويات العدد

دراسة الكتاب المقدس:
 

سفر العدد

 سفر التيه والتجربة في البرية

-41-

ملخص دراسة السفر

أولاً: إعداد الجيل القديم ليرث أرض الموعد (1:1ــ10:10).
1- تنظيم الجماعة تمهيداً للارتحال ( 1:1ــ49:4).
2 ــ تقديس الجماعة (1:5ــ10:10).
ثانياً: فشل الجيل القديم في أن يرث أرض الموعد (11:10ــ18:25).
1 ــ بدايات الفشل في الطريق إلى قادش (11:10ــ16:12).
2 ــ أزمة قادش برنيع (1:13ــ45:14).
3 ــ إخفاق إسرائيل المتواصل (1:15ــ22:19).
4 ــ حوادث في الطريق إلى موآب (1:20ــ18:25).
ثالثاً: إعداد الجيل الجديد لميراث أرض الموعد (1:26ــ13:36).
1 ــ إعادة تنظيم إسرائيل (1:26ــ23:27).
2 ــ شرائع للتقدمات والنذور (1:28ــ16:30).
3 ــ الانتصار على الشعوب في شرق الأردن وتقسيمها على أسباط إسرائيل (1:31ــ13:36).

ثالثاً: إعداد الجيل الجديد لميراث أرض الموعد (26: 1-36: 13)

3 - الانتصار على الشعوب في شرق الأردن، وتقسيمها على أسباط إسرائيل

(31: 1-36: 13)

 

1 - الانتقام من المديانيين (31: 1-54):

ما زالت هناك خطوات ينبغي أن يجتازها الجيل الجديد من شعب إسرائيل الذين وُلدوا في البرية، لكي يُستأهلوا للدخول لأرض الموعد. كما أنه ما زالت هناك مهمة ينبغي أن يُتمِّمها موسى قبل أن يرقد ويُضمَّ إلى آبائه، وهي ما قالها الرب لموسى:

+ «وكلَّم الربُّ موسى قائلاً: انتقمْ نقمةً لبني إسرائيل من المديانيين ثم تُضَمُّ إلى قومك.» (عد 31: 1و2)

فقد سبق الرب أن أمر موسى بذلك قبلاً بقوله: «ضايقوا المديانيين واضربوهم، لأنهم ضايقوكم بمكايدهم التي كادوكم بها في أمر فغور وأمر كُزبي أُختهم بنت رئيس لمديان التي قُتِلَت يوم الوبـإ بسبب فغور.» (عد 25: 16-18)

كان ذلك أمر الربُّ لموسى بعد السقطة العظيمة التي مُنِّيَ بها بنو إسرائيل عندما انخدعوا بجمال بنات المديانيين وزنوا معهن، فأخطأوا إلى أجسادهم، كما زنوا زناً روحياً ببُعْدهم عن عبادة الله وعبادتهم لبعل فغور صنم المديانيين. ونتج عن ذلك سقوط أربعة وعشرين ألفاً من رجال إسرائيل صرعى بالوبـإ، فكانت ضربة شنيعة وانكسار مريع وهزيمة نكراء لشعب الله الذي لم يستطع بلعام النبي الكذَّاب أن يلعنه لكي يتمكن بالاق ملك موآب من هزيمته، فاستخدم المكر وأعطى مشورة شريرة للملك أن يُلقي معثرة أمام بني إسرائيل لكي يزنوا مع نساء مديان الذين كانوا حلفاء موآب، فيقودهم بالزنا الجسدي إلى عبادة الأوثان والبُعد عن الله مصدر قوتهم ونصرتهم!

ويُعلِّق على ذلك العلاَّمة أوريجانوس قائلاً:

[رأينا آنفاً كيف زنا بنو إسرائيل مع النساء المديانيات، هذا الذي صار سبب فضيحة عظيمة لهم، مما أغضب الرب، وأثار حفيظة قدوس إسرائيل. والآن، وقد تحمَّل إسرائيل جزاء فعلته، كلَّم الربُّ موسى قائلاً، كما جاء في الكتاب: «انتقم نقمةً لبني إسرائيل من المديانيين ثم تُضَمُّ إلى قومك» (عد 31: 1).

إذن، فالفضيحة التي وقع فيها الإسرائيليون كانت بمكيدة من المديانيين، الذين دفعوا نساءهم لكي يفتِنَّ الإسرائيليين بجمالهنَّ ويقودوهم إلى فعل الخطية أمام الرب. فبما أن الإسرائيليين قد نالوا عقوبتهم، على قدر ذنبهم المحدد، إلاَّ أن الآخرين الذين كانوا هم المحرِّضين على الخطية، ينبغي أن يُخضَعوا لعقوبة أعظم.

نتعلَّم من ذلك أن مَن يتسبَّب في إسقاط الآخرين في الخطية يستحق عقوبة أعظم من ذاك الذي يقترف الخطية. وهذا هو ما يُعلِّمنا به الرب بقوله: «كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولَد» (مت 26: 24)، أو «خيرٌ له أن يُعلِّق في عنقه حجر الرَّحَى ويُغرق في لُجة البحر من أن يُعثِر أحد هؤلاء الصغار.» (مت 18: 6)](1)

إذن، فقد كانت هذه الحرب الانتقامية التي أمر بها الرب حرباً عادلة، لأن بني إسرائيل كانوا معرَّضين للعثرة مرة أخرى، إذ أنهم لم يكونوا بعد محصَّنين بالنعمة لمقاومة إغراءات الشهوة، التي ستقودهم حتماً لعبادة الأصنام وهدم بنيانهم الروحي وتقويض أركان أمتهم القائمة على الإيمان بالله القدير وعبادته وحِفظ وصاياه. لذلك كان لابد لهم من استئصال العثرة ومسبباتها حمايةً لحياتهم وتمهيداً لدخولهم أرض كنعان.

الاستعداد للحرب وعودتهم منتصرين:

+ «فكلَّم موسى الشعب قائلاً: جرِّدوا منكم رجالاً للجُند فيكونوا على مديان ليجعلوا نقمة الرب على مديان: ألفاً واحداً من كل سبط من جميع أسباط إسرائيل تُرسِلون للحرب. فاخْتير من ألوف إسرائيل ألفٌ من كل سبط، اثنا عشر ألفاً مجرَّدون للحرب. فأرسلهم موسى ألفاً من كل سبط إلى الحرب هم وفينحاس بن ألعازار الكاهن وأمتعة القدس وأبواق الهتاف في يده. فتجنَّدوا على مديان كما أمر الرب وقتلوا كل ذكر. وملوك مديان قتلوهم فوق قتلاهم: أَوِي وراقم وصور وحور ورابع، خمسة ملوك مديان، وبلعام بن بعور قتلوه بالسيف. وسبى بنو إسرائيل نساءَ مديان وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم. وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار. وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم، وأتوا إلى موسى وألعازار الكاهن وإلى جماعة بني إسرائيل بالسبي والنهب والغنيمة إلى المحلة إلى عربات موآب التي على أردن أريحا.» (عد 31: 3-12)

لم يتصرف موسى من نفسه في إعداد الشعب للحرب، فكما أخذ أمراً من الرب بالانتقام من المديانيين؛ هكذا أخذ أيضاً تفاصيل التجهيز لها. فقد أمر أن يُقدِّم كل سبط ألف جندي مجرَّد للقتال، فشارَك بذلك كل الأسباط بنفس العدد من الرجال، حتى يكون للجميع فرصة في مكسب الانتصار. ولم يأتِ ذِكر يشوع كقائد أعلى في الحرب كما كان في الحرب مع عماليق، بل جعل القيادة لفينحاس الكاهن بن ألعازار الذي كان قد أبدى غيرة عظيمة للرب وقتل المرأة الكنعانية مع الرجل الإسرائيلي الذي زنا معها (عد 25: 7و8)، فكان اختياره قائداً لهذه الحملة تكريماً له على غيرته المقدسة.

كما حملوا معهم أمتعة القدس التي حملها اللاويون الذين اشتركوا في القتال، ولعلَّه كان على رأسها تابوت العهد الذي يمثِّل حضرة الرب الساكن في وسطهم، لأنهم كانوا يحاربون حروب الرب. أما أبواق الهتاف فقد أخذوها معهم كقول الرب لهم في (عد 10: 1-10) عندما أمر موسى بأن يصنع له بوقين من الفضة للهتاف من أجل اجتماع الشعب إليه، وعند ارتحالهم، وعند حروبهم، قائلاً: «وإذا ذهبتم إلى حرب في أرضكم على عدوٍّ يضرُّ بكم تهتفون بالأبواق فتُذكرون أمام الرب إلهكم وتُخلَّصون من أعدائكم» (عد 10: 9). وكأنها وسيلة للصراخ أمام الرب بالصلاة فيسمع ويستجيب.

ويلزم ألاَّ ننسى أن مديان هي الأرض التي لجأ إليها موسى هارباً من فرعون، وهناك لَقِيَ ترحيباً، ومن هناك أخذ له زوجة، ابنة رعوئيل كاهن مديان. فلم تكن مديان غريبة عن موسى، بل كانت هكذا ترتبط بصلة القرابة الجسدية بشعب إسرائيل عن طريق مصاهرة موسى لهم. كما أن مديان كان ابناً لإبراهيم من قطورة التي تزوَّجها بعد موت سارة زوجته. ولكن رغم هذه القرابة ، فقد جاء أمر الرب لهم بمحاربتهم، لأنهم كانوا عثرة لهم. فالعثرة يجب أن تُقتلع وتُقطع حتى ولو كانت بمثابة العين أو اليد أو الرجل بالنسبة للإنسان، ولا يشفع في مَن تأتي بسببه العثرات كونه قريباً أو أخاً أو صديقاً: «وأعداء الإنسان أهل بيته» (مت 10: 36). لذلك فقد قتل بنو إسرائيل كل ذكر من مديان، كما قتلوا ملوك مديان الخمسة، وكذلك بلعام بن بعور الذي كان صاحب المشورة الرديئة في إلقاء العثرة أمام بني إسرائيل لكي يزنوا مع النساء المديانيات. ولكنهم استبقوا النساء والأطفال واكتفوا بسبيهم، ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم. كما أحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار.

استقبال موسى وألعازار للجيش الغالب:

+ «فخرج موسى وألعازار الكاهن وكل رؤساء الجماعة لاستقبالهم إلى خارج المحلة. فسخط موسى على وكلاء الجيش رؤساء الألوف ورؤساء المئات القادمين من جند الحرب. وقال لهم موسى: هل أبقيتم كل أُنثى حيَّة؟ إن هؤلاء كُنَّ لبني إسرائيل حسب كلام بلعام سبب خيانة للرب في أمر فغور فكان الوبأ في جماعة الرب. فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر اقتلوها، لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيَّات. وأما أنتم فانزلوا خارج المحلة سبعة أيام، وتطهَّروا كلُّ مَن قتل نفساً وكلُّ مَن مسَّ قتيلاً في اليوم الثالث وفي السابع أنتم وسبيكم. وكل ثوب وكل متاع من جلد وكل مصنوع من شعر معز وكل متاع من خشب تُطهِّرونه.» (عد 31: 13-20)

لم يرضَ موسى النبي عنهم لاستبقائهم كل أنثى حيَّة، لأنهن كُنَّ سبب عثرة لإسرائيل وخيانة للرب، وتسبَّبن في حلول الوبإ على جماعة الشعب. لذلك أمرهم الرب أن يقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلاً، لكي يستأصلوا كل جذور الخطية ومسبباتها.

ورغم أنها كانت حرباً مقدسة أمر بها الرب، وقادها كاهن من بني هارون، إلاَّ أن كل الذين خاضوها كان عليهم أن يظلوا خارج المحلة سبعة أيام حتى يتطهَّروا، لأن كل مَن قتل نفساً أو مَن مسَّ قتيلاً يلزم أن يتطهَّر بأن يُرَشَّ بماء النجاسة في اليوم الثالث واليوم السابع حسب الناموس، كما جاء في (عد 19: 11-13). وكان يجب عليهم أيضاً أن يُطهِّروا الأمتعة والثياب التي غنموها لأنها تنجَّست بنجاسات الوثنيين. وقد ذكرت الشريعة كيفية تطهيرها في (لا 6: 27و28؛ 11: 32-38، عد 19: 18و19).

تعليمات لعازر الكاهن للجند العائدين من الحرب:

+ «وقال ألعازار الكاهن لرجال الجند الذين ذهبوا للحرب: هذه فريضةُ الشريعة التي أمر بها الربُّ موسى، الذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير والرصاص، كل ما يدخل النار تُجيزونه في النار فيكون طاهراً غير أنه يتطهَّر بماء النجاسة. وأما كل ما لا يدخل النار فتُجيزونه في الماء. وتغسلون ثيابكم في اليوم السابع فتكونون طاهرين، وبعد ذلك تدخلون المحلة.» (عد 31: 21-24)

وتدل هذه التشريعات على أن الحرب - مع أنها كانت بأمر الله، وقد تقدَّست بمرافقة الكاهن للجند، وكذلك باصطحابهم لأمتعة القدس وأبواق الهتاف - إلاَّ أن ناتجها بغضِّ النظر عن الانتصار، هو القتل والسلب والسبي، وهذه كلها تستلزم التطهير لأنها تنجِّس كل مَن يقترفها وكل ما يتعلَّق بها. فالنفس البشرية ثمينة في عيني الله، لأنها مخلوقة على صورة الله، حتى ولو أدَّت الضرورة إلى قتل الخطاة.

فهذا هو القانون الذي وضعه الله للإنسان منذ أن بارك نوحاً بعد الطوفان، إذ قال له: «سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه، لأن الله على صورته عمل الإنسان» (تك 9: 6). فإذا اضطرت الضرورة كسر هذا القانون، لَزِمَ التكفير بالتطهير من النجاسة التي حلَّت على مَن أهدر دم أخيه الإنسان.

تقسيم الغنيمة:

+ «وكلَّم الربُّ موسى قائلاً: أَحْصِ النهب المسبي من الناس والبهائم أنت وألعازار الكاهن ورؤوس آباء الجماعة. ونَصِّف النهب بين الذين باشروا القتال الخارجين إلى الحرب وبين كل الجماعة. وارفع زكاة للرب، من رجال الحرب الخارجين إلى القتال واحدةً: نفساً من كل خمس مئة من الناس والبقر والحمير والغنم. من نصفهم تأخذونها وتعطونها لألعازار الكاهن رفيعةً للرب. ومن نصف بني إسرائيل تأخذ واحدة مأخوذة من كل خمسين من الناس والبقر والحمير والغنم من جميع البهائم وتُعطيها للاَّويين الحافظين شعائر مسكن الرب.» (عد 31: 25-30)

قُسِّمت الأسلاب مناصفة بين المقاتلين وبين بقية الشعب الذين لم يذهبوا للقتال. وأُعطِيَ لألعازار والكهنة نصيبهم من نصيب المحاربين بنسبة 1: 500، وأُعطِيَ للاَّويين نصيبهم من نصيب الشعب بنسبة 1: 50. وكان نصيب ألعازار الكاهن من الغنيمة زكاة ورفيعة للرب، كما أمر الربُّ موسى. وقد جاء تفصيل هذا التقسيم من العدد 31 حتى العدد 47.

تقدمة الرؤساء للرب:

+ «ثم تقدَّم إلى موسى الوكلاء الذين على ألوف الجند رؤساء الألوف ورؤساء المئات، وقالوا لموسى: عبيدك قد أخذوا عدد رجال الحرب الذين في أيدينا فلم يُفقَد منَّا إنسان.» (عد 31: 48و49)

لقد كان أمراً عجيباً حقاً أن ينتصروا على شعب غفير بأكمله ويبيدوا كل رجاله ونسائه وأطفاله ولا يبقوا منهم إلاَّ العذارى، وينهبوا ويسلبوا كل ما نهبوه، دون أن يُفقد منهم أحد! فلا شكَّ أن هذا النصر العظيم كان فضلاً من الله، ومعجزة من أروع المعجزات. وبدلاً من وتعبيراً عن شكرهم، فقد قدَّموا للرب قرباناً، ما وجده كل واحد من أمتعة ذهب: «حُجُولاً وأساور وخواتم وأقراطاً وقلائد للتكفير عن أنفسنا أمام الرب.» (عد 31: 50)

+ «فأخذ موسى وألعازار الكاهن الذهبَ منهم كلَّ أمتعةٍ مصنوعة، وكان كل ذهب الرفيعة التي رفعوها للرب ستة عشر ألفاً وسبع مئة وخمسين شاقلاً من عند رؤساء الألوف ورؤساء المئات. أما رجال الجند فاغتنموا كل واحد لنفسه (ما وجده أثناء الحرب، وكان هذا هو الجاري في الحرب حينذاك). فأخذ موسى وألعازار الكاهن الذهب من رؤساء الألوف والمئات وأتيا به إلى خيمة الاجتماع تذكاراً لبني إسرائيل أمام الرب.» (عد 31: 51-54)

وهكذا نلاحظ أن تقسيم الغنائم كان بحكمة عالية ذات مغزى عميق، فرغم أن الشعب كله قد اقتسم الغنائم مناصفة مع الذين حاربوا، إلاَّ أن نصيب الفرد المحارب كان أكثر من نصيب أي فرد لم يخرج للقتال. وهذا عدل، لأن الذي حارب تغرَّب وجاهد وواجه الموت واحتمل المعاناة والآلام واشترك في احتمال المشقات، فلابد أن ينال جزاء جهاده؛ ولكن الذي لم يصبه الاختيار للخروج للحرب فلا ينبغي أن يُحرَم من البركة، وقد نال نصيباً من غنيمة الانتصار.

وميزة أخرى للمحارب أنه قد قُدِّم من نصيبه رفيعةٌ للرب وأُعطيتْ لألعازار الكاهن، وهكذا صار ثمر تعب المحارب كأنه خدمة كهنوتية مباشرة لله، مما جعل لها كرامة عظيمة، رغم أنها كانت في كميتها صغيرة وقليلة (بنسبة 1: 500)؛ أما الذي أُخذ من كل الجماعة، فرغم أنه كان عشرة أضعاف ما أُعطِيَ لله، إلاَّ أنه صار من نصيب اللاويين المخصَّصين لخدمة خيمة الاجتماع.

أما تقدمة رؤساء الألوف ورؤساء المئات من الذهب، فقد أخذها موسى وألعازار الكاهن ورفعاها للرب وأتيا بها إلى خيمة الاجتماع تذكاراً لبني إسرائيل أمام الرب. ويمثِّل الذهب كل ما هو نقي وثمين وسامٍ أمام الله، وقد وُضِعَ في خيمة الاجتماع تذكاراً للنصرة واعترافاً بفضل الرب في انتصارهم على أعدائهم.

(يتبع)

(1) Homélies sur les Nombres, Hom. XXV,1,2.