بحث تاريخي


قيامة المسيح
حقيقة تاريخية، ببراهين وشهود
- 2 -


ملخص البحث
مقدمة:
- المسيح وعد بقيامة المؤمنين به.
- تلاميذ المسيح كتبوا وسجَّلوا شهادتهم عن رؤية المسيح بعد قيامته.
- المسيح يتنبَّأ عن نفسه بموته ثم بقيامته.
- كيف مات المسيح؟
- أمرٌ ما قد حدث.

أربعة شكوك حول موت وقيامة المسيح،
ثم الاختيار الخامس هو الحقيقة أن القيامة حدثت بالفعل:
1. حقيقة موت المسيح.
2. معضلة القبر الفارغ:
- كيف يظهر أولاً لنسوة؟
- إصرار على الإنكار حتى النهاية.
3. هل الكلام عن القيامة هذيان أو هلوسة؟
4. هل كان حدث القيامة أسطورة؟
5. النهاية المفاجئة: المسيح قام، حقّاً قام.

خاتمة: قيامة المسيح فعلان:
زمني تاريخي، واختباري تحت الآلام والضيقات في هذا الدهر.

2. معضلة القبر الفارغ:

لا يوجد أي مؤرخ يتشكَّك حقّاً في أن يسوع كان قد مات حينما أُنزل من على الصليب؛ إلاَّ أن البعض يُثيرون التساؤلات: كيف اختفى جسد يسوع من القبر؟

+ ففي القرن الماضي، وكما كان يفعل النُّقَّاد الغربيون، قام صحفي إنجليزي اسمه ”الدكتور فرانك موريسون“ بتأليف كتاب لكي يدحض فيه حقيقة قيامة المسيح(1)، وكان يريد أن يُثبت أن القيامة إما أنها خرافة أو هي خدعة، ولكي يصل إلى هذا الافتراض الذي وضعه، بدأ في محاولة حل معضلة القبر الفارغ. وقد تعجَّب موريسون لماذا سمح أعداء يسوع لخرافة القبر الفارغ أن تثبت وتنتشر مع أن اكتشاف جسد يسوع كان سيقتل هذه الخرافة! وبدأ موريسون في تحليل القصة:

+ القبر كان يملكه عضو في مجمع اليهود المُسمَّى ”السنهدرين“ واسمه ”يوسف الرامي“، ولكي يصل رجل في إسرائيل في ذلك الزمان إلى عضوية هذا المجمع، فلابد أن يكون نجماً لامعاً أي مشهوراً ومعروفاً. والجميع في ذلك الوقت كانوا يعرفون مركز يوسف الرامي في المجمع. إذن، فيوسف الرامي كان شخصاً حقيقياً، وإلاَّ لكان رؤساء اليهود يفضحون الادِّعاء بأن يوسف الرامي كان شخصاً غير حقيقي. أما موقع قبر يوسف الرامي فكان معروفاً، وسهلاً في التعرُّف عليه؛ لذلك فأي أفكار بفقدان جسد يسوع كان لابد من رفضها. لذلك فقد تعجَّب موريسون من ترك رؤساء اليهود لمعضلة القبر الفارغ أن تنتشر، وأنَّ كل ما قالوه هو أن تلاميذ المسيح سرقوا الجسد، وهو قول مبنيٌّ على حقيقة أن القبر كان فارغاً.

+ نأتي إلى اتهام رؤساء اليهود للتلاميذ – عن حيرة وعجز – بأنهم سرقوا الجسد. ولكن الجنود الرومان الأشدَّاء كانوا يحرسونه حراسة دورية كل 24 ساعة بوحدة حُرَّاس مدرَّبين من 4-12 جندياً.

+ ونعود إلى ”موريسون“ في محاولته دحض القيامة، إذ تساءل: ”هل يمكن مع كل هذه الاستحكامات الأمنية، أن يُسرق الجسد؟ هذا يبدو مستحيلاً أن أحداً يُغافل الحُرَّاس ويُحرِّك حجراً يزن اثنين من الأطنان، ويسرق الجسد“! لكن الأمر العجيب أن الحجر ظهر أنه قد تحرَّك فعلاً عن باب القبر، بينما جسد يسوع لم يكن موجوداً داخل القبر! والجنود الحُرَّاس واقفون حيارى أمام القبر الفارغ.

+ والآن، لو كان جسد يسوع موجوداً في أيِّ مكان، لكان أعداؤه قد سارعوا بنفي القيامة واعتبارها خدعة، حينما يُظهِرون الجسد الميت المسروق!

+ إن صمت التاريخ عن أين يوجد جسد يسوع، يُعتبر بمثابة هزيمة أمام المحاولة المضادة لحقيقة القيامة.

+ وهكذا، وفي غياب الجسد، مع فراغ القبر، قَبِلَ ”موريسون“ – بإثباتٍ قاطع – أن جسد يسوع، بشكلٍ ما، قد اختفى من القبر.

+ واستمر ”موريسون“ في أبحاثه، حيث فحص عن دوافع أتباع يسوع. فبدأ يضع احتمال أن القيامة كانت في حقيقتها جسداً مسروقاً. ولكنه رجع وقال إن كان الأمر كذلك، فماذا نقول عن الظهورات المختلفة ليسوع القائم من بين الأموات؟ وأنَّ مجموعة من الناس كانت تؤمن بأنه قام ثانيةً من بعد موتٍ.

+ ولكن، ها هو القبر فارغ. ولكن ليس مجرد غياب الجسد من القبر هو الذي أثار التلاميذ (وعلى الأخص إذا كان الاتهام بأنهم سرقوا الجسد صحيحاً). لابد أن شيئاً ما خارجاً عن المعتاد قد حدث، لأن أتباع يسوع كفُّوا عن النواح، وظهروا من بعد اختفاء، وبدأوا وهم غير هيَّابين يُعلنون أنهم رأوا يسوع حيّاً.

معضلة أخرى: كيف يظهر أولاً لنسوة؟

+ كان كل شاهد عيان يُقرر أن يسوع ظهر بالجسد بغتة لتلاميذه. ولكنه ظهر للنسوة أولاً، وهذا ما أثار اندهاش ”موريسون“، لأنه إن كان التلاميذ قد ”لفَّقوا“ ادِّعاء القيامة، فلماذا يُصدِّرون النسوة أولاً في الشهادة لقيامة المسيح؟ ففي القرن الأول، كانت النساء بلا حقوق ولا حيثية ولا وضع كريم. ولكي تنجح ”الخدعة“، قال ”موريسون“: إنه كان لابد من أن يتصدَّر الرجال – لا النسوة – للشهادة بأنهم أول مَن رأوا يسوع حيّاً. ولكننا نقرأ العكس في الإنجيل، فقد تكلَّم المسيح معهن، وكُنَّ أول مَن وجد القبر فارغاً.

+ ثم لاحقاً لرؤية النسوة الرب يسوع، رآه كل التلاميذ على مدى عشرة مواقف منفصلة، وكتبوا أنه أراهم يديه وقدميه المثقوبة بالمسامير، وجنبه المطعون بالحربة والذي كان هو برهان موته القاطع، وأنهم لمسوه ووضعوا أصابعهم في مواضع جراحاته.

+ ثم توالت الشهادات برؤية الرب يسوع الحي القائم من الموت:

- ففي عام 56 بعد الميلاد (أي بعد حوالي 20 سنة من قيامة المسيح)، كتب بولس الرسول مُقرّاً أن أكثر من 500 أخ رأوا يسوع قائماً من بين الأموات، وأن أكثرهم كان حيّاً وقت كتابة القديس بولس هذه الشهادة (1كو 15: 6). كما ذكر القديس بولس في نفس الرسالة أن المسيح القائم من بين الأموات ظهر قبل ذلك لصفا (بطرس)، وللاثني عشر تلميذاً، وبعد ذلك ظهر ليعقوب الرسول، ثم للرسل أجمعين. فلو لم تكن القيامة قد حدثت فعلاً، أو أنه كان قد ظهر على مدى العشرين سنة اللاحقة أيُّ ذِكر للعثور على ”جسد مسروق“ من القبر، فلماذا أعطى بولس الرسول هذه القائمة لتلاميذه في مدينة كورنثوس عن شهود العيان للمسيح القائم من الموت، أليس كان سيفقد مصداقيته عند الذين يقرأون رسالته؟

- وبعد حدث القيامة بشهور قليلة، أخبر بطرس الرسول جموع اليهود في ”قيصرية“ بفلسطين أن الرب يسوع قام من بين الأموات، وقال في شهادته لهم في سفر أعمال الرسل، الأصحاح العاشر، أعداد 39-41:

+ «ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وأورشليم، الذين قتلوه مُعلِّقين إيَّاه على خشبة. هذا أقامه الله في اليوم الثالث، وأُعطِيَ أن يصير ظاهراً، ليس لجميع الشعب، بل لشهود سبق الله فانتخبهم، لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته».

إصرار على الإنكار حتى النهاية:

كل تقارير هؤلاء الشهود لم تكن كافية لتهزم شكوك ”موريسون“، ولكنه بدأ يرتبك في شكوكه وهو يفحص سلوك تلاميذ المسيح. وكحقيقة تاريخية اصطدم بها المؤرخون، وعلماء النفس، والمتشكِّكون؛ أنَّ 11 شخصاً كانوا جبناء ثم أصبحوا فجأة يقبلون أن يُعانوا الإذلال والتعذيب والموت، حتى أن جميعهم – ما عدا واحداً – قد حُكِمَ عليهم بالموت واعتُبِروا شهداء. وتساءل ”موريسون“: هل احتمل هؤلاء كل هذا من أجل ”كذبة“، بينما هم ”سرقوا الجسد“؟!

+ قال أحد مستشاري الرئيس الأمريكي الأسبق ”نيكسون“، واسمه ”تشارلز كولسون Charles Colson“، تعليقاً على فضيحة ”ووترجيت“ التي أطاحت بالرئيس ”نيكسون“ من الحُكْم في السبعينيات من القرن الماضي، إنه من الصعوبة بمكان أن يصمد أُناس كثيرون على كذبة لمدة كبيرة من الزمن:

- ”إني أقتنع بأنَّ القيامة حقيقة، وقد أثبتت لي قضية "ووترجيت" ذلك. وكيف؟ لأنه بينما لم يصمد اثنا عشر رجلاً من أقوى الرجال نفوذاً في العالم للاحتفاظ بكذبة لمدة 3 أسابيع وذلك في قضية "ووترجيت"؛ فإن الاثني عشر رجلاً تلاميذ يسوع شهدوا بأنهم رأوه قد قام من بين الأموات، وظلوا يُعلنون هذه الحقيقة لمدة 40 عاماً دون أن يُنكروها. وكل واحد منهم ضُرِبَ وعُذِّبَ ورُجِمَ بالحجارة وأُودِع في السجن. وما كان يمكن أن يحتملوا كل هذا إن كان ما يُنادون به غير حقيقي أنهم رأوه حيَّاً. كيف يقول أحد أن 12 رسولاً يمكن أن يحتفظوا "بكذبة" 40 عاماً؟ هذا أمر مستحيل“(2).

لا شكَّ أن شيئاً ما قد حدث لهؤلاء الرجال والنسوة. وبدأ ”موريسون“ يعترف:

- ”مهما كان الشخص الذي يُواجه هذه المعضلة، فهو لابد – إن آجلاً أو عاجلاً – سيواجه حقيقة لا يقدر أن يشرحها: هذه الحقيقة هي الاقتناع الأكيد الذي دخل إلى أعماق هذه المجموعة الصغيرة من البشر، فإن التغيير الذي حدث لهم يشهد بحقيقة أن يسوع قد قام خارجاً من القبر“(3).

وبعد هذه الشهادة بحتمية قيامة المسيح من الموت، نأتي إلى الاحتمال أو الادِّعاء الثالث:

3. هل الكلام عن القيامة

كان هذياناً أو هلوسة؟

+ لما وقف القديس بولس أمام الملك أغريباس يُحدِّثه عن المسيح «أول قيامة الأموات» (أع 26: 23)، ردَّ عليه فستوس الوالي قائلاً: «أنت تهذي يا بولس!» (أع 26: 24)

وإلى اليوم يقول المُتشكِّكون في قيامة المسيح إن كرازة الرسل بقيامة المسيح من بين الأموات كانت بمثابة ”هذيان“. والهذيان أو الهلوسة هي حالة فردية يرى فيها الإنسان أشكالاً وأُناساً هو يريد أن يراهم، بينما لا تكون هذه الأشياء حقيقية. ويقول علماء النفس إن الهذيان حالة فردية لا جماعية، وتحدث في وقتٍ ما وليس في كل الأوقات(4). فليس من المعقول أن يختبر 500 شخص من مختلف الطبقات انطباع الرؤية والسمع واللمس لشخص المسيح، وفي وقتٍ واحد، ثم يُقال إنها حالة ”هذيان“.

+ وشاول أشد المضطهِدين للمسيحيين أيام الرسل، فوجئ وهو في طريقه إلى دمشق ليقبض على المسيحيين، وكان ينفث تهديداً وتقتيلاً للمسيحيين؛ فوجئ بصوت يقول له: «شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟»، ولما سأله: «مَن أنت؟»، قال له الصوت: «أنا يسوع الذي أنت تضطهده». وقد ذكر فيما بعد أنه رأى الرب يسوع (1كو 9: 1). فكيف ينطبق عليه هنا مفهوم ”الهذيان“، أي أن يرى ما يشتاق أن يراه، بينما كان يضطهده؟!

4. هل كان حدث القيامة أسطورة؟

بعض المتشكِّكين يُرجعون حَدَث القيامة إلى ”أسطورة“ بدأت بواحد أو أكثر يدَّعون أنهم رأوا المسيح قائماً حيّاً بعد أن مات ودُفِنَ في القبر.

+ هناك 3 مشاكل كبرى في تطبيق هذه النظرية على خبر القيامة:

1. الأساطير نادراً ما تحدث في حالة وجود عدد من شهود العيان يكونون أحياءً، حتى يمكن لأحدهم أن يدحض الأسطورة(5).

2. الأساطير تنشأ من تقاليد شفهية، وليس من وثائق تاريخية معاصرة مكتوبة يمكن التأكُّد من صحتها. والأناجيل الإزائية كُتبت على مدى 3 عقود (العقد = 10 سنوات) من حادثة القيامة، وليس أكثر من ذلك، وكان الأشخاص الذين وردت عنهم هذه الوثائق ما زالوا أحياء(6).

3. نظرية الأسطورة لم تستطع أن تشرح، بطريقة مُقنعة، لا القبر الفارغ، ولا الاعتقاد المُحقَّق تاريخياً لدى الرسل بأن الرب يسوع رجع حيّاً بعد موته ودفنه(7).

إذن، لماذا انتصرت المسيحية؟

كان ”موريسون“ الذي جاهد ليدحض القيامة مذهولاً بالحقيقة التي تقول: ”إن حركة صغيرة بلا أهمية استطاعت أن تسود على نظام يهودي مُحكَم بارع، وكذلك على عظمة سلطة روما“. فلماذا انتصرت هذه الحركة في وجه كل هذه التحديات المضادة؟

وهكذا كتب:

- ”خلال 20 سنة، كانت بشارة فلاحي "الجليل" قد دحرت الكنيست اليهودي، وفي أقل من 50 سنة هدَّدت سلام الإمبراطورية الرومانية. وبعد أن نكون قد قلنا كل ما يمكن أن نقوله، فحينئذ نحن نقف لنتواجه مع أعظم سرٍّ على وجه الإطلاق. فلماذا، إذن، انتصرت (المسيحية)“(8).

بكل هذه الحقائق، كان يجب أن تموت المسيحية على الصليب، حينما هرب التلاميذ ونجوا بحياتهم. ولكن بعد رؤية القيامة، بدأ الرسل في تأسيس حركة مسيحية متنامية.

ويصف الأب متى المسكين هذا المنظر قائلاً: ”انظر إلى الرسل، كيف تقبَّلوا أولاً أخبار الصلب والموت، بدون قيامة، فملأت الرعدة أوصالهم، وانتابهم جزع وخوف أليم، فكادوا يندمون، أو هم ندموا، على زمنٍ تقضَّى مع هذا المصلوب المائت... حتى كادوا يتبدَّدون! ثم انظر ما حدث لما انطلقت بشارة القيامة، كيف تجمَّعوا، بل كرزوا وبشَّروا؟ فصار لهم العار والمهزأة فخراً، وصار العذاب والألم فرحاً، والصليب والموت إكليلاً!!“(9).

ويعتقد كثير من الباحثين في كلمات أحد آباء الكنيسة القدامى: ”دم الشهداء بذار الكنيسة“. ويقول المؤرخ ”ويل ديورانت“: ”قيصر والمسيح تلاقيا معاً على ساحة المعركة، وانتصر المسيح“(10).

النهاية المفاجئة: المسيح قام، حقّاً قام:

وتحوَّل ”موريسون“ من الاعتقاد بالخرافة، والهذيان، والخطأ التشريحي؛ إلى برهان القبر الفارغ الذي لا يُدحض، وبشهود المسيح بالجسد، وإلى شهود العيان لظهوره حيّاً، وإلى التغيير المفاجئ للتلاميذ، وتأثيرهم على العالم، وشهادتهم الواثقة بأنهم ”رأوه“؛ حيث أصبح ”موريسون“ مقتنعاً بخطأ تحيُّزه ضد قيامة يسوع المسيح. وفي الحال بدأ في كتابة كتاب جديد مختلف سمَّاه: ”مَن دحرج الحجر؟“ ليُفصِّل النتائج الجديدة التي توصَّل إليها. وكانت المفاجأة أن براهينه السابقة على إنكار القيامة قد قادته إلى الإيمان بالقيامة.

ولم يكن ”موريسون“ وحيداً، فإن أعداداً لا تُحصَى من المتشكِّكين فحصوا براهين القيامة واقتنعوا بأن قيامة الرب يسوع هي حَدَثٌ تاريخي حقيقي، وقَبِلوها باعتبارها أكثر حقائق تاريخ البشرية إثارة للدهشة.

خاتمة:

قيامة المسيح من بين الأموات هي فعلان(11):

الفعل الأول: حَدَث زمني تاريخي منظور ومُحقَّق تاريخياً، بل وملموس ومسموع؛ (وهذا ما أثبته البحث).

الفعل الثاني: فعل روحي سرِّي غير منظور، لا يتحقَّق، لا على مستوى الحس، ولا على مستوى الزمن وحده.

الفعل الأول أي الزمني: ارتضى به المسيح أن تكون قيامته حَدَثاً تاريخياً منظوراً ومُحقَّقاً. فقد سبق وحدَّده هو زمنياً (في ثالث يوم)، أي جعل قيامته حَدَثاً واقعاً في صميم الزمن والساعة، ثم أكمله بظهور حقيقي ملموس.

هنا القيامة، كونها حَدَثاً زمنياً، فهي أمرٌ مفيد جداً.

أما الفعل الثاني للقيامة: فهو فعل روحي سرِّي غير منظور ولا خاضع للزمن، وهذا هو الذي نتقبَّله نحن بالإيمان ونعيش فيه ومن أجله.

+ فنحن الآن بالإيمان نرفع قلوبنا إلى فوق، حيث المسيح جالس عن يمين العظمة في الأعالي، فنحسُّ بعلاقتنا الوثيقة بالمسيح، ونرتبط بمصيرنا الأبدي، ونستوطن عنده. إننا نجاهد كل يوم، بالحب والبذل والتفاني في خدمة الآخرين، على أساس ورجاء أن تُستعلن لنا قوة القيامة أكثر فأكثر في حياتنا، لكي نعيش بالروح فوق مستوى أتعاب هذا الدهر ومطالبه.

العلاقة بين الفعلَيْن:

فلا يكفينا تقصِّي الحقائق التاريخية لنؤمن بالقيامة كحَدَث زمني فقط، فالحَدَث الزمني وحده لا يكفي؛ إذ لابد من اختبار وتقبُّل القيامة كفعل إلهي يختص بغفران الخطايا وخلاصنا وتجديدنا وخلقتنا السماوية وحياتنا الأبدية.

+ والمسيح، وهو الإله وهو القيامة والحياة، تألَّم وجُلد وشُتم وضُرب! ونحن مدعوُّون بالمثل أن نعيش قوة القيامة تحت الآلام!

+ فكلما ازدادت الآلام للسائرين في طريق الملكوت، كلما استُعلنت قيامة المسيح لهم وفيهم، وكلما صاروا شهود صدقٍ للمصلوب المُقام.

+ فهل يمكن أن نُبشِّر بالقيامة ونحن تحت الآلام وهكذا نشترك فيها؟ +

المسيح قام + بالحقيقة قام

(1) Frank Morison, Who Moved the Stone? (Grand Rapids, Ml: Lamplighter, 1958), 9.
(2) Charles Colson, "The Paradox of Power", Power to Change. www.powertochange.ie/changed/index_Leaders.
(3) Morison, 104.
(4) Gary Collins quoted in Strobel, 238.
(5) Sherwin-White, Roman Society, 190.
(6) Habermas and Licona, 85.
(7) Habermas and Licona, 87.
(8) Morison, 115.

(9) كتاب: ”مع المسيح في آلامه حتى الصليب“، ص 54.
(10) Durant, Caesar and Christ, 652.
(11) مقتبس من ”القيامة والصعود“، بتصرُّف، للأب متى المسكين، ص 297-304.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis