ثم رُسِمَ المتروبوليت ثيئودوسيوس (قبل عام 1970م)، وهو ياباني الجنسية، فأكَّد على وطنية الكنيسة اليابانية. ثم انتهت المشاكل القانونية الخاصة بالكنيسة اليابانية، حيث منح البطريرك الروسي أليكسي في 10 أبريل عام 1970م الإدارة الذاتية إلى الكنيسة اليابانية. + أنا متيقِّن الآن أن كنيسة اليابان الأرثوذكسية صارت غير معتمدة على أحد من الخارج من الناحية الاقتصادية، وقد صار ذلك في مسئوليتنا الكبيرة. وعلينا أن نتصرَّف في الشئون الإدارية الكثيرة بأنفسنا. وقد كان الذي يرعى ويدير كنيسة اليابان أساقفة أرثوذكس من أصل روسي، وكان ذلك عقب الحرب العالمية الثانية. ولكن منذ 30 عاماً، صارت الكنيسة اليابانية الأرثوذكسية مستقلة. وكان رائد هذه الحركة المتروبوليت نيقوديم. ومنذ ذلك الوقت أصبح الذي يرأس الكنيسة الأساقفة اليابانيون. + وصار من أهم المهام الملقاة على عاتقنا تحقيق الاستقلال المالي للكنيسة. وليس معنى هذا أن كنيسة اليابان تقتني كنوزاً لا تُعدُّ، ولكن عندنا الآن كل ما هو لازم للعمل المعتاد، ولأن نقدِّم المسيح للشعب الياباني. وأنا أعتقد أن الموقف المالي هام جداً، وبدونه لا يمكن للكنيسة أن تعمل كما يجب، ولكن الاهتمامات المالية يجب بالضرورة أن تتماشى مع النمو الروحي ومع رفع المستوى الروحي للمؤمنين. الأصول الأرثوذكسية للتعليم الكنسي: - على ضوء هذا، ما هي المهام الأساسية التي تواجه الكنيسة في اليابان اليوم؟ + كما نعرف جميعاً، الكنيسة الأرثوذكسية تقتني كأساس لها: الأسفار المقدسة، والتقليد المقدس، وتعاليم الآباء القديسين. والآن صار العهد الجديد مترجماً بالكامل للُّغة اليابانية. وكذلك كل النصوص الليتورجية تقريباً تُرجمت لليابانية. ونحن ندين بالفضل في هذا للقديس نيقولاس الذي نُسمِّيه "مُضيء اليابان". ولقد تُرجمت أيضاً كتابات الآباء القديسين، ولكن ما يزال هذا العمل غير كامل. نحن محتاجون أن نواصل ترجمة ونشر تعاليم الآباء القديسين إلى اليابانية. ويجب أن نبدأ بالكتابات المختصرة للآباء القديسين، وأولاً بتقديم الأفكار الرئيسية والأكثر تأثيراً في تعاليمهم إلى القرَّاء. وهذا ما نحاول أن نفعله. وكنيستنا، طبعاً، هي الآن في بداية الطريق فقط في عملية تقديم تراث الآباء إلى المؤمنين اليابانيين. حركة نشر كتابات الآباء باليابانية: - نحن نعلم أنك تحب كتابات الآباء القديسين، وتهوَى ترجمتها بنفسك. فهل يقرأ اليابانيون المسيحيون هذه الكتابات بصفة منتظمة؟ + بالطبع ليست كتابات الآباء القديسين "شعبية"، ولكني أرى أن نشر كتاباتهم هي مهمة لأقصى حد. إني أرى أن أحد مهامي الرئيسية اختيار أكثر النصوص قابلية للفهم من كتابات الآباء وتقديمها بطريقة تكون مفهومة من اليابانيين على الأخص. ويقول لي كثيرٌ من الناس إن ما بُدئ في تقديمه من هذا العمل هو نافعٌ جداً. يكفي أنَّ تعاليم الآباء القديسين قد صارت معروفة بين اليابانيين. + لقد فعل شيوخ دير أوبتينا في روسيا نفس الشيء، حينما أحضروا الأصول اليونانية إلى روسيا وترجموها ونشروها. + القديس ثيئودوسيوس استعار القوانين الرهبانية من جبل آثوس حينما بدأ في تأسيس "دير المغائر" في كييف، هذا تقليد أرثوذكسي حقاً. ويتساءل اليابانيون: "ما هي الأرثوذكسية"؟ حينما بدأوا يعتادون على كتابات الآباء القديسين، تحقَّقوا من أن هذه هي الأرثوذكسية. وبالمناسبة مَن هو الذي جمَّع الكتاب المُسمَّى "طريق الآباء" الذي نشره ديركم؟ - لقد ألَّف هذا الكتاب شخص مشهور هو "سيرجي يوسيفوفيتش". لقد كان ابن كاهن وقضى سنوات كثيرة في السجون (في روسيا بسبب إيمانه المسيحي). وفي رأيي أن هذا هو أحسن الكتب، إلاَّ أن مبيعاته للأسف ضئيلة. إنه أمرٌ مهم جداً أن نجد في شخصكم الرجل الذي يُرحِّب حقاً بهذا الكتاب. هل ترجمتَ كتابات إغناطيوس بريانتشانينوف وثيئوفان الناسك؟ + جزئياً فقط. كان في طوكيو شاب خبير في اللغات اسمه ألكسندر بوتابوف، وقد عمل بغيرة من أجل الكنيسة، وترجم عدة كتابات لإغناطيوس بريانتشانينوف، وقد نُشِرَت باليابانية. وفي السابق لم يكن اسم هذا القديس معروفاً من قبل. ولكن هذه الكتابات أخذت طريقها تدريجياً إلى صحراء اليابان التي أحرقتها الشمس. يكفي أن اليابانيين قد صاروا - على الأقل - يستخدمون أسماء آباء الكنيسة القديسين. وبالتدريج، فإنه كلما صار اسم أحد الآباء معروفاً، يمكننا أن نبدأ في ترجمة كتاباته الأساسية، وبتعبير آخر أهم كتاباته. + وفي النهاية نأمل في ترجمة كل كتابات الآباء القديسين، وعلى الأخص لمكتبة الدير التي نرتِّب لتأسيسها قريباً. لقد كان إغناطيوس بريانتشانينوف يحمل في قلبه إحساساً مُرًّا على مساوئ العالم الذي شهده. وقد حاول أن يُغيِّر العالم إلى الأفضل، وذلك بقلمه. مركز المسيحية في اليابان: - سيادة المطران، المخرج الياباني آكيرا كيروسافا، الذي نُعجَب به كثيراً، أظهر في أحد أفلامه "ظل المحارب"، أن اليابانيين كانوا أولاً يعتبرون المسيحية كمذهب مُعادٍ. ومن جهةٍ أخرى، فإن القديس نيقولاس، حينما بدأ خدمته في اليابان، كان يُشير مراراً إلى أن اليابانيين اعتبروا المسيحيين أنهم "شيعة المسيحيين الشريرة". فهل تغيَّر هذا الاتجاه اليوم تجاه المسيحية الأرثوذكسية؟ كنيسة القديس نيقولاس من الداخل ? (ملاحظة من ناقل هذا الحديث إلى الإنجليزية: حدث حادث مُلفت أمس. ففي مَضْيَفة دير القديس دانيال بروسيا قابلنا بعض اليابانيين غير المسيحيين. فحينما نما إلى علمهم بأن الشخص الذي يمكنهم أن يروه كان مطراناً أرثوذكسياً لم يُبدوا اهتماماً خاصاً. ولكنهم حينما أُخبِروا بأن المتروبوليت دانيال مطران اليابان يخدم في كنيسة "نيكوراي - دو"، بادروا بالابتسام وإيماءة الرأس. فإذا أنت قلت ببساطة "الكنيسة الأرثوذكسية"، فلا ترتبط عندهم بأي شيء، ولكن إذا استعملت مثلاً رمزاً له علاقة بتاريخ اليابان وثقافته فإن الناس يبدون اهتماماً حقيقياً. ويعتبر البعض في اليابان كنيسة "نيكوراي - دو" كأثر تاريخي. ولكنه يُعتبر عند البعض الآخر مدخلاً إلى الكنيسة، فهي أولاً كنيسة كأثر تاريخي، ثم ثانياً كبيت الله). - كم يبلغ عدد المؤمنين الأرثوذكس الآن في اليابان؟ + نعرف أنهم حوالي 30 ألف أسرة. لكن بعض المؤمنين غير مُسجَّلين رسمياً كمسيحيين. ومن المستحيل إعطاء إحصاء دقيق، لأن البعض تسجَّل كأرثوذكس، لكنهم لا يذهبون إلى الكنيسة؛ والبعض الآخر لم يُسجَّل، لكنه يحضر الخدمات الليتورجية. - كيف تبدو علاقتكم بالدولة؟ + هنا يوجد مبدأ حرية الضمير في الدستور الياباني، ويحرسه قوانين محددة، وكذلك تقاليد المجتمع الياباني. هذا المبدأ صار شرعياً في بلدنا على مدى أكثر من 100 عام، منذ الثورة التي قامت في عام 1867م. هذا هو السبب في أن الدولة لا تستطيع أن تتدخل في شئون المنظمات الدينية. الكنيسة والروح العقلانية السائدة في العالم: - لقد صار الناس في أيامنا هذه أكثر عقلانية، وصار الطريق إلى الإيمان مُعقَّداً أكثر فأكثر. فهل هناك رجاء في أن يكون هناك مزيد من المؤمنين الأرثوذكس في اليابان فتتقوَّى الكنيسة الأرثوذكسية؟ + هذا سؤال صعب. بالطبع، التعليم والثقافة هما مهمان جداً. فإن تطلَّعت إلى تاريخ اليابان، فيمكنك أن ترى أن اليابانيين يستخدمون تعبير "الروح" في تقليدهم القومي. ومفهومه هذا مختلف عن مفهومه في الأرثوذكسية. + وعلى مدى المائة سنة الماضية تحوَّل المجتمع الياباني، وكذلك بقية العالم، إلى التفكير العقلاني. وفي ظل هذا التفكير لا يمكنك أن تحمي نفسك من الخطية، إنه لا يقودك إلى الخلاص. + لقد زوَّدنا هذا القرن بكمٍّ هائل من المعرفة الجديدة. ولكن لأي غرض؟ كيف يمكنها أن تُخلِّص نفساً؟ حينما كنتُ شاباً، هويتُ الأنشطة العقلية جداً. ولكني الآن وقد توغَّلتُ في طريق الحياة، وصلتُ إلى نتيجة بأن المعرفة أبعد ما تكون عن أي شيء. إنها مهمة لحياتنا حقاً، لكنها ليست أهم شيء. + أهم شيء هو الحالة الروحية لنفوسنا وقلوبنا التي تقودنا إلى الخلاص. المحبة الإلهية يجب أن تملك على قلب الإنسان. (عن نشرة: Pravoslavie.ru)
|