من تاريخ كنيستنا- 86 - |
|
+ تكلَّمنا في العدد الماضي (فبرايـر 2011 - ص 16) عن أول هؤلاء المشاهير: الأنبا بولس البوشي أسقف بابلون. وها نحن نُكمل قائمة هؤلاء المشاهير من الأقباط والعلماء.
2. العلماء الثلاثة المُلقَّبون بأولاد العسَّال:
+ أولاد العسَّال المشهورون في تاريخ علماء الكنيسة القبطية في القرن الثالث عشر، هم ثلاثة إخوة منحدرون من أصل قبطي صميم، جدُّهم الأكبر هو ”أبو البِشْر يوحنا الكاتب“، الذي كان حفيده هو ”الشيخ الأجلُّ فخر الدولة أبو الفضائل أسعد“، والد هؤلاء العلماء الثلاثة، وهم:
أ - الشيخ الصفيُّ أبو الفضائل الأمجد؛
ب - الشيخ مؤتمن الدولة أبو إسحق؛
ج - الشيخ الأسعد أبو الفرج هبة الله.
+ + +
أ - الشيخ الصفيُّ أبو الفضائل الأمجد:
وقد تلقَّى الشيخ الصفيُّ علومه الأولية مع أخويه في الكتاتيب الكنسية، أي المدارس الأوليَّة داخل الكنيسة، حيث كان ”معلِّم“ الكنيسة يُعلِّمهم العلوم الأوليَّة الهامة مثل: اللغة القبطية، والألحان الكنسية، وحِفظ سِفْر المزامير ومقاطع من الإنجيل؛ كل هذا بالإضافة إلى مبادئ علم الحساب، وعلم الجغرافيا، حسب المُتاح في زمانهم.
ثم اتصلوا بعد ذلك بعلماء الأقباط وكبار رجال الكنيسة المعاصرين لهم، وانتفعوا من الكُتُب والمخطوطات التي كانت تملأ مكتباتهم في مختلف العلوم واللغات وبرعوا فيها. وكان أستاذهم الأكبر ”الشيخ السُّنِّي أبا المجد“ المعروف بعد رهبنته بـ ”الشيخ السُّنِّي بطرس بن الثعبان الراهب“. وكان هذا الراهب معدوداً بين فطاحل القرن الثالث عشر، وكان يخدم في كنيسة ”القديس أبو سرجة“ قسيساً بها.
+ كما كان أولاد العسَّال على معرفة باللغة العربية وعلومها من بلاغة، وصَرْف، ونحو، وبيان، وعروض، ومنطق، وفقه، وغير ذلك من علوم العرب.
مركزه الاجتماعي:
نبغ الصفيُّ بن العسَّال وإخوته في مصر، وكان مصدر ثقة في الأمور الشرعية المدنية أمام البابا كيرلس الثالث، وحينما عُقد المجمع المشهور في القلعة (في سيرة البابا كيرلس الثالث، عدد ديسمبر 2010، ص 26)؛ كلَّف المجمع الشيخ الصفيَّ بن العسَّال أن يكون كاتب سرِّه (أي سكرتير المجمع)، وذلك بجمع القوانين اللازمة. فجمعها، وضبطها على الأصل اليوناني القديم (لاحِظ الدقة اللغوية في نشر القوانين الكنسية.)
فجاءت هذه القوانين وافية بالمقصود. ووُزِّعَت على جميع الإيبارشيات، لتكون دستوراً لها في أحكامها، حسماً للنزاع المستديم الذي كان قائماً بين جمهور الأقباط وأساقفتهم من جهة، وبين الأب البطريرك من جهة أخرى. وهذه المجموعة تُسمَّى بقوانين ابن العسال.
مؤلَّفات الشيخ المؤتمن الصفي:
1. ”فصول مختصرة في التثليث والتوحيد“ (يوجد منها نسخة في مكتبة باريس، وأخرى في الفاتيكان).
2. كتاب: ”الصحايح في الردِّ على النصايح“. وهو ردٌّ على أحد المسلمين كان قد هاجم العقائد المسيحية (وتوجد منه نسخة في مكتبة اليعاقبة بالقدس، وفي مكتبة باغوص بك كابس بمصر).
3. كتاب: ”الإيضاح على كتاب الصَّحَّاح“. وهو تابع للكتاب السابق.
4. كتاب: ”نهج السبيل في الردِّ على مَنْ قَدَح في الإنجيل“.
5. كتاب: ”قوانين آبائنا الرسل“, ألَّفه سنة 1239م، وعليه تعتمد الكنيسة القبطية، ويُسمَّى ”المجموع الصفوي“. وقد طُبع في مصر سنة 1908م بمباشرة العلاَّمة جرجس فيلوثاوس عوض، ثم مرة أخرى سنة 1928م بمعرفة الأسقف إيسوذوروس.
6. ”جامع اختصار القوانين“ (مرتبط بالكتاب السابق).
7. ”مجموع القوانين“، وقد اعتنى بطبعه القمص يوسف حبشي.
8. كتاب: ”كفاية المبتدئين في علم القوانين“. ولا أثر له الآن.
9. كتاب: ”في تاريخ الكنيسة وتطبيقه على العلوم الفلكية“. كما يُدعى باسم: ”مجموع التواريخ لعلماء القبط“ (توجد نُسَخ منه في مكتبة البطريركية ومكتبات الأديرة).
10. كُتب أخرى في موضوعات مختلفة: خُطب ابن العسال (طُبع سنة 1887)، حواشي متنوعة (أي تعليقات) على مناظرات الشيخ عيسى الورَّاق مع ابن العبري، وهي محفوظة في كتاب: ”مجموع أصول الدين“؛ كتاب: ”الفردوس العقلي“ - طُبع في مصر سنة 1912؛ كتاب: ”أرجوزة (مقالة قصيرة) في الميراث“ - نُشر في ”المجموع الصفوي“، وطُبع سنة 1908؛ ”مختصر الجزء الأول من تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم“ (موجود بالدار البطريركية).
هذا ما أمكن الوصول إلى معرفته من كتابات الصفيِّ ابن العسال.
ولم يُعرف بالتفصيل حياة هذا العلاَّمة، كما لم يُعلم متى انتقل من هذا العالم. والمُلاحَظ أن الصفيَّ ابن العسال هو أصغر إخوته. أما الأَخَوَان فهما:
ب – الشيخ الرئيس المؤتمن أبو إسحق
ابن العسال:
ولقب ”الشيخ“ يعني ”القس“، وكلمة ”المؤتمن“ تعني ”الإيغومانس“ أو ”القمص“. ويُقصَد بلقب ”الشيخ المؤتمن“ أنه الكاهن المؤتمن على الكنيسة البطريركية وأسرارها الكنسية ونفوس مؤمنيها، وهو الذي يتلقَّى اعترافاتهم ويُصلِّي من أجل حَلِّهم من خطاياهم.
+ وكان الشيخ المؤتمن أبو إسحق يتميَّز بنسكه. فقد حدث أن فَقَدَ زوجته الصالحة، فقام شقيقه الأصغر الشيخ الصفي بتعزيته فيها بكتاب أرسله إليه حثَّه فيه على التزام عيشة النسك والتوحُّد بعد فَقْد مُعينته (ص 44،43 من مخطوط مكاتبات كيرلس بن لقلق). فما كان من الشيخ المؤتمن أبو إسحق إلاَّ أن أسرع في تلبية نداء أخيه الأصغر ”الصفي“، فاعتزل العالم، وتتلمذ على الرجـل أنبا بطرس الحبيس والراهب (ص 85،84،82 من مكاتبات كيرلس ابن لقلق).
+ لقب ”أنبا“ أو ”أبَّا“ يُطلق على الرهبان المتقدِّمين في السنِّ في حياة الرهبنة الروحانية، ولهم تلاميذ. وكانوا ينتخبون الأساقفة قديماّ من هذه الفئة، فكان الراهب يحمل معه لقبه الرهباني بعد أن يصير أسقفاً. ثم ظل اللقب الرهباني يُستخدم كلقب للأساقفة سواء كانوا من هذه الفئة أو غيرها. فظن الناس أن ”أنبا“ أو ”أبَّا“ هي لقبٌ أسقفي. وما يزال يُطلق على آباء الرهبنة المؤسِّسين الأوائل للرهبنة، أو على الرهبان المتوحِّدين والذين توغَّلوا في حياة النسك لقب ”أنبا“ أو ”أبَّا“، مثل: القديس ”أنبا أنطونيوس“ (ولم يكن قسّاً)، والقديس ”أنبا باخوميوس“ (وهو أيضاً لم يكن قسّاً)، والقديس ”أنبا مقار“ [وكان قسّاً قبل خروجه من بلدته ”شبشير“، وتوجُّهه إلى ”وادي هبيب“ (وادي النطرون) للتوحُّد، ثم تكوين جماعته الرهبانية].
+ وقد رُسِم الشيخ المؤتمن أبو إسحق قسّاً ثم انتُدِب ليكون ”إيغومانساً“، والتزم القلاية البطريركية حيث كان يُعاون البابا كيرلس بن لقلق في تحرير مراسلاته العديدة (مُدوَّنة في كتاب المكاتبات المحفوظ في مكتبة الدار البطريركية، تحت رقم 291 لاهوت).
+ وكان اعتناق شيوخ (قسوس) هذا العصر لعيشة الرهبان بعد ترمُّلهم من تقاليدهم المرعية، فكانوا ينذرون النسك والوحدة، ويعتزلون أعمال الدولة (إن كان لهم مثل هذه الأعمال). ومن أمثلة هؤلاء في هذا العصر: الشيخ المؤتمن أبو المجد الراهب قسيس كنيسة أبي سِرجة بمصر القديمة؛ والشيخ المؤتمن أبوالمكارم؛ والشيخ المؤتمن شمس الرئاسة بن كبر قسيس كنيسة المُعلَّقة بمصر القديمة.
وقد قام الشيخ المؤتمن أبو إسحق بوضع المؤلَّفات الآتية، وهي التي عُثر على مخطوطاتها أو أسمائها في مواضع أخرى:
1. ”مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين“. وتوجد منه نسخة بمكتبة الدار البطريركية، وفي مكتبات باريس ولندن، والمكتبة الشرقية لليسوعيين، ومكتبة دير أنبا مقار.
2. ”التَّبْصِرة المختصرة في العقائد النصرانية“. وتوجد نسخة منه في كلٍّ من المكتبة الشرقية، ومكتبة القس بولس سباط.
3. ”تفسير الأمانة المقدسة“. توجد نسخة في مكتبة باريس.
4. ”تفسير ما ورد في الإنجيل عن آلام سيدنا يسوع المسيح حتى صعوده. ومُقدِّمة عن أصول تفسير الكتاب المقدس“. وتوجد نسخة قديمة في المكتبة الشرقية، وأخرى في مكتبة الروم الكاثوليك في حلب بسوريا، وفي مكتبة الخوري بولس سباط.
5. ”إيضاح تفسير تدابير السيد المسيح من حين الحَبَل به إلى صعوده إلى السماء“. وقد طبعه في مصر القمص يوسف حبشي تحت اسم ”حياة يسوع المسيح“.
6. ”مجموع الأصول، شرح رسالة عيسى ابن يحيى الجرجاني في أقسام الدين“. وقد نُشر في مجلة المشرق، كما وُجد داخل كتاب ”أصول الدين“ المُنوَّه عنه في رقم ”1“.
7. ”السُّلَّم المُقَفَّى والذهب المُصفَّى في أصول اللغة القبطية“. وهو قاموس قبطي عربي يبحث فيه الدارس عن آخر الكلمة. ويوجد منه نُسخ متعددة في المكتبات الأوروبية.
8. كتاب في ”آداب الكنيسة“.
9. ”خُطَب (أي مواعظ) الأعياد السيِّدية وغيرها“. وهي مُسجَّعة (أي تنتهي جملها بكلمات مُقفَّاة)، و قد طُبعت في مصر.
10. ”ترياق العقول في علم الأصول والأسرار الخفية في علم المسيحية“. وتوجد نسخة بمكتبة الدار البطريركية.
ج – الشيخ الحكيم الأسعد هبة الله
ابن العسَّال:
وقد وضع عدَّة مؤلَّفات عُرف منها:
1. ”الأناجيل المُقَابلة على الترجمات القبطية والسريانية واليونانية“. وهو من أجلِّ المؤلَّفات. وتوجد منه نسخة بالمكتبة القبطية بخط أولاد العسَّال، ونُسخ منه في مكتبات أوروبا.
2. ”مقدِّمة جليلة على رسائل مار بولس“. ويوجد منها نسخة في مكتبة لايدن Leiden في هولندا.
3. ”مقدِّمة في أصول اللغة القبطية "أجرومية"“. ويوجد منها نسخة في جامعة أوكسفورد، وأخرى في لندن.
4. ”مختصر كتاب "السُّلَّم إلى السماء" تأليف القديس يوحنا الدَّرجي“. وطبعه المتنيح الأرشيدياكون حبيب جرجس، باسم: ”سُلَّم السماء ودرجات الفضائل“ عام 1946م.
5. ”مختصر مواعظ القديس يوحنا ذهبي الفم على تفسير إنجيل القديس متى“. ويوجد نسخة منه في المكتبة البطريركية القبطية، وفي كنيسة المُعلَّقة.
6. ”مقالة عن الأَنفُس الناطقة بعد مفارقتها (موتها)“. وقد ذكرها له أخوه ”أبو إسحق“. وهي موجودة في كتاب ”مجموع أصول الدين“.
7. كتاب: ”في حساب الأيام والسنين المعروف بالأَبُقْطي“. وفيه قواعد تحديد أيام الأعياد المتغيِّرة، وبعض أصول فلكية وتاريخية. وفي نهايته جدول البطاركة. ويوجد بمكتبة الدار البطريركية.
8. ”أرجوزة (مقالة قصيرة) في حساب الأبُقْطيات“. وهي التي قام بشرحها البابا يوأنس البطريرك السابع بعد المائة سنة 1796م، وأردفها بجدول إلى سنة 2000 للشهداء.
هذه هي المؤلَّفات التي عُرفت لهؤلاء العلماء، ولكن للإخوة أولاد العسَّال مؤلَّفات أخرى غير معروفة. وهي تدلُّ دلالة واضحة على عظيم فضائلهم، وسِعة اطِّلاعهم، وتمام إلمامهم باللغات القبطية والعربية واليونانية والسريانية؛ مما جعلهم ثقة في الدين، وحجة في العلوم العالمية كالمنطق والفلسفة والرياضة وغيرها.
وكانت لهم شهرة في حُسْن الخط العربي، وإتقان الخط اليوناني القديم المستعمل الآن في اللغة القبطية.
ننشر هذه القائمة من مؤلَّفاتهم لتشجيع الباحثين على دراستها، ونشر ما يُحقِّقونه منها، لمنفعة أجيالنا الحاضرة.
**************************************************************************************************
اقرأ بمناسبة الصوم الأربعيني المقدس للأب متى المسكين
الصوم الأربعيني المقدس
التوبة
التوبة والنسك في الإنجيل
النعمة في العقيدة والحياة النسكية
الصوم الأربعيني - تاريخ الطقس
صوم جماعي وتوبة جماعية
الصوم المقدس وثماره المشتهاة
رسالة إلى الرهبان
دار مجلة مرقس
القاهرة: 28 شارع شبرا - تليفون 25770614
الإسكندرية: 8 شارع جرين - محرم بك - تليفون 4952740
أو من مكتبة الدير
أو عن طريق موقع الدير على الإنترنت:
www.stmacariusmonastery.org