طعام الأقوياء
- 61 -



«ومِنْ مِلئه نحن جميعاً أخذنا
ونعمةً فوق نعمةٍ»
(يو 1: 16)

الله يُعطينا من مِلء نعمته منذ أن خلقنا:

الله إلهنا الصالح، أَظْهَر لنا صلاحـه وغنـاه وسخاء محبتـه منذ خلقـه للعالم والبشريـة في البدايـة. فهو بصلاحه ”في البدء خلق السموات والأرض“. وفي خلقه للسموات، جعل «السموات تُحدِّث بمجد الله، والفَلَك يُخبر بعمل يديه» (مز 19: 1). وفي خلقه للأرض، جعل اسمه مُمجَّداً في كلِّ الأرض: «أيها الربُّ ربُّنا ما أمجد اسمك في كـل الأرض حيث جعلتَ جـلالك فـوق السموات» (مز 8: 1). وكل ما خلقه الله في ستة أيام الخليقة، رأى أنه حسنٌ، وفي إتمام خلقته لكلِّ شيء «رأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسنٌ جداً» (تك 1: 31). وعندما خلق الله الإنسان جعله تاج الخليقة كلها، حتى أنه قال: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك 1: 26).

ويُعلِّـق على ذلـك القديس غريغوريـوس النيصي قائلاً:

[فـالإنسان كـان الصورة والشَّبَه للقوَّة التي تحكُم كل الأشياء الموجودة. ولهذا السبب فهو يُشبه، بحرية إرادته، ذاك الذي يُبسط سُلطانه على المسكونة كلها. فقد كـان غير مُستَعبَدٍ لأيِّ إجبار خارجي. ولكنه كـان يُوجِّه نفسه بعقله الخاص وإرادته إلى ما يُريده، ويختار بمُطلق حريته ما يسرُّه](1).

ولكـن القديس كيرلـس الكبير يُضيف على ذلك، بأنَّ صورة الله وشبهه في الإنسان، هي بـالأساس وقبل كـل شيء مـن حيث الفضيلة والقداسة، وذلك في قوله:

[يجب أن نفهم أن خلقتنـا على صـورة الله أساساً، وقبل كل شيء، معناها الأصح هو من حيث الفضيلة والقداسة (++++++++)، لأن الله قدوسٌ، وهـو ينبوع وبدايـة وأصل كل فضيلة. ولكي نعرف أن هـذا هـو ما ينبغي أن نفهمه عن خلقة الإنسان على صورة الله، يُخبرنا بولس الرسول الحكيم في رسالته إلى الغلاطـيين: «يـا أولادي الذيـن أَتَمَخَّض بكم أيضاً إلى أن يَتَصوَّر المسيح فيكم» (غل 4: 19). لأن تصـوُّر المسيح فينـا، هـو بالقداسة التي تأتي من الروح بواسطة الدعوة التي تشتمل على الإيمان به](2).

وفي قولٍ آخر للقديس كيرلس الكبير يُوضِّح أيضاً أنَّ صورة الله في الإنسان، هي المشاركة في الطبيعة الإلهية، فيقول:

[فالإنسان قد نُفِخَ فيه حقّاً نسمة حياة قوة الله التي لا يُعبَّر عنها، وجُعِلَ على صورة الله بالقدر الذي صار فيه خَيِّراً وبارّاً بالطبيعة، وقادراً على كلِّ فضيلة؛ ولكنه قد تقدَّس لمَّا جُعِلَ مُشاركاً في الروح القدس...](3).

كما يقـول أيضاً مُوضِّحاً الفرق بـين الخلقة الأولى للإنسان وبين تجديد خلقته بواسطة الكلمة المتجسِّد:

[خلقة الإنسان الأولى كانت تتضمن التقديس بواسطة الروح، وإلاَّ ما كان مُمكناً للإنسان أن يُصاغ على صورة الله. وتجديد خلقة الإنسـان (بتجسُّد المسيح وموتـه وقيامتـه وإرسال الروح القدس) هي عملية مُماثلة، تتمُّ عـن طريق المشاركة في الروح الذي قـد أُعطِيَ للبشريـة المفدية بواسطة الابن الكلمة المتجسِّد. وفي الواقـع، إننـا بالتقديس يُعاد تكويننا لنُطابق الروح (القدس) ولنُطابق الابن كذلك. وحيث إنَّ المطابقة الكاملة للآب هو الابـن، والشَّبَه الطبيعي للابـن هـو الروح (القدس)؛ فنحـن في إعـادة تكويننـا حسب الروح، نُصاغ ثانيـةً لنكون حسب حيـاة الله ذاته](4).

وفي قولٍ آخر له، يُزيد توضيح ما قاله سابقاً:

[ولكن الاتحاد بالله يستحيل إحرازه لأيِّ واحدٍ سوى عن طريق المشاركة في الروح القدس، الذي يطبع فينا قداسته الحقيقية، ويُعيد صياغة الطبيعة التي سقطت في الفساد لتحصل على حياته الخاصة. وهكذا يُرَدُّ إلى الله وإلى استرداد شَبَهه ما قد تجرَّد من هذا المجد؛ لأن الصورة الكاملة للآب هـو الابـن، والتماثُل الطبيعي للابن هو الروح (القدس). فالروح، إذن، في خلقته من جديد لنفوس البشر لكي تصير له، يُحضِر فيهم شَبَه الله، ويضع ختم التمثُّل بالجوهر الأسمى](5).

«لأن الناموس بموسى أُعطِيَ، أما النعمة والحق

فبيسوع المسيح صارا» (يو 1: 17):

رغم أنَّ كهنة العهد القديم الذين كانوا يُقدِّمون قرابين حسب الناموس المُعطَى بواسطة موسى «الذين يخدمون شِبْه السماويَّات وظِلَّها، كما أُوحِيَ إلى موسى وهـو مُزْمِعٌ أن يصنع المسكن» (عب 8: 5)؛ إلاَّ أنَّ أشباه السماويَّات هذه كانت تُشير إلى النعمة والحق اللذيـن صارا لنا بالمسيح يسوع. فقد تضمَّنت شريعة موسى من الذبائح التي كانت تُقدَّم ذبيحة الملء (خر 29: 19-22).

وذبيحـة الملء، هي ذبيحـة تكريس هارون وبنيه ليكهنوا للرب. فبعد التكفير عنهم بذبيحة الخطية، ثم إعلان طاعتهم وخضوعهم الكامل لله بتقديم ذبيحة المُحرقة، يصيرون مؤهَّلين للتقديس والتكريس الكُلِّي لله.

وذبيحة الملء، هي كبشٌ بلا عيب يضع هارون وبنيه أيديهم على رأسه، ثم يُذبَح لكي يُمثِّلهم في تقديس ذواتهم لخدمة الرب إلى النَّفَس الأخير. وكان موسى يأخذ من دم الكبش ويجعل منه على شُحْمة آذان هارون وبنيه اليُمنى، وعلى أَباهِم أيديهم اليُمنى وعلى أَباهِم أرجلهم اليُمنى، ثم يـُرَشُّ الدم على المذبح من كل ناحية. وفي هذا إشارة إلى تكريس آذانهم لسماع كلمة الرب وطاعته، وتكريس أيديهم لعمل ما يُرضيه بكل قوَّته، وتكريس أرجلهم للسير في طُرُقه. وقد اختيرت هذه الأعضاء الثلاثة اليُمنى كرمزٍ لتقديم ذواتهم بأجمعها للرب. أما رش المذبح مـن كل ناحية بالدم، فهو لأنَّ تكريسهم قائمٌ على خدمة المذبح الذي يُمثِّل حضن الرب.

فدهنهم بالدم، ثم رش الدم على المذبح، يُشير إلى العهد المشترك بين الله وبين عبيده خُدَّام المذبح. ثم يأخذ موسى من الدم الذي على المذبح ومن دهن المسحة، وينضح على هارون وثيابه وبنيه وثياب بنيه معه، فيتقدَّس هارون وبنوه وثيابهم معه. هذه هي أهم مراحـل طقس الرسامـة التي تُشير إلى الأقانيم الثلاثة: الآب والابن والروح القدس، مُمثَّلةً في المذبح ودم الذبيحة ودهـن المسحة. وفي الختام يأكلون من اللحم المطبوخ لكبش الملء، إشارة إلى الأَكل من جسد المسيح ودمه للاتحاد به. وبعد هذا الختام العظيم لطقس رسامة هارون رئيس الكهنة وبنيه الكهنة بالأَكـل مـن وليمـة كبش المـلء، طلب الله من موسى قائلاً: «وتصنع لهارون وبنيه، هكـذا بحسب كـل مـا أمرتك، سبعة أيـام تملأ أيديهم، وتُقدِّم ثور خطية كـل يوم لأجل الكفَّارة» (خر 29: 36،35).

وللقديس كيرلس الكبير قـولٌ مُضيء يُقارِن فيه بين سُكنى الله مـع شعبـه في القديم، وبين المسكن الذي أقامه المسيح لأحبَّائـه الذين فداهم بدمه وملأهم بروحه القدوس، وأطعمهم من جسده ودمه:

[إنَّ الخيمة القديمة نُصِبَت في البرية بواسطة موسى، وكانت مناسبة للذين يكهنون بحسب الناموس؛ أما المسكن الذي يُناسب المسيح، فهو المدينـة البهيَّة التي مـن فـوق، أي السماء عينها، التي هي الخيمة الإلهية غير المصنوعة بمهارة بشرية، ولكنها إلهية فائقة. والآن، إذ صار المسيح هناك، فهو يُقدِّم لله أبيه المؤمنين به حتى يتقدَّسوا بالروح، كما قال: «ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلاَّ بي» (يو 14: 6). وهـذه هي في الواقع حقيقة خدمته الليتورجيـة المذكورة في هـذا الموضع: «خادمـاً للأقداس والمسكن الحقيقي الـذي نَصَبَه الربُّ لا إنسانٌ» (عب 8: 2)، وهي خدمة لائقة حقّاً بلاهوته، ولو أنَّ الإشارة إليها جاءت بكلمات بشرية تُناسبنا. فـإن كـان المسـيح يستطيع (بهذه الخدمـة السمائيـة) أن يُقدِّس المؤمنين بـه بروحـه الخـاص، فيتبرَّرون بنعمته ورحمته، ثم يُقرِّبهم كذبائح لله بعد أن ماتوا عـن العالم وعاشوا بالروح وتأجَّجوا بالغيرة نحو الحياة الصالحة؛ فكيف لا تُحسَب هذه الخدمة لائقةً به كإله (إذ قد امتلأوا به كرأس للجسد، الكنيسة)؟](6).

كما قال أحد الآباء الشيوخ:

[إن كـان كـلُّ ملء اللاهوت قـد حلَّ في المسيح جسديّاً، كقول الرسول، فلا نقبل زرع الشياطين الأنجاس عندمـا يقولون لنا: ”إنكم إذا صحتم باسم يسوع، فلستم تـدعون الآب والروح القدس“. لأنهم يفعلون ذلك مكـراً منهم، لكي يمنعونا من الدعاء بالاسم الحُلو الذي لربِّنا يسوع المسيح، لعلمهم أنه بدون هذا الاسم، لا ولن يوجد خلاص البتَّة، كقول بطرس الرسول: «لأن ليس اسمٌ آخرُ تحت السماء، قد أُعْطِيَ بين الناس، به ينبغي أن نَخلُص» (أع 4: 12). ونحن نؤمـن إيماناً كـاملاً بأننا إذا دعونـا بـاسم ربِّنا يسوع، إنما نـدعو الآب والابن والروح القدس، لأننا لا نقبل البتَّة فرقاً ولا انقساماً في اللاهوت، ونؤمـن أيضاً أنَّ ربنـا يسوع المسيح هـو الواسطة الذي به يحصل الناس على الدنو من الله والحديث معه، كقول الرسول (بولس): «وفي هـذه الأيـام كلَّمنـا في ابنـه» (عب 1: 2 - حسب النص)](7).

كما يقول القديس أنبا مقار عن المداومة على ترديد الاسم الحُلو الذي لربنا يسوع المسيح وقوَّته في اقتناء الحياة الأبدية:

[إن داوَمتَ كلَّ حين على طعام الحياة الذي للاسم القدوس، اسم ربنا يسوع المسيح، بغير فتور، فإنه يصير حُلواً في فمك وحلقك. وبترديدك إيَّاه، تدسم نفسك، وبذلك يمكنك أن تقتني الحياة الأبدية](8).

والواقع أنَّ اسم الرب يسوع هو اسم الخلاص الذي ليس بأحدٍ غيره الخلاص: «لأن كل مَن يدعو باسم الرب يَخلُص» (رو 10: 13)، «لأنه إنْ كُنَّا ونحن أعداءٌ قد صُولحنا مع الله بموت ابنـه، فبالأَوْلَى كثيراً ونحـن مُصالحون نَخلُص بحياته» (رو 5: 10). وهكذا استُعلِنَت محبة الله لنا ونحن بعد خطاة، التي عبَّر عنها يوحنا الرسول قائلاً: «بهذا أُظْهِرَت محبة الله فينا: أنَّ الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به. في هذا هي المحبة: ليس أننا نحن أحببنا الله، بل أنه هو أحبَّنا، وأرسل ابنه كفَّارةً لخطايانا» (1يو 4: 10،9). وليس ذلك فقط، بل «انظُروا أيَّة محبة أعطانا الآب حتى نُدعَى أولاد الله» (1يو 3: 1)، تلك التي عبَّر عنها بولس الرسول قائلاً: «أرسل الله ابنَه مولوداً من امرأةٍ، مولوداً تحت الناموس، ليفتدي الذيـن تحت النامـوس، لننال التبنِّي. ثم بما أنكم أبناءٌ، أرسـل الله روح ابنـه إلى قلوبكم صارخاً: ”يـا أَبَا الآب“. إذاً لستَ بعد عبداً بل ابناً، وإنْ كنتَ ابناً فـوارثٌ لله بالمسيح» (غل 4: 4-7).

«لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله» (أف 3: 19):

لم يكتفِ الله أن يُخلِّصنا من خطايانا بموت ابنه الوحيد فداءً لنا، لكي يردَّنا إلى رتبتنا الأولى؛ بل ويُعطينا نعمة التبنِّي. وبما أننا أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبنا ليشفع فينا لدى الآب. وإن كُنَّا أبناء فنحن ورثة لله بالمسيح. ويؤكِّد بولس الرسول هذا المعنى أيضاً في رسالته إلى رومية قائلاً: «فإنْ كُنَّا أولاداً فإننا ورثةٌ أيضاً، ورثةُ الله ووارثون مع المسيح. إنْ كُنَّا نتألَّم معه لكي نتمجَّد أيضاً معه» (رو 8: 17). وما هو ميراثنا هذا الذي صار لنا كـأولاد الله؟ يقول عنه بطرس الرسول: «مُبارَكٌ الله أبـو ربِّنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنـا ثانيةً لرجاءٍ حيٍّ، بقيامة يسوع المسيح من الأموات، لميراثٍ لا يَفْنَى ولا يتدنَّـس ولا يضمحـلُّ، محفوظٌ في السموات لأجلكم» (1بط 1: 4،3).

أما بولس الرسول فيقول عنه: «شاكرين الآب الذي أهَّلنا لشركة ميراث القدِّيسين في النور» (كو 1: 12)، مُعبِّراً عن ذلك أيضاً بقوله: «لأنه فيه (في المسيح) سُرَّ أن يحلَّ كل الملء» (كو 1: 19)، وأوضح ذلك بقوله: «فإنه فيه يَحِلُّ كلُّ مِلء اللاهوت جسديّاً، وأنتم مملوؤون فيه، الذي هو رأس كل رياسة وسلطان» (كو 2: 10،9).

كما يقول أيضاً في رسالته إلى أهل أفسس: «الذي نزل هو الذي صَعِدَ أيضاً فوق جميع السموات، لكي يملأ الكلَّ» (أف 4: 10)، «لأجل تكميل القدِّيسـين، لعمل الخدمـة، لبُنيـان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنـا إلى وحدانيـة الإيمان ومعرفة ابـن الله. إلى إنسانٍ كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح» (أف 4: 13،12).

ولكن قبل أن يتوغَّل بولس الرسول إلى هذا العمق، سَكَبَ نفسه سكيباً وأحنى ركبتيه مُتضرِّعاً ومتوسَّلاً لدى أبي ربنا يسوع المسيح، لكي يُعطي كل الذين يسمعونه أو يقرأون له أن يتأيَّدوا أولاً بالقوة بروح الله في الإنسان الباطن، «ليَحِلَّ المسيح بالإيمان في قلوبكم» (أف 3: 17،16). ثم يطلب لأجلهم أن يتأصَّلوا ويتأسَّسوا في المحبة، لأن ذلك لازم «حتى تستطيعوا أن تُدركوا مع جميع القدِّيسين، مـا هـو العرض والطول والعُمق والعُلو، وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كلِّ مِلء الله» (أف 3: 19).

إننا بدون أن ننال استحقاق البنوَّة لله الآب في ابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا، الذي أرسل لنا روحه القدوس حتى يمكننا بواسطته أن ندعو الله ”أبانا“؛ ما كان مُمكناً لنا البتَّة أن نرفع أيدينا إلى فوق وندعو الله: ”أبانا“.

وفي هذا يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

[لسنا نحن أبناء حسب الطبيعة، ولكن الابن الذي فينا (هو ابنٌ بحسب الطبيعة)؛ وكذلك الله ليس أباً لنا بحسب الطبيعة، ولكنه آبٌ للكلمة الذي فينا، الذي فيه وبه نصرخ: ”يا أَبَا الآب“. وهكذا الذي يـرى الآب فيهم ابنـه الخاص، فأولئك يدعوهم أبناءً له](9).

وهذا يؤكِّده القديس كيرلس الكبير، فيقول:

[إنه يهبنا بنعمته ما لم يكن من حقِّنا، فهو يسمح لنا أن ندعو الله أباً لنا، بصفتنا قد ارتقينا إلى وضع البنين، فمنه هو قد قبلنا هذا الإحسان مع بقية الامتيازات التي صارت لنا... أو بالحري هو نفسه قد صار لنا الطريق والباب والوسيلة، التي نلنا بها نعمةً مجيدة بمثل هذا القَدْر، وذلك بأن اقتنى لنفسه شبهنا. فمع كونه حُرّاً بسبب كونه إلهاً، إلاَّ أنه أَخَذَ شكل العبد حتى يمكنه أن يمنحنا الأشياء التي لـه، ويجعلنا نحـن العبيد أغنياء بامتيازاته الخاصة](10).

فبالبنوَّة أصبحنا ورثة، وبالميراث صار لنا الملء.

(يتبع)

(1) De Virginitat.
(2) Pusey, In Ioannem 3,592.
(3) Pusey, In Ioannem 3,553-554.
(4) PG 75: 1089.
(5) Pusey, In Ioannem 11,11.
(6) PG 74:977.
(7) ”بستان الرهبان“ (قول 61).
(8) ”بستان الرهبان“ (قول 60).
(9) PG,273,24-30 (المقالة 2 ”ضد الأريوسيين“: 59).
(10) R. Payne Smith, A Commentary on the Gospel according to St. Luke, Oxford, 1859, p. 326.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis