طعام الأقوياء
- 33 -


الكهنوت الملوكي
- 3 -

+ «أما أنتم فتُدعَون كهنة الرب، تُسمَّون خدَّام إلهنا» (إش 61: 6).
+ «وجعلنا مُلُوكاً وكهنةً لله أبيه» (رؤ 1: 6).

«إذ لنا ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع»:

يُخاطبنا القديس بولس الرسول قائلاً: «فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، طريقاً كرَّسه لنا حديثاً حيّاً، بالحجاب، أي جسده، وكاهن عظيم على بيت الله، لنتقدَّم بقلب صادق في يقين الإيمان، مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير، ومُغْتَسِلة أجسادنا بماء نقي، لنتمسَّك بإقرار الرجاء راسخاً، لأن الذي وعد هو أمين» (عب 10: 19-23).

يقول لنا بولس الرسول: «إذ لنا ثقة أيها الإخوة». مِن أين أتت هذه الثقة؟ لقد أتت من محبة الله الغامرة والفائقة لنا، إذ أنَّ «الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعدُ خطاة مات المسيح لأجلنا. فبالأَوْلَى كثيراً ونحن مُتبرِّرون الآن بدمه نخلُص به من الغضب. لأنه إن كُنَّا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه، فبالأَوْلَى كثيراً ونحن مُصالحون نخلُص بحياته» (رو 5: 8-10)، وأيضاً قوله: «الذي لم يشفق على ابنه (الوحيد)، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء؟» (رو 8: 32)

فالرب يسوع هو «الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه» (رؤ 1: 5)، وأعطانا الاستحقاق أن ندخل إلى الأقداس التي في السماء، التي دخلها يسوع كسابق من أجلنا، ومهَّد لنا طريقاً للدخول بجسده الذي بذله من أجلنا، وكرَّسه حديثاً لنا بقيامته من بين الأموات حيّاً، إذ صار باكورة الراقدين، بعد أن رفع الحاجز الذي كان يعوق دخولنا بموته جسديّاً؛ إذ كان طريق السماء مغلقاً في وجوهنا، بل يقود إلى الجحيم، فصار بدم يسوع وجسده الحي بعد قيامته طريقاً للحياة. وصار يسوع هو الكاهن العظيم الكائن على بيت الله: «لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوسٌ بلا شرٍّ ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات» (عب 7: 26)، الذي «بعدما قدَّم عن الخطايا ذبيحةً واحدة، جلس إلى الأبد عـن يمين الله... لأنه بقربانٍ واحد قـد أَكْمَل إلى الأبـد المُقدَّسين» (عب 10: 14،12).

فكهنوت المسيح عظيم بمقدار ارتفاع وعِظَم ذبيحته، فهو كان يحمل أقدس ذبيحة لها عُلوُّ السماء في سموِّها، وكمال بر الله في قداستها وطُهرها، وقدرة الله في فاعليتها. وهو كاهن على بيت الله الذي هو نحن. فبيت الله هو كنيسة الله، جسد المسيح المتَّحد والمتآزر الأعضاء، وهكذا صرنا «بيتاً روحياً، كهنوتاً مُقدَّساً، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح» (1بط 2: 5).

والآن بعد كل هذا الذي عمله المسيح من أجلنا، وبعد أن شجَّعنا بولس الرسول على أن نثق في دم يسوع، ونعتمد على جسده الذي كرَّسه طريقاً حديثاً حيّاً لنا للدخول إلى الأقداس، ناظرين نحو رئيس كهنتنا العظيم القائم على بيت الله، فهو يُطالبنا أن نتقدَّم بقلب صادق غير متزعزع ولا مُنقسم، في يقين الإيمان، «مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير»: «لأنه إنْ كان دم ثيران وتيوس ورماد عِجْلة مرشوش على المُنجَّسين، يُقدِّس إلى طهارة الجسد، فكم بالحري يكون دم المسيح، الذي بروح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب، يُطهِّر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي» (عب 9: 14،13).

«ومغتسلة أجسادنا بماء نقي»: حيث الاغتسال هنا يُقصد به غسل المعمودية الذي هو بعينه الميلاد الثاني والتجديد بالروح، الذي عبَّر عنه بولس الرسول قائلاً: «لا بأعمال في برٍّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلَّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس، الذي سكبه بغنًى علينا بيسوع المسيح مُخلِّصنا» (تي 3: 6،5).

كما عبَّر عن ذلك بولس الرسول أيضاً في موضع آخر: «كما أحبَّ المسيحُ أيضاً الكنيسةَ وأسلم نفسه لأجلها، لكي يُقدِّسها، مُطهِّراً إيَّاها بغسل الماء بالكلمة، لكي يُحضِرها لنفسه كنيسةً مجيدة، لا دنس فيها ولا غَضْنَ أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مُقدَّسة وبلا عيب» (أف 5: 25-27).

«لنتمسَّك بإقرار الرجاء راسخاً

لأن الذي وعد هو أمين»:

بعد أن أشار بولس الرسول إلى المعمودية في قوله: «مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير، ومغتسلة أجسادنا بماء نقي»، أكَّد على ضرورة التمسُّك بالإقرار الذي يُملَى على المُعمَّد، فينطق به كلمة كلمة وراء الأسقف الذي كان منوطاً به التعميد(1). فهذا التمسُّك بإقرار الرجاء شرط أساسي لكي نُحسَب من أهل بيت الله أو أعضاءً حيَّةً في جسد المسيح أي كنيسته: «وبيته نحن، إن تمسَّكنا بثقة الرجاء وافتخاره إلى النهاية» (عب 3: 6). كما اعتبره بولس الرسول أيضاً شرطاً أساسياً لضمان حياة الشركة مع المسيح: «لأننا قد صرنا شركاء المسيح، إنْ تمسَّكنا ببداءة الثقة ثابتة إلى النهاية» (عب 3: 14)(2)، وأيضاً قوله: «فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات، يسوع ابن الله، فلنتمسَّك بالإقرار» (عب 4: 14).

ويتضح من كل هذه الآيات أهمية التمسُّك بإقرار الرجاء، وثقة الرجاء، وبداءة الثقة ثابتة إلى النهاية، أو حسب تعبير بولس الرسول في هذه الآية التي نحن بصددها: «لنتمسَّك بإقرار الرجاء راسخاً»، فهو يعني رجاءً لا يهتز ولا يتزعزع، كونه مبنيّاً على وعد الله، ”لأن الذي وعد هو أمين“: «أمين هو الله الذي به دُعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا» (1كو 1: 9)، «أمين هو الذي يدعوكم، الذي سيفعل أيضاً» (1تس 5: 24)، «إن كُنَّا غير أمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن يُنكر نفسه» (2تي 2: 13).

الكهنوت الملوكي:

فثقتنا التي لا تتزعزع في مواعيد الله وأمانته التي تبقى إلى الأبد، هي التي تجعلنا أهلاً للدخول إلى الأقداس بدم يسوع، عن طريق جسده الذي قدَّمه ذبيحةً حية ومُحيية من أجل خلاص العالم. إذ أنَّ هذا الجسد هو الحجاب الذي أخفى فيه لاهوته حتى لا يعرفوه، لأنهم «لو عرفوا لَمَا صلبوا ربَّ المجد» (1كو 2: 8). وهكذا بصليبه كرَّس لنا طريقاً حديثاً حيّاً بالحجاب أي جسده!

والآن، صار لنا حق الدخول إلى الأقداس بدم يسوع. وما الذي نفعله بمثولنا أمام الله في الأقداس السماوية؟ إلاَّ تقديم الذبائح الروحية والصلوات المقبولة، كما يقول معلِّمنا بولس الرسول: «فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تُقدِّموا أجسادكم ذبيحة حيَّة مقدَّسة مرضية عند الله، عبادتكم العقلية» (رو 12: 1).

لأنه حقّاً ما أعظم وما أسمى هذا المثول أمام الله بالدخول للأقداس السماوية! إذ يقول أحد القدِّيسين إن الصلاة العقلية المقدَّمة لله بالروح القدس هي [الليتورجية السرِّية للذهن](3).

كما يقول أيضاً:

[المذبح الحقيقي هو قلب تحرَّر من الأفكار الشريرة ويتلقَّى عمل الروح القدس، لأن كل ما يُقال ويُعمَل في هذا القلب هو روحاني](4).

كما يقول أيضاً:

[إنَّ عمل النفس العقلي هو ليتورجية روحية مثل العروس أمام الفرح الآتي الذي يفوق كل فهم. وهذه الليتورجية يؤدِّيها العقل الذي يُقدِّم ذبيحة سرِّية، وهي حَمَل الله على مذبح النفس ويُشارك فيها. ويعني أَكْل حمل الله (روحياً: «وُجد كلامك فأكلته» - إر 15: 16) على مذبح النفس الداخلي، ليس فقط أن يفهمه وأن يُشارك فيه، ولكن أيضاً أن يصبح مُشابهاً له في الحياة الآتية. إننا هنا نستمتع بكلمات الأسرار، ولكن هناك نترجَّى أن نتلقَّى جوهرها الحقيقي](5).

الكهنوت الروحي والرهبنة:

والواقع أنه رغم أن هذه الدعوة هي للجميع، ولا تقتصر على أحدٍ بعينه، إلاَّ أنها تركَّزت في الذين كرَّسوا حياتهم للطريق الرهباني، الذين جذبهم قول المسيح له المجد: «مَن أراد أن يتبعني فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني» (لو 9: 23). هذا قول مطلق من الله لكل مَن يقبله. وهو قول شديد الوضوح والقوة والعمق: فهو ”دعوة“: «مَن أراد»، فالله لا يُجبر أحداً على شيء، ولكنه يدعو، ومَن يريد أن يقبل فليقبل.

ثم مَن أراد، «فلينكر نفسه»: يُنكر كل ما تطلبه نفسه، يترك كل شيء ويتبع المسيح، كقول المسيح للشاب الغني: «إن أردتَ أن تكون كاملاً، فاذهب وبِعْ أملاكك وأعطِ الفقراء، فيكون لك كنز في السماء وتعالَ اتبعني» (مت 19: 21).

ثم بعد إنكار الذات، ”حَمْل الصليب“: وهو يعني أولاً: حَمْل العار واحتمال الإهانة وقبول الاضطهاد والتعيير، ثم يتبع ذلك الموت ثم القيامة. فسرُّ الصليب مرتبط بالعار والإهانة والاضطهاد، ولكنه مرتبطٌ أيضاً بالقيامة والمجد.

فالمسيح احتمل العار والصليب «مُستهيناً بـالخِزي، فجلس في يمين عرش الله» (عب 12: 3). فحبة الحنطة «إن لم تقع... في الأرض وتَمُتْ فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير» (يو 12: 24).

وهكذا يتضح أن سرَّ الحياة نابعٌ من عمق الموت. وهذا ما رأيناه في المسيح له المجد: فهو الذي غلب الموت بموته، وأظهر القيامة بقيامته من بين الأموات؛ هكذا الراهب: لقد مات عن العالم وقُرئت عليه صلاة الراقدين، وصُلِبَ العالم له وهو للعالم، وأصبح الصليب هو قوته وسلاحه: «الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات» (غل 5: 24)، «مع المسيح صُلِبتُ، فأحيا لا أنـا بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي» (غل 2: 20).

فالصليب هو فخر الراهب وشعاره كقول الرسول بولس: «وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلاَّ بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قد صُلِبَ العالم لي، وأنا للعالم» (غل 6: 14).

لقد خُلِقَ الإنسان على صورة الله، منسجماً في طبيعته بنفسه مع روحه وجسده. ولكن هذا الانسجام تحطَّم بالخطيئة، فأمسى الله الذي كان مصدر سعادة الإنسان وفرحه في الفردوس مصدراً للخوف. وصار الكون ميداناً للشقاء والعمل والتعب والكد، وصار الروح ضد العقل، والعقل ضد العاطفة، والعاطفة ضد الإرادة، والإرادة ضد الجسد. وجاء المسيح وتجسَّد واتَّحد لاهوته بناسوته، وصار مثلنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها، «وصالح الاثنين في جسدٍ واحد مع الله بالصليب، قاتلاً العداوة به» (أف 2: 16)، «لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً» (أف 2: 15).

أما الراهب، فهو ليس سوى هذا الإنسان الذي قَبِلَ دعوة المسيح له، فأنكر نفسه وحمل صليبه وتبع الرب بكل قلبه ونفسه وفكره وقدرته، لكي يقتني تلك الوحدة التي فقدتها البشرية، ويتَّحد بالله الذي أحبه، ويسلك بالمحبة - ”التي هي رباط الكمال“ - مع الجميع.

والواقع أن النذور التي ينذرها الراهب عند رهبنته إنما هي بمثابة جوابه الحُر على نداء الرب له في تلبية دعوة الخلاص. وهي تُعبِّر عن تقدمة الذات للرب كذبيحة مُكرَّسة له، دون أن يبغي لنفسه شيئاً. وهي تفيد موت الإنسان العتيق وولادة الإنسان الجديد، وكأنها معمودية ثانية، حتى أنَّ القديس أنطونيوس الكبير قال إنه رأى روح الله الذي يحل في المعمودية يحل على الراهب في يوم تكريسه.

وكما ذكرنا فإنَّ المُعمَّد لابد أن ينطق بصيغة رسمية يُلقِّنها له الأسقف كلمةً كلمة، كإقرار منه بجحد الشيطان، ثم الاعتراف بالإيمان بحسب قانون الإيمان المُسلَّم، ثم التعهُّد بأن يحيا الموعوظ في طاعة المسيح تحت قوانين الكنيسة والإيمان المسيحي.

هكذا أيضاً جاء في عظات الأنبا شنودة رئيس المتوحدين أنه قد وضع تعهُّداً يتلوه الراهب الجديد عند التحاقه بالرهبنة، فيقول:

[على كل واحد أن يقول هكذا: أُقِرُّ أمام الله في موضعه المقدس، وتشهد عليَّ الكلمة التي قُلتها بفمي ألاَّ أُنجِّس جسدي بأيَّة طريقة كانت، ولا أسرق، ولا أشهد بالزور، ولا أكذب، ولا أقترف غشّاً في السرِّ. فإنْ خالفتُ ما تعهَّدتُ به، فسوف لا أُعاين ملكوت السموات ولا أدخلها، ويُهلِك الله الذي ثبتُّ هذا العهد أمامه، نفسي وجسدي في جهنم النار، لأنني حنثتُ بالعهد الذي قطعته](6).

كما كان يُحذِّر رهبانه قائلاً:

[ليس لمجرد أننا نحمل اللقب والزي أبرار قدَّام الله، لكن إنْ صرنا بلا خطية، عندها سنكون أبراراً قدَّام الله. فليس من أجل لقب أو زي قد ثبَّتَ الله عهده مع البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب، بل من أجل طهارتهم وبرِّهم، مثلما قال لإبراهيم: ”أنت مَرْضِيٌّ أمامي وبلا خطية، وسأقطع عهدي معك“ (حسب النص). كذلك لم يُشهَد لهابيل أنه بارٌّ من أجل لقب أو زي، بل من أجل قرابينه. ولم يُختطَف أخنوخ من أجل لقب أو زي، بل لأنه شُهِدَ له أنه قد أرضى الله...](7).

أما القديس مقاريوس الكبير فيقول في إحدى عظاته الخمسين:

[ذلك أنَّ المواعيد والمجد والحصول الكامل على الخيرات السماوية، إنما هو مخفيٌّ في الشدائد والآلام، وفي الصبر والأمانة، كاختباء الثمر في البذرة التي تُلقَى في الأرض. أو كمثل الشجرة التي تُخصَّب بنوع من السباخ، والتي تنمو وسط القاذورات، ولكنها فيما بعد تظهر وقد اكتست بالبهاء والمجد والثمر المتكاثر.

هكذا هؤلاء (الذين أحبوا الله بالحق، وحتى الموت، من كل نيَّتهم ومن كل قدرتهم)، إن لم يجتازوا تلك الأمور اللائقة بالهوان والفناء، فلن يظهروا مزيَّنين بالجمال والمنظر البهي والثمر المتكاثر. كما يقول الرسول: «بضيقات كثيرة (نتمكن من) أن ندخل ملكوت السموات» (أع 14: 22 حسب النص)، وكما يقول الرب: «بصبركم اقتنوا أنفسكم» (لو 21: 19)، وأيضاً: «في العالم سيكون لكم ضيق» (يو 16: 33)](8).

(يتبع)

(1) الأب متى المسكين، الرسالة إلى العبرانيين – شرح ودراسة، ص 600.
(2) المرجع السابق.
(3) A crostics III, Writings from the Philokalia, p. 61.
(4) Ibid. p. 38,7.
(5) Ibid. p. 72,133.
(6) الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، القانون التاسع، المخطوطة XL، ص 392-393.
(7) نفس المرجع السابق، بدون عنوان A26، فقرة 87.
(8) العظة الخامسة - الفقرة السادسة.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis