طعام الأقوياء
- 22 -


«مع المسيح صُلبتُ...»
(غل 2: 20)

عندما قال القديس بولس الرسول هذه الكلمات المملوءة أسراراً وعُمقاً: «مع المسيح صُلبتُ، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبَّني وأسلم نفسه لأجلي» (غل 2: 20)؛ فإنه إنما كان يُحلِّق في آفاق الحب الإلهي الذي غمره به المسيح حينما اختاره وهو في أعماق الجهل والعداوة للمسيح واضطهاد المؤمنين، لكي يكـون كـارزاً ومُبشِّراً بـالخليقة الجديدة والنعمة الفائقة التي انسكبت على العالم بمجيء المسيح.
فلقد أقام إبليس في العالم مملكة مُقاوِمة لله، ونصَّب نفسه رئيساً على هذا العالم. لذلك يقول يوحنا الرسول: «نعلم أننا نحن من الله، والعالم كله قد وُضِعَ في الشرير» (1يو 5: 19)، كما يُقرِّر أيضاً أنه: «لأجل هذا أُظهِرَ ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس» (1يو 3: 8). من أجل ذلك فإنه يُوصينا قائلاً: «لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إنْ أحبَّ أحدٌ العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم: شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظُّم المعيشة، ليس من الآب بـل مــن العالم. والعالم يمضي وشهوتـه، وأمَّا الذي يصنع مشيئة الله فيثبُت إلى الأبد» (1يو 2: 15-17).

لذلك قال الرب يسوع حينما كان مزمعاً أن يُسلِّم نفسه للموت لأجل خلاص العالم: «الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً. وأنا إنْ ارتفعتُ عن الأرض أجذب إليَّ الجميع» (يو 12: 32،31)، وأضاف أيضاً قائلاً: «رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء» (يو 14: 30).

وهكذا يتضح لنا أن الخليقة العتيقة التي سقطت بتعدِّي آدم صارت في حوزة إبليس، وقد جاء المسيح ليُخلِّص العالم من سلطان إبليس وينقلنا إلى ملكوته: «الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته» (كو 1: 13). ولكي يأتي بنا المسيح إلى ملكوته، كان يجب أن يخلق منَّا خليقة جديدة لكي نؤهَّل لملكوته الجديد: «لأن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله، ولا يرث الفساد عدم الفساد» (1كو 15: 50).

لأجل هذا تجسَّد المسيح كلمة الله، وأَخَذَ كل طبيعتنا واتَّحد بها، إذ أخذ كل عجنة البشرية من العذراء مريم، ووحَّدها بلاهوته، كما نقول في التسبحة:

[كل عجنة البشرية أعطتها (العذراء) بالكمال لله الخالق وكلمة الآب، هذا الذي تجسَّد منها بغير تغيير، ولدته كإنسان ودُعِيَ اسمه عمانوئيل](1).

وكما يقول في ذلك أيضاً القديس غريغوريوس النزينزي:

[... فما أغنى صلاحه، وما أعظم هذا السر الذي صنعه لأجلي! كنتُ شريكاً في صورته، ولم أُحافظ على الصورة، والآن قد اشترك في جسدي، ليُجدِّد فيَّ هذه الصورة، بل ويجعل جسدي أيضاً خالداً. فقد أعطاني شركة معه أعجب جداً من الشركة الأولى: ففي القديم أشركني فيما هو أفضل مني (أي صورته ومثاله)؛ وأمَّا الآن فقد اشترك هو في أردأ ما فيَّ (ليُخلِّصني منه)، وهذا العمل الأخير يُظهِر صلاحه الإلهي بطريقة أسمى جداً من العمل الأول لدى ذوي الفهم!](2)

وهكذا تجسَّد المسيح لكي يأخذ كل طبيعتنا ويتَّحد بها، لكي نكون كلنا فيه لمَّا صُلِبَ. وكان قصده من ذلك أن «يحمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر» (1بط 2: 24).

ولكي ينقل المسيح إلينا كل ما أكمله على الصليب لأجلنا، أعطانا أن نشترك معه في موته وقيامته بقبولنا المعمودية المقدسة على اسمه: «لأنَّ كلَّكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح» (غل 3: 27). وهذا ما أكَّده بولس الرسول كذلك في موضع آخر: «أم تجهلون أننا كلَّ مَن اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدُفنَّا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أُقيم المسيح من الأموات، بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضاً في جِدَّة الحياة. لأنه إن كُنَّا قد صرنا متَّحدين معه بشِبه موته، نصير أيضاً (متَّحدين) بقيامته. عالمين هذا: أنَّ إنساننا العتيق قد صُلِبَ معه ليُبطَل جسد الخطية، كي لا نعود نُستعبَد أيضاً للخطية. لأن الذي مات قد تبرَّأ من الخطية. فإن كُنَّا قد مُتنا مع المسيح، نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه... كذلك أنتم أيضاً احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية، ولكـن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا» (رو 6: 3-11).

الصليب والمعمودية:

عندما قال بولس الرسول: «مع المسيح صُلبتُ، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ»، فلابد أنه كان يرتسم في مُخيَّلته يوم ظهور الرب له وهو في طريقه إلى دمشق ومعه رسائل من رئيس الكهنة، ليقود رجالاً ونساءً موثقين إلى أورشليم لتعذيبهم وقتلهم بسبب إيمانهم بالمسيح؛ وكيف أنَّ الرب ظهر له بنورِ أبرق حوله من السماء، وقال له: «شاول شاول لماذا تضطهدني؟»، ثم ما حدث له بعد ذلك من دخوله دمشق وهو مفتوح العينين ولا يُبصر أحداً. ثم كيف قابله حنانيا وقال له: «أيها الأخ شاول، أَبْصِرْ!... إله آبائنا انتخبك لتَعْلَم مشيئته، وتُبصِر البارَّ، وتسمع صوتاً مَن فمه. لأنك ستكون له شاهداً لجميع الناس بما رأيتَ وسمعتَ. والآن لماذا تتوانَى؟ قُمْ واعتمد واغْسِل خطاياك داعياً باسم الرب» (أع 22: 14-16).

فقد كانت هذه الحادثة لحظةً فارقةً في حياته، أبصر فيها المسيح في مجده، وسمع صوتاً من فمه، وأدرك حبَّه العجيب له ولكل الذين آمنوا به، حتى أنَّ المسيح اعتبر الذين يضطهدونهم كأنهم يضطهدونه هو شخصياً. كما أحسَّ بولس بفعل المعمودية التي اغتسل بها من خطاياه، ووُلِدَ ولادة جديدة. وانفتحت عيناه على نور معرفة المسيح واستنار قلبه، لذلك نجده يقول هذه المقولة الخالدة: «مع المسيح صُلبتُ، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ».

لقد بنى بولس الرسول على حادثة اهتدائه معرفته بكل أسرار المسيحية، وأدرك أنَّ الصليب هو محور الحياة المسيحية كلها، وأنه هو «قوة الله وحكمة الله» (1كو 1: 24)، حتى أنه أخذ عهداً على نفسه قائلاً: «لأني لم أعْزِم أن أعرف شيئاً بينكم إلاَّ يسوع المسيح وإيَّاه مصلوباً» (1كو 2: 2)، وأيضاً قوله: «وأمَّا مِن جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلاَّ بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به صُلِبَ العالم لي وأنا للعالم» (غل 6: 14).

كما أدرك أنَّ المعمودية هي اغتسال من الخطايا، وميلاد جديد، وختان غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية (كو 2: 11)، كما أنها دفنٌ مع المسيح وقيامة معه: «مدفونين معه في المعمودية التي فيها أُقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات» (كو 2: 12).

فكما محا المسيح خطايانا بدم صليبه، ومزَّق الصكَّ الذي علينا «الذي كان ضدّاً لنا، وقد رفعه من الوسط مُسمِّراً إيَّاه بالصليب» (كو 2: 14)؛ هكذا أيضاً وضع لنا في المعمودية بقوة كلمته وفعل دم صليبه، غسلاً وتطهيراً لخطايانا، وتحقيقاً لِمَا كان يشتهيه الأنبياء قديماً وينتظرونه بالإيمان: «اغسلني فأبيضَّ أكثر من الثلج» (مز 51: 7)، «هَلُمَّ نتحاجج، يقول الرب، إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضُّ كالثلج، وإن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف (النقي)» (إش 1: 18).

كما يقول بولس الرسول أيضاً في رسالته إلى العبرانيين، رابطاً بين فعل الصليب وعمل المعمودية: «فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، طريقاً كرَّسه لنا حديثاً حيّاً، بالحجاب، أي جسده، وكاهن عظيم على بيت الله، لنتقدَّم بقلبٍ صادق في يقين الإيمان، مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير، ومُغتَسِلة أجسادنا بماء نقي. لنتمسَّك بإقرار الرجاء راسخاً، لأن الذي وعد هو أمين» (عب 10: 19-23).

كما نقل لنا بطرس الرسول صورة من العهد القديم تُشير بوضوح إلى عمل المعمودية بقوله: «في أيام نوح، إذ كان الفُلْك يُبنَى، الذي فيه خلُص قليلون أي ثماني أنفس بالماء» (1بط 3: 20). فبالدخول إلى الفُلْك انتقل نوح والذين معه (أي الثماني أنفس) بالإيمان، من الهلاك بالطوفان أي من العالم العتيق إلى عالم جديد، أي من الموت إلى الحياة؛ واستطرد قائلاً: «الذي مثاله يُخلِّصنا نحن الآن أي المعمودية» (1بط 3: 21).

ففي المعمودية نضع بتغطيسنا أو دفننا في مائها نهايةً لخليقة عتيقة؛ أي أننا بالنزول إلى الماء نتخلَّص من إنساننا العتيق، ونشترك في موت المسيح، وبصعودنا منه، نصعد قائمين مع المسيح. وهكذا نكون قد اشتركنا مع المسيح في موته وقيامته، كما قال بولس الرسول: «لأنه إن كُنَّا قد صرنا متَّحدين معه بشِبه موته نصير أيضاً بقيامته». فلقد حَمَلَنا ابنُ الله جميعاً في جسده وصُلبنا معه، حينما ارتفع هو على الصليب: «وأنا إنْ ارتفعتُ عن الأرض أجذب إليَّ الجميع. قال هذا مُشيراً إلى أيَّة ميتةٍ كان مُزمعاً أن يموت» (يو 12: 33،32).

مِن هنا نطق بولس الرسول مُعبِّراً عن هذا الإيمان الذي اختبره وعاشه بقوله: «مع المسيح صُلبتُ، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ». وهذا هو ما أراد أن ينقله لنا بقوله: «فإن كُنَّا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه».

فبولس الرسول بإيمانه الراسخ أنه قد صُلِبَ مع المسيح، أيقن أيضاً أنَّ إنسانه العتيق قد صُلِبَ معه، ليُبطَل جسدُ الخطية كي لا يعود بعد يُستعبَد أيضاً للخطية، وهكذا فلم يَعُدْ هو الحيُّ بعد، بل المسيح هو الذي يحيا فيه. هذا الإيمان عينه يريد أن يُرسِّخه في قلوبنا بقوله:

+ «كذلك أنتم أيضاً احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية، ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا. إذاً لا تَمْلِكَنَّ الخطية في جسدكم المائت لكي تُطيعوها في شهواته، ولا تُقدِّموا أعضاءكم آلات إثم للخطية، بل قدِّموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات برٍّ لله. فإنَّ الخطية لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة» (رو 6: 11-14).

صليب المسيح وصليبي:

هذا هو الصليب الذي يُريدنا المسيح أن نحمله ونتبعه: «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كـل يـوم، ويتبعني» (لو 9: 23). فصليبنا هو أولاً إنكار الذات عن كل رغبة في الظهور والمجد الباطل، وحرمانها من شهوات الجسد ونزواته الشريرة، ومن محبة العالم التي هي عداوة لله. لأنه بدون الموت الداخلي، أي الإرادي، يستحيل على الإنسان أن يَقْوَى على حَمْل صليبه كل يوم ويتبع الرب. ولكننا لا نقدر أن نحمل صليبنا ونتبعه دون أن نكون أولاً قد آمنَّا بصليب الرب واتَّكلنا على «عظمة قدرته الفائقة نحونـا نحن المؤمنين، حسب عمل شدَّة قوته الذي عمله في المسيح، إذ أقامه من الأموات، وأجلسه عن يمينه في السماويَّات» (أف 1: 20،19).

فالإنسان يستحيل أن يتحرَّك وحده نحو الله، بل الله هو الذي جاء إلينا في المسيح ابن الله، وهو الذي قال: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً» (يو 15: 5). فهو وحده الذي يحمل قوة التحرُّك بنا نحو الآب، لأنه يحملنا في جسده وقد حَمَلَ خطايانا في جسده ليموت من أجلنا ويُخلِّصنا منها، فهو «حَمَلَ الله الذي يرفع خطية العالم» (يو 1: 29). كما أنه «ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلاَّ بي (بالمسيح)» (يو 14: 6)، لأنه هو «الطريق والحق والحياة» (يو 14: 6).

لذلك فإنه علينا أن نتذكَّر دائماً أننا قد صُلبنا مع المسيح ومُتنا ودفنَّا أيضاً معه، وقمنا أيضاً بقيامته وخلعنا الإنسان العتيق، ولبسنا الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق. هذا هو ما عمله المسيح من أجلي. فماذا عليَّ أن أعمل من أجله ومن أجل الثبات فيه؟

هذا هو ما يُجيب عنه بولس الرسول بقوله:

+ «فإن كنَّا قد متنا مع المسيح، نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه... إذاً لا تَمْلِكَنَّ الخطية في جسدكم المائت لكي تُطيعوها في شهواته» (رو 6: 12،8).

+ «لأنكم قد مُتُّم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله... فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض: الزنا، النجاسة، الهوى، الشهوة الردية، الطمع الذي هو عبادة الأوثان، الأمور التي من أجلها يأتي غضب الله على أبناء المعصية... وأمَّا الآن فاطرحوا عنكم أنتم أيضاً الكل: الغضب، السَّخط، الخُبث، التجديف، الكلام القبيح من أفواهكم، لا تكذبوا بعضكم على بعض، إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله، ولبستم الجديد الذي يتجدَّد للمعرفة حسب صورة خالقه...

فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات، ولُطفاً، وتواضعاً، ووداعة، وطول أناة، محتملين بعضكم بعضاً، ومُسامحين بعضكم بعضاً إنْ كان لأحدٍ على أحدٍ شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً. وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال» (كو 3: 3-14).

ونختم بقول للقديس غريغوريوس النزينزي في هذا الصدد:

[بالأمس صُلبتُ مع المسيح، واليوم أنا أتمجَّد معه. بالأمس مُتُّ معه، واليوم أستعيد الحياة معه. بالأمس دُفنتُ معه، واليوم أقوم معه. فلنُقدِّم (قرابيننا) للذي مات وقام لأجلنا!... لنُقدِّم له ذواتنا، لأن هذا أكرم شيء لدى الله وأقرب شيء إليه. فلنصِرْ مثل المسيح، لأن المسيح أيضاً صار مثلنا. لنَصِرْ آلهةً من أجله، لأنه هو أيضاً من أجلنا صار إنساناً. لقد أخذ منَّا الأردأ لكي يُعطينا الأفضل. لقد افتقر لكي نغتني نحن بفقره (2كو 8: 9). لقد أخذ شكل العبد لكي نستعيد نحن الحرية. نزل لكي نرتفع نحن، صار مُجرَّباً لكي ننتصر نحن (في التجارب). أُهين لكي يُمجِّدنا. مات لكي يُخلِّصنا. صعد لكي يجذبنا إليه نحن المُنطرحين في سقطة الخطية. ليت كل واحد يُقدِّم له كل شيء، ويصير مُثمراً في كل شيء، للذي بذل نفسه فديةً عنَّا من أجل مُصالحتنا! لكن ليس أحدٌ يُقدِّم شيئاً مثل مَن يُقدِّم نفسه وله دراية بسرِّ (المسيح)، فيصير من أجله كل ما صار هو من أجلنا!](3)

(يتبع)

(1) الأبصلمودية المقدسة، ثيئوتوكية الخميس.
(2) Oration 45,9; NPNF, 2nd Ser., Vol. VII, p. 426.
(3) Oration 1, on Easter; NPNF, 2nd Ser., Vol. VII, p. 203.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis