ومما ورد بالحديث أخبار عن أيقونة للقديسة العذراء مريم تنضح دموعاً، فقد سأله الصحفي:

- هل تعرف شيئاً عن المعجزات التي حدثت أخيراً في الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا؟

فردَّ عليه زكَّاؤوس (الذي كان ما يزال أرشيدياكوناً وقتها):

- إنه سؤال مهم. إني أعرف أنه في كل يوم أحد، وفي كل مرة تُقام الليتورجية الإلهية، فإنه تحدث معجزة صيرورة الخبز والخمر جسد المسيح ودمه، هذه هي المعجزة الأكثر أهمية، وهي ما يجب أن نتذكَّره دائماً. ولكن إن كنت تقصد المعجزات الأخرى، ففي كنيستنا (في شيكاغو) تَبَاركنا بظاهرة الأيقونات الباكية والتي تنضح أطياباً. ومنذ سنوات ظهرت أيقونة تنضح أطياباً في كنيسة القديس نيقولاوس الألبانية. كما نعلم أن أيقونة أخرى لوالدة الإله في ”سيسرو“ خارج ضواحي شيكاغو، وغير ذلك من الأيقونات في كنائس أخرى، قد نضحت أطياباً، وقد شُفي الكثيرون من هذه الأيقونات.

إننا نفرح بأن الله باركنا بهذه المعجزات، ولكن يجب أن نكون منتبهين جداً أن لا نطلب المعجزات، لأنه - كما قلت سابقاً - فإنه في كل يوم أحد وفي الليتورجية الإلهية تحدث معجزة، وأيضاً معجزة أن نستيقظ في الصباح ونستطيع أن نصلِّي ونتوب. فإن التوبة الحقيقية هي معجزة عظيمة.

إن كل هذه الأيقونات الباكية هي مهمة جداً وجميلة، ونحن نشكر الله عليها، ولكننا لا نحتاج إليها احتياجاً مُلحًّا. فإن كان الله في حكمته يُباركنا بهذه الأيقونات، فنحن نشكره بشدة، وإن لم يُعطِنا إيَّاها، فلا يجب أن نحزن.

مرة تباركتُ بأن أرى الأب نيكولاس في جزيرة زاليت، وشرحتُ له قصة هذه الأيقونات وما تردَّد من أسئلة حولها من كثيرين من المؤمنين. وخرجنا من المناقشة بأنه من المؤكَّد أننا يجب أن نعتبرها دعوة للتوبة، ومن هنا فهي تكون ظاهرة جيدة.

ثم سأله الصحفي:

- هل وَصَلَتْ أخبار عن هذه المعجزات إلى وسائل الإعلام؟

فردَّ الأرشيدياكون زكَّاؤوس:

- إني أعتقد أنه كان أمراً جيداً وصحيحاً أن كهنتنا وأساقفتنا، سواء من الكنيسة السورية الأنطاكية أو الألبانية أو أسقفنا في شيكاغو، لم يحاولوا أن يُعرِّفوا وسائل الإعلام بها. فنحن نريد أن نحتفظ بها للمؤمنين. أنت تعلم أننا نقول في الصلاة قبل التناول المقدس: ”لسنا نريد أن نتكلَّم عن أسرارك المقدسة أمام أعدائنا“ (حسب طقس الكنيسة الروسية). لابد أن نكون حريصين في ذلك، لأن أية معجزة، سواء كانت أيقونة باكية، أو أية معجزة أخرى في الكنيسة، هي سرٌّ خاص للمؤمنين. إنها ليست كذلك للذين هم من خارج، ويجب أن نتيقَّن من ذلك لكي تصير لنا هذه المعجزات كدعوة للتوبة، لتشفينا، وتجعلنا نصلِّي أكثر.

إن تعليمنا للشعب يكون بقدوة حياتنا، وليس بالأيقونات الباكية. إن هذا أمر للكنيسة، إنه سرُّ الكنيسة داخل الكنيسة. لكل واحد أن يُكرِّم هذه الأيقونات، ولكننا لا نريد أن نُعلن ذلك للخارجين لئلا تصير هذه الأيقونات سبباً في نسيان المسيح. لابد أن نتذكَّر أن إيماننا الأرثوذكسي هو عن الرب يسوع المسيح وإيَّاه مصلوباً وقائماً من بين الأموات. أحياناً نحن نجعل من هذه الأيقونات أصناماً، ويجب أن نكون حريصين جداً لئلا يظهر ذلك لوسائل الإعلام. فإنها قد تحوَّل وتؤَوَّل هكذا. ولابد أن نتحقَّق ونُحقق أن إيماننا هو عن الرب يسوع المسيح، وليس عن أيقونات باكية.

ثم سأله الصحفي:

- ماذا تعني أن يكون الإنسان أرثوذكسياً في الولايات المتحدة الأمريكية؟

أجاب الأرشيدياكون زكَّاؤوس:

- أعتقد أن هذا يعني نفس الشيء. فالمسيحي الأرثوذكسي هو الذي يستيقظ كل يوم في الصباح، ويرشم ذاته بعلامة الصليب، ويُصلِّي قبل أي شيء، ويجتهد أن يُكمِل يومه كله بحسب مشيئة الله. فأنْ تكون مسيحياً أرثوذكسياً، هو أن تكرز بالرب يسوع المسيح وإيَّاه مصلوباً وقائماً من بين الأموات، ليس بالكلام فقط بل بأعمالنا، وأن نحيا حياة الصلاة، وأن نجد المسيح في قريبنا، ونخلِّص أنفسنا، وليت نخلِّص قريبنا أيضاً.

(عن وكالة أنباء DECR)