الكنيسة هذا الشهر



نياحة أنبا مينا أسقف تميِّ الأمديد
ونياحة القديس يوحنا السرياني
(7 هاتور / 17 نوفمبر)

حياته الأولى:

وُلد أنبا مينا أسقف تميِّ الأمديد(1) في أواخر الجيل السابع، من أبوين تقيَّيْن ترجع أصولهما إلى مدينة سمنود. وكانا مهتمَّيْن بأعمال الرحمة، مواظبَيْن على الصلاة والصوم. فشبَّ مينا ابنهما وسط هذا الجو الروحي.

وعندما بلغ سنّ الشباب، أرغمه والداه على الزواج بغير إرادته. ولم يستطع مينا أن يتكلَّم معهما فيما كان يشتاق إليه، حيث كانت رغبته في أن ينفرد بقية حياته راهباً في البريَّة، مُقدِّماً نفسه ذبيحة حيَّة للرب يسوع المسيح. ولكنه نزل على رغبتهما من أجل راحتهما.

فـاختار له والداه فتاةً تقيَّة مشهوداً لها مـن الجميع. ولكن حدث أنَّ مينا بعد أن تزوَّج هذه الفتاة، وفي ليلة عُرسهما، اتَّفـق معهـا على أن يعيشا حياة البتولية. وبقيا في هذا الوضع زماناً يُقدِّمان عباداتٍ كثيرة.

رهبنته:

وبعد فترةٍ وجيزة، اتَّفق مينا مع الفتاة التي تزوَّجها، أن يُلحِقها ببيت للعذارى. أما هو فَقَصَدَ دير القديس العظيم أنبا أنطونيوس في البرية الشرقية. وهناك تقابَل مـع راهب فاضل اسمه ميخائيل.

وبعد أن عاشا معاً فترة من الزمان، اتَّفقا أن يتوجَّه كلاهما لبرية القديس مقاريوس. وظلاَّ معاً، وتتلمذا على أيدي القدِّيسَيْن أبرآم وجاورجي.

وخلال تلمذة مينا، أظهر فضائل كثيرة، وكان مشهوداً له في الغيرة والنُّسك. وتدرَّج في العبادات حتى فاق كثيرين من الرهبان.

رغبة البابا البطريرك في رسامته أسقفاً:

عندما عَلِمَ البابا أنبا سيمون الأول (689-701م) بفضائل الراهب مينا، أرسل إليه مندوبين إلى البريَّة ليُبلغوه رغبة قداسة البابا في رسامته أسقفاً. فأخـذ الراهب مينـا يبكي ويستعطفهم ليتركوه في وحدتـه ويختاروا غيره. وبـالفعل أرشدهم إلى رهبان آخرين، قائلاً لهم: إن هؤلاء الرهبان ”أَخْيَر وأصلح مني لهذه المسئولية“.

وبعـد أن رأى تمسُّكهم بـرأيهم، استشار القدِّيسَيْن الجليلَيْن أنبا أبرآم وأنبا جـاورجي في هذا الأمر. فنصحاه بأن يُطيع أَمْر قداسة البابا، وأنها إرادة الله وإرشاد الروح القدس. وبعد أن اقتنع برأيهما، تمَّت رسامته أسقفاً على إيبارشية تميِّ الأمديد.

مواهب أنبا مينا الروحية:

كان أنبا مينا كثير الصلاة بلا انقطاع، وغزير الدموع. ولأجل مسكنته وتواضعه، أنعم الله عليه بمواهب عديدة. فقد وهبه الله موهبة شفاء المرضى وإراحة المتعبين. كما أعطاه الله البصيرة الروحية، فكانت لديه موهبة التنبُّؤ وكَشْف خفايا النفوس.

أنبا مينا أبٌ لأربعة من البطاركة:

صار الأنبا مينا أباً روحياً لأربعة من الآباء البطاركـة، وهم: البابـا ألكســندروس الثاني (البطريرك الـ 43)؛ البابا قسما الأول (44)؛ البابا تواضروس الأول (45)؛ البابا خائيل الأول (46)، الذي رُسِمَ بطريركاً سنة 743م.

والبابـا خائيـل الأول هـو أخـوه الروحي ”الراهب ميخائيل“ الـذي تـرهَّب معه في ديـر القديس أنبا أنطونيوس، ثم توجَّها سويّاً إلى برية القديس مقاريوس.

نياحة أنبا مينا أسقف تميّ الأمديد:

بعد أن عاش القديس أنبا مينا عمراً مديداً، تنيَّح في شيخوخة صالحة عن عمرٍ يُناهز 95 عاماً في سنة 768م. وبذلك يكون تاريخ ميلاده حوالي سنة 673م.

أما تاريخ وصوله إلى برية شيهيت، فلم يكن قبل سنة 690م. وتُذكر سيرته العطرة في سنكسار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث تُعيِّد له الكنيسة تحت يوم السابع من شهر هاتور.

بركة صلواته فلتكن معنا ولربنا المجد دائماً أبدياً، آمين.

+ + +

نياحة القديس يوحنا السرياني:

كما تُعيِّد الكنيسة في هذا اليوم (7 هاتور)، بتذكار نياحة القديس يوحنا السرياني.

وهذا القديس هو أحد الرهبان السريان. فقد وُلِد بعد وفاة والده، فأحسنت أُمُّه الفاضلة تربيته وتهذيبه.

ولما كبر، اشتاق إلى حياة الرهبنة وتسليم حياته بالكامل للرب يسوع، فترهَّب في دير مار توما الرسول في سلوكية ببلاد الشام.

وأَخْلَص في صلواتـه ونسكياتـه ودراسته للكتاب المقدس. فنما في الحياة الرهبانية، ونما كذلك في العلوم الدينية. وبعد فترة وجيزة، تمَّت رسامته كاهناً. ثم بعد ذلك تقلَّد رئاسة الدير، فدبَّره بصبرٍ وحكمة.

ولم يكتفِ القديس يوحنا السرياني بتدبيره لديره، إنما بنى ديراً آخر على شاطئ نهر الفرات سنة 530م.

وبعد ذلك رحل إلى القسطنطينية، وتعلَّم اللغة اليونانية حتى أتقنها؛ وكتب كُتُباً كثيرة في: تفسير بعض أسفار الكتاب المقدس، والميلاد البتولي، والقيامة المجيدة، وبعض ميامر الشهداء.

ولما أكمل سعيه الصالح، تنيَّح بسلام سنة 254ش/ 538م.

بركة صلواته فلتكن معنا ولربنا المجد دائماً أبدياً، آمين.

(1) بمركز السنبلاَّوين - محافظة الغربية.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis