للأب متى المسكين



قامة الطفولة هي شرطٌ للدخول إلى الملكوت()
(مت 18: 1-5)

1:18-3 «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ؟ فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ».

في الحقيقة هنا يكشف القديس متى مباشرة هذه المنازعة التي كانت بين التلاميذ، فالقديس مرقس يضعها في قالبها الضعيف: «وجاء إلى كفرناحوم وإذ كان في البيت سألهم بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق؟ فسكتوا، لأنهم تحاجَوْا في الطريق بعضهم مع بعض في مَنْ هو أعظم» (مر 9: 34،33). هنا خفَّفها القديس متى إلى مجرَّد سؤال من التلاميذ فيمَنْ هو أعظم في الملكوت! وما ذَكَرَه القديس مرقس هو الأكثر مناسبة لردِّ المسيح، حيث عرف المسيح بالروح أنَّ ما كانوا يتحاجُّون من أجله هو أمرٌ مُخجل.

«أعظم»: me…zwn

لا تفيد الأعظم فقط، بل تحمل معنى الترأُّس. فهي تأتي كاسم تفضيل superlative من الصفة m?gaj التي تعني كبير أو عظيم كما جاءت في (1كو 13:13): «أمَّا الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة ولكن أعظمهُنَّ المحبة»، حيث تتحكَّم المحبة في الباقي! ولكن الأمر الذي يُتعجَّب له أنَّ التلاميذ لَمَّا سمعوا من المسيح أنَّ ابن الإنسان سيُسلَّم إلى أيدي الناس ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم، حزنوا جداً؛ إذ أنهم لم يفهموا ما هي القيامة! وهنا نجدهم يبحثون عن الوظائف ومَنْ يكون الأعظم في ملكوت السموات، ولكن هذا يكشف لنا بالأكثر محبة الله الآب التي سبقت فاختارت وعيَّنت، مُدركةً كل ضعفات الإنسان. والمسيح لَمَّا اختار التلاميذ، اختارهم وهو عارفٌ بضعفاتهم وعيوبهم، لأن محبة الله ساترة للعيوب، والمسيح كان يثق في قدرته وفعل الروح القدس في تهذيب أخلاق وسلوك التلاميذ، وبالتالي نحن. إذ كما يقول القديس بولس: «فانظروا دعوتكم أيها الإخوة، أنْ ليس كثيرون حكماء حسب الجسد، ليس كثيرون أقوياء، ليس كثيرون شرفاء (ذوي حسب ونسب ومحتد)، بل اختار الله جُهَّال العالم (صيَّادين) ليُخزيَ الحُكماءَ (الكَتَبَة). واختار الله ضُعفاء العالم ليُخزيَ الأقوياءَ (ملوك ورؤساء كهنة). واختار الله أدنياءَ العالم والمُزدَرَى وغير الموجودِ ليُبطِلَ الموجودَ، لكي لا يفتخر كلُّ ذي جسدٍ أمامه. ومنه أنتم بالمسيح يسوع، الذي صار لنا حكمةً من الله وبرّاً وقداسةً وفداءً» (1كو 1: 26-30).

بسبب هـذا الإحساس العميق صرخ دانيال النبي: «لك، يـا سيِّدُ، البرُّ، أمَّـا لنا فَخِزْيُ الوجوه...» (دا 7:9).

والآن، حينما جاء المسيح بولدٍ وأقامه في الوسط، وقال: ”إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات“، فإنه يكشف في الحال عن شخصه ومستواه وعلمه وطبيعته وقانون الملكوت الذي وضعه!! فهو حتماً وبالضرورة على نفس هذه القامة عينها، فهو صاحب طبيعة الملكوت ومدبِّره، وإذ وضع شرط دخول الملكوت فهو الملك المدبِّر بلا نزاع، وواضع أُسس الحياة الأبدية كما وضع أُسس السموات والأرض! فكما أعطى كيف يُولد الإنسان في العالم، وضع كيف يولد الإنسان ثانية لملكوت السموات. وكما أعطى قوانين النمو والترقِّي والنضوج للجسد، وضعها هي بعينها لدخول الملكوت والحياة فيه. وهنا نفهم بما لا يَدَع مجالاً للشك قيمة ومعنى: «تعلَّموا مني لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم» (مت 29:11)؛ فحينما قال: انظروا إلى هذا الولد، كان الأمر في الحقيقة: انظروا إليَّ. فقامة الولد مختفية تحت ستار صغر الجسد والسن، ولكن هي في عمقها واضحة في قامة المسيح غير مخفية في الجسد بعد؛ إذ وضحت لكل ذي عين وعقل في كيف سلك وتصرَّف، وكيف عامَلَ أعداءه ومُحبِّيه، وبالأكثر فيما هو قادمٌ عليه من هجمة الأعداء الشرسة من قبض وإهانة ولطم وشتم وبُصاق، وضرب على الظهر والرأس، وتعليق على الخشبة، وهو هادئ هدوء الحَمَل تحت يد الذي يجزُّه لا يتحرَّك ولا يفتح فاه. نعم، لقد بلغ المسيح بهذه القامة، ”قامة الأولاد الصغار“، في الوداعة والتواضع والطاعة تحت يد أبيه، مبلغاً لا يبلغه بالغ. فالولد الصغير الذي أقامه ليستعرض فيه ذاته، هو يقصد منه مظهره هو، بل أقدس ما فيه، وفي روحه الوديعة المتواضعة الطيِّعة تحت يد أبيه.

لم يحاول أن يسترجع قُبح عراكهم فيمَن هو الأعظم، ولا هو أنَّبهم على بلادة ذهنهم وشعورهم من جهة ما أعلنه عن آلامه المزمعة وموته، بل تجاوز هذا كلَّه، كما تجاوز كل ضعفاتهم يوم اختارهم ليكونوا تلاميذه وأصحاب مفاتيح ملكوت السموات. ولكن إزاء حركة ضمائرهم الشاذة فيما يطلبون من العظمة في ملكوت الله، اضطر أن يضع المَثَل أمام عيونهم وضعاً لا يُنسَى بتمثيلٍ حيٍّ، ليذكروه بعد ذلك ويتمثَّلوا به. والمسيح لما أحبَّ الأولاد الصغار أمام أعينهم واحتضنهم، أحبهم لا لأنه كان بلا ولد، بل لكي يوضِّح بأشدِّ بلاغة أنَّ هذه هي القامة المُثلَى والأقرب إلى قلب الله، وتزداد علوّاً وقُرباً منه إنْ كانت هي قد بلغت قامة الرجولة في احتمال الآلام وخوض المعاناة بلا أنين. ويُقال إنَّ الولد الذي حمله المسيح هو القديس إغناطيوس الذي استُشهد، لذلك سمِّي qewf?rojأي حامل الإله(1).

والمشكلة التي واجهت المسيح في التعليم، ليس لأنهم تعارَكوا فيمَن هو أعظم في الملكوت، بل كيف يَدخُلُونه؟ لأن تعظُّمهم بعضهم على بعض هو العائق الأعظم لدخولهم الملكوت. وهكذا كشفوا بسؤالهم أو بعراكهم عدم صلاحيتهم للملكوت أصلاً. ولكن الأمر الذي يعود علينا بالحزن والأسى والحسرة، أنَّ هذا بعينه ما هو حادث في الكنيسة: ”مَنْ هو الأعظم“، على أساس وهمي أنَّ الأعظم هنا أعظم هناك! وليس لنا في ذلك كلام.

«فلن تدخلوا»: o? m»

هنا نَفْيٌ مغلَّظ كالقسم المغلَّظ، فأداة النفي مكرَّرة تعبيراً عن المستحيل! لم ولن.

«ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد (الصغار)»:

الدعوة هنا سرِّية غاية السرِّية، فمعلوم بحسب عقل نيقوديموس أنه مستحيل أن يرجع الإنسان ويصير إلى طفل، هل يدخل بطن أُمِّه ثانيةً ويولد؟ هذا هو الحُكْم بالعقل وبمقتضى الطبيعة. والمسيح هنا يُشير إلى الولادة السرِّية التي تُعيد الإنسان لا مثل طفل بل طفلاً حقّاً وبالحقيقة؛ ولكن ولداً لله، مولوداً من روحه وراضعاً من لبنه العقلي عديم الغش، ولادة بالكلمة ومن فوق حيث ينتمي الإنسان إلى طبيعة ابن الله، الحائزة على الوداعة والتواضع كصفة مَن هو مولود من فوق. وهذا هو المنطق الإلهي والقانون الذي وضعه المسيح لبلوغ صلاحية الدخول إلى الملكوت!

«مثل الأولاد»: ?j t¦ paid…a

هنا ”الأولاد“ باليونانية، تفيد ”الأطفال الصغار“!!

ثم أليس هذا هو الجواب الذي أعطاه المسيح لنيقوديموس: «أجاب يسوع وقال له: الحقَّ الحقَّ أقول لك: إن كان أحدٌ لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله (وليس أن يكون عظيماً فيه)... لا تتعجَّب أني قُلتُ لك: ينبغي أن تُولَدُوا من فوق. الريح تَهُبُّ حيث تشاءُ، وتسمع صوتها، لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب! هكذا كل مَنْ وُلِدَ من الروح» (يو 3: 8،7،3). ولكن ما هذا؟ أن ”ترجعوا“ وتتحوَّلوا. كيف نرجع؟ وكيف نتحوَّل؟ ومِمَّ نرجع؟ وإلى مَ نتحول؟

كلام سرِّ المسيح هنا عميق، والإحساس الروحي هو دليل الإنسان مع انفتاح الذهن: التغيير والتحوُّل والرجعة، هي مِمَّا هو للإنسان إلى ما هو لله حتى نؤهَّل لرؤية الله: ”تروا ملكوت الله“، وبالتالي نصير أهلاً لدخول ملكوت الله. الأمر الذي وضَّحه بولس الرسول نفسه: «الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله، فإنْ كُنَّا أولاداً فإننا ورثة أيضاً (بالضرورة)، ورثة الله (ملكوته) ووارثون مع المسيح (الابن)» (رو 8: 17،16).

لاحِظ، أيها القارئ السعيد، أنَّ الذي يدخل الملكوت، يبلغ منتهى ما يمكن أن يبلغه الإنسان. هذا وضح في مَثَل القمح والزوان، حيث «يُضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم» (مت 43:13). ولكن من كلام القديس بولس الرسول السالف يتضح لنا أنَّ تبنِّي الله للمفديين، هو الذي أعطاهم حق الأولاد، فقول المسيح: «ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد»، هي عملية عُظمى أكملها المسيح لنا ونحن ننالها بالروح بالإيمان (غل 26:3). فالتغيير أو التحوُّل إلى ما هو لله لا يأتي بجهدٍ بشري، ولكنه تمَّ وكَمُلَ بحسب مشيئة الله في المسيح يسوع، وأصبح نواله يدخل في عملية الإيمان والخضوع الكامل لمفاعيله الإلهية المجانية. هنا قامة الطفل الصغير مطلوبة جداً، حيث يحني رأسه ليضع المسيح يده عليه، فبالطاعة بالإيمان ننال بركة التبنِّي.

4:18 «فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ».

المنظر هنا سرِّي للغاية، فالولد واقفٌ أمام المسيح، والتلاميذ ينظرون، والمسيح يتكلَّم عن الولد وهو في الحقيقة العملية يتكلَّم عن نفسه. لأنه مستحيل على الولد أن يبلغ اتضاع المسيح. وممكن لإنسان أن يصطنع تواضُع الولد ويُمثِّل الدور تماماً وينال قبول الناس ومديحهم، ومن داخل هو الإنسان. ولكن المسيح يتكلَّم عن الاتضاع الذي يلبسه الإنسان بالروح كالثوب، وليس الذي يلبسه الإنسان ليتراءى به أمام الناس. فالولد يحمل رمز الاتضاع ولكن ليس قوَّته، وإلاَّ ما كان الولد يصير مجرماً أو عاصياً أو عنيداً. فالمسيح يطلب الاتضاع الذي لا يُفارِق الإنسان. المسيح هنا ينتقل من الولد الرمز إلى الحقِّ الكامل فيه: «تعلَّموا مني لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم» (مت 29:11). وراحة النفس لا تتم إلاَّ في الملكوت.

المسيح لا يتكلَّم عن التواضع كطبيعة بشرية، بل تواضُع الروح الذي نَرِث به الملكوت. تواضُع الروح يناله الإنسان بالانقياد للروح القدس: «لأن كلَّ الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله» (رو 14:8). والانقياد للروح القدس يُوصِّل لكل ما يشتهيه الله لنا من كل الصفات. والانقياد للروح هو صَنْعتُه، فمهما أشار الروح إلى عمل يُعمل نعمله بجرأة وشجاعة وبلا نقصان. وكل عمل يُشير به الروح أن لا يُعمَل، نقف في الحال ونمتنع مهما كان الدافع أو الإغراء حتى الموت. بهذا نأخذ من الروح القدس صفاته أولاً بأول بقدر ما نخضع ونطيع لتوجيهاته وعمله فينا. إذن، فالله وضع فينا مَنْ يقودنا إلى الملكوت خُطْوَة خُطْوَة. والذين ذاقوا توجيهات الروح القدس وإرشاداته بل أوامره أحياناً، يعرفون كيف يصومون الصوم الانقطاعي الدائم عن الشهوات والن‍زوات وميول النفس المنحرفة، والمشورات المشبوهة والإغراءات التي تأتي بصور شِبْه روحية. والذي وَضَعَ نفسه مثل هذا الولد، يعني أنه باعها لأبيه السماوي ووضعها تحت أمره وتدبيره مهما تكلَّف الإنسان.

الخطر الذي وقع فيه معظم الشُّرَّاح أنهم فتَّشوا في الطفل عن الصفات التي فيه وقارنوا التواضع بما قالته الكنعانية وما قاله قائد المائة، هؤلاء لم يبلغوا تواضُع الروح الذي يورِّث الملكوت، ولكن تواضع النفس الذي فازوا به بالشفاء، شفاء الجسد. شفاء الجسد شيء، وشفاء الروح من العظمة شيء آخر. تواضُع المسيح يُورِّث الملكوت، وبغير تواضُع المسيح لن نرث ملكوتاً. تواضُع المسيح لم يكسب به المسيح مديحاً أو مكسباً على الأرض، بل ضيَّع عليه كل مديح وكل مكسب. تواضُع المسيح كسب به الصليب!! وبالصليب كسب لنا الملكوت!

+ «فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً: الذي إذ كان في صورة الله، لم يَحسِبْ خُلسَةً أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبدٍ، صائراً في شِبْه الناس. وإذ وُجِدَ في الهيئة كإنسانٍ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب. لذلك رفَّعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كل اسمٍ ...» (في 2: 5-9).

5:18 «وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي».

تماماً على مستوى ما قاله المسيح بخصوص ما نعمله في أحد هؤلاء الأصاغر من إطعام وسقي وملبس وزيارة في سجن أو قبول غريب:

+ «ثم يقول الملك للذين عن يمينه (في ملكوته): تعالوا يا مبارَكي أبي، رِثـُوا الملكوت المُعَدَّ لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعتُ فأطعمتموني. عطشتُ فسقيتموني. كنتُ غريباً فآويتموني. عرياناً فكسوتموني. مريضاً فزرتموني. محبوساً فأتيتم إليَّ. فيُجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعاً فأطعمناك، أو عطشاناً فسقيناك؟ ومتى رأيناك غريباً فآويناك، أو عرياناً فكسوناك؟ ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك؟ فيُجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم: بما إنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر (سواء تلاميذه أو أولاده بالروح) فبي فعلتم» (مت 25: 34-40).

وهنا يُضيف على هذا المثل قوله هنا: «ومَنْ قَبِلَ ولداً واحداً مثل هذا باسمي فقد قَبِلَني».

«قَبِلَ»: d?xhtai

بمعنى استقبل أو عطف أو ساعد أو تبنَّى أو علَّم أو أطعم أو استمع إلى شكواه أو طلبه أو مرضه. وبالاختصار، كل ما يمكن أن يضحِّي به الإنسان ويبذل في سبيل راحة أو فرح أو شفاء ولد صغير من أجل اسمي، أي ليس بدافع المعونة الاجتماعية أو المساعدة للفقراء أو العطف الجسدي، ولكن «من أجل اسمي».

وهنا يختبئ سرُّ المسيح، حيث يعتبر المسيح أن الولد المتواضع والطائع للمسيح يحمل المسيح، فأصبح أي عمل يُعمل لأيِّ ولد واحد، كأنه يُعمَل للمسيح نفسه!

لذلك، وبهذا الشرط: ”باسمي“، يصبح لزاماً على كل مَنْ يعمل عملاً صالحاً لأيِّ ولد، لابد أن يسبقه أنَّ الولد يعلم أنه باسم المسيح يُعمَل له هذا العمل. وهذا يعني أنه ينبغي أن يُخدم مثل هذا الولد خدمة روحية إيمانية، لكي يُدرك أنه باسم المسيح ومن أجل خاطره، ينال ما يُعمَل له.

هنا تصبح خدمة مثل هذا الولد الواحد باسم المسيح هي خدمة مَنْ يُمثِّله هذا الولد من ”الاتضاع“، وهو الرمز الأعظم للمسيح نفسه. وبهذا يُعتَبَر أنَّ مَنْ يقبل ولداً مثل هذا (حامل الاتضاع)، أنه قَبِلَ المسيح نفسه: «فقد قَبِلَني».

(1) والكلام في الثيئوفوروس كثير: فبعض الآباء يترجمونها: ”حامل الإله“، والبعض: ”الذي حمله الله“: J.A. Bengel, Gnomon of the New Testament, Vol. 1, Edinburgh 1866, p. 343.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis