ذكصولوجيات باكر آدام
دراسة مقارنة بين المخطوطات وكتاب ”الأبصلمودية المقدسة“


نافذة على ما يجري في الكنائس الأرثوذكسية في أقطار المسكونة

ذكصولوجيات باكر آدام (الكلمة التي أُلقيت في المؤتمر الدولي العاشر للقبطيات):

- كنا قد نشرنا في العدد الماضي (أكتوبر 2012، ص 40) خبراً عن المؤتمر الدولي العاشر للدراسات القبطية الذي تنظِّمه الجمعية الدولية للدراسات القبطية، الذي عُقد في مدينة روما، في الفترة من السابع عشر إلى الحادي والعشرين من شهر سبتمبر 2012.

وننشر في هذا العدد الكلمة التي ألقاها أحد رهبان دير القديس أنبا مقار، الراهب إبيفانيوس المقاري، في هذا المؤتمر:
+ في كنيستنا القبطية، بعد صلاة مزامير بـاكر وقراءة افتتاحية إنجيل القديس يوحنا (يو 1: 1-17)، أو افتتاحية إنجيل القديس مرقس حسب بعض المخطوطات القديمة( )، نُصلِّي ذكصولوجيات باكر آدام.

وحسب كتاب ”الأبصلمودية المقدسة“ بطبعاته المختلفة، ابتداءً من أول طبعة تمَّت بالإسكندرية عام 1908 بواسطة الراهب برنابا البرموسي، وطبعة إقلاديوس لبيب في القاهرة في نفس العام؛ تحتوي ذكصولوجيات باكر آدام على تسع وحدات، وهي على التوالي:

1. نسجد للآب والابن والروح القدس.
2. أيها النور الحقيقي الذي يُضيء.
3. أنتِ هي أم النور المُكرَّمة.
4. البخور المختار الذي لبتوليتك.
5. ألوف ألوف وربوات ربوات.
6. آباؤنا الرسل بشَّروا في الأُمم.
7. أكاليل غير مضمحلة.
8. قدِّيسوك يُباركونك.
9. السلام لإيليا النبي.
مع ملاحظة أن القطعة الثانية: ”أيها النور الحقيقي“، يُسمِّيها أبو البركات بن كبر في كتاب ”مصباح الظلمة“: إبصالية آدام، وينسبها للبابا بنيامين الأول (622-661م). كما أنَّ لهذه القطعة أصل يوناني وُجد في مخطوط من القرن التاسع في دير القديس يوحنا سابا( ).

وبمقارنة نص ذكصولوجيات باكر في كتاب ”الأبصلمودية المقدسة“ مع بعض المخطوطات، نجد هناك بعض الاختلافات. فبالإضافة إلى التسع وحدات الموجودة في الكُتب المطبوعة، هناك ذكصولوجيات أخرى في المخطوطات موضوعة داخل صُلْب ذكصولوجيات باكر. ففي مخطوط طقس 101، وطقس 107 بمكتبة دير القديس أنبا مقار، هناك ذكصولوجية للعذراء مريم: ”السلام لكِ يا مريم“، وذكصولوجية للقديس أنبا مقار الكبير.

وفي مخطوط محفوظ بمكتبة جون ريلاند تحت رقم JR 431 هناك ذكصولوجية للعذراء تبدأ بنفس الكلمات: ”السلام لكِ يا مريم“، لكنها مختلفة عن تلك الموجودة في مخطوطات دير القديس أنبا مقار، بالإضافة إلى ذكصولوجية للقديس أنطونيوس الكبير.

نفس ذكصولوجية أنبا أنطونيوس نجدها في مخطوط طقس 332 بمكتبة المتحف القبطي، وذكصولوجية أخرى للشهيد مار جرجس.

وهكذا في مخطوطات أخرى كثيرة، نجد أنه هناك ذكصولوجيات آدام للقديسين موجودة داخل نص ذكصولوجيات باكر آدام. على سبيل المثال: مخطوط طقس 58 بدير السيدة العذراء ببياض ببني سويف، الذي يحتوي على ست ذكصولوجيات مُضافة داخل نص ذكصولوجيات باكر، وهي: ذكصولوجية للعذراء (”السلام لكِ يا مريم“)، وللرسل الأطهار (غير تلك الموجودة في كتاب الأبصلمودية)، وللقديس أثناسيوس الرسولي، وللشهيد تادرس، وللشهيد مار جرجس، والقديس أنبا قسطور.

ونتيجة عدم طباعة هذه الذكصولوجيات في كتاب ”الأبصلمودية“ بطبعاته المختلفة، فَقَدنا في صلواتنا اليومية التسبيح بهذه الذكصولوجيات.

ومن الملاحَظ من المخطوطات أنه كان لكل دير أو كنيسة محلية الذكصولوجيات الخاصة بقدِّيسي هذه الأماكن، مثل: ذكصولوجية أنبا مقار المذكورة في مخطوطات دير أنبا مقار، وذكصولوجية أنبا بولا المتوفرة في مخطوط من دير أنبا بولا (طقس 55 بدير العذراء ببياض).

والذكصولوجية التي سنذكرها هنا هي للقديس أنبا مقار الكبير، وهي مذكورة في المخطوطات باللغة القبطية فقط، وتتشابه كثيراً مع نص تكريس هيكل القديس أنبا مقار المعروف باسم هيكل أنبا بنيامين، لأن أنبا بنيامين الأول قام بتدشين هذا الهيكل. وحسب ما يقول نص المخطوط أنه شاهَد رجلاً مهيباً يقف وسط صفوف الرهبان، ففكَّر في قلبه أنه إنْ خلا أي كرسي من كراسي الأسقفية، فسوف يُقيمه عليه. فخاطبه ملاك الرب قائلاً: ”إنَّ هذا هو أنبا مقار أبو البطاركة“. وقد شاهَد الأب البطريرك يد الرب يسوع وهي تُدشِّن مذبح هذا الهيكل، مما جعله يضع قوانين خاصة تُنظِّم الصلاة في هذا الهيكل، أهمها: إن أي كاهن نال رتبة الكهنوت بالتحايُل أو بالرشوة لا يحقُّ له أن يُصلِّي على هذا المذبح( ).

ويتضح من أسلوب هذه الذكصولوجية أنها قديمة جداً، ربما ترجع إلى عصر تكريس هيكل أنبا بنيامين، لتشابهها مع هذا النص في لغته القبطية، أو ترجع إلى العصر الذي كان فيه ما يزال الرهبان على دراية كاملة باللغتين القبطية واليونانية، وكان لهم المقدرة على كتابة مثل هذه الذكصولوجيات.

ترجمة نص الذكصولوجية:

قد ارتفع قرنك، يا أبانا أنبا مقار، وانتشر عطر (سيرتك) إلى أقاصي الأرض.
كل الأُمم تكلَّمت بكرامتك من مشارق الشمس إلى مغاربها.
القوة الروحية، (أي الشاروبيم)، مدحك، كما قال أنبا بنيامين.
وقد شهد (أنبا بنيامين) أيضاً: إنني قد كرَّستُ الكنيسة الجديدة التي بُنيت على اسمك،
وقد رأيتُ أنبا مقار وسط أولاده، ووجهه يُضيء مثل النور،
فصرتُ متعجِّباً من هذا النجم العظيم المُضيء بهذه الكيفية.
وفي الحال ظهر لي كاروبٌ مُضيءٌ وتكلَّم معي هكذا قائلاً:
هذا أنبا مقار أبو البطاركة والأساقفة الأرثوذكس،
لن ينقطع تواجُد رئيس أو مُدبِّر من بين أبناء أنبا مقار،
لقد سرَّ الرب أن يجعله أباً لكل الأُمم الكائنة على الأرض (أي لجموع الرهبان)،
أولاده يُباركونه ويفتخرون أنَّ لهم شفيعاً أميناً في السماء.
لأجل هذا وضع (أنبا بنيامين) قوانين مقدسة دائمة تخص هذا الهيكل.
الله الذي كان مع أبينا العظيم أنبا مقار، ليكن معنا نحن أيضاً،
ليجعلنا كاملين في الإسكيم المقدَّس الملائكي حتى النَّفَس الأخير.
وليَدُم اسمك على شفاه المؤمنين ليُعيننا إله أنبا مقار،
بصلوات أنبا مقار، يـا رب، اغفر لنا خطايانا.