تأملات روحية



«أحبُّوا أعداءكم»
(مت 5: 44؛ لو 6: 27)

وصية المحبة:

لقـد أوصانـا الرب يسـوع بمحبة الله ومحبة القريب، قائـلاً: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِـنْ كُـلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُـلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هـذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّـةٌ أُخْـرَى أَعْظَمَ مِـنْ هَاتَيْنِ» (مـر 12: 31،30). ولكـن عندما أراد ناموسيٌّ أن يجرِّب الرب يسوع، قال له: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟». حينئذ قصَّ الرب عليه قصة الإنسان الذي كـان نازلاً مـن أورشليم إلى أريحا ووقـع بين اللصوص، فعـرَّوه وجرَّحوه ومضوا وتركوه بـين حيٍّ وميت، ولم يتحـنَّن عليـه إلاَّ إنسـانٌ سامري غريب الجنس. وعندئـذ سـأل الرب ذلك الناموسي: «فَـأَيَّ هـؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ (يقصد: الكاهن واللاوي والسامـري) تَـرَى صَارَ قَرِيباً للَّذِي وَقَعَ بَـيْنَ اللُّصُوصِ؟»، «فَقَـالَ: الَّـذِي صَـنَعَ مَعَـهُ الرَّحْمَـةَ. فَقَـالَ لَـهُ يَسُـوعُ: اذْهَـبْ أَنْتَ أَيْضاً وَاصْنَعْ هكَذَا» (لو 10: 30-37).

لم يتوقَّف الرب يسوع عند هـذا الحدِّ في محبة الآخرين، ولكنه ارتقى بمفهوم المحبة بقوله: «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّـوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْـلِ الَّذِيـنَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُـمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ» (مت 5: 44،43).

وصية محبة الأعداء:

وتبـدو هـذه الوصية ثقيلة وصعبة على النفس البشرية، ولكن وصايا الرب ليست ثقيلة، فقد أَظهر هو بنفسه هذه المحبة لمُبغضيه وصالبيه، وهكذا فعل شهيده القديس استفانـوس تجـاه راجميـه. وهـذه الوصية لا يستطيع فعلاً الإنسان الطبيعي أن يُتمِّمها، ولكـن الإنسان المُمتلئ مـن الروح القدس يوهَب القدرة والإمكانية على تنفيذ هذه الوصية المثالية.

+ وأصداء هـذه التعاليم الإلهيـة تتردَّد في كتـاب ”الديـداخي“ أي ”تعليـم الرسـل الاثني عشر“ (حوالي سنة 100م)، إذ يقول:

[يوجـد طريقـان: واحدٌ للحياة، وواحدٌ للموت؛ والفرق بين الطريقين كبيرٌ. أمَّـا طريق الحياة فهـو، أولاً أن تحبَّ الله خالقك، وثانيـاً أن تحب قـريبك كنفسك؛ وكـلُّ مـا لا تُريـد أن يُفعَل بك، لا تفعله أنـت أيضاً بآخـرٍ. إنَّ تعليم هـذه الأقـوال هـو: ”بـاركوا لاعنيكم، وصلُّوا لأجل أعدائكم، صوموا لأجـل مُضطهديكم، لأنـه أيُّ فضلٍ لكم إن أحببتم الذيـن يحبونكـم؟ أليس أنَّ الأُمم تعمل هكذا؟ أمَّا أنتم فأحبُّوا مُبغضيكم، فلا يكـون لكم عدو“](1).

+ وفي رسـالة الشهيد إغناطيوس الأنطاكي إلى أهـل أفسس (استُشهد في أوائل القرن الثاني الميلادي، في عهد الإمبراطور تراجان)، يقول:

[إن إيمانكم هو قائدكم، أمَّا محبتكم فهي الطريق الذي يقودكـم إلى الله... صلُّـوا بـلا انقطاع مـن أجـل الآخرين، لأنكم تقودونهم إلى الرب على رجاء التوبة. أَفسِحوا لهم المجال ليتثـقَّفوا في مدارس أعمالكم. واجهوا غضبهم بالوداعة، وتبجُّحهم بالدِّعَة، وشتائمهم بالصلاة، وضلالهم برسوخ الإيمان، وفظاظة أخلاقهم بدماثة الطبع. ولا تردُّوا لهم شرَّهم بشـرٍّ. كونـوا لهم إخوةً بالرحمة، ولنحـاول أن نتشبَّه بالسيِّد، ولنتبارَى في حمـل الظلـم والمهانـة والاحتقـار حتى لا يكـون للشيطان في قلوبكـم مكانٌ يُنبِت فيه عُشْبَـه. اثبتـوا في النقاوة الكاملـة والتعقُّـل جسديـاً وروحياً في يسوع المسيح](2).

+ وفي الرسالة التي كتبها صاحبها المجهول الهويَّـة إلى ديوجنيتوس Diognetus (منتصف القرن الثاني الميلادي)، يقول:

[إنَّ المسيحيين لا يختلفون عـن سواهـم مـن أبناء البشـر في الوطـن أو اللُّغـة والعادات. والواقـع هـو أنهم لا يقطنون مُدناً خاصة بهم وحـدهم، ولا يتكلَّمـون لغةً خاصة بهم، ولا يعيشـون عيشـة غريبـة شاذة... ومـع أنهم يسكنون في مـدن يونانية وغير يونانية حسب نصيب كـلٍّ منهم، ويسلكون بموجب عـادات البلد الذي يحلُّـون فيه... فـإنَّ أسلوب معيشتهم يستوجب الإعجاب والإقرار بأنـه غير متوقَّع. تراهـم يسكنون البلدان، ولكنهـم غربـاء. هم يشتركـون في كـلِّ شيء كمواطنين، ولكنهـم يحتملـون كـلَّ مـا يحتمله الغربـاء... هـم موجودون في الجسد، ولكنهم لا يعيشون للجسد. يقضون أيامهم على الأرض، ولكنهم مُرتبطون بوطـنٍ سماوي... يحبُّون جميع الناس، ولكـن الجميع يضطهدونهم... يُفتَرَى عليهم، ولكنهـم يُبررون. يُشتَمـون، ولكنهم يُبارِكون. يُهانون، ولكنهـم يُكرِّمـون الآخريـن. يعملـون الخير فيُجازون كـأشرارٍ؛ (ولكـن) حينما يُعاقَبـون (بالموت) يفرحون كـأنهم يُقامـون إلى الحياة. يُحاربهـم اليهود كـأنهم أجـانب، ويضطهدهم اليونانيـون؛ ومـع ذلـك فالذيـن يكرهـونهم يعجزون عـن ذِكْر سبب كراهيتهم لهم.

وبـالاختصار، فـإنَّ المسيحيين للعالـم كالروح للجسد. الروح تمتدُّ إلى جميع أعضاء الجسد، والمسيحيون ينتشرون في جميع مدن العالم. وكما أنَّ الروح تسكن في الجسد وهي ليست منه، هكذا المسيحيون فـإنهم يسكنون في العالم ولكنهم ليسوا منه... ومع أنَّ النفس لا تُسيء إلى الجسم، فـإنَّ الجسم يكـرهها ويُحـاربها لأنها تُعيقـه عـن الانغماس في الملذَّات. والمسيحيون كـذلك لا يُسيئون إلى العالم، ولكـن العالم يكرههم لأنهم يُقاومـون ملذَّاته. والنفس تُحب الجسد الذي يكرهها كما أنَّ المسيحيين يحبُّون الذين يكرهونهم... وكما أنَّ النفس الخالدة تسكن في خيمة فانية، فـإنَّ المسيحيين أيضاً يعيشون غربـاء بين الأشياء الفانية، منتظرين الخلود في السماء](3).

+ وفي رسـالة القديس بوليكاربـوس أسقف سميرنا (أزمير) إلى أهل فيلبِّي (استُشهد سنة 156م، في عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس)، يقول:

[إنني واثـقٌ بأنكـم مُتمرِّنين جيداً على الكُتُب المقدَّسة ولا شيء يَخْفَى عليكم. أنا لا أستطيع أن أَدَّعي ذلك، إلاَّ أنه قد كُتِبَ في الكُتُب: «اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُـوا. لاَ تَغْـرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ» (أف 4: 26)، طوبى لمَـن يتذكَّر ذلك. وإنني أعتقد أن هـذا لا يوجَد بينكم. الله الآب أبو ربنا يسـوع المسيح، ويسـوع المسيح رئيس الكهنـة الأزلي ابـن الله، يُنمِّيكـم في الإيمان والحقيقة، وبـدون غضبٍ، وبصبرٍ وبكـلِّ وداعة وطول أناة وتحمُّلٍ وطهارة، وليُعطِكم ميراثـاً ومكاناً بين قدِّيسيه، وليُعطِنا نحن مـا يُعطيكم، ويُعطي كـلَّ الذيـن يؤمنون بربِّنا يسوع المسيح وبأبيـه الذي أقامـه مـن بين الأموات. صلُّوا من أجل جميع القدِّيسـين، ومـن أجـل الملـوك والرئاسـات والسلاطين، ومن أجل الذين يضطهدونكم والذين يُبغضونكم، ومـن أجـل أعـداء الصليب، حتى تكون ثماركم واضحة وتكونوا كاملين في الله](4).

+ وفي كتابه ”تاريخ الكنيسة“، يقول المؤرِّخ الكنسي يوسابيوس القيصري (264-340م) عـن المُعترفين وهم تحت وطأة التعذيب:

[لقـد تواضعوا تحت اليد القويَّـة التي رفعتهـم الآن. لقـد دافعوا عـن الجميع، لكن لم يتَّهموا أحداً. لقـد منحوا الحِلَّ للجميع، لكن لم يربطوا أحداً. لقـد صلُّوا مـن أجل جميع مَن عاملوهم بقسوة كاستفانوس الشاهـد الكامل الذي قـال: «يَـا رَبُّ، لاَ تُقِـمْ لَهُمْ هـذِهِ الْخَطِيَّةَ» (أع 7: 60). وإن كـان هـو قـد صلَّى لأجل مَـن رجموه، فبالأحرى جداً لأجل الإخوة](5).

+ ويُخبرنـا أيضاً يوسابيوس القيصري عـن قصة شهيد في قيصرية يُدعى بولس، هـذا طلب مُهلةً قبل استشهاده ليرفـع صـلاةً إلى الله مـن أجـل المؤمنين، ومـن أجـل اهتداء اليهود والأُمم الذيـن يعيشون في ضلال، ومـن أجـل الجمهور المُحتشد في ساحة الاستشهاد. ثم يتوسَّـل إلى الله متضرِّعـاً مـن أجـل القاضي الـذي حَكَمَ عليه بالموت، ومـن أجـل الولاة، وكذلك مـن أجـل الإنسان الذي كـان مُزمعاً أن يقطع رأسـه بحـدِّ السيف. وهـو يتوسَّل إلى الله مـن عُمـق قلبه أن لا يَحسـِب عليهم خطيَّتهـم بسبب ما اقترفوه من نحوه ومن نحو إخوته المؤمنين(6).

+ ويقـول القديس كيرلس الكبير في شرحـه لوصية ”محبة الأعداء“:

[... ينبغي أن يتوقَّـع (التلاميذ والكارزون) أنَّ مُضطهديهم سيكونون كثيرين، وأنهم سيتآمرون ضدهم بطُرُقٍ مختلفة كثيرة. فلو كانت النتيجة، إذاً، أنَّ التلاميـذ قـد صـاروا نـاقمين على هـذه المُضايقات، وكانـوا يرغبون في الانتقام مـن أولئك الذيـن أزعجوهم؛ لكانوا قـد ظلُّوا صامتين، وعبروا بهـم دون أن يُقدِّمـوا لهـم الرسالة الإلهية، ولا أن يدعـوهم إلى معرفـة الحقِّ. لذلك فقـد كان ضرورياً أن يشدَّ (الرب) ذهـن المُعلِّمين القدِّيسين بإحسـاسٍ عالٍ مـن واجـب الصبر، لكي يجعلهـم يحتملون كـلَّ مـا يمكن أن يَحلَّ بهم، حتى لـو شتمهم الناس وتآمروا ضدهم بلا مخافـة. وهكذا كان سلوك المسيح نفسه قبل كل الآخرين. وذلك كمثالٍ لنا، لأنـه بينما كـان لا يـزال مُعلَّقاً على الصليب الثمـين، وبينما كـان الشعب اليهودي يهزأون به، فإنـه قدَّم لله الآب صلوات من أجلهم قائلاً: «يَـا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَـاذَا يَفْعَلُـونَ» (لـو 23: 34). وأيضاً استفانـوس المُبارَك بينما كـان يُـرجَم بالحجارة، جثا على رُكبتيه قائـلاً: «يَـا رَبُّ، لاَ تُقِـمْ لَهُمْ هـذِهِ الْخَطِيَّـةَ» (أع 7: 60). وبولـس المُبـارَك أيضاً يقـول: «نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ» (1كو 4: 13،12).

لذلك فـإنَّ تعليم الرب كان ضرورياً للرسل القديسين، ونافعاً جداً لنا نحن أيضاً لكي يلزمنا أن نعيش بطريقةٍ صائبـة ومُثيرة للإعجـاب، لأنها مملوءة مـن كـلِّ حكمة. ولكـن أفكارنا المُسْبَقة الخاطئة وتمـرُّد شهواتنا الشديـدة، يجعل تتميمها أمراً صعباً على أذهاننـا. لذلك فهـو (أي الرب) إذ يعـرف أنَّ الإنسـان النفساني لا يقبل هـذه الأمـور، ويَعتَبِر أنَّ كـلام الروح جهالة وغير مُمكـن تحقيقه؛ (لـذلك) فهـو يفصـل هـؤلاء (النفسانيين) عـن أولئـك الذيـن يستطيعون أن يسمعـوا ويقـول: ”أقـول لكـم أيها السامعون والمستعدُّون أن تُتمِّموا كلماتي“، لأن مجد الثبات الروحـاني يَظهر في التجارب والأتعاب. لـذلك تمثَّلوا بالمسيح في هـذه الأشياء: «الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضاً، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ» (1بط 2: 23).

ولكن ربما ستعترضون قـائلين في داخلكم: ”المسيح هو الله، أمَّا أنا فإنسانٌ ضعيف وليس لي إلاَّ عقلٌ ضعيف وغير قـادر أن يقاوِم هجمات الشهوة والألم“. إنك تتكلَّم بصـوابٍ، لأن عقـل الإنسان ينزلـق بسهولة إلى الخطأ، ومـع ذلك أقـول إنَّ الربَّ لم يتركك محروماً مـن رحمته ومحبتـه. فـأنت حاصـلٌ عليـه في داخـلك بواسطة الروح القدس، لأننا نحن مسكنه، وهـو يسكن في نفوس أولئك الذين يحبُّونه. إنه يُعطيك قوةً لكي تحتمل بنُبلٍ كل ما يحلُّ بك، وأن تُقاوِم بشجاعـةٍ هجمات التجارب. لـذلك: «لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رو 12: 21)](7).

+ وهـذه الآية التي خَتَم بها القديس كيرلس الكبير كلامه، هي التي ردَّدهـا بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية، والتي علَّـق عليها القديس يوحنا ذهبي الفم في تفسيره لهذه الرسالة قائلاً:

[«لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ»، لأنه (بولس الرسول) كـان يعرف أنَّ العدو وإن كـان بعد وحشاً كاسراً، إلاَّ أنـه لا يبقى عدوّاً عندما تُطعمه. وحتى وإن كان المظلوم صغير النفس آلاف المرات، فهـو حين يُطعِم عدوَّه ويُسقيه، فإنه لن يشتهي عقابه بعد أن يُطعمـه (ويُسقيه)... (فالرسـول بولـس) بعـد أن انـتزع الغضـب مـن المظلـوم، أضـاف عندئـذ: «اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ»، لأن هـذا هـو الانتصار... إذاً، فعندما تَرُدُّ الإهانة، فإنك تُهزَم، لا مـن إنسانٍ، بل من عبوديتك المُرَّة للغضب... أمَّا إن صَمَتَّ، فستكون قد انتصرتَ أيضاً](8).

(1) ”الديداخي“، 1: 1-3.
(2) ”الرسالة إلى أهل أفسس“ - 9: 1؛ 10: 1-3.
(3) ”الرسالة إلى ديوجنيتوس“: 5-6.
(4) ”الرسالة إلى أهل فيلبِّي“، 12: 1-3.
(5) ”تاريخ الكنيسة“، الفصل الخامس: 2: 5.
(6) ”شهداء فلسطين“: 8.
(7) ”تفسير إنجيل لوقا“ - 6: 28،27.
(8) ”تفسير الرسالة إلى رومية“، 12: 20-21.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis