مفاهيم كتابية



العمل من منظور كتابي

العمل هو من صميم الطبيعة الإلهية. وإنْ كان مكتوبـاً أنَّ الله «استراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل» (تك 2: 2). فواقع الأَمْـر أنَّ الله لا يتعب كي يحتاج أن يستريح، وراحته لا تعني توقُّفه عن العمل؛ وإنما المقصود مـن الكلمة ”استراح“، أنـه أعلن رضـاه عمَّا عمله: «ورأى الله كـل مـا عمله فإذا هو حسنٌ جدّاً» (تك 1: 31).

فهـا هي الأرض قـد صارت مُهيَّأة لحياة البشر، الذين خلقهم الله ليُشاركوه مجده. وأنَّ عمله مستمرٌ كضابط الكل في رعايـة الكون بمجرَّاتـه وضبط حـركته. وهـو دبَّر خلاص الإنسان بإرسال ابنه في ملء الزمان إلى العالم الذي يحبه، ليبذل نفسه، وينقل كـل مَـن يؤمن إلى ملكوته، ليحيا إلى الأبد.

وقـد أشار الرب إلى هذه الحقيقة، ردّاً على الذين انتقدوه أنه شفى في السبت، قـائلاً: «أبي يعمل حتى الآن (وإلى الأبد) وأنـا أيضاً أعمل» (يو 5: 17).

العمل أيضاً هـو عنصر أسـاسي في حياة الإنسـان. ومكتوبٌ أنَّ الرب، بعد أن جَبَلَ آدم، أَخَذَه ووضعه في جنة عدن «ليعملها ويحفظها» (تك 2: 15). فحتى قبل السقوط والطرد من الجنة، كـان على آدم - ومـن بعده نسله - أن يعمل في الأرض، يستثمرهـا ليحصل منها على طعامه ولباسه ودوائـه، ويحفظها ويعتني بها ويتسلَّط على سـمك البحر وعلى طـير السماء وعلى كـلِّ حيوان يدبُّ على الأرض، ويتعلَّم الصيد، ويستخدم الـدواب في النقـل وأعمـال الزراعة وغيرها (تك 1: 26-30؛ 9: 3،2).

لم يُوعَد آدم (ونسله)، إذاً، بالراحة والدِّعة؛ وإنما كُلِّف في الأساس بالعمل والجهد كبركة وضرورة حياتية، تهيَّأ لها بما وهبه الله مـن قدرات، ليتوفَّر له طعامـه وكساؤه، وأن يتعهَّد بالرعايـة مصادر غذائه، نباتاً وحيواناً. فلا حياة للجميع بغير تضافُر الكل في العمل الدءوب منذ مطلع الشمس. وبعد راحـة الليل يُستأنف العمل من جديد.

+ عن العمل بعد السقوط:

بعد السقوط، فإنَّ العمل الذي كان قبلاً - رغم التعب - متعةً وفرحاً باقترانـه برضا الله مع البركة والثمار، تحوَّل مع الخطية ليكون جزءاً مـن العقوبـة. فصار شاقّـاً أليماً، ويؤدَّى قسراً لا طوعاً: «بالتعب تأكـل منها (من الأرض) كل أيام حياتك... بعرق جبينك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخِذتَ منها (أي إلى أن تموت وتعود إلى التراب)... فأخرجه الرب الإله مـن جنة عدن ليعمل الأرض التي أُخِـذَ منها» (تـك 3: 23،19،17)(1).

فيما بعد، كان الله في تحنُّنه يُبارك في عمل وتعب مَن يتَّقونه، ويُجازي المُخالفين بقلة البركة من نتاج عملهم. فلما قدَّم هابيل قرباناً للرب من أبكار غنمه ومن سمانها، «فنظر الرب إلى هابيل وقربانه» (تك 4: 4)؛ بينما لم ينظر إلى قايين وقربانـه مـن أثمار الأرض، لأن قلبه لم يكُن مستقيماً.

ورغم تحذيـر الرب لقايين كي يكبح الشر الذي يملأه إلاَّ أنـه قام على أخيه وقتله. فقال له: «ملعونٌ أنت مـن الأرض التي فتحتْ فاها لتَقْبَل دم أخيك مـن يدك. متى عَمِلْتَ الأرض لا تعود تُعطيك قوَّتهـا» (تـك 4: 12،11). فتضمَّنت العقوبة أنَّ عمل الشرير، رغم الجهد، تتبدَّد ثماره على عكس عمل الأُمناء المتَّقين، كـإبراهيم الذي باركـه الله جداً فصار عظيماً (تك 24: 35)، وأيوب البار (أي 1: 3)، وغيرهما.

+ قيمة العمل:

العمل في حياة البشر، ونقصد به الاشتغال بحرفـة أو وظيفة أو فـن، ليس إذاً أمراً رديئاً، ارتبط بدخول الخطية إلى العالم، ومضاداً للعمل الروحي؛ وإنما هو عطية إلهية وضرورة نفسية ضمن ناموس الطبيعة البشريـة التي رسمها الله. فالعمل ليس فقط واجباً، بل هـو حقٌّ، وأكثر من ذلك هـو اقتداء بالله الـذي يعمل. فنحن، إذاً، نُشاركه في العمل (1كو 3: 9)، وبه نُحقِّق ذواتنا ونبني شخصياتنـا ونحصل على قُوتنـا بشرفٍ وكرامة، وبه نُمجِّد الله خالقنا، ونخدم الآخرين.

ولا ننسى أنَّ كـل الحيوانات تسعى لتقتات وتحفظ حياتها وأنواعها: وحوشاً كانت أم بهائم أم طيوراً أم أسماكاً أم حشرات، ولكلٍّ منها نواميسها التي لا تخرج عنها.

وعلى العكس، فإنَّ البطالة محنة تهدم الكرامة الإنسانية، وهي مصدر للانحـراف والجريمة، وواحدة مـن أقسى هموم المجتمعات والدول. والكسل أحد الأمراض الاجتماعية وإهانة للنفس الإنسانية وإنكار لإمكانياتها.

والكتاب يديـن البطالة والكسل، وفي سِفْر الأمثال الكثير الذي يتصدَّى لهذه الآفـة ويُوبِّخ أصحابها: «العامل بيدٍ رخـوة يفتقر. أمَّا يـد المجتهديـن فتُغْنِي... الرخاوة لا تَمْسِك صيداً، أمَّا ثـروة الإنسان الكريمة فهي الاجتهاد» (أم 10: 4؛ 12: 27)؛ «اذهـب إلى النملة أيها الكسلان. تـأمَّل طُرقها... إلى متى تنام أيها الكسلان. متى تنهض مِن نومك» (أم 6: 9،6)؛ «مَـن يشتغل بحقله، يشبع خبزاً. أمَّا تابع البطَّالين، فهو عديم الفهم» (أم 12: 11).

والرب في مَثَل الوزنات، دان العبد المتراخي الذي لم يستثمر وزنته الموهوبة له مـن السيِّد ووصفه بـ «العبـد الشريـر والكسلان» (مت 25: 26)، فقَرَنَ بين الكسل والشر.

والقديس بولس يجعل العمل ضرورة حياتية لا يليق أن يعفي أحدٌ نفسه منها اعتماداً على عمل الآخرين، وأشار إلى ذلك في رسالته الثانية إلى أهل تسالونيكي: «لأننا نسمع أنَّ قوماً يسلكون بينكم بلا ترتيب، لا يشتغلون شيئاً بـل هم فُضُوليُّون. فمثل هؤلاء نُوصيهم ونعظهم بربِّنا يسوع المسيح أن يشتغلوا بهدوء، ويأكلوا خُبز أنفسهم». وسجَّل بولس الرسول هـذا القانون الكتابي: «إن كان أحدٌ لا يُريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً» (2تس 3: 10،12،11).

والقديس بـولس، مـن جانبه، وهـو مؤسِّس الكنائس العديدة في قارتَيْن، ورغم وصية السيِّد: «... أن الفاعل مُستَحِقٌّ طعامه» (مت 10: 10؛ لو 10: 7؛ 1تي 5: 18)، ورغم دفاعـه هـو أيضاً في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس عن حقِّ الخادم أن يتعيَّش من خدمته؛ لكنه ختمه بقوله: «لكننا لم نستعمل هذا السلطان بل نتحمَّل كل شيء فلا نجعل عائقاً لإنجيل المسيح» (1كو 9: 4-10)، وهـو أَلزم نفسـه بهذا القانون، ورَفَضَ أن يأكل خُبزه مجاناً، فكان يعمل بيديه ليحصل على قُوت يومه، لكيلا يُثقِّل على مَـن يخدمهم (1تس 2: 9؛ 2تس 3: 8).

ومكتوبٌ في هذا الصدد أنَّ الرسول بولس، عندما دخل كورنثوس، أقـام عند أكيلا وبريسكِلاَّ «لكونه من صناعتهما... لأنهما كانا خيامِيَّيْن» (أع 18: 1-3).

وهـو في اجتماعه بقسوس أفسس، يُذكِّرهم بنهجه، قائلاً: «فضة أو ذهب أو لباس أحدٍ لم أَشْتَهِ. أنتم تعلمون أنَّ حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان» (أع 20: 34،33).

العمل، بالفعل، نعمة لا يُدرِك قَدْرها إلاَّ مَن أجبره المرض أو العاهة على البقاء أسير الفراش أو العجز، أو الذين أقعدتهم البطالة عـن ممارسة دورهم في الحياة. وعلى كل مَـن يختبر تعب العمل أن يشكر الله أنه لا يزال قادراً على تحمُّل أعبائه، وبه ينال بركة خدمة الآخرين أيضاً.

+ العمل كممارسة مسيحية:

رأس الكلام، أنَّ الرب يسوع بتجسُّده، قدَّس الجسد كما قدَّس كل الأعمال الجسدية. وحتى إن كان مصير الجسد أن يعود إلى التراب (تك 3: 19)، وأنَّ السماء والأرض تـزولان (مت 24: 35؛ مر 13: 31؛ لو 21: 33)؛ فإنَّ هذا يعني فقط نهايـة دورهم المرسـوم، وسيحلُّ محلهم الجديـد الأبدي عند المجيء الثاني للرب: الجسد المُمجَّد بقيامـة الجسد القديم، والسماء الجديـدة والأرض الجديـدة بديـلاً عـن اللتين ستمضيان (رؤ 21: 1).

+ والرب أعـاد إلى العمل بـركته، وجعله مجالاً لحضور الله، واستثماراً لهباتـه ووزناتـه وخدمته. وهو بارك الأعمال اليدوية البسيطة قبل بدء خدمته عندما عمل نجَّاراً مع يوسف: «أليس هذا هو النجَّار ابن مريم؟» (مر 6: 3)

والرب لم يكن له بيت يستقرُّ فيه حيث يأتيه الناس، وإنما كان هو الذي يأتي إلى الناس. وكان يبدأ خدمته مُبكِّراً، أو بعد أن يقضي الليل في الجبل يُصلِّي. فيطوف المـدن والقرى كـالعامل المُجدِّ «يُعلِّم في مجـامعها، ويكـرز ببشـارة الملكوت، ويشفي كـلَّ مرضٍ وكـلَّ ضعفٍ في الشـعب» (مـت 9: 35). وحتى بعد الغروب (4: 4) أو إلى المساء (مت 14: 15)، كـان يجول «يصنع خيراً» (أع 10: 38)، أو كان يجلس على شاطئ البحيرة أو في سفينة داخلها، أو على الجبل، فتُقبِل إليه الجموع العَطشَى إلى كلمة الله، فيتحنَّن عليها ويُعلِّمها عن الملكوت.

+ والمسيحي في العالم له وظيفة ورسالة تنتظره ليكرز بها: أن يكون ملحاً للأرض ونوراً للعالم (مت 5: 14،13). وهذا الكلام لا يُقصَد به فقط المُكرَّسون للخدمة من الإكليروس، وإنما كل مؤمن باعتباره تلميذاً للرب (مت 28: 19؛ أع 11: 26)، فهو خادم للإنجيل من خلال عمله وحياته، سواء كان مُكرَّساً أم علمانياً.

+ المسيحي لا يستأثر بالعمل لنفسه بل يراه عمل الله الذي عيَّنه لهذا العمل، وهو رئيسه الدائم غير المنظور: «لأننا نحـن عمله مخلوقـين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قـد سبق الله فأعدَّها كي نسلك فيها» (أف 2: 10)، «لأن الله هو العامل فيكم: أن تُريدوا وأن تعملوا من أجل المسرَّة» (في 2: 13)، «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً» (يو 15: 5)، «وكل ما عملتم بقَوْلٍ أو فعلٍ، فـاعملوا الكـل بـاسم الرب يسوع، شاكرين الله والآب به... وكلُّ ما فعلتُم، فاعملوا مـن القلب، كمـا للـربِّ ليس للناس» (كو 3: 23،17)، «يا رب تجعل لنا سلامـاً، لأنك كـلُّ أعمالنا صنعتها لنا» (إش 26: 12).

والله لا يتصرَّف كرئيسٍ مُتسلِّط، وإنما هـو يُسانـِد ويُبارِك هنـا، ويُكافِئ الأُمناء في اليوم الأخير: «عالمين أنكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث، لأنكـم تخدمـون الرب المسيح» (كو 3: 24)، الذي «سيُجازي كل واحد حسب أعماله (كما يكون عمله)» (رو 2: 6؛ رؤ 22: 12).

هكـذا يكتسب العمـل الجسدي، والأعمـال الصغيرة المُرتبطة بالأرض والعالم، بُعْداً روحياً وأُخرويّـاً؛ فتدخل أعمالنا اليومية التي كلَّفنا بها الله، ونتمِّمها بروح الطاعة، في نطاق ”الأعمال الصالحة“، لأنها قُدِّمَت إلى الله ولحسابه، وهو الذي سبق فأعدَّها لكي نسلك فيها. وهكذا تسقط الحواجـز بين الأعمـال الجسديـة والأعمـال الروحية بغير شائبة مُضلِّلة، وتصير كلها مُقدَّسة ولمجد الله.

وهـذا مـا علَّم بـه القديس بولس من جهة الأعمال الجسدية من أَكْل وشُرب، وتحفُّظ البعض على بعض الأطعمة، فكتب إلى تلميذه تيموثاوس: «لأن كـل خليقة الله جيِّدة. ولا يُرفض شيء إذا أُخِذَ مع الشكر، لأنه يُقدَّس بكلمة الله والصلاة» (1تي 4: 5،4)، وكتب للكورنثيين: «فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً، فافعلوا كل شيء لمجد الله» (1كو 10: 31).

ولكن نفس الأعمال الجسدية، حتى لو لم تكن شريرة، باستقلالها عن الله لتكون لحساب الذات، تصير ”أعمالاً ميتة“ تأخذ من الناس أجرها، إنْ كان هناك أجر.

فحضور الله في كل فعل أو عمل، ينقله من مجرَّد نشاط جسدي روتيني عديم القيمة، ليكون لحساب ملكوت الله (مِثْل ”الوزنات“ التي أعطانا الله أن نستثمرها كأمانـة). وفي كِـلا الأعمال الجسدية (التي تتقدَّس بحضور الله فيها) والروحية الصريحة (المتَّصلة بأمـور العبادة والخدمـة)، يُدعَى الشخص «العبد الصالـح والأَمـين» (مت 25: 23،21).

بل إنه ليس غريباً أنَّ أعمالاً مِمَّا توصَف أنها ”جسدية“، تُعتَبَر ”أعمالاً روحية“ عندما تقصد مجد الله وتعمل لحسابه.

وبعض الأعمال التي يُفتَرَض أنها ”روحية“ كضروب العبادة مـن صلاة وصوم وصدقة، تصير أعمالاً ”مادية“ لا طائل من ورائها عندما تخلو من الروح، وتنبع من ذات راضية عن نفسها ومتعالية عن التوبة، مثل الفرِّيسي المتفاخر بأعماله وتقواه، الذي خرج من الهيكل - بعد صلاته - دون أن يتبرَّر (لو 18: 14)، ومثل الكهنة والفرِّيسيين المُرائين الذين تعلَّقوا بالقشور وتركـوا «أثقل النامـوس: الحـق والرحمة والإيمان» (مت 23: 23).

+ ولأن المؤمن يُدرك أن العمل وما يُدرُّه عليه من دَخْل هو عطية إلهية، فهو يُقدِّم نذوره (مز 50: 14) وباكوراته (أم 3: 9) وعشوره أولاً بأول، قبل أي إنفاق مِمَّا يأخذ، لا مِمَّا يتبقَّى بعد سداد احتياجاته الحياتية.

والرب يحثُّنا أَلاَّ نتوقَّف عند حدِّ العشور التي هي التزام إنسان العهد القديم بحسب أَمْر الله (مز 41: 1؛ ملا 3: 10)؛ ولكن في عهد المسيح نبدأ بها، ثم يتَّسع العطاء بنمو الحب للربِّ، استجابةً للدعوة الإلهية: «مَـن سألك فأعْطِه؟» (مت 5: 42؛ لو 6: 30)، وشعارنـا «لأن منك الجميع، ومِن يدك أعطيناك» (1أي 29: 14).

وفي الحقيقة إنَّ وصية العشور وسد إعواز المحتاجين، تجعل ”العمل“ مُحتَّماً. فتقديم العشور يقتضي أن يعمل الإنسان وينال ثمار عمله ويُقدِّم منهـا لله و”إخوتـه الأصاغـر“، فقـراء العالم ومساكينه. فمَـن وهبه الله نعمـة العمل، يصير مديناً لكلِّ المعوزين على قدر ما يستطيع، وكلما تعالت درجـة الإيمان والثقة في الله، كلما زاد العطاء بغير تحفُّظ: «هذا وإنَّ مَن يزرع بالشُّحِّ فبالشُّحِّ أيضاً يحصُد، ومَـن يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصُد. كـلُّ واحـدٍ كما ينوي بقلبه، ليس عن حُزنٍ أو اضطرارٍ. لأن المُعطي المسرور يُحِبُّه الله» (2كو 9: 7،6).

والقديس بـولس أوصى قسـوس أفسس أن يعملوا مثله حتى يمكنهم أن يُمارسـوا العطاء للمحتاجين: «في كلِّ شيء أريتُكُم أنه هكذا ينبغي أنكم تتعبـون وتَعْضُدُون الضعفـاء، مُتذكِّريـن كلمات الرب يسوع أنه قال: ”مغبوطٌ هو العطاء أكثر من الأَخْذ“» (أع 20: 35).

بل إن بولس الرسول في حثِّه اللصوص على الإقلاع عـن انحرافهم، وجَّه أنظارهم إلى نعمة العطاء هذه التي ستُتاح لهم عندئذ، فكتب يقول: «لا يسرق السارق في ما بعدُ، بل بالحريِّ يتعب عاملاً الصالح بيديه، ليكون له أن يُعطي مَن له احتياجٌ» (أف 4: 28).

أي يتحوَّل نَهْج حياة هذا الإنسان من الأَخْذ الحرام إلى العطاء المُبارَك، من خلال العمل الشريف.

(البقية في العدد القادم)

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) عندما أنجب لامك (ابن متوشائيل وحفيد حنوك) ابنه نوحاً، قال: «هذا يُعزِّينا عن عملنا وتعب أيدينا من قِبَل الأرض التي لعنها الرب» (تك 5: 29).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis