دراسات كتابية


المذبح الحقيقي
- 2 -

+ «لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون المسكن أن يأكلوا منه» (عب 13: 10).

+ نعود إلى النبوَّة التي وردت في سفر الملوك الأول: «وانشقَّ المذبح وذُرِيَ الرماد من عليه، وانسكب الشَّحْم مـن عليـه (حسـب الترجمـة السبعينية) حسب العلامة التي أعطاها رجل الله بكلام الربِّ» (1مل 13: 5).

مـن الواضح أنَّ العبارة التي أضـافتها السبعينية («وانسكب الشَّحْم من عليه») لها مغزًى خاص. فمعروفٌ أنَّ شحم الذبائح كان يُحرَق على المذبح لترتفع رائحته إلى السماء، فيَشْتَمُّه الله كرائحة سرور، فيَرْضَى عن البشر ويصفح عن خطاياهم. وهذا بعينه ما فعله المسيح، إذ أصعد ذاته ذبيحة مرضية على الصليب ”فاشتمَّه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة“، كما يقول لحن الصليب!

ومنذ ذلك الوقت بطُلَت ذبائح اليهود، رغم أنها ظلَّت تُقدَّم ظاهرياً، ولم يَعُد شحمها يُسبِّب سروراً للربِّ، بل بالعكس أصبح مَكْرَهة للربِّ! وهكذا تُضيف السبعينية: «وانسكب الشحم من عليه»، أي من على المذبح المرفوض الذي لعنه رجل الله! «فقال الملك لرجل الله: ”تضرَّع إلى وجه الرب إلهك وصَلِّ من أجلي، فترجع يدي إليَّ“. فتضرَّع رجل الله إلى وجه الرب، فرجعتْ يد الملك إليه، وكانت كما في الأول» (1مل 13: 6).

+ نأتي هنا إلى وَضْع اليهود الرافضين، الذين آمنوا بالمسيح، فرُفِعَت عنهم اللعنة: «ثم قال الملك لرجل الله: ”ادخُل معي إلى البيت وتَقَوَّتْ، فأُعطيك أُجرة“. فقال رجل الله للملك: ”لو أعطيتني نصف بيتك، لا أدخُل معك، ولا آكُل خُبزاً، ولا أشرب ماءً في هذا الموضع. لأني هكذا أُوصِيتُ بكلام الرب: لا تأكل خُبزاً، ولا تشرب مـاءً، ولا ترجـع في الطريق الذي ذهبتَ فيه“. فذهب في طريقٍ آخر، ولم يرجع في الطريق الذي جاء فيه إلى بيت إيل» (1مل 13: 7-10).

واضحٌ هنا أنَّ اليهود الذين آمنوا بالمسيح أرادوا أن يحتفظـوا بيهوديتهم، أي بنامـوسهم وذبائحهم وعوائـدهم؛ بـل وأرادوا أن يفرضوا الختان والتهوُّد على كل مَن آمن بالمسيح! ولكن الله تَدخَّل برؤيا القديس بطرس الرسول (أع 10: 9-16)، وألغى لأول مـرة الحاجـز المتوسِّط الذي كان يفصل بين اليهود ”الأطهار“ والأُمم ”الأنجاس“! وهذا بعينه ما أثار حفيظة اليهود المُتنصِّرين الذين خاصموا بطرس الرسول، لأنه مكث عند أُناس «ذوي غُلْفَة» (أع 11: 3). كانت هـذه بادرة المرار والتمزُّق والنَّكَد الذي بَرَّح بأحشاء الكنيسة الأولى، ولم يُنقذها منه إلاَّ خراب أُورشليم والهيكل!!

+ وقد كان ظهور شخصية بولس الرسول، هـو الفيصل بين الديانـة اليهودية والمسيحية! فلولاه لبَقِيَت المسيحية مذهباً يهودياً اسمه ”شِيعة الناصريين“!! ومن النبوَّة المذكورة أعلاه، يتضح لنا كيف حاول اليهود المُتنصِّرون (الذين يُمثِّلهم الملك يرُبعام) استمالة بولس الرسول (الذي يُمثِّله رجل الله)، لكي يظل عاملاً ومُبشِّراً بالختان والناموس والعوائد اليهودية، بل ويفرضها على الأُمم الذين آمنوا بالمسيح! ولكن كل هذا الضغط لم يُقابَل إلاَّ بمزيد من الاستماتة من قِبَل بولس الرسول. وهكذا كان ردُّ رجل الله على الملك: «”لو أعطيتني نصف بيتك، لا أدخُل معك، ولا آكُل خُبزاً، ولا أشرب ماءً في هذا الموضع. لأني هكذا أُوصِيتُ بكلام الرب: لا تأكل خُبزاً، ولا تشرب ماءً، ولا ترجع في الطريق الذي ذهبتَ فيه“. فذهب في طريقٍ آخر، ولم يرجع في الطريق الذي جاء فيه إلى بيت إيل» (1مل 13: 9).

+ وهكذا صار الطريق الآخـر، هـو إنجيل النعمة الذي كان يُنادي به بولس الرسول! وأمَّا أَكْـل الخبز وشُـرب الماء، فـالمقصود بـه الممارسات الطقسية التي كان يفرضها الناموس واليهود الذين آمنوا بالمسيح من مذهب الفرِّيسيين على السُّذَّج من الأُمم الذين قَبِلوا المسيح، لكي يُجبروهـم على الختان والتهـوُّد كشرطٍ أساسي للخلاص!

وبدون أَخْذ هذه المشكلة في الاعتبار، فإنَّ قارئ رسائل بولس الرسول كلها لن يفهم شيئاً من كلامه ونقاشه المُستميت على الإطلاق!! فهي المحور الذي تدور حوله كرازة بولس الرسول برمَّتها!! ولكن بقَدْر مـا نَغَّص الرسل وكنيسة أُورشليم الأولى على بولس الرسول في كرازته بالمسيح، بقَدْر ما استفادت الأجيال المسيحية إلى يومنا هذا من هذا التنغيص!! إذ خرجتْ من بين سطور هذا الصراع أُسس العقيدة التي تقوم عليها الكنيسة المسيحية إلى يومنا هذا!!

+ + +

+ ولكن قصة سِفْر الملوك الأول تبدأ أن تأخذ بعد ذلك مُنعطفاً غريباً: «وكان نبيٌّ شيخٌ ساكناً في بيت إيل. فأتى بَنوه وقصُّوا عليه كلَّ العمل الذي عَمِلَه رجل الله ذلك اليوم في بيت إيل، وقصُّوا على أبيهم الكلام الذي تكلَّم به إلى الملك. فقال لهم أبوهم: ”شُدُّوا لي على الحمار“. فشَدُّوا له على الحمار، فركب عليه. وسار وراء رجل الله، فوجده جالساً تحت البلُّوطة. فقال له: ”أأنتَ رجل الله الذي جاء من يهوذا؟“. فقال له: ”أنا هو“. فقال له: ”سِرْ معي إلى البيت وكُلْ خُبزاً“. فقال: ”لا أقدر أن أرجع معك، ولا أدخُل معك، ولا آكُل خبزاً ولا أشرب معك ماءً في هذا الموضع. لأنه قِيل لي بكلام الرب: لا تأكل خُبزاً ولا تشرب هناك ماءً، ولا ترجع سائراً في الطريق الذي ذهبتَ فيه“. فقال له: ”أنا أيضاً نبيٌّ مثلك. وقد كلَّمني ملاكٌ بكلام الرب قائلاً: ارجِعْ به معك إلى بيتك، فيأكلَ خُبزاً ويَشربَ ماءً“ (أي) كـذب عليه. فرجـع معه، وأَكَلَ خُبزاً في بيته وشَرِبَ ماءً. وبينما هما جالسان على المائدة، كان كلام الرب إلى النبي الذي أرجعه، فصاح إلى رجل الله الذي جاء من يهوذا: ”هكذا قال الربُّ: مـن أجل أنك خالَفتَ قـول الربِّ، ولم تحفظ الوصية التي أوصاك بها الربُّ إلهك، فرجعتَ وأكلتَ خُبزاً وشَرِبتَ ماءً في الموضع الذي قال لك: لا تأكلْ فيه خُبزاً ولا تشربْ ماءً؛ لا تدخُل جُثَّتُكَ قَبْرَ آبائكَ“» (1مل 13: 11-22).

مَن هو يا تُرَى هذا الشخص الغامض ”النبي الشيخ“ هذا؟ من المُرجَّح أنه يُمثِّل الروح القدس نفسه، روح النبوَّة، الناطق في الأنبياء منذ القِدَم!

كما كان روح النبوَّة يلعب دوراً رئيسياً في توجيه الكنيسة في زمـن بولس الرسول: «وبينما نحن مُقيمون أياماً كثيرة، انحدر من اليهودية نبيٌّ اسمه أغابُوس. فجـاء إلينا وأَخَـذَ مِنْطَقَة بولس ورَبَطَ يَدَيْ نفسه ورِجْلَيْه وقال: ”هذا يقوله الروح القدس: الرجل الذي لـه هـذه المِنْطَقَة، هكذا سيربطه اليهود في أُورشليم ويُسلِّمونه إلى أيدي الأُمم“. فلمَّا سمعنا هـذا طلبنا إليه (إلى بولس الرسول) نحن والذين من المكان أنْ لا يصعد إلى أُورشليم» (أع 21: 10-12).

+ ويُعطينا نص سِفْر الملوك الأول لفتة طريفة: «فوجده جالساً تحت البلُّوطة. فقال له: ”أأنتَ رجل الله الذي جاء من يهوذا؟“».

”البلُّوطة“ هنا تُذكِّرنا بحادثة قديمة: «واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلُّوطة مُورَة. وكـان الكنعانيُّون حينئذٍ في الأرض. وظهر الربُّ لأبرام وقـال: ”لنَسْلِكَ أُعْطِي هـذه الأرض“» (تك 12: 7،6).

أبرام هـذا، أو إبراهيم كان يُدعَى ”عبرانياً“، ربما لأنه عَبَر نهر الفرات(1). وبولس الرسول كان يُصِرُّ أيضاً أنه عبرانيٌّ: «أَهُمْ عبرانيون؟ فأنا أيضاً. أَهُمْ إسرائيليُّون؟ فأنا أيضاً. أَُهُمْ نَسْلُ إبراهيم؟ فأنا أيضاً» (2كو 11: 22).

ولكن إصرار بولس الرسول أن يذهب إلى أُورشليم في المرة الأخيرة، لم يكن ضد رغبة الروح القدس: «فـأجاب بولس: ”مـاذا تفعلون؟ تبكون وتكسِرون قلبي. لأني مُستعدٌّ، ليس أن أُربط فقط، بل أن أموت أيضاً في أُورشليم لأجل اسم الرب يسوع“. ولمَّا لم يُقْنَعْ، سكتنا قائلين: ”لتكُنْ مشيئة الرب“» (أع 21: 14،13).

+ ولكن ما هو، إذن، الذي أغضب الروح القدس، حتى دَفَعَ بالنبي الشيخ أن يصيح في وجه رجل الله بهذه الطريقة: «”هكذا قال الربُّ: من أجل أنك خالَفتَ قول الربِّ، ولم تحفظ الوصية التي أوصاك بها الربُّ إلهك، فرجعتَ وأكلتَ خُبزاً وشَرِبتَ مـاءً في الموضع الذي قـال لك: لا تأكلْ فيه خُبزاً ولا تشربْ ماءً؛ لا تدخُل جُثَّتُكَ قَبْرَ آبائكَ“»؟

إنَّ اقتراب الحرب السبعينية صاحبه تصاعُد متزايد في النَّعْرة القومية لدى يهود فلسطين، مِمَّا انعكس على كنيسة أُورشليم بقيادة يعقوب أخي الرب أسقف أُورشليم الذي ظلَّ يضغط على بولس الرسول عن طريق المُراسلات مع الناس الذين كان يُرسلهم وراءه: «ولكن لمَّا أتى بطرس إلى أنطاكية، قاومته مواجهةً لأنه كان مَلُوماً. لأنه قبلما أتى قومٌ من عند يعقوب كان يأكل مع الأُمم، ولكن لمَّا أَتَـوْا كـان يُؤَخِّرُ ويُفْرِزُ نفسه، خائفاً مـن الذين هم مـن الختان» (غل 2: 12،11). وتفاقمت الأزمـة عندمـا ذهب بولس الرسـول في زيارتـه الأخيرة لأُورشليم، ومعه تبرُّعـات مسيحيِّي كنائـس الأُمم لفقراء كنـائس أُورشليم واليهودية، والتمس أن تُقبَل عطيَّته! ولكن اشترط عليه يعقوب ومَـن معه شرطاً هـو بمثابة هدمٍ للإنجيل الذي كُلِّف به بولس الرسول من قِبَل الله مُباشـرةً!!! «ولمَّا وصـلنا إلى أورشـليم، قَبِلَنا الإخوة بفرح. وفي الغد دخل بولس معنا إلى يعقوب، وحضر جميع المشايـخ. فبعدمـا سلَّم عليهم، طفق يُحدِّثهم شيئاً فشيئاً بكلِّ ما فعله الله بين الأُمم بواسطة خدمته. فلمَّا سمعوا، كانوا يُمجِّدون الرب(2). وقـالوا له: ”أنت تـرى، أيها الأخ، كم يوجد رَبْوَة من اليهود الذين آمنوا وهم جميعاً غيورون للناموس. وقد أُخبِروا عنك أنك تُعلِّم جميع اليهود الذين بين الأُمم الارتداد عن موسى، قائلاً أنْ لا يَختِنوا أولادهم ولا يسلكون حسب العوائد. فإذاً ماذا يكون؟ لابد على كلِّ حال أنْ يجتمع الجمهور لأنهم سيسمعون أنك قد جئتَ. فـافعلْ هـذا الذي نقول لك: عندنا أربعة رجال عليهم نذرٌ. خُذْ هؤلاء وتطهَّر معهم وأَنفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم، فيَعْلَم الجميع أنْ ليس شيءٌ مِمَّا أُخبِروا عنك، بـل تسـلك أنت أيضاً حـافظاً للناموس“» (أع 21: 17-24).

+ وماذا كان ردُّ فِعل رجل الله ”بولس“؟ لقد استَسْلَم أخيراً تحت الإلحاح، رغم أنه يَعْلَم أنَّ ذلك ضد أوامر الله الذي استودعه إنجيل الغُرْلة: «حينئذ أَخَذَ بولسُ الرجالَ في الغد وتطهَّر معهم، ودخل الهيكل مُخبراً بكمال أيام التطهير إلى أن يُقَرَّب عن كلِّ واحدٍ منهم القُربان» (أع 21: 26).

+ وكما سمع رجل الله حُكْم الله من فم النبي الشيخ: «لا تدخُل جُثَّتُكَ قبرَ آبائك»؛ غادر بولس الرسـول أُورشليم ولم يَعُد إليها أبداً! أمـا باقي قصة رجل الله، فكانت: «ثم بعدما أَكَل خُبزاً وبعد أن شرب شدَّ له (النبي الذي أَرجعه) على الحمار وانطلق. فصادفه أسدٌ في الطريق وقتله. وكـانت جُثَّتُـه مطروحـة في الطريـق، والحمار واقفٌ بجانبها، والأسد واقفٌ بجانب الجُثَّة. وإذا بقومٍ يَعبُرون فرأُوا الجُثَّة مطروحةً في الطريق والأسد واقفٌ بجانب الجُثَّة. فأَتوا وأَخبروا في المدينة التي كان النبيُّ الشيخُ ساكناً بها. ولمَّا سمع النبي الذي أَرجعه عن الطريق، قال: ”هو رجل الله الذي خَالَفَ قول الرب، فدَفَعَه الربُّ للأسد، فافترسه وقَتَلَه حسب كلام الرب الذي كلَّمه به“. وقـال لبنيه: ”شُـدُّوا لي على الحمار“، فشَدُّوا. فـذهب ووَجَدَ جُثَّته مطروحـة في الطريـق، والحمار والأسد واقفَيْن بجانب الجُثَّة، ولم يأكل الأسـدُ الجُثَّةَ ولا افـترس الحمار» (1مل 13: 23-28).

+ هذا تلخيصٌ بالرمز لحياة بولس الرسول بعد حادثة الهيكل. فالأسد هو الرومان الذي وقع بولس الرسول أسيراً في أيديهم. ولكن لم يلتهم الأسد رجل الله، لأن الرومان لم يُغيِّروا بولس إلى الوثنية. أمَّا الحمار فهو يرمز إلى السَّفَر والترحال الذي لم يتوقَّف حتى بعد أن وقع بولس الرسول في الأَسْر؛ بـل كـان سبباً في نشر الإنجيل.

وقول النبوَّة: «وإذا بقومٍ يَعبُرون فرأُوا الجُثَّة مطروحةً في الطريق والأسد واقفٌ بجانب الجُثَّة. فأَتوا وأَخبروا في المدينة التي كان النبيُّ الشيخُ ساكناً بها»؛ فهذه هي قيود بولس الرسول التي آلت إلى نشر الإنجيل حتى صار معروفاً في كلِّ مكان حتى بيت قيصر (!) سواء عن طريق الذين جاءوا لرؤيته، أو حملوا رسائله إلى كنائسه في كل مكان، ثم انحدرت إلينا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور!

+ أما قول النبوَّة: «فرفع النبي جُثَّة رجل الله ووضعها على الحمار ورجع بها، ودخل النبيُّ الشيخُ المدينة ليَنْدُبَه ويَدْفِنَه. فوَضَعَ جُثَّتَه في قبره وناحُوا عليه قائلين: ”آهُ يا أخي!“» (1مل 13: 30،29)؛ هـذه كناية عـن أنَّ بولس الرسول، بالرغم من الخطأ الذي وقع فيه، لم يفقد مكانته لدى الروح القدس كرجل الله. وقول النبي الشيخ: «يا أخي»، هو إشارة أنَّ النبوَّة والرسولية كليهما موهبتان من الروح القدس للكنيسة الأولى.

+ وبعد دفنه إيَّـاه قـال النبي لبنيه: «عند وفاتي، ادفنوني في القبر الذي دُفِنَ فيه رجل الله. بجانب عِظامه ضعُوا عظامي. لأنه تماماً سيتمُّ الكلام الذي نادَى به بكلام الربِّ نحو المذبح الذي في بيت إيل، ونحو جميع بيوت المُرتفعات التي في مُدن السامرة» (1مل 13: 32،31).

هنا ينتقل المعنى إلى وَضْع إسرائيل حسب الجسد كوارثة لتراث النبوَّة والأنبياء. فهذا التراث لا يعني بالنسبة لها إلاَّ عظام أموات؛ لأنَّ ما قاله بولس الرسول عن مذبحها غير المعتَرَف به لدى الله، تبلور بالفعل بعد وفاته.

فتقول النبوَّة: «بعد هـذا الأمـر، لم يرجـع يرُبعام عـن طريقه الرديئة، بل عاد فعَمِلَ مِـن أطراف الشعب كهنةَ مُرتفعاتٍ. مَن شاء ملأَ يده، فصار من كهنة المُرتفعات. وكان مِن هذا الأَمر خطيَّةٌ لبيت يرُبعام، وكان لإبادته وخرابه عن وجه الأرض» (1مل 13: 34،33).

+ إنْ كان خراب أُورشليم الجسدي والمادي قد تمَّ على يد تيطس الروماني؛ فخرابها الروحي كان قد تمَّ قبل ذلك بكثير على يد رئيس الكهنة قيافا وبتنفيذ بيلاطس الوالي!

القديس بولس الرسول

(1) هذا الموضوع لا يزال مفتوحاً للنقاش بين العلماء.
(2) يقول SGF Brandon: إنَّ هذه العبارة هي نوع من التلطيف من جانب لوقا الإنجيلي كاتب سِفْر الأعمال لإخفاء سوء التفاهُم الذي كان واضحاً بين بولس ويعقوب وأعوانه حفظاً لماء الوجه، خاصةً أنَّ لوقا الإنجيلي كان يكتب سِفْر الأعمال للأُمم. انظر: The Fall of Jerusalem and the Christian Church: A Study of the Effects of the Jewish Overthrow of AD 70 on Christianity (London: SPCK 1981), p. 134.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis