ثقافة مسيحية


الوجه المسيحي للثورة العلمية في أوروبا

+ حقائق هامة وفريدة عن دور المسيحيين في قيام الثورة العلمية في أوروبا!
عالم فلكي ليلاً، كاهن نهاراً:

عندمـا لم يكن ”نيكولاس كوبـرنيكوس Nicolaus Copernicus“ قد قام بإعادة رَسْم خريطة الأجرام السماوية، كان في ذلك الوقت يشغل نهاره ككاهن بالكنيسة الكاثوليكية، وفي المساء باحثاً وعالماً وفلكياً.


العالِم الفلكي جاليليو جاليلي

+ وبعد عدة سنوات، هوجم العالم ”جاليليو Galilio“ لتأييده ”كوبرنيكوس“ في أبحاثه عن عالم الأكوان والأجرام السماوية؛ وقد ردَّ ”جاليليو“ على منتقديه بتذكيرهم بأنَّ عالِم الكَوْنيات البولندي المولد، كان ”ليس فقط كاثوليكي العقيدة، بل وأيضاً كان كاهناً وعالِماً في العلوم اللاهوتية الكاثوليكية“.

ولكن ”جاليليو“، الذي نال شهادتين علميتين في الشريعة المسيحية، لم يحظَ بالرسامة كأسقف، بل ظل في الدرجة الكنسية Canon فقط في ذاك العصر.

بلوغ العلم الحديث:

كثيراً ما نربط ولادة العلم الحديث بالعالِم الكوني ”جاليليو جاليلي“ الذي سعى لإثبات ”علم الكَوْنيات“ الذي بدأه ”كوبرنيكوس“ عن طريق التجارب العلمية بواسطة التليسكوبات التي كان يقتنيها.

ولكن الثورة العلمية لم تبدأ من خارج حدود الفضاء؛ بل بدأتْ من داخل حدود ”الجسم البشري“.

+ ففي عام 1543م، صدر البحث الذي أعدَّه عن ”الجسم البشري“ العالِم الفلمنكي، والكاهن في نفس الوقت، ”أندرياس فيساليوس“ Andreas Vesalius، الذي ليس فقط اكتشف ”علم التشريح“ كما نعرفه الآن؛ بـل وأيضاً نشر عـدة أبحاث عـن ”علم الرصد والملاحظة“ Observational Science and Research.


أندرياس فيساليوس أبو علم التشريح

+ بل وأكثر من هذا، فقد برزت للوجود فنون النقش والطباعة، أي النقش على الخشب لعنوان كتاب: ”De Fabrica“ بخطوطه الدقيقة، وظلاله الرائعة وتقدُّمه المُتقِن للمناظر، والتي تُعتَبَر اليوم إحدى أرقى فنون النقش في القرن السادس عشر.

واللوحات المنشورة في ذلك الكتاب تم تصميم اللوحات الخشبية التي تُستخدم في طباعتها، في ورشة الفنان الفينيسي (أي من مقاطعة Veneto أكبر مقاطعات إيطاليا) ”طيطيان Titian“ (عام 1485-1576م) عن لوحات رَسَمها الفنان ”فيساليوس Vesalius“.

آباء العلوم الحديثة:

إن العديد من المُبدعين خلال الثورة العلمية بأوروبا كانوا مسيحيين، ليس بالاسم، بل بالالتزام والفعل، وهذه أسماؤهم:

+ أندرياس فيساليوس Andreas Vesalius (1514-1564م) أبو ”علم التشريح“ Modern Anatomy.

+ جاليليو جاليلي Galilio Galilei (1564-1646) أبو ”علم الكُوْنيــات“ Modern Astronomy.


صورة تُظهِر جاليليو وهو يقف أمام محكمة التفتيش التابعة للكنيسة الكاثوليكية، مُدافعاً عن نظريته عن دوران الأرض حول الشمس، والتي انتهت باتهامه بالهرطقة وحرمانه كنسياً

+ ويليام هارفي William Harvey (1578-1630م) أبو ”علم الطب الحديث“ Modern Medicine.

+ روبرت بويل Robert Boyle (1627-1691م) أبو ”علم الكيمياء الحديث“ Modern Chemistry.

+ أنطوني فان ليوفنهوك Antony van Leeuwenhoek (1632-1723م) أبـو ”علم الأحياء الدقيقة“ Microbiology.

+ إسحق نيوتن Isaac Newton (1642-1727م) أبو ”الفيزياء الحديثة الآلية“ (وأيضاً مع ليبنتز Leipnitz أبو ”حساب التفاضُل والتكامُل“ Calculus).

موسيقى الأجرام السماوية:

في عام 1616م، واصَل العالِم الفلكي ”يوهانس كيبلر“ Johannes Kepler اهتماماته طويلة الأمد في اتِّجاه آخر غير عادي. فقد طوَّر نظام النوتة الموسيقية ليُمثِّل الاختلاف في سرعة كل كوكب عندما يكون أقرب أو أبعد من الشمس.


ويليام هارفي أبو علم الطب الحديث يشرح نظريته في الدورة الدموية

فالتجانُس الذي تُقدِّمه النوتة الموسيقية الخاصة بكل كوكب، إنما يستعلِن - حسب إحساس هذا العالِم الفلكي - مجد الله. فقد استخدم ”كيبلر“ نوعين من النوتة الموسيقية لتُمثِّل التغيير الطفيف نسبياً في سرعة الأرض، فيقول: [... فالأرض تُسبِّح الله بلغة النوتة الموسيقية: ”دو، رى، مي، فا...“. وبذلك نستطيع أن نؤلِّف من هذه النغمات ذلك البؤس وتلك المجاعة التي تحكم حياتنا في هذا الوطن الأرضي].

وقد نشر ”كيبلر“ هذا البحث باسم: ”الهارمونيات الخاصة بهذا العالم“ Harmonies of the World (سنة 1618م).


إسحق نيوتن أبو الفيزياء الحديثة الآلية وواضع قانون ”الجاذبية الأرضية“

وعلى ما يبدو، فإنَّ هذه التغيُّرات الطفيفة في نظر ”كيبلر“ قادته إلى هذه التحقيقات الموسيقية التي جعلته يكتشف مبادئ حركة الكواكب، والتي بعد 40 عاماً حفَّزت ”إسحق نيوتن“ لتطوير نظريته في ”الجاذبيـة الأرضيـة“ Universal Gravitation.

+ ولم يكن ”كيبلر“ هو العالِم الحديث الوحيد الذي وضع بَصْمَته في الموسيقى.

فقد كَتَبَ ”كيبلر“ عالِم الفيزياء والكيميائي الشهير رواياته الرومانسية حول مواضيع أخلاقية ودينية. وإحدى هذه الروايات هي: ”استشهاد ثيئودورا“ The Martyrdom of Theodora، ورواية ”ديديموس“ Didymus التي صارت أساساً لأوبرا ثيئودورا Opera Theodora.

+ ”إسحق واتس“ Isaac Watts وضع ترنيمة من أربعة سطور على فصل من عمل موسيقي لـ ”بويل Boyle“، واسمه: ”تأمُّلات عَرَضية على موضوعات متعددة“ Occasional Reflections Upon Several Subjects.

وهذا العمل هو عمل روحي فني ذو شهرة شعبية بين طائفة ”البيورتان Puritan“ البروتستانتية، والتي ظلَّت تُطبع على مدى قرنين من الزمان.

+ وترنيمة المؤلِّف ”واتس Watts“ تحوَّلت إلى عمل موسيقي بواسطة الملحِّن الأمريكي ”ويليام بيلنج William Billings“ كجزء من نشيده عن ”الخليقة“.

**** المسيحيون في العالم كالروح بالنسبة للجسد ********************************************

[الروح كائنة في الجسد،

لكنها ليست منه؛

والمسيحيون مُقيمون في العالم،

لكنهم ليسوا من العالم.

الجسد المنظور يُغلِّف الروح التي لا تُرَى،

والمسيحيون كائنون في العالم،

لكن صلاحهم يظل مخفيّاً.

الجسد يُبغِض الروح ويُحاربها،

لكن الروح تحب الجسد الذي يُبغضها...

وهكذا المسيحيون يحبون مَن يُبغضونهم...

الروح الخالدة تسكن في خيمة مائتة،

والمسيحيون يحيون كغرباء في أجسادٍ قابلة للفساد،

متطلِّعين إلى مسكنٍ لا يَفْنَى في السموات...

بحرمان الإنسان من المأكل والمشرب، تتحسَّن حالة روحه؛

والمسيحيون كلما تعرَّضوا للآلام والعذابات، ازدادوا عدداً].

******************* (الرسالة إلى ديوجنيتس Diognetus - أواخر القرن الأول/ أوائل القرن الثاني - فصول 6،5)

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis