المسيح
-19-


إعداد: الراهب باسيليوس المقاري

مجيء المسيح
تنقسم السنة الكنسية إلى أزمنة ليتورجية، وهي تبدأ بزمن الخلقة الجديدة، ابتداءً من أول السنة القبطية (أول توت/ 11 سبتمبر)؛ وثانيها زمن المجيء (أي مجيء المسيح)، ويبدأ بصوم الميلاد البتولي (16 هاتور/ 25 نوفمبر)، حيث يستعد المؤمنون لاستقبال المولود الإلهي من القديسة العذراء مريم الدائمة البتولية يوم 29 كيهك/ 7 يناير.

+ ولقد كانت الوسيلة التي اختارها الله ليجيء إلى العالم، وبناءً على نبوَّات الأنبياء في العهد القديم، كانت عن طريق الحَبَل البتولي ثم الميلاد. وقد اشتهرت القديسة العذراء مريم ”الثيئوتوكُس“ بأنها سليلة إسرائيل. فبزوغ ”إسرائيل“ الجديد، أتى بطاعتها الكاملة وتسليمها الكُلِّي لدعوة الله بواسطة الملاك غبريال. إنها سُمِّيَت ”ابنة صهيون“ التي بها بدأ الله عهداً جديداً مع البشرية، بحسب النبوَّة القائلة: «ابنة صهيون بَقِيَت وحدها، كخيمة في كَرْم، ككوخ في مزرعة، كمدينة تحت الحصار» (إش 1: 8 - الترجمة العربية الجديدة)، «ابتهجي يا ابنة صهيون، واهتفي يا ابنة أورشليم: ها ملككِ يأتيكِ عادلاً، مُخلِّصاً، وديعاً، راكباً على حمار، على جحش ابـن أتـان» (زك 9: 9 - الترجمة العربية الجديدة).

الحَبَل البتولي

ولادة طبيعية من حَبَل خارق للطبيعة:

كان الحَبَل بالمخلِّص فائقاً خارقاً للطبيعة، أمراً يفوق الشرح؛ أما الولادة فكانت ولادة طبيعية.

تدخُّل الثالوث الإلهي: إن ولادة يسوع كانت بحسب شرح وإجماع الآباء القدماء عملاً مُبْدعاً من الله الثالوث، بتدخُّل الروح القدس الذي جعل ابن الله يأخذ الطبيعة البشرية بأكملها (حسب التسبحة اليومية: ”هو أَخَذَ الذي لنا“ - ثيئوتوكية الجمعة)، ولكن دون أن يَكُفَّ عن أن يظل إلهاً (حسب التسبحة اليومية: ”لم يَزَل إلهاً أتى وصار ابن بشر...“ - ثيئوتوكية الخميس).

غياب الأب الجسدي:

لقد كان مجيء ابن الله قاطعاً، بدون وجود أب جسدي. ويصف ذلك الوضع إنجيل متى: «ولم يعرفها (يوسف خطيب العذراء مريم) حتى ولدتْ ابنها البِكْر» (مت 1: 25). أما ولادة يسوع فكانت ولادة طبيعية من أُمٍّ بشرية كانت عذراء «لم تعرف رجلاً» (لو 1: 34).

+ وليس في ذلك أي إنقاص لقيمة الحياة الزيجية؛ بل هو إعلاء للجسد البشري كواسطة اختارها الله ليكون معروفاً ملموساً بحضوره وسط العالم، بإنسانٍ مولود من امرأة.

+ كما أنَّ الحَبَل البتولي لم يكن جحداً للرجولة؛ بل كان علامة على نعمة الله نحو كل البشرية، رجالاً ونساءً.

+ كما أنه (الحَبَل البتولي) لا يوصي ويدعو إلى النُّسك والتعفُّف عن الزواج، كما لا يدين شهوة الزواج؛ بل هو شهادة لرحمة الله على العالم الذي سقط، وتصميم من الله على أن يُخلِّصه من حماقة الخطيئة ومصير الموت.

إن تناسُب هذه الواسطة الجسدية (أي أََخْذ الله جسداً وُلِدَ ولادة طبيعية)؛ يؤكِّد، من خلال شهادة الرسل والتقليد المسيحي المُبكِّر، على قدسية الزواج الذي صار سِرّاً مُقدَّساً ضمن أسرار الكنيسة المقدسة.

بتولية العذراء تسجَّلت في دساتير الإيمان:

لقد اعتُبِرَت الشهادة على بتولية وعذراوية الحَبَل بالمسيح في غاية الأهمية منذ بداية المسيحية، لدرجة أنَّ هذه الصفة أُدرجت ضمن دستور الإيمان الرسولي، وكذلك ضمن دستور الإيمان في مجمع نيقية سنة 325م ومجمع القسطنطينية سنة 381م.

+ وحتى دستور الإيمان الرسولي الذي، بالرغم من أنه كان قصيراً جداً؛ لكنه حَرِصَ على التأكيد على أن يسوع حُبِلَ به من الروح القدس ومن العذراء مريم.

+ وقد كانت هذه الشهادة حاسمة جداً، لدرجة أنه كانت هناك آراء بأن الذي يرفض هذا الحَبَل العذراوي، هو أقرب إلى أن يتعذَّر عليه سدَّ الفجوة بين عظمة سرِّ التجسُّد، وبالتالي قبول معجزة قيامة الرب يسوع من بين الأموات.

إعلان عذراوية الحَبَل البتولي

مستمرٌ منذ ما قبل كتابة الأناجيل:

فالتقليد الشفاهي - قبل كتابة الأناجيل - هو شهادة كافية، وليست قاصرة على كاتبٍ مُعيَّن. فمثلاً نتعجَّب من أنَّ هناك ذِكْراً متكرراً عن الميلاد البتولي أكثر مِمَّا ذُكِرَ عن عشاء الرب.

+ وأحياناً يرفض بعض النُّقَّاد والناكرين للميلاد البتولي هذا الميلاد على أساس أنه ذُكِرَ قليلاً جداً في أسفار العهد الجديد، مع أنَّ قليلين من هؤلاء النُّقَّاد مَن انتبه إلى أنَّ الحديث عن عشاء الرب يمكن أن يكون موضع شك بسبب قلة عدد الإشارات إليه في الإنجيل. ولكن التعاليم والعقائد الأساسية بالغة الأهمية لا تتطلَّب الكثير من الإشارة إليها، لأن قوة ثباتها في قلوب وأفكار الناس يكفي.

الميلاد البتولي مختلف تماماً عن

الولادات المعجزية في تاريخ الأديان:

إنَّ الأساطير عن الولادات المعجزية في تاريخ الأديان القديمة مختلفة تمام الاختلاف عن الحَبَل والميلاد البتوليَّيْن. فمثل هذه الولادات المعجزية كانت تهدف إلى إبراز قوة الإخصاب لدى الآلهة الوثنية في الأديان القديمة. لكن هذه الفكرة غريبة عن رواية الميلاد البتولي في أسفار العهد الجديد.

ففي إنجيلَي لوقا ومتى، الله ليس هو الأب الجسدي بالميلاد مع العذراء، فيصير المسيح نصف إله ونصف إنسان! لكن يسوع كان إنساناً كاملاً، وفي نفس الوقت إلهاً كاملاً.

فرواية الميلاد لا تعني ولادة ابن جديد لله لم يكن موجوداً من قبل؛ بل بالعكس، فإنَّ كل الأوصاف هي عن ”ابن الله المولود قبل كل الدهور“ (حسب نص قانون الإيمان المسيحي).

كما ليس في أساطير القدماء أنَّ عذراءً بتولاً وَلَدَت! بل بالعكس، فإنَّ العهد الجديد يذكر: «الله ظهر في الجسد» (1تي 3: 16)، «الله كان في المسيح مُصالِحاً العالم لنفسه» (2كو 5: 19)، «الله... كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه» (عب 1: 2،1).

+ لقد ظهر الله في الجسد ليتألَّم بالجسد، مُشارِكاً البشرية المتألِّمة؛ ثم ليموت، مُشارِكاً البشرية في محنة الموت، العدو اللدود للبشرية: «آخر عدو يُبْطَل هو الموت» (1كو 15: 26).

+ آباء الكنيسة المُعلِّمون كانوا دائماً يُعلِّمون عن التجسُّد بأنه: لمَّا أَخَذَ ابن الله جسدنا، هكذا نحن نكون فيه في كل مراحل أعماله الخلاصية من آلام وموت، ثم قيامة، ثم صعود وجلوس عن يمين الآب: «وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويَّات في المسيح يسوع» (أف 2: 6).

+ في أساطير الوثنيين القديمة عن ولادة الآلهة، لا نجد فيها أي ”تجسُّد“ يحمل آلام أو تدنِّي العبد: «أخلى نفسه، آخِذاً صورة (شكل) عبد» (في 2: 7).

أساطير الآلهة القديمة تتكلَّم فقط عن عظمة الإله وعن حقارة وضعف البشر.

نبوَّات العهد القديم عن

مجيء المسيح من نسل المرأة:

إنَّ أول إعلان عن نيَّة الله وتدبيره لخلاص الإنسان أتى لأول امرأة في البشر، وليس لأول رجل. فـ ”أول إنجيل“، أو ”أول بشارة“، أو لنَقُل: ”أول جنين“ للإنجيـل؛ ظهر في سفر التكويـن (3: 15) بعد سقوط آدم وحواء. فقد كانت أول بشارة بمجيء المسيح: «وقال الرب الإله للحيَّة:... وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسكِ، وأنتِ تسحقين عَقِبَه» (تك 3: 15،14)، وقد وُجِّهَت هذه البشارة لحواء وليس لآدم، كوعد من الله لأُم كل حيٍّ أنَّ من نسلها سيأتي الذي سيسحق المُجرِّب (الشيطان) للبشرية، كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم(1). وكان هذا الوعد بينما كانت حواء ما تزال عذراء بعد!

الحَبَل البتولي مختلفٌ عن النساء العاقرات

في العهد القديم:

يذكر العهد القديم عدداً من الولادات المعجزية، وكانت كل ولادة من هؤلاء نقطة تحوُّل في طريق الخلاص، مثل: ”سارة“ التي تأخَّر إنجابها لإسحق (تك 18)، و”حَنَّة“ التي تأخَّر إنجابها لصموئيل (1صم 1-3)، وأُم مجهولٌ اسمها لشمشون (قض 13). حَبَل هاته النسوة لم يكن بتولياً عذراوياً. وفي كل تلك الولادات كانت كل أُم عاقراً، ثم تبدَّد كل أمل لها في إنجاب طفل. ولكن حقَّق الله ولادة كانت مستحيلة - بحسب الطب الحديث - حتى أنَّ حنَّة صلَّت إلى الله وقالت: «الرب يُفقر ويُغني (”يضع ويرفع“)» (1صم 2: 7)، بنفس كلمات العذراء مريم: «أنزل... ورفع» (لو 1: 52). وهكذا قالت أُم شمشون المجهولة الاسم: «جاء إليَّ رجل الله... وقال لي: ها أنتِ تحبلين وتلدين ابناً...» (قض 13: 7،6). وفي كل حالة من هذه الحالات كان الطفل المولود يؤدِّي دوراً أساسياً في تحقيق الوعد الإلهي لحواء.

+ أما الميلاد البتولي ليسوع فهو يختلف عن كل قصص الولادات المعجزية لرؤساء الآباء في العهد القديم، التي كانت تُعبِّر عن إلغاء الله حالة العُقم لدى الأُم وتجديد إمكانية الحَبَل الطبيعية بوجود الأب. وهذا مختلف تماماً عن الحَبَل البتولي للقديسة العذراء مريم.

+ عن اعتراض البعض على دوام عذراوية العذراء؛ فهذه الصفة التي يُنكرها البعض، تتضح من وقوف العذراء وحيدة تحت صليب ابنها المصلوب بلا أولاد آخرين لها، ما جعل الرب يوصي القديس يوحنا الرسول بأَخْذها إلى بيته ورعايتها حتى يوم نياحتها.

مجيء ”عمانوئيل“ الله معنا

في النبوَّة الصريحة عن الميلاد العذراوي لابن الله المتجسِّد باسم ”عمانوئيل“، يقول إشعياء النبي: «ولكن يُعطيكم السيِّد نفسه آيةً: ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه ”عمانوئيل“» (إش 7: 14).

+ وقد وردت كلمة ”عذراء“ في هذه النبوَّة هكذا: alma بالعبرية، ومعناها عادةً: ”امرأة لم تعرف رجلاً“، كما تعني أيضاً: ”فتاة شابة أو امرأة في سنِّ الزواج ولكن لم تتزوَّج بعد“. ولكنها تعني عموماً، وفي كل الحالات، فتاة لم تُمَسَّ عذراويتها بعد؛ ولكنها لا تعني أبداً امرأة متزوِّجة.

+ وقد استخدم إشعياء النبي كلمة alma بالعبرية. وفي الترجمة السبعينية التي تمَّت في عهد الملك اليوناني بطليموس الثاني فيلادِلْفوس ملك مصر (285-246ق.م)، ترجمها شيوخ اليهود إلى كلمة parthenos أي ”فتاة بِكْر لم تتزوَّج بعد“.

+ وكانت كلمة ”العذراء“ رمزاً يُوصَف به شعب إسرائيل قديماً باعتباره مخطوباً لله: «كما يتزوَّج الشابُ عذراء ”parthenos“ ”alma“» (إش 62: 5،4). وقد أُطلِقَ هذا الوصف نفسه باستخدام كلمة parthenos للوصف الرمزي للكنيسة: «خطبْتُكم لرجُلٍ واحد، لأُقدِّم عذراء عفيفة للمسيح» (1كو 11: 2). ودُعِيَ المؤمنون بهذا اللقب في سفر الرؤيا: «هؤلاء هم الذين لم يتنجَّسوا مع النساء لأنهم أطهارٌ parthenos» (رؤ 14: 4).

+ وتعني الكلمة اليونانية parthenos في إنجيل متى 1: 23 (إشارة إلى نبوَّة إشعياء النبي)، أنها عذراء عفيفة غير متزوِّجة بحسب القواميس اليونانية للعهد الجديد.

عمانوئيل:

ولتوضيح شخصية يسوع كمسيَّا (أي المسيح)، يقتبس متى الإنجيلي نبوَّة إشعياء بالذات، التي مطلعها: «ها العذراء» (إش 7: 14). إنَّ هذه الرسالة تعني أنه فقط إذا كان ”الله معنا“، فحقّاً يكون هو ”عمانوئيل“ المسيَّا - المسيح. وقد اعتَبَرَ إشعياء النبي أنَّ هذا الاسم هو ”آية“ أي علامة مُقدَّمة إلى بيت داود (عدد 13) وليس للملك آحاز، بل «يُعطيكم السيِّد نفسه آيةً: ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه ”عمانوئيل“» (إش 7: 14). فالآية ليست لشخصٍ مُحدَّد، بل ”لكم“ جميعاً ”يُعطيكم“، أي لشعب إسرائيل.

خبر الميلاد في إنجيل لوقا:

+ ميلاد يوحنا المعمدان يُعِدُّ شعباً للرب الآتي (المسيح): إنَّ مفتاح سَرْد القديس لوقا لولادة يوحنا المعمدان قبل سَرْده لولادة يسوع، يكمن في أنَّ ”أليصابات“ كانت من نسل هارون (رئيس الكهنة أيام موسى النبي)، وقد ظهر الملاك غبريال للكاهن زكريا مُعْلِناً له الأخبار المُفرحة بأنَّ أليصابات امرأته سوف تحمل وتلد ابناً سوف يُعدُّ شعباً مستعدّاً لاستقبال مجيء الرب يسوع. هذا هو مفتاح ذِكْر قصة ولادة يوحنا المعمدان.

+ البشارة بمجيء المسيح: ثم يأتي الملاك غبريال إلى مريم العذراء المخطوبة ليوسف، ويُبشِّرها بأنها ستلد ابناً اسمه ”يسوع“: «وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتُسمِّينه يسوع. هذا يكون عظيماً، وابن العَليِّ يُدعى، ويُعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لمُلْكه نهاية» (لو 1: 31-33).

+ فقالت مريم للملاك: «كيف يكون هـذا وأنا لستُ أعرف رجلاً (أي وأنا عذراء)» (لو 1: 34). لاحِظ أنَّ كلمة parthenos لا يمكن أن تُتَرجم ”امرأة شابة“، فمضمون الحديث لا يُعطي إلا معنى ”فتاة لم تعرف رجلاً“، حتى أنها لم تَقُل إنها فقط مخطوبة ليوسف!!

ولذلك ردَّ عليها الملاك هكذا، كشرح لكيف ستلد ابنا وهي غير متزوِّجة: «الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوة العَليِّ تُظلِّلُكِ، فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يُدعَى ابن الله... لأنه ليس شيءٌ غير ممكن لدى الله» (لو 1: 37،35).

والجملة الأخيرة تؤكِّد بتولية وعذراوية العذراء، إذ أنها تعني: إنَّ الله لا يعجز عن مواجهة المستحيل، أنَّ عذراء لم تتزوَّج يمكن أن تلد! ولم يذكر لها الملاك كيف بالتفصيل سيحدث هذا، ولكن فقط إنَّ هذا الحَدَث المنحجِب سوف يحدث. ولم يذكر الوحي كيف سيتم ”الحَبَل“، غير أنَّ الروح القدس يحلُّ عليها، وقوة العَليِّ تُظلِّلها.

+ تحذير: بعض الذين يعظون عن هذه المعجزة الإلهية يجترئون ويجرحون السرَّ الإلهي، بادِّعائهم علانية أمام المؤمنين بمعرفة ما خَفِيَ في سرِّ الحَبَل الإلهي، وكيف تمَّت الولادة بأوصاف مكشوفة وشرح ما يحدث للنساء عند الولادة، مُقتحمين ما لم يُعطَ للبشر أن يفضُّوا أسراره الإلهية التي لم يكشفها الملاك غبريـال للعذراء، فيجرحـون بذلك الوحي بجسارتهم غير المحمودة. ليتهم يصمتون طالما صَمَتَ الوحي الإلهي.

(يتبع)

(1) John Chrysostom, Hom. On Gen., XVII.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis