في عيد العنصرة



الروح القدس بين العهدَيْن



تبدأ الرسالة إلى العبرانيين بهذه الكلمات: «الله (الآب) بعدمـا كلَّم الآبـاء بالأنبياء قديماً، بأنواعٍ وطُرُقٍ كثيرة، كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنـه... الـذي بـه أيضاً عَمِلَ العالمـين» (عب 1: 2،1). ويكتب معلِّمنا القديس يوحنا في صدر بشارته: «الله لم يَرَه أحدٌ قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر» (يو 1: 18).

نحن، إذاً، لم نعرف عن طبيعة الله إلاَّ عندما تجسَّد ابـن الله وحلَّ بيننا، فمنه عرفنا عن الآب: «ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلاَّ بي» (يو 14: 6)، وعـن الروح القدس: «الـذي فيه (في المسيح) أيضاً إذ آمنتم خُتِمتُم بروح الموعد القدوس» (أف 1: 13)(1).

والمسيح هو الذي استعلَن لنا الثالوث في مشهد غير مسبوق، يوم معموديته من يوحنا، حيث كان يسوع الابن المتجسِّد، وهو يصعد من نهر الأردن، وإذا السموات قد انفتحت (انشقَّت) ونزل منها الروح القدس (روح الله) مثل حمامة واستقرَّ عليه، ودوَّى في الآفاق صوت الآب من السماء: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرْتُ (”أنت ابني الحبيب بك سُررتُ“)» (مت 3: 17،16؛ مر 1: 11،10؛ لو 3: 22،21؛ يو 1: 32).

+ الله في العهد القديم:

نحـن لم نعرف طبيعة الله كثالـوث بصورةٍ صريحة إلاَّ في العهد الجديد بمجيء ابن الله ليُحقِّق الوعد الإلهي القديم بالبركة «لجميع قبائل الأرض» (تك 12: 2).

على أنه لم يَخلُ الأمر في العهد القديم من إشارات واضحة للثالوث. فاسم ”الله“ بالعبرية ”إلوهيم“ هو اسم جمع موحَّد uni-plural. كما أنَّ هناك بعض الآيات الموحية التي يتكلَّم فيها الله بصيغة الجمع مثل: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك 1: 26)، «هَلُمَّ ننزل ونبلبل هناك ألسنتهم» (تك 11: 7).

وبصورةٍ عامة، فإنَّ لفظ ”الله“ في أسفار العهد القديم قـد يَـرِد بغير تمييز لأحـد الأقانيم (فيقصد الثالوث)، وإنْ كـان في أكثر الأحـوال يُشير إلى شخص ”الآب“(2). وهنـاك بعض المواقف التي ظهر فيها ”الابن“(3)، كظهوره لإبراهيم كواحد ضمن ثلاثة رجال (الرب وملاكَيْن)(4) (تك 18: 1-19: 1)، وظهوره لجدعون كملاك الرب (قض 6: 11-14). ولكـن الإشارة إلى ”الابـن“ في معظمها هي في النبوَّات الكثيرة التي لا يمكن حصرها، وهي تبدأ مما جاء في سِفْر التكوين حتى سِفْر ملاخي.

+ عن الروح القدس في العهد القديم:

يأتي ذِكْر الروح القدس في العهد القديم ضمناً كشريك في عملية الخَلْق و”مُعطي الحياة“: «روح الله يرفُّ على وجه المياه» (تك 1: 2). ويُشار إليه كثيراً كـ ”روح الله“ (تك 41: 38،37) و”روح الـرب“ (عـد 11: 29؛ قض 6: 34؛ 11: 29؛ 13: 25،24؛ 1صم 10: 6)، وإنْ لم ينكشف لآباء العهد القديم بصورةٍ جَليَّة أنه أقنوم مساوٍ للآب والابن في الجوهر.

والروح القدس يظهر في أعماله (لأن مجاله الحياة والروح والنفس والباطن والفكر) ولا يظهر بشخصـه (إلاَّ في ظهـوره في مشهدَيْـن غير مسبوقَيْن في العهد الجديـد: كحمامة يـوم عماد الرب، وكألسنة نار يوم الخمسين)، فهو سرُّ حياة كل الكائنات. ولكن سائر هباته لم تَفِض على الكل في العهد القديم، وإنما اختُصَّت بها أُمة واحدة هي شعب إسرائيل (كباكورة، قبل أن يصير الروح لكلِّ مَن يؤمن بعد الخلاص)، ولأفراد بعينهم من هذا الشعب(5)، خاصة الآباء والأنبياء وقادة الشعب من القضاة(6)، وبعض الملوك الذين حكموا باسم الرب مثل داود وسليمان. وكان النبي يمسح الملك فيحل عليه روح الرب (1صم 16: 3). وكان الروح يُفارِق الشخص إذا حاد عن طريق الرب، كما جرى مع الملك شاول بحسب المكتوب (1صم 16: 14).

فمسيرة الآبـاء: إبـراهيم وإسحق ويعقـوب ويوسف، وقادة إسرائيل: موسى ويشوع والقضاة؛ كانت بإرشاد الروح القدس. كما كان الروح هو الذي يمسح الكهنـة ويُبارِك الخدمـة ويقبـل الذبائح أو يرفضها، وهو المُوحِي للأنبياء(7) كي يُفصحوا عنه(8)، وأن يُنبئوا عن تجسُّد المُخلِّص وآلامه وأمجاده (لو 24: 45،44،27،26؛ 1بط 1: 9-12) ومـا يقترن بمجيئـه مـن فيض الروح (إش 11: 2،1؛ حز 11: 19؛ 36: 27،26)، «لا بالقدرة ولا بالقوَّة بل بروحي، قال رب الجنود» (زك 4: 6).

+ عن الروح القدس في العهد الجديد:

مِن نِعَم التجسُّد أنَّ الروح القدس، الذي كان ذِكْره خافياً في العهد القديم، سطع في الحياة مـع بزوغ العهد الجديد بدءاً مـن بشارة زكريا الكاهن بميلاد المعمـدان، وبشـارة العذراء مـريم بميلاد ابـن الله، مـع تحديد اسمه: ”الـروح القدس“: «لا تَخَفْ يا زكريا، لأن طلبتَك قد سُمعتْ وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنا وتُسمِّيه يوحنا... ومِن بطن أُمِّه يمتلئ من الروح القدس» (لو 1: 15،13)، «الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوَّة العَليِّ تُظلِّلُكِ، فـلذلك أيضاً القدوس المولـود منـكِ يُدعَى ابن الله» (لـو 1: 35)، «وامتلأتْ أليصابـات مـن الـروح القـدس، وصـرختْ بصـوتٍ عظـيم وقالت...» (لو 1: 41)، «وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس، وتنبَّأ قائلاً...» (لو 1: 67)، «أنا (يوحنا) أُعمِّدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي يعدي هو أقوى مني... هو سيُعمِّدكم بالروح القدس ونار» (مت 3: 11؛ مر 1: 8؛ يو 1: 33).

والربُّ إذ يعود من الأردن ممتلئاً من الروح القدس، وبعد الصوم وتجربة إبليس، يرجع بقوة الـروح إلى الجليـل، ويدخـل مجمع الناصرة، ويكـون أول مـا يقرأ مـن سِفْر إشعياء النبي: «روح (السيِّد) الـرب عليَّ، لأنه مسحني لأُبشِّر المساكين...» (إش 61: 1؛ لو 4: 18). ومن خلال تعليم المسيح وكلماته على مدى سنوات خدمته، تمَّت معرفتنا بالروح القدس: «إن كان أحدٌ لا يولد من (فوق) الماء والروح، لا يقدر أن يـرى (يدخل) ملكوت الله. المولود مـن الجسد جسدٌ هو، والمولود مـن الروح هو روح» (يو 3: 6،5،3)، «الروح هو الذي يُحيي... الكلام الذي أُكلِّمكم به هو روح وحياة» (يو 6: 63).

فالروح القدس هو الذي يهب الإيمان والحياة الجديدة، المتحررة من الخطية، والمتبرِّرة بالنعمة بالميلاد الثاني الجديد في المعمودية («ختان القلب بالروح» - رو 2: 29) حيث تُشارِك المسيح موته وقيامته. والروح القدس هو العامل في كلمة الإنجيل التي تُغيِّرنا إلى الأفضل كلما أطعناها وحفظناهـا: «الله روح. والذيـن يسجدون له فبالروح والحـقِّ ينبغي أن يسجدوا» (يو 4: 24)، «لأن لستم أنتم المتكلِّمين بل روح أبيكم الذي يتكلَّم فيكم» (مت 10: 20؛ مر 13: 11؛ لو 12: 12).

والعبادة ليست كـلاماً مـن الشفاه أو جهداً بشرياً أو فرائض جسدية، وإنما هي شركة الروح القدس في القلب: «... أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم» (1كو 3: 16)، فهكذا نتصل بالآب والابن في الروح. وفي كرازتنا بالكلمة، كمؤمنين، نستدعي الروح بالصلاة لكي يكون كلامنا، لا بحكمة الناس، بـل «ببرهـان الروح والقوة» (1كو 2: 4). هكذا «نسعى كسفراء عن المسيح، كـأنَّ الله يعظ بنـا» (2كـو 5: 20)، وهكذا تتغيَّر بنا حياة الآخرين أيضاً. «إنْ عطش أحدٌ فليُقْبِلْ إليَّ ويشرب. مَن آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهارُ ماءٍ حيٍّ. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مُزمِعين أن يقبلوه، لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطِيَ بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجِّد بعد (بالصليب والموت والقيامة والصعود)» (يو 7: 37-39).

هكذا بدأ الرب - وهو يقترب من الصليب - يُفصِح عن وعد الآب بالبركة لكلِّ الأُمم (تك 18: 18؛ 22: 18؛ 26: 40)، بحلول شامل للروح القـدس على البشر بعـد أن يتمَّ الـرب مهمتـه الخلاصية، ويُهيِّئ القلوب لمجيئه الساطع القريب، كي يهب المؤمنين به كل عطايا الخلاص: «وأنا أطلب من الآب فيُعطيكم مُعزِّيّاً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأمَّا أنتم فتعرفونه لأنه ماكثٌ معكم ويكـون فيكم. لا أتـرككم يتامَى. إني آتي إليكم» (يـو 14: 16-18)، «وأمَّـا المعزِّي (الباراكليت)، الروح القدس، الـذي سيُرسله الآب بـاسمي، فهو يُعلِّمكم كـلَّ شيء، ويُذكِّركم بكـلِّ ما قلته لكم» (يو 14: 26)، «ومتى جاء المعزِّي الذي سأُرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق، الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي» (يو 15: 26)، «خيرٌ لكم أن أنطلق، لأنه إنْ لم أنطلق لا يأتيكم المُعزِّي، ولكن إنْ ذهبتُ أُرسله إليكم» (يو 16: 7)، «متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يُرشدكم إلى جميع الحقِّ، لأنه لا يتكلَّم من نفسه، بل كلُّ ما يسمع يتكلَّم بـه، ويُخبركم بأمورٍ آتيـة. ذاك يُمجِّدني، لأنـه يأخـذ مِمَّا لي ويُخـبركم» (يـو 16: 14،13).

فالرب المُقبل على الموت والقيامة والصعود إلى مجده، يُساند تلاميذه الذين يُخالجهم الخوف من الغد عندما يخرج السيِّد من حياتهم، ويملأهم الحزن على افتقاده بعد سنوات الرفقة الممتلئة بالفرح.

ولكن صعود الرب إلى السماء لم يكن يعني أنه يغيب عن الأرض، لكي يأخذ مكانه الروح القدس الذي كان غائباً ظاهريّاً! فالروح لم يَغِب يومـاً، لأنـه روح الآب (مت 13: 20) والابن (غل 4: 6؛ 1بط 1: 11) والرب المُحيي (يو 6: 26)، «وأمَّا الرب فهو الروح» (2كو 3: 17)، وهو مالئ الكل، والمسيح يظل حاضراً في كل مكان بذاته وروحه (يو 3: 13).

الروح القدس ليس بديلاً عن المسيح، بل هو يواصل رسالة الخلاص: يُعزِّي ويشفع (رو 8: 17)، ويحيا في المؤمنين: «ليحلَّ المسيح بالإيمان في قلوبكم» (أف 3: 17)، ويُهيِّئ القلوب للتوبة (يو 16: 8)، والإيمان بالمسيح ربّـاً ومُخلِّصاً (1كـو 12: 3)، ويُعلِّم كل شيء، ويُذكِّر بكل ما قاله الرب في الكتاب، ويهب استحقاقات الفداء لكلِّ مَن يؤمن، ويشهد للرب أمـام العالم، ويُعلِن حـقَّ المسيح والإنجيل، ويأخذ مِمَّا للمسيح ويُخبر عن المستقبل، ويمكث معنا إلى الأبد، ويشفع فينا في الصلاة بأنَّاتٍ لا يُنطَق بها.

وفي أول لقاء للرب بتلاميذه بعد قيامته، ألقى عليهم سلامـه ثم نفخ وقـال لهم: «اقبلوا الروح القـدس»، كي يغفروا بـاسمه خطايـا التائبين الراجعـين، وأن يمسـكوا خطايـا المُتصلِّفـين والمقاومين (يو 20: 23،22). وكان آخر ما قاله لهم قبل صعوده ألاَّ يبرحوا أورشليم انتظاراً لموعد الآب ونوال القوة بحلول الروح القدس من الأعالي (لو 24: 49؛ أع 1: 8،4؛ أف 1: 3). وبعد عشرة أيام، وفي عيد الخمسين، كان تحقيق الوعد بانسكاب روح الله بغِنى على البشر «مِن كل أُمة تحت السماء» (أع 2: 5). هكذا وُلدت كنيسة المسيح التي لن تَقْوَى عليها أبواب الجحيم (مت 16: 18)، وبـدأ التلاميذ بالكرازة بـاسم المسيح، والروح «يضم كـل يـوم إلى الكنيسة الذيـن يخلصون» (أع 2: 47)، ويُعطي قـوةً للكلمة (1كو 2: 4؛ 2تي 1: 7)، ويُرسل الخدَّام (أع 8: 29؛ 11: 12) أو يمنعهم (أع 16: 7)، ويُقدِّس الأسـرار، ويُقيم الأساقفـة والخُدَّام (أع 20: 28)، ويمدُّهم بالمواهب (1كو 14،12).

والروح القدس هو «روح الحق» (يو 14: 17؛ 15: 26؛ 16: 13؛ 1يو 4: 6)، و«روح النعمة» (عب 10: 29)، و«روح القداسة» (رو 1: 4)، و”روح المحبة والفرح والسلام“ (غل 5: 22)، و«روح الحكمة والإعلان» (أف 1: 17)؛ وهو الواسطة لنوال عطايا المسيح، شفيعنا عند الآب (رو 8: 34؛ 1يو 2: 1)، وبالمسيح يُقدِّمنا إلى الآب: «لأن به (بالمسيح) لنا كلينا (البعيدين والقريبين) قُدُوماً في روح واحد إلى الآب» (أف 2: 18). وسيف الروح هـو كلمـة الله (أف 6: 17؛ عب 4: 12). ولأنـه روح الحق، فالكلمة كما تكون سلاحنا ضد العدو وغلبته؛ تكون أيضاً ضد الذات، تبكيتاً وحثّـاً للرجوع، وتوبةً عن شهوة الجسد.

(+(+(

صـلاة الساعـة الثالثـة مـن صـلوات الأجبيـة توجِّهها الكنيسة إلى الروح القدس (وهي الساعة التي حلَّ فيها الروح القدس يوم الخمسين) وضمنها هذا التوسُّل: ”أيها الملك السمائي المُعزِّي، روح الحق، الحاضر في كـلِّ مكان والمالئ الكل، كنز الصالحات ومُعطي الحياة؛ هَلُمَّ تفضَّل وحِـل فينـا، وطهِّرنـا مـن كـلِّ دنس أيهـا الصالح وخلِّص نفوسنا“.

والكتاب يُخاطبنا: «أَمَا تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم» (1كو 3: 16؛ 6: 19)، «اسلكوا بالروح» (غل 5: 16)، «امتلئوا بالروح» (أف 5: 18).

مع هذا، فإنَّ كثيرين منَّا لا يفطنون إلى موقع الروح القدس في حياتهم، ولا يشعرون بحضوره ولا يتعاملون معه أو يسألونـه. هم بالطبع يُسلِّمون بوجوده، ولكنه بالنسبة لهم هو ”الحاضر الغائب“.

فكيف بغير الروح القدس نحب الله والقريب؟ وكيف نُقدِّم عبـادة مقبولة؟ وكيف نفهم الكلمـة ونطيعها؟ وكيف ينمو إيماننا ونعيش بالتوبة؟ وكيف نُبشِّر الآخرين؟ وكيف نُنكر ذواتنا ونغلب الجسد وضعفـه؟ وكيف لا ننسحق تحت الآلام ووطـأة الصليب؟ وكيف لا نخاف الموت ونملك يقين الحياة الأبدية؟

عندمـا نتغرَّب عـن الروح القدس، نفقد النور والتعزيـة، ويتقسَّى القلب، وتتحوَّل صِلتنا بالآب والابن إلى علاقة شكلية لها صورة التقوى، ولكنها تفتقد الروح والقوَّة والصِّدْق، وفي ظلِّها تبقى كلُّ جوانب حياتنا القديمة ولا نتغيَّر.

نحن لا نستطيع ان نستغني عن الروح القدس، إنْ كُنَّا حقّاً في الإيمان (2كو 13: 5)، ونُريد أن نحيا في المسيح، وأن نغلب العالم ونبلغ إلى قيامة الحياة.

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) ”الذي أظهر لنا نـور الآب، الذي أنعم علينـا بمعرفة الروح القدس الحقيقية“ (القدَّاس الغريغوري).
(2) وحتى في العهد الجديد، فإنَّ كلمة ”الله“ إنْ لم تكن مُحدَّدة للإشارة إلى الابن أو الروح القدس، فإنها تقصد ”الآب“.
(3) لأن الآب لم يتجسَّد، ولا يقدر أحدٌ أن يراه. فكل الظهورات الإلهيـة في هيئاتٍ بعينها هي للابـن، باعتباره ”صورة الله“ (تك 1: 27،26؛ 5: 3؛ 9: 6؛ 1كو 11: 7؛ 2كـو 4: 4؛ كـو 1: 15)، و”رَسْم جوهر الآب“ (عب 1: 3).
(4) ويتضمن الحوار كثيراً تعبير: ”قال الرب“. وبعد انصراف الرجلَيْن (الملاكَيْن) لإنقاذ لوط من سدوم، فإنَّ إبراهيم «كان لم يَزَل قائماً أمام الرب» (تك 18: 22).
(5) بعد اختيار سبعين من شيوخ الشعب لكي يحملوا الأعباء مـع موسى، «نـزل الرب في سحابـةٍ وتكلَّم = = معه، وأَخَذَ من الروح الذي عليه وجعل على السبعين رجلاً الشيوخ» (عد 11: 25). وحلَّ روح الرب على رجلَيْن آخرَيْن (ألداد وميداد)، فتنبَّآ في المحلة؛ ولما قال يشوع ابن نون خادم موسى له أن يردعهما، ردَّ بالقول: «هل تغار أنت لي. يـا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذا جعل الرب روحه عليهم» (عد 11: 29).
(6) «ولبس روح الرب جدعون» (قض 6: 34)، «وكـان روح الـرب على يفتـاح» (قض 11: 29)، «وكبر الصبي (شمشون) وباركه الرب، وابتدأ روح الرب يُحرِّكه» (قض 13: 25،24).
(7) «عالمين هذا أولاً: أنَّ كل نبوَّة الكتاب ليست من تفسيرٍ خاص. لأنه لم تأتِ نبوَّة قط بمشيئة إنسان، بل تكلَّم أُناس الله القدِّيسون مسوقين من الروح القدس» (2بط 1: 21،20)، «كـل الكتاب هو مُوحَى بـه مـن الله...» (2تي 3: 16).
(8) فداود النبي يكتب: «لا تطرحني من قدَّام وجهك، وروحك القدوس لا تن‍زعه مني» (مز 51: 11)، «أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أختفي؟» (مز 139: 11)، «تُرسل روحك فتُخْلَق، وتُجدِّد وجه الأرض» (مز 104: 30).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis