كلمات
واختبارات
للمنفعة
- 5 -



من أقوال وسِيَر الآباء القديسين
كيف كان القديسون يُمارسون المعجزات؟



من تعليم واختبارات الآباء القديسين:

+ كان بمصر إنسانٌ وله ولدٌ مُقعدٌ، فحمله إلى أنبا سرابيون وتركه عند باب قلايته وابتعد عنه قليلاً مترقِّباً. فبكى الولدُ، فلما سمع الشيخُ صوتَ بكائه خرج وقال له: ”مَن جاء بك إلى ههنا“؟ فقال له: ”أبي“. قال له: ”وأين هو“؟ قال: ”تركني ومضى“. فقال له: ”قُمْ اجْرِ والحق به“. فقام وجرى ولحقه، فأخذه أبوه إلى منزله وهو يُمجِّدُ الله.

+ وحدث أيضاً أن كان لإنسانٍ ولدٌ، ومات هذا الولـد، فأخـذه إلى الشيخ (أنبا سرابيون) ووضعه قدَّامه على وجهه، وضرب مطانية وتراجع قليلاً، ولم يعرف الشيخُ أن الصبي ميتٌ، وظن أنه ساجدٌ له، وانتظر ليقوم فلم يَقُم. فقال له: ”قُمْ يا ولدي، الربُّ يُبارك عليك“. فقام الصبي حيّاً، فأخذه أبوه وعاد إلى بيته شاكراً لله ولقدِّيسيه.

+ وحدث مرةً أن أتوا بإنسانٍ إلى الكنيسة، وكان قد اعتراه جنونٌ (بروحٍ نجس)، وصلَّى عليه الرهبان، فلم يخرج لأنه كان صعباً. فقال الكهنة: ”مـا الذي نعمله بهـذا الروح، لأنـه لا يستطيع أحدٌ منَّا أن يُخرِجه إلاَّ الأنبا سرابيون. ولكـن إن نحـن أعلمناه وسألناه، امتنع عـن المجيء إلى الكنيسة. فلنجعل هذا الرجلَ المُعذَّب راقداً في الموضع الذي يقف فيه ليُصلِّي، فعند دخوله نقول له: "يـا أنبا سـرابيون أيقظ هـذا الرجل الراقد في الكنيسة"“. ففعلوا كذلك؛ إذ أنه لما دخل الشيخ ووقفوا للصلاة، قالوا له: ”أيها الشيخ، أيقِظ هذا الرجل الراقد“. فقال له: ”قُمْ“. وللوقت نهض معافَى بكلمة الشيخ.

+ أخبر القديس أنبا دانيال، أنه حدث أن كان لرجلٍ غنيٍّ في بابيلون مصر ابنةٌ مجنونة (بروح نجس)، ولم يحصل لها على شفاء. وكان له صديقٌ راهب، هذا قال له: ”إنه لا يستطيع أحدٌ أن يشفي ابنتك إلاَّ الشيوخ الرهبان، ولكنك إن طلبتَ إليهم فلن يُجيبوك إلى طلبك لتواضعهم. فأُشير عليك بأن تصنع حسب ما أقوله لك، فإذا هم جاءوا إلى السوق ليبيعوا عملَهم، تظاهَر بأنك تريـد الشراء منهم، وخُذْهم معك إلى منـزلك لتعطيهم الثمنَ، وحينئذ اسألهم أن يصنعوا صلاةً، وأنا واثقٌ أن ابنتَك تبرأ“. فلما خرج الرجلُ إلى موضع البيع وجد راهباً واحداً من التلاميذ جالساً، فأخذه إلى بيته مع زنابيله بحجة أنه يُعطيه ثمنها، فلما وافَى الراهب إلى المنزل، خرجت البنتُ المجنونةُ ولطمت خدَّ الراهب، فَحَوَّلَ لها الآخرَ باتضاعٍ حسب الوصية، فتعذَّب الشيطانُ من إتمام الوصية، وخرج منها متألِّماً صارخاً قائلاً: ”الويل لنا من وصايا يسوع لأنها تُزعجنا“. فلما علم الشيوخُ بما كان، سبَّحوا الله قائلين: ”لا شيء يُذِلُّ عظمةَ الشيطان مثل إكمال وصية السيد المسيح ربِّنا باتضاعٍ“.

+ وذُكِرَ في سيرة القديس أنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة (تنيَّح سنة 1914)، أنه بينما كان يُصلِّي القدَّاس، كانت الأرواح النجسة التي في أحد الأشخاص في الكنيسة تخرج صارخة من تلقاء نفسها!

+ تعليق: لاحِظ، أيها القارئ، كيف كان الرهبان يشفون المرضى، ليس بإرادتهم، بل بمجرد كلمة بريئة يقولونها!

- ولكن في أيامنا الحاضرة، تعدَّد الأشخاص من رهبان وكهنة انتشروا في أرجاء الأديرة والكنائس، وصاروا بمثابة شبكة منتشرة بالإيبارشيات المختلفة، ويدَّعون أنهم يُخرجون الشياطين من أجساد المؤمنين. وهم على اتصال بعضهم بالبعض، ويتبادلـون إرسال ضحايـاهم بعضهم للبعض كنوع من تأكيد سُكنى الشياطين في أجسـاد الأقبـاط، كمـا يفعـل الأطبـاء البشريـون بعضهم مع البعض، ما يُسمَّى عندهم ”الكونسـولتو“ (الاستشارة التشخيصية)! وكـأن الأقباط قد أصبحوا مسكناً للشياطين.

- والسؤال: أين سر المعمودية الذي جَحَد فيه المُعمَّد الشيطان (بفم والدته)؟ وأين مياه المعمودية في جُرن المعمودية الذي صلَّى عليها الكاهـن لكي تهرب منها الشياطـين والأرواح الشريرة؟ وأين الماء المُصلَّى عليه يوم خميس العهد؟ وأين الزيت المقدَّس المُصلَّى عليه يوم جمعة ختام الصوم؟ بل وأين التناول من جسد المسيح ودمه كل أسبوع؟ هل مع كل هذه النِّعَم التي يُمارسها الأقباط؛ ثم يُسرع الكاهن أو الراهب في ادِّعاء سُكنى الأرواح الشريرة في أجساد الأقباط؟ ما هذا؟ وبأيِّ سلطان يفعلون هذا؟ وهل نالوا شهادة من قداسة البابا أو أسقف الإيبارشية بإجراء مثل هذه الممارسات؟ وهل كل مَنْ يدَّعي هذه الموهبة يصير قانونياً وشرعياً صاحب موهبة بشهادة نفسه لنفسه؟

- ثم ما هي الوسائل الطبية الكنسية لمعرفة صدق الادِّعاء بسُكنى الشيطان في جسد المُدَّعَى عليه بذلك؟ فالبعض يقطع ويؤكِّد من ذات نفسه أنَّ هذا الشخص به شيطان لمجرد أنه يقول هكذا؟ أو لأن ذويه يقولون هكذا؟ لقد رأينا على شاشة الإنترنت عرضاً لإخراج الشيطان من فتاة (غير مسيحية) يتراوح عمرها بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة، ولما فشل الكاهن، أَخَذَ يسأل والدتها: ”هل سبق أن عرضتي ابنتك على طبيب نفساني“؟ كنوع من إلقاء اللوم على الأُم، كتبرير لعدم إمكانه إخراج الشيطان المزعوم من ابنتها. ثم أَخَذَ يضغط بالصليب وبشدة على رأس الفتاة المسكينة، وهي تصرخ، لكي يجعل الشيطان المزعوم يتألَّم ويخرج منها (مع أن الأرواح لا تتألَّم، لأنها أرواح ليس لها أعصاب ولا عظم يتألَّم)! ولما تمعنَّا في وجه الفتاة، وبحركات عينيها وفمها والأصوات غير المفهومة الصادرة من فمها، اتضح لنا أنها مولودة هكذا مُعوَّقة الذهن والنُّطق، فهي مظلومة وحالها يُرثَى له. وربما كان يمكن أن تكون لها معاملة أخرى لدى إحدى المصحَّات العقلية أو النفسية للمُعوَّقين (أو ذوي الاحتياجـات الخاصة)! وكما رأينـا حالـة أخرى لسيدة كانت تصرخ في أحد الأديرة، وذلك بسبب تصميم راهب على إدخال الصليب الخشبي في داخل حلقها! ثم ضغطه على رأسها، بادِّعاء إخراج شيطان مزعوم منها. ولما أُبعِدَت عنه، وبعد فحص حالتها، اتضح أنها تُعاني أثناء نومها من أحلام مُزعجة وكوابيس، وأنَّ عندها مشكلة في حياتها هي غير قادرة على حلِّها.

+ والآن، لابد أن نسأل: هل آباء الاعتراف أمسكوا بالصليب في أيديهم، لكي يصلُّوا به ويطلبوا من الله المغفرة للمُخطئ، ويرشدوا المتألِّمين والمأزومين في مشاكلهم؟ أم لكي يُرعبوهم بسُكنى كائن شيطاني غير منظور ولا ملموس في داخل نفوسهم، ما لا يمكن التخلُّص منه؟ وهنا نتساءل:

+ والآن، لماذا أهملنا التعليم الروحي؟ واستبدلنـاه بهـذه الممارسـات الخيالية التي لا أساس لها ولا منفعة للمريض؟

+ وكيف يصير الإنسان مسكناً لله وليس للشيطان، كما في تعليم الآباء القديسين؟

+ يقول أحد القديسين، وهذه عيِّنة فقط من تعليم الآباء القديسين عن سُكنى الله في الإنسان:

- مـن أجلِ العملِ الداخلي: قـال: ”العملُ الداخلي هو اتضاع القلب الذي يجلبُ الطهارةَ، والطهارةُ تلد سكوتَ القلبِ الحقيقي، وهذا السكوتُ يلدُ التواضعَ، والتواضعُ يُصيِّر الإنسانَ مسكناً لله. وهذه السُّكنى تطرد الأعداءَ الأشرار مع كافةِ الشهوات الوسخة (النجسة)، وتُحطِّم الشيطانَ رئيسَها، فيصير الإنسانُ هيكلاً لله طاهراً مقدساً مستنيراً فَرحاً ممتلئاً من كلِّ رائحة طيِّبة وصلاحٍ وسرورٍ، ويصبح الإنسانُ لابساً لله؛ نعم، ويصير إلهاً، لأن المسيح قال: «أنا قلتُ: إنكم آلهةٌ، وبَني العَليِّ تُدعَون» (إنجيل يـوحنا 10: 34). وحينئذ تنفتح عينـا قلبه، وينظر النـورَ الحقيقي، ويفهم أن يقـول: "إني بالنعمةِ خلصت بالرب يسوع المسيح".

(من أقوال القديس أنبا برصنوفيوس،

عن كتاب: ”بستان الرهبان“)

+ تقول الكُتُب الكنسية (الدسقولية: تعليم الرسل الاثني عشر) للكاهن إنه هو: ”طبيب كنيسة الرب. فقَدِّمْ الأشفية (الأدوية) اللائقة بكل واحد من المرضى، لتشفيهم وتُنجِّيهم بكل شكل، ولتُعيدهـم لمكـانهم في الكنيسـة (التي هي مستشفى الخطاة)“.

- ما هي المقاييس والمرجعية الكنسية القانونية لطريقة تشخيص سُكنى الأرواح الشريرة في الإنسان المسيحي المدَّعَى عليه بأنه واقع تحت سُكنَى هـذه الأرواح الشريرة؟ الأمر خطير ولابد من معالجته!

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis