طعام الأقوياء
- 57 -



«وأنا أطلب من الآب فيُعطيكم
معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد»
(يو 14: 16)

يتميَّز إنجيل القديس يوحنا بأنه يتكلَّم عن الروح القدس وعمله في تجديد الإنسان في العهد الجديد أكثر من الأناجيل الأخرى مجتمعة. كما أنه أعطى للروح القدس وصفاً مُعيَّناً وهو ”الباراكليت“، الذي تُرجم إلى العربية بكلمة: ”المُعزِّي“.

ولفظ ”الباراكليت“ = ++++++++++، يأتي في اليونانية كاسم عَلَم لشخصٍ مُذكَّر. لذلك يُعتَبَر إنجيل يوحنا هو الإنجيل الوحيد الذي أعطى للروح القدس - لغويّاً من جهة النحو - صفته الشخصية، مع أنَّ كلمة ”الروح“ = ++ ++++++ تأتي دائماً في اليونانية كاسم مجرَّد معنوي مُحايد الجنس neuter (لا مُذكَّر، ولا مؤنث). والكلمة تعني: إما ريح أو رياح أو نفخة أو نَفَس أو ملاك أو روح إنسان أو الروح القدس(1).

وهكذا، فإنه باستخدام لفظ ”الباراكليت“ في إنجيل يوحنا، نُقِلَ الروح القدس لغويّاً من دائرة المجرَّدات كقوةٍ إلى ذاتٍ مُشخَّصة. وبهذا يكون إنجيل يوحنا قد مهَّد بهذا اللقب لمفهوم الثالوث الأقدس: الآب والابن والروح القدس إله واحد مُثلَّث الأقانيم(2).

وكلمة ”الباراكليت“ في اللغة اليونانية لها معاني واستخدامات كثيرة، وهذه هي المعاني التي تحتويها هذه الكلمة:

1. تأتي بمعنى ”المعزِّي“ = Consoler، أو المريح = Comforter، وهي الصفة التي صارت شائعة عند الآباء الذين كتبوا باللغة اليونانية. وقد جاءت عن الروح القدس في (يو 14: 16؛ 14: 26؛ 15: 26؛ 16: 7).

2. كما تأتي بمعنى ”المُعين“ = called to one's side، وقـد جاءت بهذا المعنى في (1يو 2: 1) عن شخص الرب يسوع، وذلك في قول يوحنا الرسول: «وإنْ أخطأ أحدٌ فلنا شفيعٌ عند الآب، يسوع المسيح البار»(3).

3. كما تأتي بمعنى ”المُدافع أو المحامي“ = Advocate، الذي يُدافع أو يُحامي عن شعب المسيح؛ والآيات التي تُوضِّح ذلك تكشف عن صدق هذا المعنى، وجاءت في (مر 13: 11): «فمتى ساقوكم ليُسلِّموكم، فلا تعتنوا من قَبلُ بما تتكلَّمون ولا تهتمُّوا، بل مهما أُعطِيتُم في تلك الساعة فبذلك تكلَّموا. لأن لستم أنتم المُتكلِّمين بـل الروح القدس»؛ كما جـاءت أيضاً في (لو 12: 11): «لأن الروح القدس يُعلِّمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه».

الروح القدس وسرُّ التجسُّد:

عندما ظهر رئيس الملائكة جبرائيل للعذراء القديسة مريم، وبشَّرها بتجسُّد ابـن الله وميلاده منها، وتعجَّبت من كلامه مستفسرة: «كيف يكون لي هذا وأنا لستُ أعرف رجلاً»؟ أجابها الملاك قائلاً: «الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوة العَليِّ تُظلِّلُكِ؛ فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله» (لو 1: 35،34).

وفي إنجيل القديس متى، لمَّا لاحَظ يوسف خطيب مريم أنها حُبْلَى دون أن يجتمعا، إذ كان بارّاً، لم يشأ أن يُشهِرها بل أراد تخليتها سرّاً، «ولكن فيما هو مُتفكِّرٌ في هذه الأمور، إذا ملاكُ الربِّ قد ظهر له في حُلمٍ قائلاً: ”يا يوسف ابن داود، لا تَخَفْ أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبِلَ به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع، لأنه يُخلِّص شعبه من خطاياهم“. وهذا كله كان لكي يتمَّ ما قيل من الربِّ بالنبي القائل: ”هوذا العذراء تحبَلُ وتلد ابناً، ويَدْعُون اسمه عمانوئيل“ الذي تفسيره: الله معنا» (مت 1: 20-23).

في هذا يقول القديس غريغوريوس النزينزي:

[لقد وُلِدَ بكل ما للإنسان، ما خلا الخطية، وُلد مـن عـذراء طهَّرها الـروح القدس جسداً وروحاً. خرج منها إلهاً مع الجسد الذي اقتناه. واحداً من اثنين مختلفين: جسداً وروحاً، حيث أحدهما كان يؤلِّه والآخر يتألَّه.

يا له من اقترانٍ من نوع جديد! يا له من اتصالٍ مُدهش عجيب! فهوذا ”الكائن بذاته“ ”يصير“ (جسداً) (يو 1: 11)، وغير المخلوق يأخذ صفة المخلوق. وغير المُحْوَى يدخل إلى حدود (الزمان والمكان). ومُعْطِي الغِنَى يجعل نفسه فقيراً. إنه افتقر بأَخْذ جسدي، لكي أَغتني أنا بلاهوته. هوذا المملوء (نعمةً وحقّاً) (يو 1: 14) يُخلي نفسه، أي يُفرغ ذاته (في 2: 7). فإنه يُفرغ ذاته من مجده الخاص إلى حين، حتى أشترِك أنا في امتلائه (يو 1: 16). فما أعظم غِنَى صلاحه! وما أعظم هذا السرَّ الحادث من أجلي!](4)

الروح القدس في المعمودية:

جاء في إنجيل القديس متى: «فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. وإذا السموات قد انفتحت له. فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه، وصوت من السموات قائلاً: هـذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرْتُ» (مت 3: 17،16). وإذا قارنَّا ذلك بما جاء في إنجيل القديس مرقس، نجده يقول: «وللوقت وهو صاعدٌ من الماء، رأى السموات قد انشقَّت، والروح مثل حمامة نازلاً عليه، وكان صوتٌ من السموات: ”أنت ابني الحبيب الذي به سُرِرْتُ“» (مر 1: 11،10).

أما إنجيل القديس لوقا فقد جاء ذِكْره لمعمودية المسيح هكذا: «ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً. وإذ كان يُصلِّي انفتحت السماء، ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسميَّة مثل حمامةٍ. وكان صوتٌ من السماء قائلاً: ”أنتَ ابني الحبيبُ، بكَ سُرِرْتُ“» (لو 3: 22،21).

أما بحسب إنجيل القديس يوحنا، فقد قرَّر يوحنا المعمدان أنه رأى الروح القدس نازلاً مثل حمامة من السماء، فاستقرَّ على المسيح. ثم أردف قائلاً: «وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذي أرسلني لأُعمِّد بالماء (الله الآب)، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلاً ومُستَقِرّاً عليه، فهذا هو الذي يُعمِّد بالروح القدس. وأنا قد رأيتُ وشَهِدْتُ أنَّ هذا هو ابنُ الله» (يو 1: 34،33).

وفي معمودية الرب يسوع، نُلاحِظ أنه لم يُقبِل إلى المعمودية إلاَّ بعد أن اعتمد كل الشعب، وكان قد بلغ سنَّ الثلاثين، يعيش حياة طبيعية كنجَّارٍ في الناصرة. ولما عَزِمَ على أن يعتمد، طلب من المعمدان أن يسمح له (الآن)، «لأنه هكذا يليق بنا أن نُكمِّل كلَّ برٍّ» (مت 3: 15). وواضحٌ أنَّ الرب بعد اعتماده صَعِدَ من الماء، مِمَّا يدلُّ على أنه غطس في الماء. وبمجرد صعوده انفتحت له السماء، أو بحسب قول القديس مرقس: إنه رأى السموات قد انشقَّت، والروح القدس نزل عليه في هيئة حمامة، وصوت الآب قائلاً: «أنت ابني الحبيب، بك سُرِرْتُ». وحلول الروح القدس عليه بهيئة منظورة، كان أساساً لإعطاء المعمدان علامةً ليتعرَّف على المسيح، لأن الآب الذي أرسل المعمدان قال له: «الذي ترى الروح نازلاً ومُستَقِرّاً عليه، فهذا هو الذي يُعمِّد بالروح القدس»، خاصةً وأنَّ الآب نفسه أعلن بصوته من السماء قائلاً: «أنت ابني الحبيب، بكَ سُرِرْتُ». فحلول الروح القدس على المسيح لم يكن سوى لاستعلان حقيقة شخص المسيَّا وافتتاح زمان خدمته العلنية، بعمل الثالوث وحضوره: الآب بصوتـه مـن السماء وشهادتـه لابنه الحبيب، والروح القدس نازلاً عليه بهيئة منظورة، رآها المعمدان وتعرَّف بواسطتها على المسيح، الذي شهد له أيضاً أنه هو الذي يُعمِّد بالروح القدس.

وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

[لقد جاء صوت الله الآب قائلاً من نحو المسيح أثناء عماده المُقدَّس: «هذا هو ابني الحبيب»، وكأنما بذلك كان يقبل فيه وبواسطته الإنسان الأرضي. فإنَّ ابن الله الوحيد الحق بحسب الطبيعة لمَّا صار مثلنا، قد ”استُعلِن ابن الله“ (رو 1: 4)، ليس كأنه ينال ذلك لنفسه هو – إذ أنه في ذاته كان ولم يَزَل كما قلتُ إلهاً حقّاً – بل لكي يُوصِّل إلينا هذا المجد. فإنه قد صار لنا باكورةً وبِكْراً وآدماً ثانياً. لأجل ذلك قيل إنَّ كل شيء فيه يصير جديداً (2كو 5: 17). ونحن إذ قد خلعنا عِتق آدم، اغتنينا بالجِدَّة التي في المسيح](5).

كما يقول القديس كيرلس أيضاً، مُبيِّناً أنَّ المسيح قَبِلَ الروح القدس من أجلنا:

[لمَّا صار كلمة الله إنساناً، اقتبل الروح القدس من الآب كواحدٍ منَّا، ليس كمَن يقبل شيئاً لذاته، إذ أنه هو نفسه الذي يُوزِّع الروح؛ بل لكي بقبوله الروح كإنسان يحفظه لطبيعتنا، ويجعل النعمة التي فارقتنا تتأصَّل من جديد فينا...](6).

أما كيف أنَّ المسيح سيُعمِّدكم بالروح القدس، حسب قول المعمدان، فهذا يتضح مـن حديث المسيح مع نيقوديموس: «إنْ كان أحدٌ لا يُولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسدٌ هو، والمولود من الروح هو روح» (يو 3: 6،5).

العبادة بالروح والحقِّ:

عندما التقى الرب بالسامرية وكلَّمها عن الماء الذي يُعطيه هو، لكي يشرب منه الإنسان ولا يعطش إلى الأبد، بل يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياةٍ أبدية؛ طَلَبَتْ منه أن يُعطيها هذا الماء لكيلا تعطش وتأتي إلى البئر لتستقي. ولمَّا قال لها الرب: «اذهبي وادْعي زوجكِ، وتعاليْ إلى ههنا»، أجابت بأنه «ليس لي زوج». فقال لها الرب: «حسناً قلتِ ليس لي زوج، لأنه كان لكِ خمسة أزواج، والذي لكِ الآن ليس هو زوجكِ. هذا قُلتِ بالصِّدْق». وفي الحال اكتشفَتْ أنها أمام نبيٍّ، وسألتْ عن مكان للسجود، فقد تخشَّعتْ روحها وشعرت بحاجتها إلى التوبة وتغيير الحياة. فكلَّمها الرب عن أعمق أسرار العبادة: «أنتم تسجدون لِمَا لستم تعلمون... ولكن تأتي ساعة، وهي الآن، حين الساجـدون الحقيقيـون يسجدون للآب بـالروح والحقِّ، لأن الآب طالبٌ مثل هؤلاء الساجدين له. الله روحٌ. والذين يسجدون له فبالروح والحقِّ ينبغي أن يسجدوا» (يو 4: 22-24).

وهنا أعلن الرب: إنه قد أتت الساعة «وهي الآن، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحقِّ» (يو 4: 23). وقوله: ”الآن“، يقصد الرب يسوع بذلك حضوره الشخصي باعتباره ابن الله النازل من حضن الآب، الذي تجسَّد وتأنَّس لكي نرى فيه مجد الآب، ويصير لنا به اتصالٌ حقيقيٌّ مع الله عن طريق ابنه الذي اتَّحد ببشريتنا لكي يُوحِّدنا مع الله. فالمسيح، ابن الله الوحيد، هو الاستعلان الكامل لله بالنسبة للإنسان لكلِّ مَن يؤمن. إذن، فقد أصبح الإنسان يعبد مَن يعرفه معرفة حقيقية، وهذا هو السجود بالروح والحق. فالله روح، والذين يسجدون لله، فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا، لأن «الروح هو الذي يُحيي، أمَّا الجسد فلا يفيد شيئاً» (يو 6: 63).

فإن كان السجود بحدِّ ذاته هو سجود بالجسد، إلاَّ أن الله قد أعطانا أن نُولَد من الماء والروح حتى نقدر أن نعبده بالروح والحق، لأن «المولود من الجسد جسدٌ هو (ولا يقدر أن يسجد إلاَّ بالجسد)، والمولود من الروح هو روح (لذلك فروح الله الذي فيه، يُعلِّمه كيف يسجد بالروح ويعبد بالروح ويحس بحضرة الله، فتخشع روحه، ويئن فيه الروح القدس بأنَّاتٍ لا يُنطق بها. كما تكون روحه في حالة استقبال أكثر من كونها متكلِّمة أو لها مطالِب إلاَّ بحسب ما ينطق به روح الله الساكن فيه)».

الروح القدس المُعزِّي:

يقول القديس غريغوريوس النزينزي عن مفاعيل الروح القدس الإلهية، بصفته أقنوماً من الأقانيم الثلاثة للثالوث الأقدس:

[من الروح القدس قد نلنا الميلاد الجديد (يو 3: 5). الروح القدس هو الروح الخالق (مز 104: 30)، بل هو الذي يُجدِّد الخليقة بالمعمودية والقيامة. هو الروح الذي يعرف كل شيء (1كو 2: 10)، وهو الذي يُعلِّمنا كل شيء (يو 14: 36). هو الذي يهبُّ حيث يشاء (يو 3: 8)، وهو الذي يُرشدنا (إلى جميع الحق) (يو 16: 13). هو «روح الإعلان» (أف 1: 17)، وهو الذي يُنير (أف 1: 18)، ويُحيي (يو 6: 63)؛ بل هو بذاته النور والحياة. هو الذي يجعلنا هياكل لله (1كو 3: 16)؛ بل ويؤلِّهنا أيضاً. وهو الذي يسبق ويؤهِّل للمعمودية (أع 11: 17)، وهو الذي من بعد المعمودية نطلبه بإلحاح (لو 11: 13). هو الذي يصنع كل هذه كإله، والذي ينقسم كألسنة نار (أع 2: 3)، ويوزِّع المواهب (1كو 12: 11)...](7).

الروح القدس لم يبدأ عمله أثناء حياة المسيح، لذلك قال المسيح لتلاميذه: «أقول لكم الحق إنه خيرٌ لكم أن أنطلق، لأنه إنْ لم أنطلق، لا يأتيكم المعزِّي، ولكن إن ذهبتُ أُرسله إليكم» (يو 16: 7).

كما قال لهم الرب أيضاً قبل ذلك: «إنْ كُنتم تحبُّونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيُعطيكم مُعزِّيـاً آخـر ليمكث معكم إلى الأبـد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأمَّا أنتم فتعرفونه لأنه ماكثٌ معكم ويكون فيكم. لا أترككم يتامَى. إني آتي إليكم... وأمَّـا المُعزِّي، الـروح القدس، الـذي سيُرسله الآب باسمي، فهو يُعلِّمكم كـل شيء، ويُذكِّركم بكل مـا قلته لكم» (يو 14: 16-18، 26). كما قال الرب أيضاً بعد ذلك: «ومتى جاء المُعزِّي الذي سأُرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق، الذي مـن عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضـاً لأنكـم معي مـن الابتداء» (يو 15: 27،26).

ثم عـاد الرب وأكَّـد لهم عمل الروح القدس الخاص معهم بعد انطلاقه بقوله: «إنَّ لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأمَّا متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يُرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلَّم من نفسه، بل كلُّ ما يسمع يتكلَّم به، ويُخبركم بأُمورٍ آتية. ذاك يُمجِّدني، لأنه يأخذ مِمَّا لي ويُخبركم. كل ما للآب هو لي. لهذا قلتُ إنه يأخذ مِمَّا لي ويُخبركم» (يو 16: 12-15).

وهكذا يتضح أنَّ انطلاق المسيح وصعوده كان ضرورة لحلول الروح القدس على الكنيسة. فخدمة الابن مُتجسِّداً تختصُّ باستعلان وتمجيد الآب، وخدمة الروح القدس تختصُّ باستعلان وتمجيد الابن؛ وبالنهاية، فالخدمتان هما عملٌ واحد متَّصل لاستعلان طبيعة الله وعمله في الثالوث القدوس. كما أنَّ الروح القدس في عمله أَخَذَ وظيفة التعزية والشفاعة معاً باعتباره ”الباراكليت“ تماماً عِوَض المسيح. وكما أنَّ المسيح هو ”الحق“، فالروح القدس هو ”روح الحق“، الذي يُرشد التلاميذ إلى جميع الحق ويُخبرهم بأمورٍ آتية. كما وعد المسيح تلاميذه بأنه سيُرسل لهم الروح المُعزِّي من الآب باسمه، فهو من عند الآب ينبثق. فكما وُلد الابن وجاء من حضن الآب؛ هكذا ينبثق الروح من الآب كأقنوم، يخرج من الآب في الابن، حيث يبلغ الثالوث الأقدس قمة ظهوره في قول المسيح: «سأُرسله أنا إليكم من الآب» (يو 15: 26).

(يتبع)

(1) Liddle and Scott Lexicon.
(2) Barrett, C.K., The Gospel according to St. John, 1958, p. 77. (الأب متى المسكين، من كتاب: ”المدخل لشرح إنجيل القديس يوحنا“).
(3) Vine's Expository Dictionary of N. T. Words, p. 209,210.
(4) Oration 38,13 on the Theophany; NPNF, 2nd Ser., Vol. VII, p. 349.
(5) On Luke III,21-23; PG 73,524.
(6) On John 1:32; LFC I, 142.
(7) Homily XXXI,28,29, On the Holy Spirit; NPNF, 2nd Ser., Vol. VII, p. 327.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis