في عيد العنصرة


عن صلاة السجدة

كلما استعادت الكنيسة مع المؤمنين خطوات المسيح من أجل خلاصهم، وهي تحتفل، خلال السنة الطقسية، بجوانب حياته، بدءاً من البشارة بمولده وحتى إرسـال الروح القدس وتـأسيس الكنيسة؛ فهي تتعامل مع هذه المناسبات كلها، لا على أنها ماضٍ وذكريات قد بَادت، وإنما كحاضرٍ حيٍّ يحدث الآن: «يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد» (عب 13: 8).
والكنيسة جعلت هذه المناسبات أعياداً تحرص خلالها أن تضع المؤمنين في المشهد بكل أبعاده، وتترنَّم بكلماته مُنغَّمة في أفواه المُرتِّلين بألحان تلتصق بالقلب والأُذن، وتحمل اللاهوت والعقيدة والتاريخ.

بل إنها تستكمل الصورة بتفاصيلها الصغيرة، وكأن المؤمنين يُشاركون بالفعل الذين كانوا ”في ذلك الزمان“. ففي عيد دخول المسيح أورشليم يحمل المؤمنون سعف النخيل ويهتفون مع الجموع: «أوصنَّا لابن داود. مبارك الآتي باسم الرب. أوصنَّا في الأعالي» (مت 21: 9)، وتجعل صلوات ”أسبوع الآلام“ في الخورس الخارجي، لأن المسيح صُلِبَ خارج أورشليم: «فلنخرج إذاً إليه خارج المحلَّة حاملين عاره» (عب 13: 13)، وتُقيم الصلوات ليل نهار، ويُتابع المؤمنون الأحداث بكل دقائقها قراءةً من العهدَيْن.

بل إن الكنيسة، وهي تحتفي بالرب وأعياده، تحرص على أن تكون المناسبة في ذات التوقيت: اليوم، والساعة، لاستكمال الظروف الطبيعية التي أحاطت بالحدث، فعيد البشارة في 29 برمهات، وعيد الميلاد في 29 كيهك بعده بتسعة شهور، وعيد القيامة يلي الفصح اليهودي، وعيد الصعود بعد القيامة بأربعين يوماً، وعيد العنصرة(1) في اليوم الخمسين (الذي وافق يوم الخمسين اليهودي(2) - أع 2: 1).

ولأن ميلاد الرب كان في الليل، والرعاة «يحرسون حـراسات الليل على رعيتهم» (لو 2: 8)، ولأن قيامة الرب كانت في فجر الأحد؛ فاحتفال الكنيسة بالعيدَيْن يكون في الليل وحتى الفجر، ولكنه في عيد الصعود يكون في النهار، حيث أخذت الرب سحابة عن أعين التلاميذ وباقي خاصة الرب (أع 1: 9).

فإذا أتينا لعيد العنصرة، فحسب ما جاء في سفر الأعمال في خطاب القديس بطرس (أع 2: 15): «لأنها الساعة الثالثة من النهار» يوم الخمسين، الساعة التاسعة صباحاً بحسب توقيتنا الحالي؛ ومن هنا فقدَّاس عيد حلول الروح القدس لا يكون في الليل وإنما في النهار مثل عيد الصعود.

وحلول الروح القدس في مثل هذا اليوم هو اختيار إلهي فائق. فالإنسان وحده كان عاجزاً عن حفظ الوصية وطاعتها، فكانت عطية الروح القدس هي القوة التي فاضت على الإنسان، ومن خلالها نال بالإيمان كل عطايا الخلاص، وبمعونة النعمة صار ممكناً أن يحب الوصية ويطيعها. وبعد أن كانت الشريعة على الألواح الحجرية، ها هو عهد الله الجديد يُنقَش على صفحات القلوب الحيَّة المؤمنة.

صلاة السجدة:

تتعامل الكنيسة مع الخمسين يوماً التالية على عيد قيامة الرب، على أنها أيام بهجة وفرح بالخلاص، فلا صوم فيها. ولكن من الطبيعي، خلال صلوات القدَّاس، أن يكون هناك انحناء وركوع كفعل عبادي وتعبير عن الاحتفاء بحضور الله، ولكن لا سجود(3) تذلُّل فيها؛ بل تكون هذه الفترة كأنها عُرْس ممتد لتمجيد قيامة الرب.

مِن هنا فقد رتَّبت الكنيسة صلاة السجدة، التي تنفرد بين احتفالات الكنيسة وطقوسها، كتقليد كنسي قديم، بأنها اجتماع الكنيسة خصيصاً لتمجيد السجود لله في يوم العنصرة، عيد تأسيس الكنيسة وتدشينها، بحسب وعد المسيح لتلاميذه قبل صعوده (لو 24: 49؛ أع 1: 5،4).

ولزمانٍ طويل كانت صلاة السجدة ضمن صلوات عيد العنصرة، عقب قراءة فصل الإبركسيس، ولكن لطول وقت الصلاة، ولكي تنال صلاة السجدة نصيبها من التركيز والاهتمام، فقد أصبح يُحتَفَل بها مستقلة لتكون في الساعة التاسعة (أي الساعة الثالثة) عصر يوم عيد العنصرة.

وكما نعرف ففي طقوس العبادة اليهودية صلوات سبع، يلتزم بها أتقياء إسرائيل(4). وفي سفر الأعمال نجد أنَّ الرسولَيْن بطرس ويوحنا صعدا إلى الهيكـل وقت الساعـة التاسعة (أع 3: 1) حيث تمَّ شفاء الأعرج من بطن أُمه.

وخلال صلاة السجدة، تستعيد الكنيسة كلمات الرب، عند بئر يعقوب في سوخار، في حواره مع السامرية التي انشغلت بمكان السجود: «آباؤنا سجدوا في هذا الجبل (جرزيم)، وأنتم (اليهود) تقولون إنَّ في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يُسجَد فيه». والرب رفع ذهنها إلى طبيعة السجود، وأنه لا يهم المكان: «يا امرأة صدِّقيني أنه تأتي ساعة، لا في هذا الجبل، ولا في أورشليم تسجدون للآب... ولكن تأتي ساعة، وهي الآن، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بـالروح والحق، لأن الآب طالبٌ مثل هؤلاء الساجدين له»، وأنَّ «الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا» (يو 4: 24،23،21).

وبعد خصوصية حلول الروح القدس في العهد القديم على الملوك والأنبياء والكهنة، يأتي حلول الروح القدس كألسنة نار على الكنيسة كعطية عمومية لكل مَن يؤمن: «لأن الموعد هو لكم ولأولادكم، ولكل الذين على بُعْد، كل مَن يدعوه الرب إلهنا» (أع 2: 39).

+ كلمات الرب فتحت الباب للكل، أينما كانوا، للاقتراب من العرش الإلهي، للسجود أمام الله. فالله ضابط الكل يملأ الكون كله بحضوره الشخصي بغير حدود، والروح القدس هو روح الحق (يو 15: 26؛ 16: 13). ومِن هنا يصير لائقاً أن نجعل من يوم الخمسين، يوم حلول روح الحق المُعزِّي، يوماً للسجود بالروح والحق لكل المؤمنين، سواء منهم المجاهدون على الأرض أو إخوتهم في الكنيسة المنتصرة الذين يسكنون الفردوس. وخلال هذا السجود الحقيقي يُصلِّي أهل الأرض وهم في الجسد، وأهل السماء وهم في الروح، كل منهم للآخر.

+ كان الله - بحسب التدبير - يسكن في وسط إسرائيل في الهيكل فقط، ومن خلف حجاب، ولم يكن مسموحاً للسجود إلاَّ فيه. ولكن يوم الصليب انشقَّ حجاب الهيكل إلى اثنين. فبدم المسيح نُقِضَ «حائط السياج المتوسط»، وقُتلت العداوة وتمَّت المصالحة بين السماء والأرض، وصار الكل - يهوداً وأُمماً - في المسيح إنساناً واحداً جديداً، وأهل بيت الله (أف 2: 14-19).

والله الذي كان مستتراً وراء الحجاب، صار مرئياً: «قد رأينا الرب» (يو 20: 25)، والمسيح صار المسكن الحقيقي «الذي نَصَبَه الرب لا إنسان» (عب 8: 2)، والهيكل الحقيقي الأعظم والأكمل: «وأما المسيح، وهو قد جاء رئيس كهنة الخيرات العتيدة، فبالمسكن الأعظم والأكمل، غير المصنوع بيدٍ، أي الذي ليس من هذه الخليقة، وليس بدم تيوس وعجول، بل بدمِ نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوَجَدَ فداءً أبديّاً» (عب 9: 12،11).

ففي المسيح اجتمع: رئيس الكهنة العظيم (عب 10: 21)، والذبيحة، والهيكل الجديد. فهو المُقدِّم (عب 7: 27)، والتقدمة أو القربان الواحد (عب 10: 14)، والمُقدَّم عنهم: «الذي حَمَلَ هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة» (1بط 2: 24).

ونحن صرنا في الكنيسة «أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه» (1كو 6: 15؛ أف 5: 30)، وفيه صرنـا ”هيكل الله وروح الله يسكن فينا“ (1كو 3: 16) أو هيكلاً للروح القدس (1كو 6: 19).

عن طقس صلاة السجدة:

بطقس صلاة السجدة، يستأنف المؤمنون ممارسة السجود خلال عبادتهم ويواصلونه، وهو الذي كان قد توقَّف أيام الفرح الخمسينية بعد ميطانيات ختام يوم جمعة الصلبوت.

وقد رتَّبت الكنيسة صلاة السجدة على فتراتٍ ثلاث. وتضم فقرات كل سجدة قراءة نبوَّات من العهد القديم (كلها من سفر التثنية(5))، وقراءة من البولس (كلها من الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس(6))، وقراءة من الإنجيل(7).

وعقب قراءة الإنجيل في كلٍّ من السجدات الثلاث، يُصلِّي الكاهن الأواشي، ويُنادي الشماس بعدها على الشعب بالسجود بخوف ورعدة. ثم يُصلِّي الكاهن طلبة خشوعية، والشعب كله ساجد، كي يقبل الرب صلواتنا كذبيحة مسائية ويغفر خطايانا.

وتتميَّز السجدة الثالثة أنها تُصلَّى في الخورس الأول أمام الهيكل المفتوح (بينما السجدتـان الأولى والثانيـة تُصلَّيـان في الخـورس الخارجي). وقبـل قراءة الإنجيل يُـرتَّل لحـن الروح القدس الكبير:Pi`pneuma `mparaklhton (8) أي الروح المُعزِّي.

وفي هذا اليوم يذكر العابدون إخوتهم المنتقلين باعتبار أنهم أحياء في الفردوس. ويمرُّ شماس بالبخور فيأخذ مَن يُريد عدداً من حبَّات البخور بأسماء المنتقلين أحبَّائه، الذين يودُّ أن يُصلِّي من أجلهم كما يطلب صلواتهم. ويضع الكاهن كل حبَّات البخور فيما بعد في المجمرة، فيتصاعد منها البخور كثيفاً، يحمل في ثناياه صلواتهم إلى العرش الإلهي: «وجاء ملاكٌ آخر ووقف عند المذبح، ومعه مبخرةٌ من ذهب، وأُعطِيَ بخوراً كثيراً لكي يُقدِّمه مع صلوات القديسين... مِن يد الملاك أمام الله» (رو 8: 4،3). والبخور، من ناحية أخرى، يُشير إلى وجود الله، فبرائحة البخور تتهلَّل النفس إحساساً بحضرة الله.

+++

منذ القديم أوصى الله الإنسانَ أنَّ «للرب إلهك تسجد» (تث 6: 13؛ 10: 20)، وهو ما أكَّد عليه الرب (مت 4: 10؛ لو 4: 8). والسجود الحقيقي (بالروح والحق) هو تعبير صادق عن مشاعر الخضوع والاتضاع أمام الله الذي يليق به العبادة والإكرام والطاعة، وهو بلا شك يُحنِّن قلب الله على عبيده.

ونحن نُمارس السجود كثيراً أثناء خدمة القدَّاس في الكنيسة، ولكن ربما لا نختبره في حياتنا اليومية، مما يحرم أنفسنا متعة هذا الاقتراب الإلهي الذي أتقنه القدِّيسون.

السجود الحقيقي مُحرِّك لروح الصلاة، كما أنَّ تصاعُد حرارة الصلاة يستدعي السجود تلقائياً. والسجود يكون مُلِحّاً لشُكر الله عند الانفلات من ضيقة، كما نحن نسجد لله توسُّلاً عندما تُحاصرنا قُوَى الظلام، ونسجد فرحاً عندما يغمرنا الإحساس بحضور الله والوقوف أمامه. كما أنَّ السجود يبدو لائقاً عندما تكون النفس تائبة أو ساعية إلى التوبة.

فأيُّ إنعام صار لنا أن نعبد إلهنا، ونكون ضمن خاصته. ومكتوب عن مسيحنا إذ وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب؛ أنَّ الله (الآب) رفَّعه أيضاً «وأعطاه اسماً فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كلُّ رُكْبةٍ مِمَّن في السماء ومَن على الأرض ومَن تحت الأرض، ويعترف كلُّ لسانٍ أنَّ يسوع المسيح هو ربٌّ لمجد الله الآب» (في 2: 8-11).

هَلُمَّ نسجد. هلمَّ نسأل المسيح إلهنا.

هَلُمَّ نسجد. هلمَّ نطلب من المسيح ملكنا.

هَلُمَّ نسجد. هلمَّ نتضرَّع إلى المسيح مخلِّصنا.

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) العنصرة كلمة عبرية أصلها ”عصريت“ أي تمام الخمسين، وصارت عنصريت فعنصرة.
(2) عيد الخمسين العبري Pentecost (لا 23: 16) هو أحد الأعياد اليهودية الكبرى الثلاث مع: أ - عيد الفصح (14 نيسان – لا 23: 5) [ويتصل به عيد الفطير - 15 نيسان - لا 23: 6، وعيد الباكورة - 16 نيسان]؛ ب - عيد المظال (لا 23: 34). ويوم الخمسين هو أيضاً تذكار تسلُّم موسى لوحَي الشريعة فوق جبل سيناء بعد خمسين يوماً من الخروج [45 يوماً من 14 نيسان حتى أول الشهر الثالث (خر 19: 2،1)، وبعده بأيام كان تسلُّم الوصايا العشر (خر 19: 20)]. ويُعرف أيضاً باسم عيد الأسابيع (سبعة أسابيع) وهو اليوم الخمسين من عيد الباكورة. وفي هذا اليوم، صار المسيح بـاكورة القيامة من بين الأموات (1كو 15: 20)، وحلَّ الروح القدس بعد خمسين يوماً. = = ويتصل بيوم الخمسين أيضاً عيد الحصاد، حيث يجتمع الشعب في أورشليم، ويكون الحصاد بعد الغروب ويحمل كل حاصد سلةً ومنجلاً، ثم يختار أفضل الحِزَم ويحملها إلى الهيكل وتُضرب بالعصا وتُشوَي بالنار وتُذرَّى في الريح، وتُخلط رائحته مع البخور في الهيكل، ويطحنون ما بَقِيَ وينخلونه ويصنعون من بعض الدقيق عُشْر الإيفة أو العُمر، أي باكورة الثمار، التي تُقدَّم كذبيحة مسائية يشتمَّها الله رائحة بخور.
(3) كما لا يُقرأ أيضاً السنكسار ليكون الابتهاج والتمجيد للمسيح وحده الذي انتصر لنا على الموت، وانتظار موعد الآب الذي صار لنا من خلال دم الصليب وظلمة القبر ونور القيامة.
(4) كما كـان يفعل داود النبي: «سبع مرات في = = النهار سبحتك على أحكام عدلك» (مز 119: 164)، وهي التي استمرت في كنيسة المسيح على مدى قرون في صلوات الساعات (الأجبية) التي تقترن كل ساعة منها بأحداث حياة الرب وانعكاساتها على حياة المؤمنين: فالأولي (قيامة المسيح)، والثالثة (حلول الروح القدس)، والسادسة (الصَّلْب)، والتاسعة (الموت)، والحادية عشرة - الغروب (إنزال الجسد عن الصليب)، والثانية عشرة - النوم (الدفن)، ونصف الليل (المجيء الثاني).
(5) هي على الترتيب: تث 5: 22-6: 3؛ 6: 17-25 (عن حفظ الوصايا وتلقينها للأبناء)؛ 16: 1-18 [عن عيد الفطير أو الفصح، وعيد الأسابيع (الخمسين والحصاد)، وعيد المظال، التي تُشير إلى عمل المسيح الخلاصي].
(6) هي على الترتيب: (1كو 12: 8-13: 12؛ 13: 13-14: 17؛ 14: 18-40)، أي أنها معاً تمتد من (1كو 12: 8-14: 40) التي تعرض لمواهب الروح القدس، = = ثم عن الموهبة الأعظم: المحبة، وموهبة التكلُّم بألسنة التي كان لها دورها الكبير في الكرازة يوم العنصرة وخلال العقود الأولى بصورة خاصة. ولكنها تبقى كموهبة وعلامة على حلول خاص لأصحاب المواهب في أيِّ وقت، وضع لها القديس بولس الضوابط لئلا تتحوَّل إلى التعاجُب الذاتي أو التشويش، وبيَّن أنَّ موهبة التنبُّؤ أكثر فائدة من التكلُّم بألسنة، وهو شدَّد على ربطها - من أجل الفائدة الروحية - بموهبة الترجمة لضمان الفهم وبناء الكنيسة وعدم إعثار غير المؤمنين وتنفيرهم.
(7) هي على الترتيب: يو 17: 1-26 (صلاة المسيح الشفاعية)، لو 24: 36-57 (لقاء المسيح بتلاميذه بعد قيامته ووعده بإرسال موعد الآب)، يو 4: 1-24 (لقاء المسيح بالسامرية وحديثه عن عطية الروح القدس، الماء الحي الفائض، الذي يُعطيه الابن، وعن السجود لله بالروح والحق). (8) يُرتَّل هذا اللحن أيضاً يوم عيد العنصرة، وعند رسامة الأساقفة، وفي سرِّ الزيجة. فالروح القدس هو الذي يُقدِّس الأسرار.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis