قديس معاصر


القديس الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة (1829 – 10 يونية 1914م)

القديسون، لا يخلو منهم جيل تعبُر عليه الكنيسة إلاَّ ويتلألئون فيه «كضياء الأفلاك في السماء... يُضيئون كالكواكب إلى الدهر والأبد» (دا 12: 13 - الترجمة العربية الجديدة)، أو «كالشمس في ملكوت أبيهم» (مت 13: 43).
وبمناسبة العام المئوي لنياحة القديس الأنبا أبرآم، نعرض مُلخَّصاً لسيرة حياته وفضائله وخدمته، لتكون نوراً وعبرةً ودرساً لكلِّ مَن يعيش في هذا الجيل.

ميلاده وطفولته وشبابه:

وُلِدَ القديس الأنبا أبرآم سنة 1829م بمدينة ”دلجا“ من مدن مركز ديروط بمحافظة أسيوط، من أبوين مسيحيَّيْن مشهود لهما بحُسن السيرة والتقوى، وسمَّياه ”بولس“، وربَّياه التربية المسيحية الحقَّة، وغرسا فيه بذور التقوى.

+ وكأطفال هذا العصر، أرسله أبوه إلى ”كُتَّاب“ البلدة في الكنيسة ليتعلَّم مع أقرانه الأطفال، حيث كانوا يجتمعون حول ”مُعلِّم“ أو ”عَرِّيف“ الكنيسة، ليُلقِّنهم المزامير والتسابيح والألحان وبعض مبادئ الحساب. وبعد ذلك رُسِمَ شمَّاساً على كنيسة بلدته. فبدأ ينمو في الفضيلة والتقوى والورع.

+ كان ”بولس“ هادئاً تقيّاً، مُحبّاً للصوم والصلوات مواظباً على العبادة في الكنيسة، محتشماً في ملبسه، قنوعاً في مأكله، يقترب من هيكل الله بتخشُّع روحي عميق، قليل الاختلاط بالناس. وكان كلما تقدَّم في السنِّ، كلما تقدَّم في النعمة والمعرفة. فظهرت فضائله، وفاح عبيرها، وكان من عادته القراءة بالإمعان في الأسفار المقدسة، حتى استوعب الكثير منها وحفظه عن ظهر قلب.

+ وقد غرست فيه هذه الصفات ميلاً شديداً إلى ترك العالم نهائياً ليُكرِّس حياته لعبادة ذاك الذي عرفه وأحبه من كل قلبه.

+ ولما بلغ السابعة عشرة من عمره، كان عازفاً عن ملذَّات ومحبة هذا العالم وعن نَزَق الشباب الذين في سنِّه، ذلك لأنه سبق وسلَّم قلبه وحياته كلها للمسيح وهو في سنٍّ مُبكِّر. وهذا هو سر نجاحه في حياته المستقبلة التي عرفها سكان بلدته وغيرها، وكذلك سر قوته الروحية العظمى التي كانت سبب بركة للكثيرين.

رهبنته:

ترك ”بولس“ هذا العالم بكل ما فيه نهائياً، وهو ما زال في سنِّ الشباب. وبالرغم من أنه كان لديه كل أسباب مسرَّات الحياة الدُّنيا وملذاتها، إلاَّ أنه كبح جماح نفسه، وكان في هذا بدء انتصاره الذي ظهر بوضوح تام فيما بعد.

+ وهكذا هَجَرَ مدينته بروحه قبل أن يهجرها بجسده، وكان الدافع القوي الذي دفعه للانخراط في حياة الرهبنة هو محبته الشديدة للمسيح.

ذهابه إلى دير السيدة العذراء (المحرَّق):

وهكذا ذهب ”بولس“ إلى الدير المحرَّق، وهو أقرب دير لبلده، وكان ذلك أيام رئاسة المتنيِّح القمص ”عبد الملك“. وبعد وصوله بقليل أصبح موضوع حب واحترام جميع الآباء الرهبان لِمَا رأوه فيه من العفَّة والتواضع والطاعة والتقوى، بالإضافة إلى خدمة الفقراء والغرباء.

(ملحوظة: كان دير المحرَّق مقصداً لفقراء القرى والنجوع والعِزَب التي حوله، وكان الدير يُوزِّع صدقات شهرية على كثير من بيوت الفلاحين في هذه القرى والنجوع بدون تفريق بين مسلم ومسيحي!).

+ كانت الحياة في دير المحرق في ذلك الوقت حياة عمل وتعاون بين الرهبان، سواء داخل الدير أو في الإشراف على الزراعات الواسعة في أوقاف الدير المحيطة بـأسوار الديـر، أو في رَعْي الماشية وتفليح الأرض، وإعداد الخبز والطعام. فأخذ ”بولس“ نصيبه من هذه الأعمال وقام بها بجدٍّ ورغبة ونشاط.

+ ولما أراد رئيس الدير أن يرسمه راهباً، سأل عنه رهبان الدير: ”هل يستحقُّ الرهبنة؟“. فأجابوه بالإجماع: ”نعم، إنه يستحق ذلك، لأنه أكثرنا تقوى ورجاحة عقل بالرغم من صغر سنِّه“. فسامه رئيس الدير راهباً باسم ”بولس غبريال“، فازداد تواضعاً وتقوى، حتى أصبح مجموعة فضائل. وكان من أخصِّ فضائله البارزة في هذا السنِّ فضيلتان:

أولاً: فضيلة العطاء، فقد كان مُتجرِّداً من كل متاع العالم، مقتنياً فقط الكنز الأوحد وهـو مُخلِّصه الصالح، فكان يُوزِّع كل ما تصل إليه يده على فقراء الفلاحين ومساكينهم. وقد أَثْرَت هذه الفضيلة حياته الرهبانية، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزَّأ من حياته حتى نياحته.

ثانياً: عدم غروره بسبب منصبه الكهنوتي أمام الكهنة والشعب.

اختياره وكيلاً لمطرانية المنيا:

سمع بأخباره المتنيِّح الأنبا ياكوبوس مطران المنيا في ذلك الوقت، فأرسل للدير المحرَّق يستدعي الراهب بولس غبريال. فلبَّى الدعوة –بعد استئذان رئيس الدير – وسافر إلى المنيا، وقابل نيافة المطران. وقال كاتب سيرته: ”إنَّ المطران دُهِشَ حين وجد أمامه ملاكاً في صورة إنسان“! ولكنه لم يبقَ طويلاً في هذا المركز بعد أن رسمه المطران ”قسّاً“.

رئاسته لدير المحرَّق:

لما عاد القديس إلى دير المحرَّق، وجد الرهبان يطلبون عَزْل رئيس الدير القمص عبد الملك. لكن القس بولس لم يشترك معهم، بل عكف في قلايته على الصوم والصلاة فحسب حسب عادته، بعيداً عن المنازعات، لأنه كان مُحبّاً للسلام.

+ لكن الآباء الرهبان فرحوا فرحاً عظيماً برجوع أخيهم الراهب بولس غبريال؛ إذ كانوا يرون فيه المَثَل الأعلى للرهبنة لِمَا له من شخصية محبوبة ملكت على قلوبهم، حتى أنه كان لا يمكنهم مفارقته أو الابتعاد عنه.

+ وقد استطاع الرهبان إبعاد رئيس الدير عن الرئاسة، وذلك بموافقة بطريرك ذلك الزمان البابا ديمتريوس الثاني (البابا الحادي عشر بعد المائة، من 1862-1870م)، واختاروا بإجماع الآراء الراهب غبريال رئيساً للدير.

أعماله كرئيس دير:

لما استلم القديس رئاسة دير المحرَّق وتدبير شئونه، لم يدخله الغرور، ولم تجمح نفسه إلى ملذَّات الحياة؛ بل كان المُدبِّر الحكيم والأب الرحوم. فكانت أعماله تنحصر فيما يلي:

1. المساواة بين الآباء الرهبان، فلم يُميِّز بينهم أو يُحابي أحدهم على الآخر؛ بل كان الجميع عنده على نفس المستوى في محبته لهم أو العناية بأمورهم.

2. اهتمامه بحياة الرهبان الروحية، إذ كان يحضُّهم على التمسُّك بالفضيلة، وهَجْر العالم الذي تركوه بمحض مشيئتهم، والإكثار من الصوم والصلاة، ومراقبة سلوكهم في رفق ومحبة، مجتهِداً في تقويم حياة كلٍّ منهم حتى صار الدير في أيام رئاسته كمثل السماء على الأرض.

3. استمرار عنايته الخاصة بالفقراء والمعوزين، لأنه أية رغبة لديه أعظم من أن يعمل مرضاة خالقه! وهكـذا فتح باب الديـر على مصراعيه، ورحَّب بالبؤساء والمحتاجين والأرامل والأيتام.

+ وفي أيامه ازداد اشتياق الشبَّان للرهبنة، وذلك لِمَا سمعوه عن القديس. فتوجَّه كثيرون منهم إلى دير المحرَّق، حتى أنه قَبِلَ منهم مرة واحدة أربعين شاباً. وصار من هؤلاء أساقفة أجلاَّء، منهم: الأنبا مرقس مطران إسنا، والأنبا متَّاؤس مطران الحبشة؛ وكذلك أصبح منهم المتنيِّح القمص ميخائيل البحيري الذي كان قد اتَّخذ القمص بولس غبريال رئيس الدير مثالاً له.

عَزْله من رئاسة دير المحرَّق:

لم تَدُم رئاسة هذا القديس لدير المحرَّق أكثر من 5 سنوات، امتلأ فيها الدير من إخوة الرب الأصاغر. ولكن عدو كل خير ورئيس هذا العالم لم يَرْتَحْ لهذا العمل الجليل، لأنه لا يعجبه ولا يَرْضَى عن رئاسةٍ كهذه. فأثار بعض الرهبان ضد القديس، فصاحوا الصيحة القديمة التي صاحها يهوذا الإسخريوطي قديماً قائلين: «لماذا هذا الإتلاف؟» (مت 26: 8)، واتَّهموا القديس بتبديد أموال الوَقْف! وأصرُّوا على عدم قبوله رئيساً بعد، لئلا يقضي على البقية الباقية من أموال الدير!

وظلُّوا على صخبهم هذا حتى عزلوه، وطردوا الفقراء الذين كان الدير يعولهم. ولكن القديس لم يحزن ولم يغضب، بل قابَل كل هذا بصدر رحب وصبر وطول أناة؛ إذ لم يكن له غرض شخصي يسعى إليه. ولم يكتفوا بعَزْل الرئيس القديس من الرئاسة، بل وحكموا بطرده من الدير أيضاً. فقَبِلَ ذلك شاكراً الله قائلاً: ”أنا أعرف بأنَّ الله «يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير» (رو 8: 28)“.

سفره إلى القاهرة،

ثم ذهابه إلى دير البراموس:

ترك القديس دير المحرَّق بين صراخ المساكين وعويلهم، وسافر إلى القاهرة مع بعض أبنائه الأخصَّاء، منهم الأنبا متَّاؤس مطران الحبشة (وكان ما يزال راهباً في ذلك الوقت)، والقمص إقلاديوس الميري، والقمص سليمان الدلجاوي، وغيرهم؛ وقابلوا الأنبا مرقس الوكيل البطريركي آنذاك، واتفقوا معاً على الذهاب إلى دير البراموس، وكان رئيسه وقتئذ القمص يوحنا الناسخ (الذي صار فيما بعد البابا كيرلس الخامس). فقابلهم بالترحاب، وأكرم وفادتهم، وأعطى كُلاًّ منهم قلاية يُقيم فيها.

وفي قلايته، عَكَفَ القمص بولس غبريال على الصوم والصلاة. ولا يُعرَف بالضبط كم من الزمان أقام القديس في هذا الدير.

اختياره أسقفاً للفيوم والجيزة:

في سنة 1881م، تمَّت رسامة القمص بولس غبريال أسقفاً على الفيوم والجيزة، بناءً على طلب أساقفة كان قد رسمهم البابا ديمتريوس الثاني لإثيوبيا، إذ كانوا تلاميذ القمص بولس. فلبَّى البابا طلبهم واستدعاه من دير البراموس، ورسمه أسقفاً على الفيوم والجيزة؛ إذ كانت هذه الإيبارشية خالية آنذاك. وكان ذلك في شهر أبيب سنة 1597ش/ 1881م.

(ملحوظة: كان التقويم السائد في مصر هو التقويم القبطي لضبط مواعيد الزراعات، والتقويم الهجري للمواسم والمناسبات الإسلامية؛ أما التقويم الميلادي فلم يكن قد طُبِّق بعد في مصر).

حياته كأسقف:

+ تواضعه ووداعة قلبه: كان يدعو الكهنة إخوته. ومنذ رسامته أسقفاً وحتى نياحته كان يقرأ إنجيل القدَّاس على المنصَّة المُخصَّصة للقراءة (المنجلية) كباقي الشمامسة. وكان يرفض رفضاً باتّاً أن يُعطَى له بخور من الكهنة قائلاً: ”البخور يُقدَّم لله فقط وليس لإنسانٍ مثلي“. وكان إذا دخل الهيكل لا يجلس فيه بتاتاً. وكان يَعتَبِر الشعب كله، فقيرَهم وغنيَّهم ”أولاده الأحبَّاء“، وذلك في لُطف وبلا تعالي، وبمحبة بلا رياء. وكانت لذَّته أن يجلس بين المُعوَزين والمرضى والعَجَزَة، ويتناول طعامه معهم.

+ وكمَثَل يدُلُّ على عظمته الحقيقية في تواضعه، أنه في صباح يوم الأحد، لاحَظَ عدم انسجام أصوات الشمامسة والعُرفاء، فلَفَتَ نظر العرِّيف ”المعلِّم يعقوب الكبير“ إلى ذلك. فتأثَّر هذا العرِّيف، وما كان منه إلاَّ أن تخلَّف عن حضور صلاة الغروب التي كان معتاداً أن يحضرها يومياً بدار الأسقفية. فسأل الأنبا أبرآم عنه، ولمَّا عَلِمَ أنه متخلِّف عن تأثُّرٍ من لَفت نظره يوم الأحد الماضي، بادر بالقيام بنفسه وذهب إلى منزل العرِّيف سيراً على أقدامه لترضيته بنفسه ومصالحته في منزله، وطلب من العرِّيف الصَّفْح. فانذهل العرِّيف عندما فوجئ بحضور الأسقف إلى منزله، وبكى قائلاً للقديس: ”اصْفَح عني أنت يا سيدي“. ثم رجع الأسقف القديس إلى دار المطرانية بعد الساعة الثامنة مساءً مع أنه لم يكن يخرج في مثل هذا الموعد مُطلقاً.

+ وكان من عادته أن يجتمع مع شعب الكنيسة بعد صلاة القدَّاس ليُلقي عليهم عظة بسيطة. وكان الذين يجتمعون حوله خليطاً من أغنياء وفقراء. فدعاهم مرة لتناول طعام الغداء وكان سمكاً - وكان الأسقف القديس منذ يوم رسامته وإلى يوم نياحته لا يأكل إلاَّ العدس والفول في أيام الصوم، واللبن منزوع الدسم في الفطار - فلما رأى الطبَّاخ أن المدعوين فريقان: أغنياءَ وفقراءَ، طبخ لهم نوعين من الطعام: أحدهما خاص بالأغنياء، وكان من خيار السمك المقلي؛ والآخر للفقراء، وكان مطبوخاً في وعاء كبير. ولما جاء موعد الغداء قدَّم الطبَّاخ السمك المقلي في أطباق على المائدة ليأكل الأغنياء. ولما جاء الأسقف ليُبارك قبل الأكل، ورأى أنَّ الطعام جيد، سأل الطبَّاخ: ”هل عملتَ كل السمك هكذا؟“. فقال له الطبَّاخ: ”بل طبختُ الباقي للفقراء“. فأمره بإحضار الوعاء الذي فيه السمك المطبوخ، ووضع السمك المقلي مع المطبوخ، وقال للطباخ: ”ضَعْ من الاثنين في الأطباق، لأن ليس عند الله أغنياء وفقراء، بل الكل واحدٌ أمامه“. فأكلوا جميعاً بفرح وسرور، وهم مُعجبون بأخلاق القديس وشدَّة محبته للفقراء، وعدم التمييز بينهم وبين غيرهم من الموسرين.

+ أما الحادث الآخر الذي يدلُّ على طبيعة نفسه المتَّصلة بالله، أنه دُعِيَ مرةً لزيارة إحدى البلاد، وكان لابد أن يُسافر بقطار السكة الحديد. فأحضر له أحد الأعيان تذكرة درجة أولى. ولما ركب الأسقف القطار، نظر حوله فلم يجد إلاَّ بعض الأعيان الذين دعوه، فسألهم: ”هل هذه العربة تختلف عـن العربات التي يركبها الفقراء؟“. فأجابوه بالإيجاب. وللوقت اغرورقت عيناه بالدموع، وقال لهم: ”حرام عليكم، يا أولادي، ألم يكن من الأفضل أن يُعطَى فرق ثمن التذكرة للمعوزين والبؤساء؟ إنَّ هذا التصرُّف لا يتفق مع الحكمة وروح المسيح. نحن نجلس هنا على فراشٍ ناعم وثير، وهم يتضوَّرون جوعاً، لا سندَ لهم ولا عَوْن؛ بينما عربتنا وعربتهم ستصلان في وقتٍ واحد إلى المكان الواحد“.

+ وقيل إنه لمَّا طلبه المتنيِّح البابا كيرلس الخامس (البطريرك الـ 112 في عداد بطاركة الإسكندرية، من 1874-1928م) ليجعله مطراناً أسوة ببعض إخوته المطارنة، رفض رفضاً باتّاً، واكتفى بما وهبه الله.

نياحته:

+ ظل القديس الأنبا أبرآم قائماً بأعباء أسقفيته، حتى اعتراه مرض شديد، كان يشتدُّ عليه يوماً بعد يوم، وكان يتحمَّل آلام المرض بصبرٍ وشُكر، وكان لا يسمح لنفسه بشيء مما تشتهيه. وظل القديس يُعاني من هذا المرض الذي اعتراه إلى أن أسلم روحه الطاهرة في يديِّ الرب في شهر بؤونة سنة 1630ش/ 10 يونية سنة 1914م. فشيَّعه إلى مثواه الأخير الآلاف من المسيحيين والمسلمين.

+ هذا قليل من كثير من سيرة هذا القديس العظيم الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة. ولكن هذه الشخصية هي النموذج الحقيقي للأسقف في الكنيسة، لا أكثر ولا أقل.

بركة صلواته تكون معنا، آمين.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis