«عظيم هو سر التقوى»
(1تي 3: 16)
- 3 -

«تبرَّر في الروح» (تابع):
ما زلنا بصدد الآية التي قالها بولس الرسول: «عظيم هو سرُّ التقوى. الله ظهر في الجسد، تبرَّر في الروح...».

فأعظم برٍّ أظهره لنا المسيح هو في اتضاعه وإخلائه لذاته: «الذي إذ كان في صورة الله، لم يَحْسِب خُلْسةً أن يكون مُعادِلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد، صائراً في شِبْه الناس. وإذ وُجِدَ في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب» (في 2: 6-8).

فاتضاع المسيح هو وحده الذي يُسمَّى اتضاعاً، لأنه هو وحده الله الابن الذي تنازَل عن عُلُوِّ مجده ولَبِسَ شكل العبد، وصار في شِبْه الناس، واتَّحد ببشريتنا، وقَبِلَ أن يُوجَد في هيئة إنسان، ليحتمل كل ما يجتازه البشر من أتعاب وتجارب وآلام، حتى أنه «في أيام جسده، إذ قدَّم بصُراخٍ شديد ودموعٍ طلبات وتضرُّعات للقادر أن يُخلِّصه من الموت، وسُمِعَ له من أجل تقواه، مع كونه ابناً تعلَّم الطاعة مِمَّا تألَّم به. وإذ كُمِّلَ صار لجميع الذين يُطيعونه، سببَ خلاصٍ أبديٍّ» (عب 5: 7-9).

وهو الذي وصفه إشعياء النبي بعين النبوَّة قائلاً: «حمل عاهاتنا، وتحمَّل أوجاعنا، حسبناه مُصاباً مضروباً من الله ومنكوباً. وهو مجروحٌ لأجل معاصينا، مسحوقٌ لأجل خطايانا. سلامُنا أَعدَّه لنا، وبجراحه شُفينا. كُلُّنا كالغنم ضللنا، مال كل واحد إلى طريقه، فأَلقى عليه الرب إثمنا جميعاً. ظُلِمَ وهو خاضعٌ وما فتح فمه. كان كنعجةٍ تُساق إلى الذبح، وكخروفٍ صامت أمام الذين يجُزُّونه لم يفتح فمه... لكن الرب رَضِيَ أن يسحقه بالأوجاع ويُصعده ذبيحةَ إثمٍ...» (إش 53: 4-10 الترجمة العربية الجديدة).

إذن، فاتضاع المسيح لا يمكن أن يُقارَن باتضاع البشر؛ بل هو عمل إلهي أَظهر به المسيح برَّه: «وإذ كُمِّلَ صار لجميع الذين يُطيعونه سببَ خلاصٍ أبدي» (عب 5: 9).

لقد أظهر المسيح برَّ اتضاعه منذ بداية خدمته، عندما تقدَّم ليعتمد من يوحنا المعمدان، الذي جَفَل وارتعب أن يضع يده على رأس المسيح لتكميل العماد، فقال للرب: «أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إليَّ؟! فأجاب يسوع وقال له: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نُكمِّل كل برٍّ» (مت 3: 15،14).

وظلَّ المسيح يُظهِر برَّ اتضاعه في كل موقف من مواقف حياته على الأرض، وفي كل تعاملاته مع البشر؛ وينسب كـل مـا يعمله للآب الذي أرسله، مثل قوله:

+ «الحقَّ الحقَّ أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل مِن نفسه شيئاً إلاَّ ما ينظر الآب يعمل. لأنه مهما عَمِلَ ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. لأن الآب يُحِبُّ الابن ويُريه جميع ما هو يعمله، وسيُريه أعمالاً أعظم من هذه لتتعجَّبوا أنتم. لأنه كما أنَّ الآب يُقيم الأموات ويُحيي، كذلك الابن أيضاً يُحيي مَن يشاء» (يو 5: 19-21).

+ «أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً. كما أسمع أَدين، ودينونتي عادلةٌ، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني» (يو 5: 30).

إذن، فاتضاع المسيح لازَمه في كل حياته على الأرض، حتى في معجزاته، لأنه كان ينسب كل شيء لله أبيه، ويُظهِر بذلك برَّه الخلاصي حتى توَّج ذلك بذبيحة نفسه على الصليب.

برُّ المسيح في ليلة آلامه:

المسيح، في الليلة التي سَلَّم فيها ذاته للموت عن حياة العالم، «إذ كان قد أحبَّ خاصته الذين في العالم، أحبَّهم إلى المنتهى» (يو 13: 1)؛ في تلك الليلة، سلَّم المسيح لتلاميذه سرَّيْن:

سر غسل الأرجل، وسر الإفخارستيا:

سر غسل الأرجل:

قد يقول البعض إنَّ غسل الأرجل لا يرتقي إلى أن يكون سرّاً، بل هو مجرد غسل أرجل التلاميذ. ولكن إذا تعمَّقنا فيما قصده الرب من غسل أرجل تلاميذه، وكيف مارَسَ الرب هذا السر، وماذا كانت عواقب محاولة امتناع بطرس الرسول عن السماح للرب بغسل رجليه؛ لأدركنا عِظَم المنفعة من وراء تسليم الرب لهذا السر لتلاميذه كتمهيدٍ لسرِّ الإفخارستيا.

فغسل الأرجل إجراءٌ سِرِّيٌّ يتم بخلع الكرامة، والاتِّزار بالاتضاع، بشِبْه المسيح. وصورته غسل أرجل، وجوهره شركةٌ مع قامة بـرِّ المسيح في اتضاع الألوهة؛ والثاني صورتـه عشاء يتم بتقديم الخبز والخمر، وبشُكر المسيح وبركته وتقديسه يتحوَّل الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح، ويصير التناول منهما شركة مـع المسيح في موته وقيامته.

وهكذا يأخذ كلٌّ من الإفخارستيا وغسل الأرجل كلاهما صورة ”السرِّ“ وقوته، مِن منطلق لاهوت المسيح المتَّحد بناسوته، فكِلا السرَّيْن إلهي وبشري بآنٍ واحد.

وقد مارَس المسيح غسل أرجل تلاميذه، بأنْ «قام عن العشاء، وخلع ثيابه، وأخذ مِنْشفةً واتَّزَرَ بها» (يو 13: 4)، مما يدلُّ على أنَّ غَسْل الأرجل لم يكن استعداداً للعشاء كإجراء يستلزمه سر الإفخارستيا؛ بل هو إجراء قائم بذاته، فهو موازٍ لقوة العشاء وملتحم به. لم يصنعه المسيح قبل العشاء ولا بعد العشاء. فبعد غسل الأرجل، جلسوا مرة أخرى وأكملوا عشاءهم.

ومِن شرح الرب لإجراء غسل الأرجل، ومن ملابسات امتناع بطرس في البداية؛ نفهم أنه كما كان العشاء شركة مع الرب، فإنَّ غسل الأرجل كان فرصةً لنوال الشركة مع الرب: «إنْ كنتُ لا أغسلك فليس لك معي نصيبٌ» (يو 13: 8).

إذن، فغسل الأرجل قد صار سرّاً ملتحماً بسرِّ الإفخارستيا. فإنْ كان سر الإفخارستيا يقوم على سر بذل الجسد والدم على الصليب، أي هو شركة في موت المسيح وقيامته؛ فسرُّ غسل الأرجل يقوم على سرِّ انحناء الأكبر للأصغر بشِبْه العبد لسيِّده، فهو سرُّ ”أَخْذ شكل العبد“ أحد أسرار المسيح الجوهرية.

فالمسيح في تجسُّده، ”أَخَذَ شكل العبد“، لا اتضاعاً فحسب؛ بل نزولاً إلى الدرجة الحقيقية التي نزل إليها الإنسان بالخطية، الذي استُعبِدَ لسلطان الخطية القاتل. فقد خلع المسيح ثيابه، ولم يأخذ فقط شكل العبد بل وظيفته.

وقد قَصَرَ المسيح غسل الأرجل على تلاميذه. ولا نعلم إن كان الرب قد غسل أرجل تلاميذه حسب ترتيبهم في الجلوس إلى المائدة، وإنْ كان القديس يوحنا ذهبي الفم يرى أنه ابتدأ بيهوذا، الذي لم يُمانع.

أما القديس أُغسطينوس فيرى أنَّ الرب ابتدأ بالقديس بطرس الذي أبدى احتجاجه بانفعال واستنكار، لأنه نظر إلى الإجراء وكأنه امتهان للسيد والمعلم أن يغسل رِجْلَي تلميذ. ومن جهة أخرى، لم يفهم قصد المسيح من غسل أرجل تلاميذه، لذلك أحجم عن أن يمدَّ رجليه(1).

وردُّ المسيح هنا على بطرس هام للغاية، لأنه يكشف أبعاداً عميقة لمفهوم غسل الأرجل، ربما تكون تائهة حتى الآن: «لستَ تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد» (يو 13: 7). أي أن الأمر يتعدَّى مجرد غسل الأرجل، أو مجرد اتضاع من جهة الرب. ولو أن اتضاع الرب وتنازُله وخلعه ثيابه ليأخذ شكل العبد، وغسله أرجل تلاميذه؛ هو صورة ومثال لِمَا فعله بتجسُّده، فهو «لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم، وليبذل نفسه فديةً عن كثيرين» (مت 20: 28).

فهذا هو الهدف من مجيئه، وهو الدرس الذي أراد الرب أن يُعلِّمه لتلاميذه في كل مناسبة على مدى حياته معهم، ليُخلِّصهم من حُب الرئاسة والتسلُّط فيما بينهم، حينما كان يلمحها في تصرُّفاتهم. فذات مرةٍ «دعاهم يسوع وقال: أنتم تعلمون أن رؤساء الأُمم يسودونهم، والعظماء يتسلَّطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل مَن أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً. ومَن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبداً» (مت 20: 25-27).

ولكنه في هذه المرة، حينما غسل الرب أرجلهم، لم يكن هدفه هو مجرد أن يُلقِّنهم هذا الدرس، الذي كلَّمهم عنه مراراً من قبل، بل إنه في هذه الليلة الأخيرة التي كان مزمعاً أن يُسلِّم فيها ذاته عن حياة العالم، «وهو عالمٌ أن ساعته قد جاءت، لينتقل من هذا العالم إلى الآب» (يو 13: 1)؛ أراد أن يُقدِّم لهم نفسه في وضع لا يمكن أن يُمحَى من قلوبهم، ليس بكلامٍ يسمعونه، ولكن بفعلٍ يلمسونه وينفعلون به، ويمسُّ حياتهم، ويُقدِّس ذواتهم.

لذلك فإنه، بعدما انتهى من غسل أرجلهم «وأَخَذَ ثيابه واتَّكأ أيضاً، قال لهم: أتفهمون ما قد صنعتُ بكم؟ أنتم تدعونني مُعلِّماً وسيِّداً، وحسناً تقولون، لأني أنا كذلك. فإنْ كنتُ وأنا السيِّد والمُعلِّم قد غسلتُ أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضُكم أرجلَ بعض. لأني أعطيتكم مثالاً، حتى كما صنعتُ أنـا بكم تصنعون أنتم أيضاً» (يو 13: 12-15).

واضحٌ أنَّ الرب في هذا العشاء الأخير كان مجتمعاً مع تلاميذه الاثني عشر وحدهم، ليُقدِّم لهم خُلاصة وصاياه، وأخص توصياته قبل رحيله عنهم؛ بل ويُعطيهم ذاته متمثِّلة في عصارة حبِّه، وعمق اتضاعه وبذله، وسرِّ اتحاده بهم واتحادهم به في سرِّ شركة جسده المكسور ودمه المسفوك من أجلهم. فغَسْل أرجل التلاميذ بالتالي كان إجراءً اختص به الرب الاثني عشر تلميذاً فقط. لأنه قَصَدَ أن يغرس فيهم، كرُسُلٍ سيحملون رسالته إلى كل العالم، أن يتمثَّلوا به في تنازُله واتضاعه.

فمع أنه هو المُعلِّم والسيِّد قد غسل أرجلهم، فيجب عليهم أن يغسل بعضُهم أرجلَ بعض. هذا الوجوب الذي فرضه الرب عليهم هـو نعمة سكبها عليهم الرب، وعليهم قبولها لتصير فيهم قِـوَام خدمتهم وإرساليتهم في الكرازة لكـل العالم، وذلك بالاتضاع والبذل والمحبة وخدمة الأكبر للأصغر، وكـل مَـن يريـد أن يكون عظيماً بينهم فليكن لهم خادماً، ومَن أراد أن يكون فيهم أولاً فليكن لهم عبداً.

هذا هو طقس الرسل والمُرسَلين، وكل مَن يختاره الرب للخدمة في الكنيسة من أول الشماس إلى الأسقف والبطريرك.

ويُعلِّق الأب متى المسكين على مفهوم هذا الطقس وممارسته في الكنيسة حالياً بقوله:

[والحقيقة أنَّ ”غَسْل الأرجل“ في الكنيسة أُخِذَ بمفهوم التواضع وحسب، وحوصر في إجراء الطقس شكلياً. وقد اهتمت الكنيسة القبطية في كل عصورها إلى ما قبل عصرنا هذا، بهذا الطقس بالنسبة للكاهن، فكان يتحتَّم عليه بمقتضى طقس ”تحفِّي (أي تعرِّي) القدمين أثناء الخدمة“ أن يغسل قدميه قبل الدخول إلى الهيكل لإجراء طقس الإفخارستيا بنوع من الإلزام، وكذلك قبل قراءة الإنجيل...

فيما عدا ذلك ثُبِّت طقس غسل الأرجل في يوم خميس العهد قبل القدَّاس (قبل تقديم الحمل)، كما أيضاً في عيد الرسل قبل القدَّاس. وهذا دليل على إدراك الكنيسة القبطية للعلاقة الصميمية بين غسل الأرجل وإرسالية المُرسَلين](2).

ويتضح بالأكثر قصد الرب من طقس غَسْل الأرجل الذي أجراه الرب لتلاميذه في هذا التوقيت الدقيق بالذات، عندما كان مزمعاً أن يُسلِّم نفسه للموت عن حياة العالم، وهو أنه يُهيِّئهم للإرسالية العُظمى التي عيَّنها لهم من قبل تأسيس العالم، وذلك بقوله لهم بعد أن غَسَلَ أرجلهم: «فإنْ كنتُ وأنا السيِّد والمُعلِّم قد غسلتُ أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضُكم أرجلَ بعض. لأني أعطيتكم مثالاً، حتى كما صنعتُ أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً» (يو 13: 15،14). ثم أردف قائلاً: «الحقَّ الحقَّ أقول لكم: إنه ليس عبدٌ أعظم من سيِّده، ولا رسولٌ أعظم من مُرسِله. إنْ عَلِمتُم هـذا فطوباكم إنْ عملتموه» (يو 13: 17،16).

فإنْ كان، وهو السيِّد والمُعلِّم، قد غسل أرجلهم، فلا يمكن أن يستنكف العبد أن يكون كسيِّده، بل يتمثَّل به في غسل أرجل العبيد رفقائه، لأنه «ليس عبدٌ أعظم من سيِّده، ولا رسولٌ أعظم من مُرسِله». فهو السيِّد والمُعلِّم، وقد انحنى على أرجل عبيده وغسلها بكل اتضاع وحُب، ونشَّفها بكل أمانة كما يليق بخدمة العبد، وذلك لكي يقتدي به الذين أرسلهم لخدمة عبيده. ولا يستنكف أحدٌ فيما بعد أن يخدم مَـن هو أصغر منه.

إذن، فقد وضع الرب طقس غسل الأرجل لتلاميذه الاثني عشر، ليس فقط لكي يُسلِّمهم بر اتضاعه فحسب، بل أيضاً لكي يُقدِّسهم ويُعدَّهم للإرسالية من منطلق الاتضاع وخدمة الأكبر للأصغر: «مُقدِّمين بعضكم بعضاً في الكرامة» (رو 12: 10)، وليس كما حدث في كنيسة كورنثوس التي خاطبها بولس الرسول قائلاً: «ولكنَّني أطلب إليكم أيها الإخوة، بـاسم ربنا يسوع المسيح، أن تقولوا جميعُكم قولاً واحداً، ولا يكون بينكم انشقاقات، بل كونوا كاملين في فكرٍ واحـد ورأي واحد... فإنه إذ فيكم حسدٌ وخصامٌ وانشقاقٌ، ألستم جسدييـن وتسلكون بحسب البشر؟ لأنه متى قـال واحد: ”أنا لبولس“ وآخر: ”أنـا لأَبُلُّوس“ أفلستم جسديِّين؟» (1كو 1: 10؛ 3: 4،3)

والرب حين جلس كعبد عند موطئ أقدام تلاميذه ليغسل أرجلهم واحداً فواحداً، لم يذكر الإنجيل أنه قدَّسهم بحسب ترتيب أقدميتهم، لأن هذا يتنافَى مع روح الطقس بجملته. فلكي يرفع الرب طقس خدمة الكرازة إلى حدود التواضع الذي لا يمكن أن يتصوَّره إنسان، حتى لا يعود في محيط الكرازة كلها كبير أو صغير، ولا عظيم أو حقير؛ قدَّم نفسه قدوةً ومثالاً للتواضع الحقيقي والإخلاء الذي يفوق كل تصوُّر.

وقد بيَّن القديس بولس الرسول أنَّ الروح القدس الذي نفخه المسيح في تلاميذه بعد قيامته من بين الأموات قائلاً لهم: «سلامٌ لكم، كما أرسلني الآب أُرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم: ”اقبلوا الروح القدس. مَن غفرتم خطاياه تُغفر له، ومَن أمسكتم خطاياه أُمسِكَت“» (يو 20: 21-23)؛ هذا الروح هو الذي سكب فيهم روح المحبة والاتضاع والوحدة بين بعضهم البعض، لكي يكونوا جسداً واحداً وروحاً واحداً، وهو الذي أعطاهم سلطان غفران الخطايا، ومهمة الإرسالية والكرازة وتنوُّع المواهب، كقول بولس الرسول: «فأنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد. وأنواع خِدَم موجودة، ولكن الرب واحد. وأنواع أعمال موجودة، ولكن الله واحد، الذي يعمل الكلَّ في الكلِّ» (1كو 12: 4-6).

(يتبع)

(1) الأب متى المسكين، ”شرح إنجيل القديس يوحنا“، الجزء الثاني، الأصحاح 13، مقتبس بتصرُّف.
(2) المرجع السابق (هذا بخلاف صلاة اللقَّان، يوم عيد الغطاس، الذي لا تُغسَل فيه الأرجل، بل تُرشم الجبهة بماء اللقان).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis