كلمات مختصرة
للحياة اليومية


هل تختبر قيامة المسيح كل يوم؟

”قيامة المسيح“ و”القيامة“ وغيرها من كلمات نتصوَّرها بذهننا فقط في أيام القيامة والخمسين يوماً اللاحقة والتي ننشد في الكنيسة أثناءها: ”المسيح قام من بين الأموات“، أو نسمع هذه الكلمات في العظات أيام الجنازات وفي ذكرى موت أحبائنا.

أما الاختبار الحقيقي للقيامة ولقيامة المسيح فهو اختبار يجب أن يكون في حياتنا كل يوم وكل لحظة، تماماً كما نتنسَّم الحياة التي نحياها كل يوم وكل لحظة مع كل نَفَس نتنفَّسه ومع كل نبضة قلب تنبض فينا. هكذا اختبار قيامة المسيح يجب أن يكون مُلازِماً لنا في كل لحظة وكل يوم، أقوى وأصدق وأسبق من كل نَفَس نتنفَّسه أو نبضة قلب تنبض فينا.

أولاً: القيامة قوة، يجب أن نختبرها:

إن قوة القيامة ليست مؤجَّلة إلى ما بعد موتنا، أو إلى ما بعد انتقالنا من الحياة على هذه الأرض إلى الحياة الأخرى في السماء. القديس بولس يقول: «لأعرفه وقوة قيامته» (في 3: 10). فهي ليست حادثة حدثت في حياة المسيح وانتهت، بل هي قوة انتقلت من المسيح بعد موته وقيامته لينالها كل مؤمن بالمسيح، ينالها من خلال سرِّ المعمودية حالما يخرج من جرن المعمودية الذي هو بشبه البطن الجديدة التي تلدنا الولادة الروحية الجديدة وفينا قوة قيامة المسيح.

الذين يعتمدون وهم كبار بعد إيمانهم بالمسيح، يحسُّون جداً بقوة قيامة المسيح تسري في داخلهم، تُشدِّد حياتهم الجديدة أمام ضيقات وآلام الشهادة للإيمان بالمسيح. ولكن هذه القوة هي فينا، سواء أحسسنا بها أو لم نحس. وها أنت، أيها القارئ العزيز، قد عرفت هذه القوة المذخرة المختبئة فيك.

ثانياً: هذه القوة، قوة قيامة المسيح،

نحن نتَّحد بها:

فلا يمكننا أن ننفكَّ منها، وهذا هو الوعد: «إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضاً (متحدين) بقيامته» (رو 6: 5). أما الاتحاد بشبه موته فهو حينما غطسنا في جرن المعمودية على مثال دفن المسيح، وثلاث غطسات على مثال الثالوث القدوس. فنحن اتحدنا معه في الموت، ولذلك - ولهذا السبب عينه - سنصير متحدين معه في قيامته.

ولكن كيف سنصير متحدين معه بقيامته؟ فيجب أن المسيح القائم من بين الأموات يدخل إلينا كما دخل على التلاميذ في العليَّة وأعطاهم سلامه، فتقوَّوْا بقوة قيامته. وهكذا استطاع كل تلميذ وكل مؤمن على مرِّ العصور يقول بإيمان وبقوة وبفرح: «المسيح يحيا فيَّ» (غل 2: 20).

فالمسيح قام ليس بنفسه فقط، بل بكل مَن مات ويموت مثله مظلوماً ومضطهَداً، ومضروباً ومذلولاً، من أجل طاعة وصايا المسيح. فالمحن والآلام والأتعاب التي يُقابلها الذين دُعِيَ عليهم اسم المسيح، هي المدخل إلى أن يأتي المسيح إلينا ويسكن فينا، فحينئذ نستطيع أن نقول ما قاله الرسول بولس: «المسيح يحيا فيَّ». فالمسيح لا يُعطي قيامته إلاَّ في إنسان أكمل موته عن حياته العتيقة.

ثالثاً: معنى أن ألم الصليب وموت المسيح

صار ثلاثة أيام، بالنسبة لنا:

بالرغم من أن المسيح ظل في القبر في حُكْم الموتى ثلاثة أيام، حتى يئس التلاميذ، إلاَّ أن قيامته لم تتعوَّق. وهذا يحدث معنا بالمثل. فهذه الثلاثة الأيام، وإن بَدَت لنا في حياتنا اليومية ثقيلة ومتباطئة، وهي تبدو في حياتنا أن آلامنا وأتعابنا تظل مستمرة - ولكن إلى حين - إلاَّ أن حُكْم الله سريع ودينونته لابد آتية، ونقضه لكل الأحكام والأعمال الظالمة والشريرة لابد ستحدث.

وإن قلنا إنه تعوَّق، فهذا في ذهننا فقط وفي مقاييس أوقاتنا ومنطقنا العقلي فقط، لكن حُكْم الله بالنقض قد صدر في اللحظة التي نقبل فيها آلامنا ونجعلها ”شركة في آلام الرب“، أما تحقيقها فلابد آتٍ.

فهذه الثلاثة الأيام، بالنسبة لنا تشير إلى زمان احتمالنا للألم للتمحيص والتهذيب وازدياد اختبارنا للصلاة بلجاجة، واثقين من وعد الرب الصادق:

+ «أَفَـلاَ ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً، وهو متمهِّل عليهم. أقول لكم: إنـه يُنصفهم سريعاً» (لو 18: 8،7).

رابعاً: حينئذ ستختبر فرحة القيامة

حتى وسط الآلام:

فرحة القيامة ينبغي أن تكون هي القوة الدائمة المُشجِّعة والدافعة التي تدفعنا للجهاد كل يوم والسهر بلا حدود لحفظ وديعة إيماننا بالمسيح بكل طهارة وبلا لوم حتى مجيء الرب؛ لأن القيامة تمثِّل أمام أعيننا النصرة الأكيدة للحياة على الموت، والنور على الظلمة، والحق على الباطل، والطهارة على النجاسة، والعدل على الظلم، والراحة على التعب، والفرح على الحزن، والسلام على الاضطراب.

فالمسيح قام ليُثبت لنا بكل تأكيد ويقين أن كل الحوادث السلبية وكل تدبيرات الشيطان والأشرار في هذا الزمان، مقضيٌّ عليها بالإلغاء، بحُكم نقض أعلى، من محكمة السماء، حيث تجري محاكمة أخرى: ”ينال فيها الظالم جزاء ما ظلم“، «والذين يضايقونكم يُجازيهم ضيقاً» (2تس 1: 6)، بحسب عدل الله الذي لا يمكن أن يقع منه حرف واحد.

خامساً: توقع مواجهة المستحيلات:

تماماً كما أن ”القيامة من بين الأموات“، هي اختبار مستحيل على أي إنسان، ولا يقدر عليه أحد إلاَّ الله؛ هكذا قوة القيامة سوف تجعلك قادراً على أن تواجه المستحيلات بنجاح. كم من الجبابرة قد حطَّمتهم المواقف المستحيلة، أما أنت فبقوة القيامة سوف يأخذك الله لتختبر قوة تحدِّي الإيمان للمستحيلات التي تواجه حياتك.

واعلم أنك إذا وثقت في الله، فسوف تختبر مواجهة مخاطر أعظم مما تتصوَّر، وستخرج من المواجهة غالباً مع رئيس إيماننا ومُكمِّله يسوع المسيح.

سادساً: اختبر سلام القيامة:

أنت لا تطيق أن تعيش مع الإحساس بالذنب وبخزي الخطية، لأن قوة القيامة تعمل فيك عملين: 1. تمنحك مغفرة خطاياك؛ 2. تُكمِّل تكوين شخصيتك الروحية وتُنمِّيها. إن الخطية ومخالفة وصايا المسيح تُصيبنا بالخجل والخزي. لماذا؟ لأنها تُعطِّل نمـونا في المسيح وتوقف ارتفاع قامتنا في المسيح لنصل إلى قامة مـلء المسيح (أف 4: 13).

لذلك فمغفرة خطايانا وإزاحتها من حياتنا، تجعل نمو قامتنا الروحية تستمر ولا تتوقَّف. تماماً كما أن المرض والميكروب والفيروس يجعلنا نحس بالوهن والضعف وتوقُّف نشاطنا الجسماني. هكذا انغماسنا في الخطية بإرادتنا يُعطِّل شركتنا مع الله، ويُبعِد عنا مصيرنا الذي يريدنا الله أن نصل إليه، أن نبلغ إلى قياس قامة ملء المسيح.

لذلك فالتوبة والكفُّ عن الخطية يمنحاننا مغفرة المسيح، وبالتالي يُرجعان لنا سلامنا الداخلي، وبذلك نستأنف شركتنا مع الله ونموَّنا في الروح.

لذلك، انظر إلى الخطية وإلى إهمال وصايا الله على أنهما يمنعان كمال صحتك الروحية؛ واعزم أن تتوب كل يوم عن خطاياك، حتى تقتني سلام الله.

سابعاً: لذلك استخدِم سلطان

قيامة المسيح المُعطَى لك:

استخدم سلطان قيامة المسيح استخداماً كاملاً بالثقة الشديدة في قيامة المسيح، وأنت في أتون التجارب وفي عمق قبر الموت. استخدمه لكي يشعَّ منك فرح القيامة، كنور وسلام وكرازة وشهادة بقيامة المسيح على الذين حولك ويعيشون معك ويتعاملون معك.

واعلم أنك - كمسيحي - قد وُضِعَت عليك ضرورة المناداة بقيامة المسيح على الآخرين، على قدر طاقتك. ولكن ذلك لن يكون بالكلام أو المحاجاة والمجادلات - العثرة الكبرى التي وقع فيها الكثيرون هذه الأيام - بل بانعكاس فرح القيامة، ورجاء القيامة، ونصرة القيامة، ومجد القيامة، وسلطان القيامة، على وجهك، وبابتسامتك، وبوجهك المرفوع، ورأسك الشامخة، وثقتك في المسيح الغالب الذي رآه يوحنا الرائي: «خرج غالباً ولكي يغلب» (رؤ 6: 2). المسـيح قـام + بـالحقيقة قـام بــالمــوت + داس المــوت ووهـب الحياة + للذين في القبور

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis