مقدِّمات الأسفار
- 16 -

ثانياً: الأسفار التاريخية

2 - سِفْر القضاة

مقدِّمــة:

يقف سفر القضاة في تباين تام عند مقابلته مع سِفْر يشوع. ففي سِفْر يشوع نتواجه مع شعبٍ مُطيع قهر أرض الموعد بثقته الكاملة في قوة الله. أما في سِفْر القضاة، فنجد شعباً غير مُطيع وتاركاً لعبادة الله وواقعاً دفعاتٍ متتالية تحت مُضايقات أعدائه. والاسم العبري لهذا السِّفْر: ”شوفِتيم“ = ”Shophetim“ = ~yjpwv، ومعناه: ”القضاة“. وهذه الكلمة لا تحمل فقط فكرة إقامة العدل وفض المنازعات، بل يمكن أن تعني أيضاً التحرير والإنقاذ. فالقضاة يُحرِّرون أولاً الشعب ثم يحكمون ويقضون بالعدل.

كاتب السِّفْر:

كاتب سِفْر القضاة غير معروف، ولكن يمكن أن يكون هو صموئيل النبي أو أحد تلاميذه الأنبياء. والتقليد اليهودي، الذي يستند إلى التلمود، ينسب سِفْر القضاة لصموئيل النبي، وهو بلا شكٍّ الحلقة الحاسمة بين فترة القضاة وفترة الملوك. ومن المحتمل فعلاً أن يكون صموئيل أو واحد من مُعاصريه هو الذي جمع السِّفْر من مصادر شفوية ومكتوبة.

تاريخ كتابة السِّفْر:

يمكن معرفة التاريخ التقريـبي لكتابة السِّفْر بواسطة بعض ما ورد من إفادات في السِّفْر نفسه. ففي الأصحاح (1: 21) جاء مـا يدلُّ على أنه كُتِبَ قبل السنة السابعة من حُكْم داود، إذ يقول: «وبنو بنيامين لم يطردوا اليَبُوسيِّين سُكَّان أُورشليم، فسكن اليبوسيُّون مع بني بنيامين في أُورشليم إلى هذا اليوم». وهذا يعني أنَّ السِّفْر قد كُتِبَ قبل سنة 1004 ق.م عندما احتلَّ داود أورشليم (2صم 5: 5-9). وكذلك في الأصحاحات (17: 6؛ 18: 1؛ 19: 1؛ 21: 25) تردَّدت آية قائلة: «وفي تلك الأيـام لم يكن ملك في إسرائيل. كـان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه». مِمَّا يدلُّ على أنَّ السِّـفْر قـد كُتِبَ بعد بداية مُلْك شاول. ولكن ما جاء في الأصحاح (18: 30) جعل البعض يظنُّ أنَّ السِّفْر قد كُتِبَ في وقتٍ متأخِّر جداً عن أيام صموئيل، لأنه يقول: «وأقام بنو دان لأنفسهم التمثال المنحوت، وكان يهوناثان ابن جَرْشوم بن منسَّى هو وبنوه كهنةً لسبط الدانيين إلى يوم سَبْي الأرض». ولكن ربما يكون سبي الأرض هذا المُشار إليه، هو سبي الفلسطينيين لتابوت العهد من شيلوه الذي ورد ذِكْره في الآية التي تلتها مباشرة: «ووضعوا لأنفسهم تمثال ميخا المنحوت الذي عمله كل الأيام التي كان فيها بيت الله في شيلوه» (18: 31).

ومن المشكوك فيه إنْ كان حُكْم القضاة المتعدِّدين الذين ذَكَرهم السِّفْر قد جاء بالتتابُع أم كانوا يُعاصرون بعضهم البعض. فإذا كان المرجَّح هو الاحتمال الأول، فإنَّ هذا السِّفْر يُسجِّل لنا تاريخ حقبة من الزمن قدرها 410 سنة. وهذا يؤيِّده ما جاء في الأصحاح (11: 26): «حين أقام إسرائيل في حَشْبُون وقُراها وعَرُوعير وقراها وكل المُدن التي على جانب أَرْنون ثلاث مئة سنة». وكذلك ما جاء في سِفْر أعمال الرسل (13: 20): «وبعد ذلك في نحو أربعمائة سنة أعطاهم قُضاةً حتى صموئيل النبي». أما إذا كان الاحتمال الثاني هو المُرجَّح، فإنَّ هذه الفترة تكون أقصر من ذلك. وهذا يؤيِّده سلسلة أنساب داود (1أي 2: 10-15) وصادوق (1أي 6: 4-8). وعموماً فإنَّ التقويم التاريخي لهذا السِّفْر هو من أصعب المعضلات في دراسة الكتاب المقدس، خاصةً وأنَّ بعض القضاة لم يحكموا على الأرض كلها. فهناك قضاة قاموا بتحرير وحُكْم المنطقة الجنوبية (3: 7-31)، وآخرون المنطقة الوسطى (6: 1-10: 5)، وآخرون المنطقة الشرقية (10: 6-12: 15)، وآخرون المنطقة الغربية (13: 1-16: 31).

موضوعات السِّفْر:

يمكن دراسة سِفْر القضاة مبدئياً على أساسٍ موضوعي أكثر منه على أساسٍ تاريخي. وبذلك يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:

أولاً: مُقدِّمة عن التحلُّل الديني لإسرائيل وفشلها في استكمال احتلال كنعان (1: 1-3: 4).

ثانياً: إنقاذ إسرائيل على ست مراحل (3: 5-16: 31).

ثالثاً: فساد إسرائيل باقترافهم الخطية مثل الكنعانيين (17: 1-21: 25).

أولاً: أما المقدِّمة، فيمكن قسمتها إلى قسمين رئيسيَّيْن:

أ - فشل إسرائيل في استكمال احتلال كنعان، وتتضمن الآتي:

1. فشل يهوذا: (1: 1-20). 2. فشل بنيامين: (1: 21). 3. فشل سبطَي يوسف (1: 22-29).

4. فشل زبولون: (1: 30). 5. فشل أشير: (1: 32،31). 6. فشل نفتالي: (1: 33).

7. فشل دان: (1: 34-36).

ب - قضاء الله من أجل عدم تكميلهم الاحتلال، وتتضمن الآتي:

1. الملاك يُعلِن قضاء الله (2: 1-5). 2. موت الجيل الذي كان يعبد الرب (2: 6-10).

3. حُكْم الله على مَن بعدهم (2: 11-19). 4. تَرْك الرب لأعدائهم لتجربتهم (2: 20-3: 4).

ثانياً: مراحل إنقاذ إسرائيل الستة، وتتضمن الآتي:

أ - محاولة الإنقاذ في المنطقة الجنوبية (3: 5-31)، وكانت:

1. بواسطة القاضي عُثنيئيل بن قناز من سبط يهوذا (3: 5-11). 2. بواسطة القاضي إهود بن جيرا البنياميني (3: 12-30). 3. بواسطة القاضي شَمْجَر بن عَنَاة (3: 31).

ب - محاولة الإنقاذ في المنطقة الشمالية (4: 1-5: 31)، وكانت:

1. بواسطة دعوة دبـورة النبيَّة القاضية وباراق من نفتالي (4: 1-11). 2. انهزام الكنعانيين (4: 12-24). 3. ترنيمة دبورة وباراق (5: 1-31).

جـ - محاولة الإنقاذ في المنطقة الوسطى (6: 1-10: 5)، وكانت:

1. بواسطة القاضي جدعون من سبط منسَّى (6: 1-8: 32). 2. بواسطة القاضي أبيمالك من سبط منسَّى (8: 33-9: 57). 3. بواسطة القاضي تُولَع من سبط يَسَّاكر (10: 2،1).

4. بواسطة القاضي يائير الجلعادي (10: 3-5).

د - محاولة الإنقاذ في المنطقة الشرقية، وكانت: بواسطة القاضي يفتاح الجلعادي (10: 6-12: 7).

هـ - محاولة الإنقاذ في المنطقة الشمالية الثانية (13: 1-16: 31)، وكانت:

1. بواسطة القاضي إبصان من بيت لحم (12: 8-10). 2. بواسطة القاضي إيلون الزبولوني (12: 12،11). 3. بواسطة القاضي عبدون بن هِلِّيل الفِرْعَتُوني (12: 13-15).

و - محاولة الإنقاذ في المنطقة الغربية، وكـانت: بواسطة القاضي شمشون من سبط دان (13: 1-16: 31).

ثالثاً: فساد إسرائيل باقترافهم الخطية مثل الكنعانيين، وتتضمن الأقسام الآتية:

أ – سقوط إسرائيل في الوثنية (17: 1-21: 25):

1. مَثَل للوثنية الفردية (شخص اسمه ميخا من سبط أفرايم) (17: 1-13).

2. مَثَل للوثنية الجماعية (سبط دان بأجمعه) (18: 1-31).

ب – سقوط إسرائيل في الفجور (19: 1-30):

1. مَثَل للفجور الفردي (من سبط لاوي) (19: 1-10).

2. مَثَل للفجور الجماعي (من سبط بنيامين) (19: 11-30).

جـ - سقوط إسرائيل بالحرب التي قامت بين الأسباط (20: 1-21: 25):

1. الحرب بين إسرائيل وسبط بنيامين (20: 1-48).

2. ندم إسرائيل وصُلحهم مع سبط بنيامين (21: 1-25).

+ ويمكن تلخيص فترة حُكْم القضاة في الجدول الآتي لسهولة دراسته: القاضي
والسبط
المرجع

الكتابي الأحداث الرئيسية المضطهِدون مدة

الاضطهاد زمن

الراحة عُثنيئل مـن سبط يهوذا. قــض 1: 11-15؛ يـش 15: 16-19؛ 1أي 4: 13 1. عُثنيئيل ابن أخي كالب بن يَفُنَّة، وصار زوجاً لابنته بعد أن أنقذ إسرائيل من الكنعانيين (1: 13،12).

2. دفع الرب ليده كوشان رشعتايم ملك آرام (3: 10). كوشان رشعتايم ملك آرام. 8 سـنوات (7: 8). 40 سـنة (3: 11). إهود بن جيرا البنياميني. قض 3: 12-4: 1 1. تغلَّب على ملك موآب (3: 22،21).

2. قـاد الشعب لمقاومـة الموآبيين وخلَّص بني إسرائيل (3: 29). عجلون ملك موآب – بنو عمون (3: 13) – عماليق (3: 13). 18 سنة (3: 14). 80 سـنة (3: 30). شمجر بن عناة (لم يُذكَر سبطه). قض 3: 31؛ 5: 6 تغلَّب على الفلسطينيين (3: 31) الفلسطينيون لم تُذكَر لم تُذكَر دبورة (سبط أفرايم)، باراق (سبط نفتالي). قض 4: 1-5: 31؛ عـب 11: 32. 1. دبورة نبية وقاضية، دعت باراق لمساعدتها (4: 4؛ 5: 7).

2. تغلَّبا على سيسرا (4: 13-16).

3. ترنيمة دبورة وباراق (5).

4. باراق صار واحداً من أبطال الإيمان (عب 11: 32). يابين ملك كنعان وسيسرا قائـد الجيش (4: 2). 20 سـنة (4: 3). 40 سـنة (5: 31). جدعون من سبط منسَّى قض 6: 1-8: 32؛ عـب 11: 32. 1. ملاك الرب ظهر لجدعون (6: 11-18). 2. ذبيحة جدعون يقبلها الرب وتلتهمها النار (6: 19-24). 3. جدعون يهدم مذبح البعل الذي لأبيه ويقطع السارية ويُصعِد محرقة على حطب السارية (6: 25-27).

4. جدعون يطلب علامة من الرب بأن الله معه: جزَّة الصوف بها طَلٌّ وجفاف على الأرض، ثم الجزَّة جافة وعلى الأرض طَلٌّ (6: 36: 40). 5. جدعون يُقلِّل عدد الجنود من 32 ألف إلى 300 بأَمْر الرب (7: 2-8)، ويُقسِّمهم إلى ثلاث فرق، وجعل أبواقاً في أيديهم وجراراً فارغة ومصابيح فارغة في وسط الجرار، فهرب جيش الأعداء (7: 16-22). 6. القبض على أميرَي المديانيين: غراب وذئب (7: 24-8: 3). المديانيون (6: 33،3،1؛ 7: 12).

عماليق (6: 33،3؛ 7: 12).

شعب المشرق (6: 33،3؛ 7: 12).

7 سـنوات (6: 1). 40 سـنة (8: 28). القاضي

والسبط المرجع

الكتابي الأحداث الرئيسية المضطهِدون مدة

الاضطهاد زمن

الراحة 7. كما أمسك مَلِكَي مديان: زَبَح وصَلْمُنَّاع، وأزعج كل جيوشهم (8: 12-21). 8. جدعون صنع أُفوداً من ذهب، وهي ملابس كهنوتية، وجعلها في مدينته، فصارت فخّاً لجدعون وبيته وعبدوها (8: 24-27). أبيمالك من سبط منسَّى (ابن لإحدى سريَّات جدعون). قض 8: 33-9: 75؛ 2صم 11: 21 1. أبيمالك سعى من نفسه عند عشيرة بيت أبي أُمه ليتسلَّط عليهم، واستأجر رجالاً بطَّالين ليقتلوا إخوته الذين ليسوا أشقاءه لكي لا يُزاحمه أحد!! (9: 1-5)، فلم يُعيَّن من الله قاضياً. 2. أبيمالك تسبَّب في انقسام بين أهل مدينته وقاموا عليه، فانتقم منهم «فردَّ الله شرَّ أبيمالك الذي فعله بأبيه لقتله إخوته السبعين، وكل شر أهل شكيم ردَّه الله على رؤوسهم»، وقُتل أبيمالك (9: 26-57). حرب أهلية لم تُذكر لم تُذكر تُولع بن فُواة من سبط يسَّاكر. قض 10: 1،2 تُولع ربما من إحدى عائلات يسَّاكر الكبرى (انظر تك 46: 13؛ عدد 26: 23). لم يُذكر حكم إسرائيل 23 سنة (10: 2). يـائـيـر

الجلعادي: جلعاد، منسَّى. قض 10: 3-5 1. يائير ربما كان من سلالة يائير بن منسَّى من أيام موسى ويشوع (عد 32: 41؛ تث 3: 14؛ يش 13: 30؛ 1مل 4: 13؛ 1أي 2: 21). 2. كان له 30 ابناً قضاة متجوِّلون (10: 4). لم يُذكر حكم إسرائيل 22 سنة (10: 3). يفـتــاح:

جلعاد، منسَّى. قض 11: 1-12: 7؛ عب 11: 32 1. يفتاح بن جلعاد من امرأة زانية: طرده إخوته فهرب إلى أرض طوب (11: 23،2). 2. أعاده شيوخ جلعاد وجعلوه ملكاً عليهم في المصفاة (11: 4-11). 3. يفتاح يُرسل رُسلاً إلى ملك عمون قائلاً بأن بني إسرائيل قد ملكوا جلعاد منذ 30 سنة بيد الله، فبعد كل هذه المدة ترغب في استردادي مرة أخرى (11: 26). 4. كان روح الرب على يفتاح، فعَـبَر إلى بني عمون وقهرهم (11: 32-73). 5. نَذَر يفتاح نذراً متهوِّراً أن يُقدِّم للرب مُحرقةً مَن يخرج من بيته عند عودته (11: 31-40). 6. مخاصمة بنو أفرايم ليفتاح لأنه لم يُشركهم في مقاومته لبني عمون، فحدثت بينهم فتـنة (12: 1-6). الفلسطينيون (11: 7).

بنو عمون (11: 4).

بنو أفرايم (12: 4). 18 سـنة (10: 8). حكم إسرائيل 6 سنوات (12: 7). إبصان من بيت لحم (يهـوذا). قض 12: 8-10 1. كان له 30 ابناً و30 ابنة، فأرسل البنات ليتزوَّجن، وأتى بثلاثين بنـتاً لبنيه مما يدلُّ على غناه وعلاقاته. ويذكر التقليد اليهودي أنه بوعز من بيت لحم يهوذا (12: 9). حكم إسرائيل 7 سنوات (12: 9). إيلــون

الزبـولوني قض 12: 12،11 قضى لإسرائيل عشر سنين، ومـات ودُفـن في أيَّلون (12: 12). حكم إسرائيل 10 سنوات (يتبع)

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis