المسيح
-23-


إعداد: الراهب باسيليوس المقاري

الخدمة العلنية للرب يسوع
- 1 -

بعد سَرْد أحداث الميلاد البتولي، بدأت الخدمة العلنية للرب يسوع بمعمودية المسيح على يد يوحنا المعمدان، والتي تبعها مباشرة السَّرْد المُفصَّل لتجربة المسيح المُثلَّثة.

وكانت كل خطوة في خدمة الرب يسوع وإعلاناته وتعاليمه، تُشير بطريقة سرِّية ميستيكية إلى ما سيحدث في أيامه الأخيرة المُزمع حدوثها في أورشليم بعد ثلاث سنوات ونصف.

+ وسنتأمل - أولاً - في كل حَدَثٍ في خدمة الرب يسوع وهو يسير على أرضنا هنا، مُركِّزين على الأخص، على ما يتصل بالتعليم المسيحي الأرثـوذكسي عـن الخلاص، بحسـب المنهج اللاهوتي القبطي خاصةً، والشرقي الأرثوذكسي عامةً. وسنبدأ أولاً بسَرْد:

أحداث طفولة وصُبوَّة يسوع:

الختان، الهروب، الطاعة، النمو

إن طفولة يسوع كانت تزخر بآلامه منذ البداية، وكأنها الخطوات الأولى في طريقه إلى الصليب. فكما سيكون الرب يسوع هدفاً لرفضه وهو على الصليب، فهكذا أيضاً كان منذ طفولته مرفوضاً من السلطات الحكومية في أورشليم:

+ هيرودس يتعقَّبه بقصد قتله، وذلك منذ سماعه من المجوس بخبر ولادة يسوع، ثم هياجه بعد رجوع المجوس إلى بلادهم سرّاً دون أن يرجعوا إليه ليُعرِّفوه بمكان ولادة يسوع (مت 2: 3-16)، ثم كـذلك تملُّك الملك أرخيلاوس على اليهودية، مـا جعل يوسف يتوجَّه - بعد رجوعه من مصر - إلى الجليل بدلاً من اليهودية (مت 2: 22).

+ أما ختان المسيح، فقد كان يرمز إلى موته باعتباره ”سيُقطع“ بجسده من أرض الأحياء على الصليب (إر 11: 19).

+ ثم طاعته الكاملة لمتطلبات الناموس في حياته على الأرض، ما جعله يقبل آلامه حتى الموت: «تعلَّم الطاعة مِمَّا تألم به» (عب 5: 8).

+ إنَّ سَرْد روايات طفولة يسوع في الأناجيل تنقل إلينا رسالةً ومعنًى عميقين لتاريخ الخلاص(1). إنها لم تكن مجرد قصص عادية، بل هي تُذكِّرنا بطفولة يسوع، ثم هي تُشير إلى رجولته بآلامـه وموتـه.

1. ختان يسوع:

لقد كان الانضمام لشعب الله في العهد القديم يتطلَّب ضرورة الالتزام بقداسة الحياة ونَبْذ الخطية.

الختان في شريعة العهد القديم: الختان كان علامة لعهد الله مع إبراهيم (تك 17: 11؛ 17: 7). وكان هذا الطقس إشارة إلى أن المختونين سوف يكون ”يهوه“ ”الله“ وحده إلهاً لهم، وهم يعبدونه ويؤمنون به. ويرمز الختان أصلاً إلى التقديس أي التكريس، أي تخصيص أي شخص للعمل المقدس (مثل تكريس مواد أيضاً: زيت، خبز، ماء، هيكل)؛ هكذا الإنسان يكون مُخصَّصاً لله.

تقديس الحياة البشرية: ومن حيث إنَّ الخطية تصطدم دائماً بالإنسان من خلال العضو المختون، الذي هو وسيلة التوالُد والتي يُصاحبها الشهوة المغروسة في جسد الإنسان، لذلك فقد كان الختان هو الوسيلة لضبط الإنسان لنفسه من الانسياق للخطية، فيصير بعيداً عن الله. لذلك، فإنَّ عملية الختان كانت ترمز لتقديس الإنسان من خلال نزع الجزء الزائد من العضو الذَّكَري الذي كان هدفاً للاستخدام السيِّئ بواسطة الخطية.

+ لذلك، فقد أكَّد القديس بولس الرسول على الختان الروحي وأسماه: «خلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح» (كو 2: 11)، وبالتالي نَزْع جسد الخطية من قلب الإنسان.

ختان القلب: ختان القلب هو تجديد القلب دائماً بالطاعة للوصايا؛ لكي يجعل عناد الإنسان في التعدِّي على وصايا الله المختصَّة بالقداسة، يجعله يتهاوى شيئاً فشيئاً.

+ وحتى في العهد القديم كانت الدعوة إلى ختان القلب، كما وَرَدَ في سفر التثنية (10: 16): ”كرِّسوا قلوبكم للرب (وحرفياً: «اختنوا غُرْلة قلوبكم (للرب)»)“، أي أن تظل كل طاقات وقُوَى الإنسان، تظل مُكرَّسة ومُخصَّصة تماماً ودائماً لطهارة القلب، أي طهارة الإنسان كله، استعداداً لمخاطبة الله والوقوف أمامه، وسماع وصاياه وطاعته. وإلاَّ فإنه في حالة عدم الطهارة يكون الإنسان ”أغلف“ أي غير مختون، أو أُذُنه تصير غلفاء: «ها إنَّ أُذُنهم غلفاء فلا يقدرون أن يَصْغَوْا (لله)» (إر 6: 10). أي أن طقس الختان كـان يعني قديماً وأولاً استجابـة الإنسان بالطاعة لله: «اختتنوا للرب، وانزعوا غُرَل قلوبكم» (إر 4: 4)؛ وهذا المعنى يتردَّد في العهد الجديد: «ختان القلب بالروح، لا بالكتاب، هو الختان. الذي مَدْحُه ليس من الناس بل من الله» (رو 2: 29).

ختان الرب يسوع:

كانت الشريعة تتطلَّب منذ عهد إبراهيم أبي الآباء، وقبل شريعة موسى: «ابن ثمانية أيام يُختن كل ذَكَر في إخوتكم» (تك 17: 12). لذلك، فليس يسوع فقط هو الذي اختتن (لو 2: 21)، بل ويوحنا المعمدان (لو 1: 59)، وبولس الرسول (في 3: 5)، وأيضاً وبالتأكيد كل الرسل اختتنوا في اليوم الثامن من ولادتهم(2).

+ وكَوْن الرب يسوع قد اختُتن، فهذا يُشير إلى الطاعة الكاملة لكل متطلبات ناموس الله(3). وتحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد ختان الرب يسوع في يوم 6 طوبة/ 14 يناير من كل عام، باعتباره عيداً سيِّديّاً يأتي بعد ثمانية أيام من عيد ميلاد ربنا يسوع المسيح.

الختان في المسيح:

الختان في العهد الجديد: لقد صار الختان في العهد الجديد هو العلامة الباطنية الداخلية لبرِّ الإيمان بيسوع المسيح (رو 4: 10-12): «ولكن متى تمَّ له (لإبراهيم) ذلك (أي تبرير إبراهيم)؟ أَقَبْل الختان أم بعده؟ قبل الختان لا بعده. ثم نال الختان علامةً وبرهاناً على أنَّ الله برَّره لإيمانه قبل ختانه. فصار إبراهيم أباً لجميع الذين يُبرِّرهم الله لإيمانهم من غير المختونين، وأباً للمختونين الذين لا يكتفون بختانهم، بل يقتدون بأبينا إبراهيم في إيمانه قبل أن ينال الختان» (الترجمة العربية الجديدة).

فالختان ليس عملاً خارجياً يؤخذ على أنه فضيلة أو فرصة للافتخار (كما كان اليهود يفتخرون به). فبحسب قول بولس الرسول: «بدون طاعة الإيمان، الختان صار غُرْلة (أي عدم الختان)» (رو 2: 25-29). فلا يظن أحد أننا نجني من وراء أي طقس ديني بدون الإيمان أية جدارة أو استحقاقاً شخصياً: «لأنه في المسيح يسوع، لا الختان ينفع شيئاً، ولا الغُرْلة (عدم الختان)، بل الإيمان العامل بالمحبة» (غل 5: 2-6).

+ المعنى الحقيقي للختان هو الذي نعتنقه ونحن نمارس الطقوس الكنسية وأولها سر المعمودية: «مدفونين معه في المعمودية، التي فيها أُقمتُم أيضاً معه بإيمان عمل الله، الذي أقامه من الأموات. وإذ كُنتُم أمواتاً في الخطايا وغَلَف جسدكم (أي عدم ختانتكم)، أحياكم معه، مُسامحاً لكم بجميع الخطايا» (كو 2: 13،12).

تحقيق الختان الروحي في سرِّ المعمودية: إنه فقط في موت المسيح وقيامته، نفهم المعنى الحقيقي للختان الروحي: ففي موت المسيح على الصليب وقيامته، كُنَّا - نحن البشر - فيه مختونين الختانة الروحية، ثم تنتقل إلينا – نحن الذين جئنا والذين سيجيئون في أواخر الدهور - تنتقل الختانة الروحية بالإيمان في سرِّ المعمودية: «مَن آمن واعتمد خَلَص» (مر 16: 16)، «وبه أيضاً خُتنتُم ختاناً غير مصنوع بيدٍ، بخلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح. مدفونين معه في المعمودية...» (كو 2: 12:11)(4). فالدم الذي يُسفك في الختان بالجسد، أصبح يُشير إلى المعمودية التي هي تحقيق خلاصنا بموت المسيح وقيامته في سرِّ المعمودية.

2. تقديم يسوع للهيكل:

تكريس البِكْر لله: في اليوم الأربعين من ولادة يسوع، قدَّمه يوسف ومريم أُمُّه إلى الهيكل ليكون ابناً للعهد الإلهي، وذلك طاعة منهم لشريعة العهد القديم(5). إنَّ الفقر الذي كانت تعيش فيه العائلة المقدسة، جعل أبوَي يسوع غير قادرَيْن على تقديم ”حَمَل“ بل فقط «زوج يمام أو فَرْخَي حمام»، وذلك بحسب شريعة موسى (لا 12: 8).

3. شهادة سمعان الشيخ وحَنَّة بنت فنوئيل:

+ سمعان الشيخ كان أحد شيوخ إسرائيل الذين أوكل إليهم الملك اليوناني ”بطليموس“ الثاني المُلقَّب ”فيلادلفوس“ (285-247 ق.م) ترجمة أسفار العهد القديم، والذي قيل في تقليد قديم إنَّ سمعان الشيخ في ترجمته لنبوَّة إشعياء (7: 14): «ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل»، حاول تغيير كلمة ”العذراء“ إلى ”الفتاة“، لكن القلم الذي كان يكتب به كان ينكسر في كل مرة يحاول ذلك، ثم سمع صوتاً إلهياً بأنه لن يموت قبل أن يُعاين «مسيح الرب (مُعزِّي إسرائيل)» (لو 2: 26) المولود من عذراء. وظل سمعان في شيخوخته ينتظر تحقيق هذه النبوَّة حسبما أُوحي إليه، إلى أن أتى بالطفل يسوع يوسف وأُمه العذراء إلى الهيكل. وهناك أَخَذَه (سمعان) على ذراعيه: «وبارك الله وقال: ”الآن تُطلق عبدك، يا سيد، حسب قولك بسلام، لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك، الذي أعدَدْتَه قُدَّام وجه جميع الشعوب. نـورَ إعـلانٍ للأُمم، ومجداً لشعبك إسرائيـل“. وكـان يـوسف وأُمُّـه يتعجَّبان مِمَّا قيـل فيـه» (لو 2: 25-33).

+ أما النبيَّة الشيخة حَنَّة بنت فنوئيل المتقدِّمة في أيامٍ كثيرة، التي «عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها. وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة»، فكانت «لا تُفارِق الهيكل، عابدةً بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً. فهي في تلك الساعة وقفت تُسبِّح الرب، وتكلَّمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم» (لو 2: 36-38). «ولمَّا أكملوا كل شيء حسب ناموس الرب، رجعوا إلى الجليل إلى مدينتهم الناصرة» (لو 2: 39).

4. الهروب إلى مصر:

يسرد إنجيل متى (2: 13-18) حَدَث هروب يوسف البار والقديسة العذراء مريم والرب يسوع الطفل الوليد، كأسرة لاجئة إلى مصر، هرباً إليها تفادياً لملاحقة هيرودس الملك للطفل يسوع لقتله. وإنَّ الذي قاله الرب يسوع عن نفسه: «وأما ابن الإنسان فليس له أين يُسْنِد رأسه!» (مت 8: 20؛ لو 9: 58)، كان منذ بدء حياته على هذه الأرض، هارباً من ملاحقة السلطات السياسية له في وطنه (مت 2: 13-18).

+ وهذا الهروب والعودة، هو ما قال عنه القديس متى البشير إنه تحقيقٌ لقول النبي هوشع: «مِن مصر دعوتُ ابني» (هو 11: 1؛ مت 2: 15). وهذه المقولة تنطبق أصلاً على بني إسرائيل حينما دعاهم الله على فم موسى النبي للخروج من مصر. ولكن متى البشير رآها مُطابقة أيضاً على رجوع الرب يسوع من مصر ليقوم بإعلان دعوته الماسيَّانية. وقد توجَّهت العائلة المقدسة إلى الناصرة بعد موت هيرودس (الذي كان يتعقَّب الطفل يسوع ليقتله) (مت 2: 19-23).

5. قضاء الفصح في أورشليم،

وأسئلة الصبي يسوع للشيوخ في الهيكل:

يسمع المعلِّمين ويسألهم: في سَرْد لوقا البشير أحداث طفولة وصبوَّة الرب يسوع، كان الصبي يسوع وقد بلغ الثانية عشرة من عمره، «وجداه (يوسف ومريم العذراء) في الهيكل جالساً وسط المعلِّمين يسمعهم ويسألهم»، ويقول إنجيل لوقا: «وكل الذين سمعوه بُهِتُوا من فهمه وأجوبته» (2: 47،46). وفي الواقع كان الصبي يسوع يتكلَّم مع الشيوخ كمَنْ يُعلِّم، ولكن ليس كمَن هو أعلى منهم علماً أو مقاماً، بل بتساؤلاته الهادئة بطريقة: ”تُحفِّزهم وتُنبِّههم ليسألوه عن أمور ليس في مقدورهم أن يعرفوها“(6).

تعلَّم الطاعة: بإنصات الصبي يسوع للمعلِّمين في الهيكل وسؤاله لهم (لو 2: 41-51)، وكما يؤكِّد الإنجيل، كان خاضعاً للظروف الصارمة التي وضعها منهج العقل البشري للتعليم. ويقول الإنجيل، إنهم «بُهتُوا من فهمه وأجوبته». وهذه شهادة على أنَّ الرب يسوع استخدم الكفاءات الذهنية، ولكن تحت إمكانيات الروح القدس. حقّاً لقد كان يخضع للنمو البشري المتدرِّج بقصد أن يُشارك مشاركةً كاملة في كل المراحل الطبيعية المتوازية للنمو الذهني البشري: «وكان الصبي ينمو ويتقوَّى بالروح، ممتلئاً حكمةً، وكانت نعمة الله عليه» (لو 2: 40).

+ وهكذا، فإنَّ الابن الأزلي، كلمة الله، حينما وضع نفسه، صار يُشارِك البشرية في قوانينها الطبيعية. وبهذا تدرَّج من خلال التعلُّم، والدراسة، والإنصات، بيقظةٍ وانتباه، و”متعلَّماً أيضاً الطاعة“ (عب 5: 8)؛ وهكذا تعلَّم بالتدريج في الأقوال الإلهية المقدسة. ثمَّ تدرَّب على صَنْعة النجارة (مر 6: 3): «أليس هذا النجار ابن مريم»؟!

6. كان واعياً لعلاقته البَنَويَّة المتميِّزة:

كانت إجابة الصبي يسوع على والدته: «ولماذا بحثتما عني؟ أَمَا تعرفان أنه يجب أن أكون في بيت أبي» (لو 2: 49 – الترجمة العربية الجديدة). وهذا يعني أنه وهو ما زال صبياً بعد في الثانية عشرة من عمره، كان واعياً لإرساليته المُتميِّزة وعلاقته البنويَّة لله: «أن أكون في بيت أبي»!

7. كان ينمو في القامة والحكمة والنعمة

أمام الله والناس:

الخضوع لوالديه: الطفل يسوع، وهو ابنٌ يتحسَّس بالواجب عليه في علاقته بأبويـه، كـان يُدرك بشريته المتواضعة التي أتى فيها – زمنياً – وهو الله الابن: «ورجع يسوع معهما إلى الناصرة، وكان مُطيعاً لهما» (لو 2: 51 – الترجمة العربية الجديدة).

إنـه من أجل خلاصنا، صار الرب ”خاضعاً للخلائق“، لأنه ”أَخَذَ لنفسه الطبيعة البشرية بكل ما فيها من أحوال وقوانين، ومنها خضوع الصغير لأبويه وطاعته لهما“.

”يسوع كان ينمو“ (لو 2: 52،40). يشرح الآباء هذا الوضع بأن يسوع لم يظهر مرةً واحدة كرجلٍ كامل النمو؛ بل بينما هو طفل – فإذ كان ابن الله قد أخلى ذاته – فقد صار ”يتقدَّم“، لأنه ”إذ أخلى ذاته، كان يسترجع تدريجياً كل ما كان قد أخلى ذاته منه“(7)، ”كان ينمو في قامة النفس، وقد صارت نفسه تكبر بسبب الأعمال الكبيرة والعظيمة التي يعملها“(8).

(يتبع)


(1) Tertullian, On the Flesh of Christ 2; ANF, Vol. III, p. 522.
(2) Origen, On Lude, Hom. XIV.
(3) Justin Martyr, Dialogue with Trypho, 67; ANF, Vol. I, pp. 231-232.
(4) Tertullian, On the Resurrection Flesh XXIII; ANF, Vol. III, p. 561.
(5) Irenaeus, Ag. Her. III.10; ANF, Vol. I, p. 425.
(6) Origen, Luke, Hom. XX.
(7) Origen, Comm. On Jer., Hom. I.7.
(8) Ibid., Lev., Hom. XII.2.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis