أريد أن أشتري معجزة

في يوم من الأيام، وقفت طفلة صغيرة عند باب حجرة أخيها المريض، وهي تتابع الحوار الذي دار بين والديها:
قال الأب: ”ماذا نفعل؟ إنه على أبواب الموت، لابد من إجراء عملية سريعة ونحن لا نملك شيئاً! حياته في خطر! مَن يُنقذ ابننا؟“.

أجابت الأُم والدموع في عينيها: ”الأمر يحتاج إلى معجزة!“.

لم تحتمل الطفلة هذا المنظر، بل انطلقت إلى حجرتها وفتحت حصَّالتها التي كانت تضع فيها ما تبقَّى من مصروفها، وأخذت ما بها وكان جنيهاً ونصف.

لم تستأذن الطفلة والديها، بل بسرعة البرق انطلقت إلى الصيدلية التي بجوار منزلها.

وهناك وجدت الصيدلي يتحدَّث مع أحد العملاء. وإذ طال الحديث بينهما، ولم يهتم الصيدلي بالطفلة التي كانت في الثامنة من عمرها، نقرت بإصبعها على مكتب الصيدلي.


فتطلَّع إليها الصيدلي باستخفاف وسألها: ”ماذا تُريدين؟“.

أجابت: ”معجزة!!“.

في دهشة قال لها الصيدلي: ”ماذا تريدين؟!“.

أجابت: ”أريد أن أشتري معجزة لشفاء أخي“.

في استخفاف قال لها الصيدلي: ”لسنا نبيع معجزات“.

سألته: ”أين أجد المعجزة لأشتريها؟“.

قبل أن يُجيب الصيدلي إذا بالعميل يقول للطفلة: ”كم من المال معكِ؟“.

أجابت: ”معي جنيه ونصف، هو كل ما أملكه“.

ابتسم العميل وسألها: ”لماذا تريدين شراءها؟“.

قالت: ”لأخي المريض“.

فسألها عن أخيها، وعرف منها أنه محتاج إلى عملية في المخ. عندئذٍ مدَّ يده وطلب منها أن تُقدِّم له ما لديها من المال، ثم قال لها: ”إنَّ ثمن المعجزة هو جنيه ونصف“.

انطلق معها العميل، وقد ظنَّت أنه سيذهب معها إلى صيدلية أخرى ليشتري لها المعجزة؛ لكنه سألها عن عنوان بيتها.

وعندما وصل إلى بيتها، تعرَّف هناك على والديها، وحَمَلَ الطفل إلى عيادته. وفي العيادة أجرى للطفل عملية جراحية دقيقة، إذ كان هذا العميل جرَّاحاً متخصِّصاً في مثل هذه الحالات.

وبعد إجراء العملية الجراحية، استعاد الطفل عافيته، وعاد به أبواه إلى البيت، وكان الجميع يلهجون بالشكر لله على عمله معهم.

وحينئذٍ قالت والدة الطفل لوالده: ”نشكر الله الذي أرسل لنا هذا الطبيب في الموعد المناسب لإجراء العملية مجاناً. إنها معجزة!“.

وهنا تدخَّلت الطفلة وقالت لوالدتها: ”لقد دفعتُ للطبيب ثمن المعجزة وأعطيته كل ما أملك، جنيهاً ونصف، فاشتريتُ بها المعجزة“.

احتضنت الأُم ابنتها وأخبرتها عن مفهوم المعجزة، وأنَّ الله هو الذي دبَّر كل هذا لشفاء أخيها. أما ثمن المعجزة فهو حُبها لأخيها وصلاتها مـن أجله، وتقديم كـل مـا لديها مـن أجله.

وبعد هذا الحديث، ركعت الأُسرة كلها، تشكر الله على فضله ونعمته ومعجزاته التي لا تنتهي.

? عزيزي، إنَّ ثمن أي معجزة هو أن تفعل كل ما في استطاعتك، وتترك لله تدبير الأمور.

وهذا هو أيضاً إيمان الطفولة الصادق.

+ + +

+ «إنْ لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات» (مت 18: 3).

+ «دعوا الأولاد يأتون إليَّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات» (مت 19: 14).

+ «الحقَّ أقول لكم: إنَّ مَن قال لهذا الجبل، انتقل وانطرح في البحر، ولا يشكُّ في قلبه، بل يؤمن أنَّ ما يقوله يكون، فمهما قال يكون له» (مر 11: 23).

+ «وأنا أقول لكم: اسألوا تُعْطَوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يُفتح لكم. لأن كل مَن يسأل يأخذ، ومَن يطلب يجد، ومَن يقرع يُفتح له» (لو 11: 10،9).

+ «الحقَّ الحقَّ أقول لكم: إنَّ كلَّ ما طلبتم من الآب باسمي يُعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. اطلبوا تأخذوا، ليكون فرحكم كاملاً» (يو 16: 24،23).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis