دير القديس أنبا مقار الكبير


الأحد الثاني من شهر أمشير
(يو 6: 5-14)


معجزة إشباع الجموع

معجزة إشباع الجموع(1) الكثيرة التي كانت تتبع الرب، تكرَّرت مرتين متتاليتين: في الأولى: أشبع الرب خمسة آلاف رجـل عدا النساء والأولاد من خمسة أرغفة وسمكتين (مت 14: 14-21؛ مر 6: 30-44؛ لو 9: 10-17؛ يو 6: 5-14)؛ وفي الثانية: أشبع أربعة آلاف رجل عـدا النساء والأولاد مـن سبعـة أرغفـة وبعض صغـار السمك (مـت 15: 32-38؛ مـر 8: 1-9)(2).
وفيما يتعلَّق بالمعجزة الأولى - التي نحن بصددها - نُلاحِظ أن النصوص المذكورة في الأناجيل الثلاثة المتناظرة، وإنْ اكتفت بذِكْر المعجزة كإعلان عن لاهوت المسيح وكمال قدرته على إشباع الروح والجسد، تتميَّز بتفاصيل سبقت إجراء المعجزة لم يذكرها إنجيل القديس يوحنا الذي تنفرد روايته(3) بما قاله الرب في اليوم التالي للجموع، وكَشَفَ عن البُعْد الأعمق للمعجزة التي أجراها، ناقلاً فكر الناس من الاهتمام بخبز الجسد إلى شخص يسوع ”الخبز الحي الذي نزل من السماء الذي مَن يأكله يحيا إلى الأبد“ (يو 6: 51).

+ ما قبل المعجزة:

من القراءة المقابلة في البشائر الثلاث الأولى، خاصة إنجيل معلِّمنا مرقس، نعرف أن التلاميذ، بعد أن عادوا من خدمتهم الكرازية، اجتمعوا إلى يسوع يُخبرونه: «بكل شيء، كل ما فعلوا وكل ما علَّموا» (مر 6: 30). بعدها قال لهم الرب مُشفِقاً أن يأتوا معه منفردين ليستريحوا قليلاً خاصة أنه لم تتيسَّر لهم فرصة لأن يأكلوا لكثرة الجموع الآتين والذاهبين. فأبحروا بالسفينة من كفرناحوم إلى موضع خلاء خارج مدينة بيت صيدا(4). على أنَّ الجموع رأوهم ينطلقون وعرفوا وِجهتهم، فتراكضوا إلى هناك حتى سبقوهم وتجمَّعوا في انتظارهم. وما أن وصلت السفينة وخرج يسوع حتى أبصر جمعاً كبيراً. ولكن الرب، رغم أنه قد جاء مع تلاميذه إلى هنا ليختلوا ويستريحوا، لم ينزعج بل قَبِلَهم وتحنَّن عليهم، إذ كان يراهم «كخراف لا راعي لها» (مر 6: 34). وبدأ بأن شفى مرضاهم، وأَخَذَ يُعلِّمهم طويلاً عن ملكوت الله.

لما ابتدأ النهار يميل، تقدَّم الاثنا عشر من الرب وسألوه أن يصرف الجموع، تخلُّصاً من هذا العبء الذي لا طاقة لهم به، لكي يمضوا إلى الضياع والقرى من حولهم ليبيتوا (فكثيرون منهم قادمون من مدن بعيدة للاحتفال بعيد الفصح القريب) وليبتاعوا لهم طعاماً، فالموضع الذي هم فيه خلاء وبعيد عن العمران(5). فقال لهم يسوع: لا حاجة لهم أن يمضوا «أعطوهم أنتم ليأكلوا» (مت 14: 16؛ مر 6: 37؛ لو 9: 13).

وفي قول الرب هذا دعوة لكل المؤمنين أن يسدّوا إعواز المحتاجين كخدمة إيمانية مسيحية وليست اجتماعية، وهو بهذا يُتيح لنا أن ننال بركة برغم أننا لا نملك ما نُعطيه، مُتمثِّلين بالملك داود الذي قال في آخر كلماته لشعبه: «لأنَّ منك الجميع، ومِن يدك أعطيناك» (1أي 29: 14)، كما أنها في المقام الأول دعوة للكنيسة أن تُقدِّم الغذاء الروحي في الكرازة بكلمة الله، وأيضاً أن نُمارِس أعمال الرحمة مع إخوة المسيح الأصاغر كما كان يفعل السيِّد.

+ حوار مع فيلبُّس وأندراوس:

ينفرد إنجيل القديس يوحنا بدوره بهذا الحوار السابق على المعجزة، فنجد الرب، وهو بالطبع عالِم بما قد عزم على فعله، يُخاطب فيلُبُّس ليمتحنه ويُتيح له فرصة ليدعم إيمانه، فيسأله: «مِن أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء (الآلاف)؟». في إجابته يُضيف فيلبُّس إلى مشكلة ”مِن أين؟“ صعوبة جديدة بقوله: «لا يكفيهم خبزٌ بمئتَي دينار ليأخذ كل واحد منهم شيئاً يسيراً»!

هنا قال الرب مُفصِحاً عمَّا ينوي عمله: ”كم رغيفاً عندكم. اذهبوا وانظروا“. ولما سمع أندراوس أَخَذَ يجول هنا وهناك باحثاً عن أرغفة، بعدها قال «هنا غُلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان»(6)، ولكنه أضاف مُعبِّراً عن خيبة أمله: «ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟».

كما نرى، فإيمان أندراوس لم يختلف كثيراً عن إيمان فيلبُّس الذي - رغم المعجزات - لم يبلغ إلى مستوى التجربة. فالحسابات العقلية هي ضد الإيمان، والإيمان بشخص المسيح يتجاوز حدود العقل والمنطق، وإلاَّ لا يكون إيماناً. وفي قصد الرب، وهو مزمِع أن يصنع آيته العظيمة أمام تلاميذه، أن يُنهِض إيمانهم ليروا بأعينهم قدرته التي ستُساندهم في مستقبل الأيام عندما يبدأون كرازتهم للعالم كله.

+ الرب يُبارك في القليل فيُشبع الجميع:

ولكن ما كان في نظر أندراوس كأنه لا شيء، هو ما رآه الرب كافياً لكي يبدأ به. وهكذا لما خاب مسعى الجميع وأعلنوا عجزهم، تأهَّب الرب للعمل قائلاً: «ائتوني بها (الخبزات والسمكتين) إلى هنا» (مت 14: 18)، وأمَرَ التلاميذ أن يُتْكِئوا الجميع على العُشب صفوفاً صفوفاً (أو رفاقـاً رفاقـاً) مئة مئة وخمسين خمسين. ففعلوا كما أمرهم الرب، وأخذ الأرغفة والسمكتين: «ورَفَعَ نظره نحو السماء (وشَكَرَ)(7) وبـاركهُنَّ، ثم كسَّر وأعطى التلاميذ ليُقدِّموا للجمع» (لـو 9: 16) «بقدر ما شاءوا» (يو 6: 11).

فالخبز والسمك كان يتضاعف بين يدَي الرب، والتلاميذ كانوا يأتون ويأخذون ويوزِّعون على الناس، والطعام لم ينفد حتى أكل الجميع وشبعوا(8) (مت 14: 20؛ 15: 37؛ مر 6: 42؛ 8: 8).

نحن نرى التكاثُر في الطبيعة كأحد مظاهر الحياة. فالبذرة تنمو إلى شجرة، وحبة الحنطة تنمو إلى سنابل تمتلئ بحبَّات القمح، وسمكة واحدة يمكن أن تُنتج الآلاف. على أنَّ هذا كله يتطلَّب الوقت والموسم المناسب. ولكن الرب كثَّر خبزاً وسمكاً بما يكفي الآلاف بكلمة منه، فهو الذي «الكل به قد خُلِقَ» (كو 1: 16). والجموع بعد أن تمتَّعت بكلمة الله، ونالت الشفاء، شبعت أيضاً بالطعام حتى امتلأت، والتلاميذ نما إيمانهم بمعلِّمهم واشتركوا في البركة ونالوا امتياز العمل مع الرب (1كو 3: 9).

+ ”اجمعوا الكِسَر“:

في النهاية قال الرب لتلاميذه: «اجمعوا الكِسَر الفاضلة لكي لا يضيع شيء»(9)، فرفعوا منها «اثنتي عشرة قفة مملوءة» (مت 14: 20؛ مر 6: 43). والرب قصد أن نقبل ونُقدِّر كل عطاياه، كثيرها وقليلها. والمهتم بالكِسَر سوف يعتني بالطبع بما هو كامل وكثير. كما أنَّ الكِسَر الصغيرة لما اجتمعت معاً ملأَت اثنتي عشرة قفة. «فالأمين في القليل يُقيمه الله على الكثير» (مت 25: 23،21)، وبقايا الطعام ليست تافهة فهي قد تسدُّ جوع المحتاج. والكنعانية كشفت عن إيمانها ورضاها بالموضع الأخير لمَّا ذَكَرَت أنَّ «الكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها» (مت 15: 27)، ففازت بأن أَخَذَت مِن فم الرب شفاء ابنتها. ومُعلِّمنا بولس يكتب: «تعلَّمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه... في جميع الأشياء قد تدرَّبتُ أن أشبع وأن أجوع، وأن أستفضل وأن أنقُص. أستطيع كل شيء في المسيح الذي يُقوِّيني» (في 4: 11-13).

+ النبي، الملك، المُخلِّص:

الآية الأخيرة في فصل الإنجيل تقول: «فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: ”إنَّ هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم“» (يو 6: 14). ففي أجواء عيد الفصح، الذي كان على الأبواب، استعادت الجموع ذِكْرى تدخُّل الله لإنقاذهم وإخراجهم من مصر، ورأوا في يسوع الذي أشبعهم تحقيقاً لوعد الله القديم على فم موسى أن يُقيم لهم «نبيّاً من إخوتهم»(10) (تث 18: 18). على أنهم، وهم ملتصقون بالأرض، لم يروا فيه المخلِّص الذي ينتزعهم من موت الخطية، وإنما الملك الذي ينقذهم من سطوة المحتل واستبداد هيرودس. ووجدوا أن الظرف مُواتٍ لكي «يختطفوه ليجعلوه مَلِكاً» (يو 6: 15). وإذ يكشف الرب ما جال في خاطرهم، ينصرف حزيناً إلى الجبل وحده. فهو لم يأتِ ليأخذ مُلْكاً على الأرض، وإنما ليكون فصحاً فريداً يدخل بدم نفسه مرة واحدة إلى الأقداس ليصنع فداءً أبدياً (1كو 5: 7؛ عب 9: 12).

+ ملاحظات حول المعجزة:

1. الظروف كلها كانت مضادة. فالجمع كان بالآلاف ومطالبهم كثيرة، والمكان خلاء بعيد، والتكلفة كانت غالية وغائبة، والمتاح في اليد كان قليلاً لا يفي بشيء، كما أنَّ النهار قد بدأ يميل (بما يُشير في حياتنا إلى انحدار القوة والقدرة والعمر وتدهُّور الأحوال من معاناة الوجوه وغياب المعونة). على أنه عندما بلغ العجز أقصاه، توهَّجت قدرة الرب لإشباع الآلاف بقدر ما شاءوا. هذا يملأنا بالإيمان بالله والثقة في قدرته، خاصة عندما تتصاعب الظروف جداً ويُناوئنا الجميع أو ينفضُّون عنَّا، فهو الوقت المناسب لتدخُّل الرب، وعلينا فقط أن ننتظره واثقين.

2. لماذا استخدم الرب الخمس خبزات والسمكتين كي يُطعِم الجموع، ألم يكُن قادراً - وهو الذي أقام الموتى - أن يُنشئ طعاماً للآلاف من العدم؟ ربما كان القصد أن يؤدِّي البشر واجبهم وأن يُقدِّموا أقصى ما عندهم مهما كان قليلاً كالعبد الأمين الذي يستثمر وزناته بقدر ما أُوتي من قوة وهبات، فلا يركن إلى الكسل معتمداً كلِّياً على الله، لا لأنه يؤمن بقدرته وإنما كي يعفي نفسه من الجهد. والرب عندما وضع آدم في جنة عدن، كلَّفه ”أن يعملها ويحفظها“ (تك 2: 15). فالثمار لا تأتي عشوائياً وإنما بالغرس والسَّقْي حتى وإن كان «الله الذي يُنْمِي» (1كو 3: 7). والعبد الذي دفن وزنته في الأرض، دعاه الرب بالعبد الشرير والكسلان والبطَّال، ونفَّذ فيه عقابه (مت 25: 30،26).

3. الله قادر أن يُبارِك في القليل فيفيض. وفي القديم بارك الله - على يد إيليا - في ملء كف الدقيق والزيت القليل الذي لأرملة صرفة صيدون، فجعل الدقيق لا يفرغ والزيت لا ينقص إلى اليوم الذي نزل فيه المطر (1مل 17: 4). والأرملة التي هدَّدها دائن زوجها أن يأخذ ابنيها عبدَيْن مقابل الدين، لما استنجدت بأليشع ملأ الله أوعيتها وأوعية الجيران بالزيت فسددت دينها (2مل 4: 1-7). وفي أيام أليشع أيضاً فإنَّ عشرين رغيفاً من خبز الباكورة كفت مائة رجل «أكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب» (2مل 4: 42-44).

فلنُقدِّم ما عندنا من إمكانات محدودة وهو يستثمرها لمجده. فهو قادر أن يسدَّ بعطائنا القليل إعواز الكثيرين. وهو رأى فلْسَي الأرملة أكثر ممَّا أعطى الأغنياء لأنها من إعوازها أعطت (لو 21: 1-4). وهو الذي طلب ألاَّ نحتقر الصغار (مت 18: 10)، وأنَّ مَن يُقدِّم كأس ماء بارد لا يضيع أجره (مت 10: 42) (ومثله كلمة التعزية وابتسامة التشجيع).

4. الله يتقدَّم منَّا كأنه محتاج، وهذا من نِعَمه علينا لأنه يُتيح لنا الفرصة أن نشترك معه، وأن يُقدِّس ما لنا ويستخدمه لمجد اسمه. فهو أَخَذ جسده من العذراء، والسفينة من بطرس، والأموال من يونَّا وسوسنة وغيرهما (لو 8: 3)، والأتان من صاحبه (مت 21: 3؛ مر 11: 3؛ لو 19: 31)، والعلِّية من رب البيت (مت 26: 18؛ مر 14: 15،14؛ لو 22: 14)، والقبر من يوسف الرامي (يو 19: 41).

وفي حياتنا الروحية هو يفيض بنعمته المجانية علينا، ولكن لابد من إيماننا العامل في جهادنا. وهو عندما طلب أن نحمل نِيره علينا، فهو هنا الشريك الأقوى بما لا يُقاس، ولهذا يصير نِيره هيِّناً علينا (مت 11: 30،29). وهو في النهاية يُكافئنا كإنما كنَّا نحمل أثقالنا وحدنا، فقط لأننا كنَّا أُمناء وقدَّمنا ما نستطيع ”قدر الطاقة“ (مت 25: 5).

5. طلب الرب أن يتَّكئ الآلاف فرقاً فرقاً، ويأتيهم الطعام وهم جلوس في أماكنهم. وهكذا تمَّ كل شيء في هدوء وأَكَلَ الجميع وشبعوا دون تزاحُم وهرج بما مجَّد الله. فإلهنا طيِّب ومتضع، ولكنه أيضاً ”إله سلام (ونظام وترتيب)، وليس إله تشويش“ (1كو 14: 33). وهذا ما ينبغي الالتزام به في كل اجتماعاتنا، سواء أثناء القدَّاسات وصلوات سرِّ الزيجة، أو الاجتماعات وفصول الخدمة. ولنتذكَّر أنه لما غاب الشعور بحضور الله في الهيكل، وتحوَّل إلى سوق التجارة؛ تدخَّل الرب وقد أخذته الغيرة على بيته وطرد الجميع (مت 21: 12؛ مر 11: 16،15؛ لو 19: 46؛ يو 2: 15).

+ عند المسيح، كانت المعجزات والأحداث كأنها أيضاً أمثال ترمي إلى معانٍ أبعد وأعمق مما تبدو. فلقاؤه مع السامرية الذي بدأ بطلب الماء ليشرب، انتهى بأن قدَّم نفسه كمُعطي ”الماء الحي“ الذي مَن يشرب منه لن يعطش إلى الأبد (يو 4: 14)، وقبل أن يفتح عينَي الأعمي قال: «ما دمتُ في العالم فأنا نور العالم» (يو 9: 5)، وفي مجيئه ليُقيم لعازر قال: «أنا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو 11: 25).

وفي هذه المعجزة، بعد أن أشبع الرب الآلاف من خمس خبزات وسمكتين، قال عن نفسه: «أنا هو خبز الحياة. مَن يُقبل إليَّ فلا يجوع، ومَن يؤمن بي فلا يعطش أبداً» (يو 6: 35). وهو في موعظة الجبل طوَّب الجياع والعطاش إلى البرِّ (مت 5: 6) وليس إلى لقمة العيش وأمور الجسد. فهو الإله الغَني الرحيم الذي يُشرق شمسه ويفيض بخيراته بغير تمييز على الكل أشراراً وصالحين. ومِن ثمَّ فهو يدعونا، كأولاد الله، أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره، ولا ننشغل بأمور الجسد، فهذه كلها تُزاد لنا (مت 6: 33). وليكن ناموس حياتنا كلماته التي قالها بعد معجزة الخبز: «اعملوا لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية» (يو 6: 27).

دكتور جميل نجيب سليمان

(1) فصل إنجيل الأحد الثاني من شهر أمشير يُسمَّى ”إنجيل البركة“، وهو أيضاً إنجيل القدَّاس لأيِّ أحد خامس في الشهر القبطي إذا وافق اليوم الثلاثين. والأجزاء التالية من نفس الأصحاح هي إنجيلا قدَّاسي الأحد الأول والثالث من شهر أمشير.
(2) أشار الرب إلى المعجزتين في معرض لومه تلاميذه على عدم إيمانهم عندما تذكَّروا أنهم لم يأخذوا معهم خبزاً في السفينة، فاضطربوا رغم وجوده معهم.
(3) معجزة إشباع الجموع تتوسَّط آيات الرب السبع التي وردت في إنجيل يوحنا، فيسبقها ثلاث: عُرس قانا الجليل، شفاء ابن خادم الملك، شفاء مفلوج بِركة بيت حسدا؛ ويليها ثلاث: السير على الماء، تفتيح عينَي الأعمى، إقامة لعازر.
(4) ”بيت صيدا“ معناها بيت الصيد أو الصيَّادين، وتقع شمال شرق البحيرة، مقابل كفرناحوم على الشاطئ الشمالي الغربي، وتُسمَّى الآن ”التل“.
(5) في المعجزة الثانية، يذكر الكتاب أنَّ الرب نظر إلى الجموع: «وقال: إني أُشفق على الجمع، لأن الآن لهم ثلاثة أيام يمكثون معي وليس لهم ما يأكلون. ولستُ أُريد أن أصرفهم صائمين لئلا يُخَوِّرُوا في الطريق. فقال له تلاميذه: مِن أين لنا في البريـة خبزٌ بهذا المقدار، حتى يُشْبِعَ جمعاً هـذا عدده» (مت 15: 33،32).
(6) أرغفة الشعير هي خبز الفقراء، والسمكتان هما من صغار السمك (مت 15: 34؛ مر 8: 7) المُملَّح كعادة أهل السواحل في حِفْظ الأسماك.
(7) ينفرد إنجيل يوحنا بأنَّ الرب «شَكَرَ» (الآب)، وتأتي الكلمة هنا بلفظها السرائري، ويُقابلها اللفظ العبري Berekeh بمعنى ”بارك“ التي استخدمها باقي البشيرين. وأن يأخذ الرب خبزاً ويشكر ويُبارك ويكسر (يقسم) ويُوزِّع على التلاميذ (يو 6: 11)، يستبق الاحتفال الإفخارستي ليلة الصليب، كما أنَّ فيه مُشابهة مع إطعام الرب شعبه في البرية (خر 16).
(8) في المزامير: «تفتح يدك فتُشبع كل حي رضى» (مز 145: 16)، «أمامك شِبَع سرور. في يمينك نِعَمٌ إلى الأبد» (مز 16: 11). وفي تسبحة العذراء: «أشبع الجياع خيرات، وصرف الأغنياء فارغين» (لو 1: 53).
(9) إشارة إلى أنه يحمل سمات الخبز الإفخارستي، كما يجري بعد التناول. والشرقيون، وضمنهم الأقباط، تعلَّموا من هذه المعجزة الحرص على لقمة الخبز والبقايا باعتبارها نعمة من الله.
(10) وهو الوعد الذي أشار معلِّمنا بطرس (أع 3: 22) والقديس اسطفانوس (أع 7: 37) أنه تحقَّق في شخص الرب.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis