مفاهيم كتابية



قضية الحرية
- 3 -

+ في الجزئين السابقين من هذا المقال (نوفمبر 2017 - ص 39؛ ديسمبر 2017 - ص 35) عرضنا للمفهوم العام للحرية، وكيف ساد نظام السادة والعبيد منذ أيام الآبـاء. ولما جاء الناموس حثَّ على حُسْن مُعاملة العبيد. وجاء ذِكْر العبيد أيضاً في أحداث العهد الجديد وأمثال المسيح الذي أَخَذَ هو صورة العبد، وكَشَفَ لنا عـن الحرية الحقيقية، وأنَّ مَـن يفعل الخطية فهو عبدٌ للخطية. وذكرنا كيف يُستَعْبَد الإنسان لذاته أو للناس أو للعالم والمال أو للطقس والشكل، أو لهذه كلها، أي يكون حُرّاً بالاسم بينما هو في حقيقته عبدٌ لإبليس.

+ المسيح يُحرِّرنا:

الإنسان عاجزٌ وحـده عـن التحرُّر من أَسْر إبليس، أو الهرب من الفساد والشهوة. بعيداً عن الله، هو عبدٌ ذليل أمام الخطية، وحتى لو أراد الفِكَاك من قيودهـا، فهـو بنفسـه لا يستطيع: «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَـدُوا مَعاً. لَيْسَ مَـنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (مز 14: 3،1؛ رو 3: 12).

+ المسيح جاء لخلاص الإنسان وتحريره من عبوديـة إبليس والموت (عب 2: 10)، بتجسُّده كإنسانٍ «مُجرَّب في كلِّ شيء مثلنا» ولكن بغير خطيتنا (عب 4: 15)، «قـدوس بـلا شرٍّ ولا دنس» (غب 7: 26)، «وأطـاع حتى المـوت، موت الصليب» (في 2: 8)، «لكي لا يهلك كـل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 3: 16). وهكـذا أعلن الرب لنا: «إن حرَّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً» (يو 8: 32).

+ بموت المسيح وقيامته تَمَّ الخلاص؛ وبالإيمان به، تحرَّرنا. لم نَعُد بعد عبيداً بل صرنا أولاد الله (رو 8: 16؛ غل 4: 7)، وهو بشَّرنا بموقفنا الجديد عنـده: «لاَ أَعُـودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِـنْ أَبِي» (يو 15: 15). نعم، كُنَّا عبيداً للخطية وأحراراً مـن البرِّ، وإذ أعتقنا المسيح مـن الخطية، صرنـا عبيداً للبرِّ والقداسة (رو 6: 18،17)، وأَخَذْنـا «رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: ”يَا أَبَا الآبُ“» (رو 8: 15).

+ الخلاص هـو النجاة من الأَسْر والضيقة، وهـو التحـرُّر مـن القيود والعبوديـة والمذلَّة والهموم، مـن عبادة الذات والجسد، مـن عبادة الناس، مـن عبادة العالم والمال والأشياء الميتة، ومـن العبادة الشكلية بـالشفاه والجسد والحرف، وليس بالروح ومن القلب.

+ بالنعمة نولَـد مـن فـوق (يو 3: 7،3)، وبالمعمودية نُصلَب ونموت ونقوم مع المسيح في حياةٍ جديـدة: «أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُـلَّ مَـنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَـا لِمَوْتِـهِ؟ فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِـنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟... عَالِمِينَ هـذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَـدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَـدُ أَيْضـاً لِلْخَطِيَّـةِ» (رو 6: 6،4،3)، «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي المَعْمُودِيَّـةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ الَّذِي أَقَامَـهُ مِـنَ الأَمْوَاتِ» (كو 2: 12)، «مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَـلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَـةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ» (1بط 1: 23).

+ مـن الطبيعي في البالغـين أن يسبق الإيمان المعمودية بحسب القول الإلهي: «مَـن آمن واعتمد خَلَصَ» (مـر 16: 16)، بمعنى قبـول المسـيح مُخلِّصاً، ومِن ثمَّ يبدأ المؤمن حياته الجديدة من فوق بالروح القدس في المعموديـة، مُتحـرِّراً مـن حياة الخطية. ولكن الأطفال والصغار يعتمدون أولاً فينالوا الولادة الجديدة؛ على أنه يصير مُحتَّّماً، عند بلوغهم، إعلان إيمانهم وانتمائهم للمُخلِّص لتفعيل خلاصهم، وإن كان الإيمان هو أيضاً عطية الله: «لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْ لاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ» (أف 2: 9،8).

+ في الـروح القـدس تنضبط النفـس: إرادةً ونوازع، وبـإيماننا نغلب العالم (1يو 5: 4) الـذي يقف الصليب بيننا وبينه عـازلاً ومـانعاً (غل 6: 14)، كما غَلَبـه الـرب لنـا (يو 16: 23)، ودان إبليس رئيسـه (يو 14: 30؛ 16: 11)، فلا تلقى رسائله صدًى في قلوبنا، وإذ نُقاوم إبليس، راسخين في الإيمان بغير تراجع، يهرب منَّا (يع 4: 7؛ 1بط 5: 9)، والوصية لا تعود ثقيلة (1يو 5: 3)، لأن الله يصير هو العامل فينا أن نريد وأن نعمل (في 2: 13)، وبدونه لن نقدر أن نفعل شيئاً (يو 15: 4).

+ سمات الحرية المسيحية:

للسالكين في «حرية مجد أولاد الله» (رو 8: 21) سماتهم. فالذين حرَّرهم المسيح تغيَّرت حياتهم حقيقةً عمَّا كانوا عليه أيام العبودية، وإلاَّ كانت هذه الحرية وهماً، فإنَّ «أولاد الله ظاهرون» (1يو 3: 10).

+ لقد تراجعت الذات، ولم يَعُد الاتِّكال عليها بل على الله الذي صار سيِّد الحياة وقائدها، وفيه تُحتَمَل الآلام، وتعبُر التجارب التي يُثيرها عدو الخير. تحرَّر المؤمنون مـن التوجُّس مـن جهـة الغد والمصير، فـأبديتهم محفوظة في يدَي المُخلِّص الذي آمنوا بـه وسلَّموه حياتهم، وتحوَّلت أهداف الحياة عـن أمـور الجسد والعالم (غِنًى، رفاهية، مجد، قوَّة، مكاناً أول)، ولم تَعُد لهم هنا مدينة باقية بـل ناظرين إلى مـا لا يُرَى، حيث الملكوت الأبدي ورِفْعة المسيح في المجد.

+ و«الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» (غـل 5: 24). لقـد تغيَّر إنسانهم الباطن، فصـاروا ينزعـون إلى الخير ويأبون الشر تلقائياً بالروح الساكن فيهم. صاروا أقويـاء وكلمـة الله ثابتـة فيهم (1يو 2: 14)، وقادرين بالنعمة على الجهاد لضبط النفس وقَمْع الجسـد (1كـو 9: 27،25). صـار ردُّ فعلهم المبدئي على دعوة إبليس: شهوةً أو اختلاساً لمال أو خيانةً أو غشّاً أو انحيازاً، هو الرفض القاطع بغير مساومة أو تحايُـل، حتى لـو لم يَرَهم أو يسمعهم أحدٌ، وليس خوفاً من الفضيحة أو السقوط في عيون الآخريـن أو الوقوع في يـد القانون، وإنما محبة لله وطاعة للوصية. وإن ضعفوا يوماً وخضعوا للعدو فسرعان ما يفيقون من سقوطهم ويهرعون إلى المُخلِّص بالتوبة. فالقداسة صارت طبيعتهم، وصمودهم أمـام الإغراء هـو الجديد الذي صار لهم عندما تحرَّروا بالمسيح.

+ بالنعمة خرج المؤمنون من ذواتهم إلى الله والقريب: محبةً واتضاعاً وخدمةً وعطاءً وصبراً واحتمالاً وتسامُحاً وغُفرانـاً وتحنُّناً على الضعفاء، تمثُّلاً بسيِّدهم (مت 11: 29)، وتجرُّداً من الانغلاق والتعصُّب والطائفيـة. صـار الحب سهلاً والخدمة طوعية يُصاحبها الفرح الذي يُلاشي التعب، يُساندهم وجه المسيح وكلمة الإنجيل: «فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ» (مت 7: 12؛ لو 6: 31)؛ «وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْكَرَامَةِ» (رو 12: 10)؛ «اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَـذَا تَمِّمُوا نَامُـوسَ الْمَسِيحِ» (غل 6: 2)؛ «لاَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَـا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُـلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ» (1كو 10: 24؛ في 2: 4).

قبل اهتدائه، كان الرسول بولس مُتشدِّداً قاسي القلب. كـان يسوق المؤمنين مـن بيوتهم إلى السجون، وكـان راضياً بقتل استفانوس (أع 7: 58؛ 8: 1). ولكنه لما عرف المسيح وتحرَّر من قيود التعصُّب، حَسِبَ كل ما كان له ربحاً خسارة ونفاية (في 3: 8،7)، ولم تَعُد نفسه غالية عنده. وصار هدف حياته أن يُتمِّم سعيه ويشهد ببشارة نعمة الله (أع 20: 24). وفي النهاية قدَّم حياته رخيصة حُبّاً لمَن مات من أجله. ومثله كل شهيد لم يَضِنَّ بحياته من أجل الإيمان بالمسيح.

+ بعـد الاستهتار والاستباحـة اللتين كان يتَّسم بهما السلوك قبل تسليم الحياة للمسيح، صار الغالب بعد الإيمان والتحرُّر هـو التدقيق في كـلِّ نشاط روحي أو جسدي، مـع الحرص والتروِّي والسهر «لا كجهلاء بل كحكماء» (أف 5: 15)، بمعنى أنَّ التدقيق لـن ينحصر في القشور والشكليات كما كان الذيـن يُعشِّرون النعنع والسذَّاب والكمون ويتركون «أَثْقَـلَ النَّامُوسَ: الْحَـقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ» (مت 23: 23؛ لـو 11: 42)؛ كما لـن يكون مَرَضياً يحفل بالوسوسـة والشعور الـدائم بالذنب. التدقيق علامة الجدِّيـة والالتزام وضبط النفس، وهو ربما تطلَّب بعض الجهد في البدايـة، ولكنه يصير مـع الوقت طابع السلوك والحواس.

+ في حياة الجسد، يكون إرضاء الناس غايـة. هكـذا يغلب على النفس الريـاء والتملُّق والنفعية والكذب والتغرُّب عن الحقِّ. في حرية المسيح، ومع تغيُّر موازيـن القوة، يمتلئ المؤمن بالثقة في إلهه ويتعالى موقع الحق ليصير هو الفيصل في التعامُل مع الناس دون خوف المواجهة: «وتعرفون الحق والحق يُحرِّركم» (يو 8: 32): فلا مُحاباة (1تي 5: 21؛ يع 2: 1)، أو تنازُل عـن المبادئ كي يحوز المؤمن قبول الناس: «أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟... اخْرُجُوا مِـنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُـوا، يَقُـولُ الرَّبُّ» (2كـو 6: 17،14). والمؤمن، مع الحقِّ، يكتسب قوَّةً، ولـن ينزلق إلى الكذب لأنه ضعفٌ يهين النفس المؤمنة: «لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ» (كو 3: 10،9).

+ أهل العالم يحبون العالم ويُكدِّسون المال بغير شبع، ويَـرَوْنَ فيه سيِّدهم وقوَّتهم. الذيـن يقبلون المسيح تتغيَّر نظرتهم، فـالعالم الحاضر سيَفْنَى يوماً، و«لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَـةٌ، لكِنَّنَـا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ» (عب 13: 14). والعالم بالنسبة لهم هو مجال محبتهم وخدمتهم كما أحبه الله وبَـذَل ابنه الوحيد لإنقاذ مَن يؤمن به من الهلاك الأبدي (يو3: 16)، والمال خادمٌ لهم يملكونـه وليس سيِّداً يملكهم، وهـو ليس للاقتناء والطمع لتأمين الحياة. فكفايتهم هي ”مـن الله“ (2كو 3: 5)، وهم مكتفـون بما عندهم (في 4: 11؛ عب 13: 5)، ويعطون بسخاء (رو 12: 8)، وبسرور (2كو 9: 7). هكذا يصير المال أداة للخير والبناء والعطاء. عندمـا سلَّم زكَّـا العشَّار حياتـه للمسيح تصاغرت قيمة المال في عينيه، وفي لحظةٍ واحـدة أعطى نصف أمواله للمساكين وعـوَّض كـل مَـن ظلمهم أربعـة أضعاف (لو 19: 8). هـذا إشارة ساطعة على التحرُّر من سطوة المال.

+ في المسيح يسوع، تتحـرَّر العبادة مـن اعتيادها وشكليتها كنشاطٍ جسدي خارجي ليقتادها الروح وتَصدر من القلب. في لقاء المسيح مع السامرية، بَـدَا أنَّ ما كان يشغل بالها هو مكان السجود: جبل السامرة أم هيكل أورشليم! فقال لها الرب: «اللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يو 4: 24).

+ لكي نثبت في الحرية:

يُحـذِّر الكتاب المؤمنين الذين ذاقوا الحرية في المسيح أن يثبتوا فيها وألاَّ يرتبكوا ثانيةً بنِير العبودية (غل 5: 1)، ذلك أنَّ إبليس عدونـا لـن يهدأ كي يستعيد الذيـن انفلتوا مـن قيـوده (1بط 5: 8). والأخطار التي تتهدَّد المؤمنين، والتي يُثيرها عـدو الخير، كثيرة ولا تتوقَّف: كأن يتخلَّى المؤمن عـن أسلحة قوَّتـه (أف 6: 11) وتُجهده المقاومة، أو تُهاجمه أفكـار الماضي سـاعة ضعفه، أو تتستَّر الشهوة الخادعة لتستولي عليه من جديد، أو بعد أن ذاق الحياة الجديدة يتحوَّل إلى العبادة الآليَّة والحرفية وازدواج الحياة، أو يُداخِله الخوف أمام الاضطهاد، أو يرتـد إلى ذاتـه ويُجاهد بالجسد فيضطرب أمام التجـارب. ولا ننسى كيف أنَّ بني إسرائيل بعـد خروجهم من مصر بذراعٍ رفيعة، عادوا يترحَّمون على أيام العبودية حيث قدور اللحم (خر 16: 3)!

والثبوت في الحرية «التي قـد حرَّرنـا المسيح بها» هو مُحصِّلة شركة العمل بين الله والمؤمنين. فمِـن فوق مـن عند أبي الأنوار تنزل كـل عطية صالحة وكل موهبة تامة (يع 1: 16)، ولكن يلزم أن تقابلها إرادة قوية طائعة تستجيب ولا تُقاوم، تُلقي بكل ثقلها على الله الذي يُعطي بسخاء ولا يُعيِّر (يع 1: 15)، وأسلحتها هي الصلاة وطلب المعونة من فوق، واللهج في كلمة الله التي هي سيف الروح (أف 6: 17) وقت التجربـة والسراج المُنير وسط الظلام، وشركـة الجسد والـدم فيثبت المسيح فينا ونثبت فيـه، والتوبـة الصادقـة التي هي وسيلة التصحيح والبدء الجديـد، وأن نذكُر دومـاً ماذا كُنَّا عليه قبلاً، ومـاذا أصبحنا فيه! كي نمسك بالحياة الجديـدة، ولا نعود - بعد أن اغتسلنا - إلى مَرَاغة الحمأة (2بط 2: 22).

دكتور جميل نجيب سليمان

(الكنيسة وقضية العبيد - ختام المقال العدد القادم)

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis