دراسة الكتاب المقدس


مقدِّمات الأسفار
- 5 -
أسفار العهد القديم

(تابع) شهادات تاريخية بقانونية أسفار العهد القديم:

ثانياً: شهادة المجامع اليهودية بقانونية أسفار العهد القديم:

ذكرنا في المقال السابق (عدد ديسمبر 2014، ص 28)، أولاً: شهادة المؤرِّخ اليهودي يوسيفوس في القرن الأول الميلادي في كتابه: ”ضد أبيون 1: 8“، حيث ذَكَرَ قائمة كاملة بالأسفار المقدسة القانونية الاثنين والعشرين.

وفي أواخر القرن المسيحي الأول (90م) أقرَّ المجمع اليهودي بمدينة يمنيا قانونية الأسفار الاثنين والعشرين التي يشتمل عليها الكتاب المقدس العبري. ويوجد تقليد يهودي متأخِّر ينسب تكوين قانون العهد القديم - بالنسبة للقسمَيْن الأول والثاني على الأقل (الناموس والأنبياء) - إلى مجمع السنهدريم الأكبر الذي أسَّسه عزرا الكاتب، وكان يتكوَّن من كبار مشايخ إسرائيل، وقد ظلَّ هذا المجمع قائماً حتى أيام سمعان القاضي الذي عاش في منتصف القرن الأول قبل الميلاد. وتدلُّنا هذه الرواية على أن قبول الكتب ضمن قانون الكتاب المقدس ليس عملاً فردياً يضطلع به قلة من الشخصيات مهما علا شأنهم، ولكنه مسئولية الكنيسة كلها مُمثَّلةً في أجيالها المتعاقبة من القادة الروحيين.

وعلى هذا الأساس نستطيع أن نُقرِّر أنه حتى الكَتَبَة والفرِّيسيون الذين جلسوا على كرسي موسى لم يُتركوا بدون إشراف الروح القدس وتوجيهه، وأنَّ المسيحيين لا يحتاجون إلى دليل على قانونية أسفار العهد القديم أعظم من القبول الفعلي لها بواسطة الرب يسوع ورسله القدِّيسين.

ثالثاً: شهادة الترجمة السبعينية اليونانية للعهد القديم:

لم يعرف المؤمنون الآتون من الأُمم والمنضمُّون للكنيسة المسيحية كُتُب العهد القديم إلاَّ من الترجمة اليونانية لهذه الأسفار المعروفة بالترجمة السبعينية، والتي تشمل كُتُباً متأخِّرة أيضاً - يرجع بعضها إلى أصل يوناني، والبعض الآخر إلى أصل عبري - وهي التي وَرَدَ ذِكْرها من قبل. ولقد اقتبس الرسل الذين كتبوا أسفار العهد الجديد من الترجمة السبعينية للعهد القديم، ومن الأسفار القانونية الثانية التي لم تكن مُدرَجة ضمن القانون العبري. ولعل السبب في ذلك هو أنَّ أغلب كتاباتهم كانت مُوجَّهة إلى اليونانيين أو إلى اليهود الذين في الشتات المتكلِّمين باليونانية، الذين يُدعَوْنَ بالهيللينيين.

وفي العصر ما بعد الرسولي نجد صدى لكُتب طوبيت ويهوديت ويشوع بن سيراخ في كتاباتهم، مثل: ”تعاليم الرسل“ و”رسالة كليمندس“. وقد أشار القديس إيرينيئوس إلى تكملة سفر دانيال واقتبس من باروخ تحت اسم ”إرميا“. وفي الجيل التالي، اقتبس كليمندس الإسكندري من هذه الأسفار باعتبارها أسفاراً مُقدَّسة. إلاَّ أنه في بعض المناطق كفلسطين، كانت كُتب القانون العبري متفوِّقة على ما سواها منذ البداية. فقد ذَكَرَ ميليتو أسقف مدينة ساردس (170م) قائمة بالكتب القانونية للعهد القديم، والذي يؤكِّد أن ذلك ثمرة بحثه الشخصي في الشرق، وهي متَّفقة تماماً مع القانون العبري إلاَّ من حيث حذفه لسفر أستير. ولكنه تجاهَل تماماً الكتب التي أُضيفت في الترجمة السبعينية. وقـد ذَكَرَ ميليتو أسماء هـذه الكتب اليونانية وبالترتيب اليوناني، مما يدلُّنا على أنه استخرج بياناته من النُّسَخ الفلسطينية للكتاب المقدس وليس من النُّسَخ الإسكندرانية.

وفي الكنيسة اللاتينية أنكر العلاَّمة جيروم (329-420م) بوضوح في كتابه الشهير: ”Prologus Galeatus“ قانونية الكُتب التي أُضيفت على القانون العبري في الترجمة اليونانية، وهو أول مَن دعاها باسم ”أبوكريفا“، وهي كلمة يونانية معناها: ”كُتُب سرِّية“، ويُقصَد بها عادةً التعبير عن الغموض الذي يُحيط بأصلها. إلاَّ أنَّ الكنيسة اللاتينية لم تأخذ برأيه، ففي مجمع قرطاجنَّة سنة 397م قَبِلَت الكنيسة الإفريقية جزءاً كبيراً من كُتب الأبوكريفا. وقد حازت هذه الكتب في العصور الوسطى كثيراً من الانتشار والتقدير الشعبي. أما الرأي الأرثوذكسي لكنيسة الإسكندرية في هذا الأمر، فيُعلنه القديس أثناسيوس الرسولي البابا العشرون في القرن الرابع الميلادي، مُعتَبِراً كُتب الأبوكريفا في مرتبة الكتب القانونية الثانية النافعة والجديرة بالقراءة.

الله كما استُعلِن في العهد القديم(1):

هذه خلاصة مقال للأب متى المسكين يُقدِّم خطوطاً عريضة وتصوُّراً عاماً لمعاملات الله واستعلانه لأنبيائه وقدِّيسيه في العهد القديم، يلزم للقارئ أن يستوعبها جيداً من أجل فهم سليم لتدابير الله في العهد القديم. وإليك خلاصة المقال:

1. الله كقانون:

العهد القديم كله يُعلِن الله قادراً على كل شيء قدرةً لانهائية ممتدَّة على طول المدى والزمن، لا يحدُّها فكر الإنسان، ولا تضبطها أو تقيسها أية قوة أخرى. فالله يأخذ صفة ”القادر“ أَخْذاً مُطلقاً لتصير له هذه الصفة اسماً، فهو ”القدير“ (تك 17: 1).

ولكن، في نفس الوقت، يوضِّح العهد القديم كيف يمكن التنبُّؤ دائماً بما سيعمله الله. فقدرة الله بالرغم من أنها فائقة، فهي معقولة ومنطقية لا تتعارَض أبداً مع أمانته أو تُخالِف محبته أو تتجاوز رحمته: «الربُّ بطيء الغضب وعظيم القدرة، ولكنه لا يُبَرِّئ البتَّة... صالحٌ هو الربُّ، حِصْنٌ في يوم الضيق، وهو يعرف المتوكِّلين عليه. ولكن بطوفان عابر يصنع هلاكاً تاماً لموضعها، وأعداؤه يتبعهم ظلامٌ» (ناحوم 1: 8،7،3). فأعمال الله كلها فائقة على كل ما يتصوَّره الإنسان، ولكن بالرغم من ذلك يستطيع الإنسان أن يثق فيها ولا يخاف منها، بل ويمكن أن يعتمد عليها وينتظرها ويتعامَل معها، فيتحقَّق من صدقها ودقَّتها، فتبدو مُبدِعةً على قدر مـا هي مُخيفة: «الله ملجأ وقوة، عوناً في الضيقات وُجِدَ شديداً» (مز 46: 1)، ولكن «مُخيفٌ هو الوقوع في يدَي الله الحي» (عب 10: 31).

كما أنَّ الله لا يتغيَّر قط في كل ما يقوله وفي كل ما يعمل، وفي كل تصرُّفاته يبقى دائماً هو كما هو، فيستحيل أن يصبح عنده الشر خيراً أو الخير شرّاً؛ لذلك فهو ضابط لقانون النتائج الذي لا يمكن أن يفلت منه إنسان أو شعب أو دولة. فالذي يزرع الشر يحصد شراً، والذي يزرع الريح يحصد الزوبعة: «إنهم يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة» (هو 8: 7)، «حرثتم النفاق، حصدتم الإثم، أكلتُم ثمر الكذب» (هو 10: 13).

على هذه الأُسس كان يتنبَّأ الأنبياء ولا يُخطئون قط في نبوَّاتهم، لأن الله في نظرهم قبل كل شيء قانون: «ليس عنده تغيير ولا ظل دوران» (يع 1: 17)، وقد أثبتوا بنبوَّاتهم التي تمَّت في حينها وتمَّت بكل حذافيرها، أنَّ الله قد استُعلِن فعلاً لهم كقانون ثابت أمين لا يختلُّ ولا يَحِيد. وهذا هو ما عبَّر عنه المسيح: «أقول لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون» (يو 13: 19).

2. الله يُسخِّر الناموس الطبيعي لتهذيب الإنسان:

لقد استُعلِن الله كخالق الكون بكافة مخلوقاته، والذي يضبط كل قوانينه، يتحكَّم في الحر والبرد والرياح والمطر والزلازل والبراكين، وليس بقانون تحكُّمي مُطلق منفرد. فالإنسان يدخل كشريك مع الله في مسئولية تطبيق هذه القوانين في العالم، وعلى كل المخلوقات التي فيه. فشرُّ الإنسان يجعل الأرض الخضراء قفراً، وصلاح الإنسان وعدم مخالفته لله يُحوِّل القفار إلى جنَّة: «يجعل الأنهار قفاراً، ومجاري المياه مُعطشة، والأرض المُثمرة سَبِخة من شرِّ الساكنين فيها. يجعل القفر غدير مياه، وأرضاً يابسة ينابيع مياه» (مز 107: 33-35).

وطاعة الإنسان وخضوعه لوصايا الله، تُسخِّر له قُوَى الطبيعة لنُضج الثمار وتكاثُر الحيوان وتوفُّر المحاصيل كأفضل ما يكون دون أن يمسَّها مرض أو وباء أو الحشرات المُفسدة: «وإنْ سمعتَ سمعاً لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه... مُبارَكاً تكون في المدينة، ومُبارَكاً تكون في الحقل. ومُباركةً تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك وثمرة بهائمك...» (تث 28: 1-14). ولكنَّ العقوبة مُشهَرَة في وجه الإنسان إذا هو حاد عن طاعة الله، فالطبيعة تنقلب كلها عدوةً له: «ولكن إنْ لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه... تأتي عليك جميع هذه اللعنات وتُدركك. ملعوناً تكون في المدينة، وملعوناً تكون في الحقل... يُرسِل الربُّ عليك اللَّعْن والاضطراب والزَّجْر في كل ما تمتدُّ إليه يدك لتعمله حتى تهلك وتَفْنَى سريعاً من أجل سوء أفعالك إذ تركتني...» (تث 28: 15-68).

وقد استخلص الأنبياء بصورة قاطعة أنَّ القانون الطبيعي مرتبطٌ بالقانون الأخلاقي في حُكْم الله عامة، وفي مملكة إسرائيل بنوعٍ خاص، ولا يقف أحدهما بمعزل كلِّي عن الآخر، والله يضبط العالم بمعيارَيْن مادي وروحي فائقين يتناسبان مع صلاح الله الشخصي، وفي نفس الوقت، يتوافقان مع تأديب الإنسان ونموه. وقد كان هذا التهذيب والتأديب الإلهيَّيْن بواسطة تطبيق نواميس الطبيعة المادية على حياة الإنسان بمثابة الدرس الأول الذي تلقَّاه الإنسان الطفل المُمثَّل في شعب إسرائيل، تمهيداً لتطبيق نواميس الروح على الإنسان الناضج المُمثَّل في الكنيسة الروحانية، مما يتمشَّى مع التطوُّر المطلوب للإنسان من حياة حسب الجسد لحياة حسب الروح.

3. الله يتحكَّم في علائق الشعوب ومصائرهم، ويجعلهم عصا تأديب بعضهم لبعض:

فالأُمم تظنُّ أنها حُرَّة، وأنَّ بقوَّتها تصنع نجاحاتها وتاريخها؛ ولكن الحقيقة هي أنَّ الله جعل الأُمم عصا تأديب بعضها لبعض، ويستخدم حركاتها ليُظهِر بها تأديبات مشيئته ويُتمِّم بها مراحم عمله، دون أن يكون مسئولاً عن شرِّ أشرارها وقبائحهم: «أشور قضيب غضبي. والعصا في يدهم هي سخطي. على أُمَّة مُنافقة أُرسِله، وعلى شعب سخطي (إسرائيل المغضوب عليها) أُوصيه، ليغتنم غنيمةً وينهب نهباً ويجعلهم (بني إسرائيل) مدوسين كطين الأزقَّة!... فيكون متى أَكمَل السيِّد كل عمله بجبل صهيون وبأُورشليم، أني أُعاقِبُ ثمر عظمة قلب ملك أشور وفخر رِفْعة عينيه. لأنه قال: بقدرة يدي صنعتُ وبحكمتي، لأني فهيمٌ. ونقلتُ تُخُوم شعوب، ونهبتُ ذخائرهم، وحَطَطْتُ الملوك كبطل... (ولكن) هل تفتخر الفأس على القاطع بها أو يتكبَّر المنشار على مُرَدِّده؟ كأن القضيب يُحرِّك رافعه...» (إش 10: 5-15). فبقدر ما تخضع الشعوب لله بقدر ما تستفيد من مراحم مشيئته، فإنْ هي اعتزَّت بنفسها انكسرت وانقلب عزُّها ومجدها إلى تمزُّقٍ وهوان.

حتى تحرُّكات الشعوب وهجرة الأجناس يضبطها الله لتسير وفق مقاصده العُليا، فليست إسرائيل وحدها هي التي أخرجها الله من مصر، فهو أخرج أيضاً الفلسطينيين من مواطنهم الأولى، والسوريين (الأراميين) من قير: «ألستم لي كبني الكُوشيِّين يا بني إسرائيل، يقول الرب؟ ألم أُصْعِد إسرائيل من أرض مصر، والفلسطينيين من كفتور، والأراميين من قير» (عا 9: 7). فالله يحكم على الشعوب، وحُكْمه مُطلق؛ ولكنه يُصدره مضبوطاً بمبادئ ثابتة، وعلى قياسٍ يمكن إدراكه على طول المدى.

قد يبدو أن بعض الدول الكبرى تتسلَّط على مصائر الدول الصغرى، وكأنما أطماع البشرية تُحرِّك التاريخ العام وتصنعه، ولكن الحقيقة أنَّ تاريخ العالم لا يمكن أن يتحكَّم فيه إنسان أو شعب. فالتاريخ ينبثق من إرادة الله من مصدر واحد ويتَّجه نحو غاية واحدة. وهو وإن كان في مسيره يتأثَّر بكافة التحرُّكات الطيِّبة والشريرة، إلاَّ أنه على المدى الطويل تظهر فيه إرادة الله كيدٍ جبَّارة تستخدم الطيِّب والشرير من الحوادث والأشخاص والحكومات، لتصنع من الجميع مصيراً موحَّداً لشعوب الأرض طُرّاً، ينسجم مع إرادة الله وينطق في النهاية بأنَّ الله - والله وحده - هو صانع التاريخ، لأنه هو صانع الإنسان!!: «أنا نبوخذنصَّر رفعتُ عينَيَّ إلى السماء، فرجع إليَّ عقلي، وباركتُ العَليَّ، وسبَّحتُ وحمدتُ الحيَّ إلى الأبد، الذي سلطانه سلطانٌ أبدي، وملكوته إلى دورٍ فدور. وحُسِبَتْ جميع سكان الأرض كَلا شيء، وهو يفعل كما يشاء في جُند السماء وسكان الأرض، ولا يوجد مَن يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل؟» (دا 4: 35،34)

4. الله وناموس العقوبة والفداء:

لا يقف ناموس العقوبة منفرداً بحدِّ ذاته، فهو متعلِّق صميمياً بالناموسَيْن الأدبي والأخلاقي المنبعثين أيضاً من طبيعة الله وبرِّه. فالإنسان مسئولٌ عمَّا يحلُّ به من عقوبة، بل هو الذي يصنعها لنفسه.

الله يستطيع أن يؤجِّل العقوبة حتى ينجح الإنسان في إلغائها بالتوبة والمصالحة مع الناموس المجروح، سواء كان الناموس الأدبي أو الناموس الأخلاقي. ولكن الله لا يستطيع أن يلغي العقوبة إلغاءً سهلاً بدون قيد ولا شرط، لأن ذلك يتعارَض مع طبيعته، ويُسيء إلى برِّه وإلى كافة نواميسه الأخرى. أي أنَّ العفو عن خطيئة يقترفها الإنسان أو الشعب بدون توبة أو عدم توقيع العقوبة المستحقَّة، يُعتَبَر إجراءً خطيراً ضد ناموس البرِّ؛ بل ويُحسَب هدماً للناموسَيْن الأدبي والأخلاقي، وهو عمل يُخالف طبيعة الله، أي يتعارَض مع صلاحه وبرِّه.

فالإنسان أو الشعب إذا أساء إلى الناموس الأدبي أو الناموس الأخلاقي فإنه يُنشئ أو يخلق في العالم طاقة شريرة حيَّة ومُميتة معاً: حيَّة بواسطة الإنسان وفيه؛ ومُميتة لأنها تفصله عن الله مصدر الحياة الأبدية!! والشر الذي ينطلق من أيِّ إنسان أو أي شعب، لابد أن يعود بعد نهاية المطاف ويلتف حول عنق ذلك الإنسان أو ذاك الشعب، لأن الطاقة الشريرة تعود لتسكن في مصدرها. ولكن بسبب عامل الزمن والنسيان وقِصَر النظر الروحي وضعف الإحساس والتمييز، يعتقد الإنسان أنَّ الشر أو العقوبة المترتبة عليه هما فعلان أو حادثان منفصلان قد يلتحمان وقد لا يلتحمان؛ ولكنهما في الحقيقة هما وجهان لشيء واحد مهما تباعدا، ولا يفصلهما شيء إلاَّ جهالة الإنسان أو طول أناة الله!

(يتبع)

(1) الأب متى المسكين، كتاب: ”تاريخ إسرائيل“، ص 350-362.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis