طعام الأقوياء
- 52 -


«لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه...»
(غل 4: 4)
- 2 -

«أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة»:

نعود إلى هذه الفقرة من الآية التي بدأنا الكلام عنها في العدد السابق (ديسمبر 2014، ص 14-18). تفيد هذه الفقرة إفادة واضحة أنَّ الابن كان موجوداً سابقاً على إرساله: فالابن موجودٌ في حضن الآب قبل أن يُرسله لكي يُولَد من امرأة. وكَوْنه مولوداً من امرأة فحسب دون رجل، فهذه هي معجزة ميلاد المسيح، الميلاد البتولي من بتول، لأنه ابن الله الـ ”مولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق“ (قانون الإيمان).

أما عن بتولية العذراء مريم، فيؤكِّد تقليد الكنيسة العريق بتولية مريم الدائمة. فقد كانت مريم بكلِّيتها وقفاً لإلهها، ولم يكن تكريسها واستعدادها مرتبطَيْن فقط بحدث التجسُّد، وقد اتضح ذلك من ردِّها على الملاك، رغم أنها كانت مخطوبة ليوسف: «كيف يكون هذا وأنا لستُ أعرف رجلاً؟» (لو 1: 34)، هذا يدلُّ على اختيارها ودعوتها للتكريس الكامل الذي يُشير إلى دوام البتولية.

ثم إنَّ لا شيء يستطيع أن يملأ القديسة مريم بعد أن ملأها المسيح بتجسُّده منها. لأن بتوليتها الدائمة تعني أنها أخذت كل شيء من ابن الله الذي صار ابنها، ولن يشغلها شيءٌ آخر غير الابتهاج بالتأمُّل في نعمةٍ فائقة كهذه التي نالتها.

إن عقيدة البتولية الدائمة للعذراء القديسة مريم التقليدية، تنسجم انسجاماً كلِّيّاً مع دعوتها الفريدة المُكرسة تماماً لخدمة الله، الممتلئة نعمة، المتجهة كلِّيّاً نحو ملكوت الله.

فالعذراء مريم، في بتوليتها، علامة الخليقة المصطفاة والمُكرسة والممتلئة إلى كل ملء الله، التي لم تَعُدْ تنتظر شيئاً غير الاكتمال النهائي في ملكوت الله، والذي تعيشه الآن بشكلٍ خفيٍّ ومُسْبَق؛ هي رمز الكنيسة المقدسة التي لا تنتظر ولا ترجو سوى عودة المسيح ومجيئه الثاني.

[كتب القس شارل دريلانكور في منتصف القرن السابع عشر، صلاة جميلة وتأمُّلاً في سرِّ التجسُّد وولادة سيِّدنا ومُخلِّصنا يسوع المسيح جاء فيها:

”أيها الإله العظيم، إنك في قدرتك اللامتناهية وغير المُدرَكة، أخرجتَ من إنسان (آدم) أُم الأحياء (حواء)، بدون مُشاركة المرأة، بحسب غِنَى كنوز حكمتك التي لا تنضب، ورأيتَ مناسباً أن تُكوِّن رئيس الحياة (يسوع) من جوهر امرأة، بدون تدخُّل رجل. لقد جَلَبتْ لنا امرأة ثمرة الموت، وها امرأة أخرى تُقدِّم لنا ثمرة الحياة والخلود. لقد أردتَ، يا إلهي، أن تولَد من عذراء، ومِن عذراء مخطوبة، لتُكرِّم، بالفعل ذاته، البتولية والزواج، وتُعطي الأُم القديسة سنداً وشاهداً على براءتها.

وهنا، يا إلهي، كوَّنتَ آدم على صورتك ومثالك، من حفنة تراب، وألبسته البرارة والقداسة، ولكنك من الدم البتولي (غير الدنس) كوَّنتَ آدم الجديد، الذي هو صورتك الحية وسناء مجدك ورسم جوهرك“](1).

بتولية العذراء والبتولية في الكنيسة:

بتولية العذراء مريم هي من المنظور اليهودي أنها مُصطفاة ومختارة ومُكرَّسة للرب، لأنها حسب التقليد وُلِدَت بعد عُقم، فنَذَرها والداها للرب قبل أن تولَد، وعندما وُلِدَت قدَّموها للهيكل. إلاَّ أنها اختيرت وأُعدَّت منذ الأزل ليتجسَّد منها وبها ابن الله: «الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوة العَليِّ تُظلِّلُكِ» (لو 1: 35)، وقَبِلَت هي هذا الاختيار بكامل إرادتها. وهكذا قَبِلَت ابن الله في تجسُّده في أحشائها وفي تأنُّسه، وأصبحت مسكن الله الممتلئ بمجد الله. هذا الحدث الفريد في تاريخ الخلاص أعطى مريم صفة التقديس. وبالرغم من أنها بشر كامل وخليقة كاملة، فهي ”مُباركة في النساء“. هنا تبدو بتولية مريم علامة التقديس والعُزلة والتسليم الكامل لله الذي يُمجِّد الله، ويُعلِن قوته وقدرته: «قوة العَليِّ تُظلِّلُكِ».

بتولية العذراء مريم هي أيضاً دليل فقرها واتضاعها وانتظارها لله الذي يستطيع وحده أن يملأ الذين اختارهم. البتولية هي علامة تجرُّد وثقة كـاملة بالله الذي يُغنينا، نحـن الفقراء؛ وبالتالي هي دعوة إلى التأمُّل الذي يستطيع وحده أن يملأ الذين لا ينتظرون ولا يشتهون شيئاً من العالم ومن الإنسان، ويطلبون كل شيء من الله.

فالبتولية هي غياب الحب البشري الذي يلد بشراً إلى الحياة، بحسب النظام الطبيعي. لذلك اختار الله عـذراءً بتولاً ليُولَد منها المسيح: «الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوة العَليِّ تُظلِّلُكِ، فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يُدعَى ابنَ الله» (لو 1: 35). فهو «ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا مـن مشيئة رجل، بل مـن الله» (يو 1: 13). فالقديسة مريم بتول ليَثْبُت أنَّ الله الآب هو الذي منه المسيح ”ابن الله“ و”ابن العَليِّ“، وأنَّ المُخلِّص ليس إنساناً متفوقاً. ”ليس من دمٍ“، يعني ليس من وراثة بشرية، ”ولا من مشيئة رجل“، ولا من سُلالة خليقة خاطئة.

بتولية العذراء مريم، إذاً، هي علامة فقر الإنسان وعجزه عن تحقيق خلاصه، وعن حاجة الإنسان الماسة إلى التدبير الإلهي لإيجاد مُخلِّص بلا خطية، قادر أن يُخلِّصه. وهكذا جاء المسيح بلا زرع بشر مولوداً من امرأة لم تعرف رجلاً، ولم تعرف حُبّاً غير حب الله. فهي وحدها مع الله الذي نذرت نفسها له، ولن تحب سواه إلاَّ من خلاله، فهو ربها وفرحها وانتظارها وحاميها ومُقدِّسها. وهكذا أهَّلتها بتوليتها إلى أن يحلَّ في أحشائها ابن الله الذي تجسَّد منها بالروح القدس، وولدته مُخلِّصاً للعالم، وابناً لله وابناً للإنسان.

وهكذا فبتولية العذراء مريم هي رمز للبتولية في الكنيسة، وهي أُمٌّ لكل البتوليين. وقد ذُكِرَ في الإنجيل في مواضع كثيرة أنَّ العفة والبتولية مرتبطَيْن بمجيء الملكوت:

? فقد قال الرب يسوع لتلاميذه: «يوجد خصيان خَصَوْا أنفسهم لأجل ملكوت السموات» (مت 19: 12)، وأيضاً: «كل مَن ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أُمّاً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي، يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية» (مت 19: 29؛ مر 10: 29؛ لـو 18: 29).

? ويقول بولس الرسول: «غير المتزوِّج يهتم في ما للرب كيف يُرضي الرب، وأمَّا المتزوِّج فيهتم في ما للعالم كيف يُرضي امرأته» (1كو 7: 33،32).

فالبتولية في الكنيسة لها أساس إنجيلي، وهذه هي الدعوة الرهبانية. وعندما يلتزم الراهب بعفته في البتولية، فإنـه يُدعَى لأن يصبح فقيراً، فبتوليته هي علامـة فقره وحرمانـه البشريَّيْن، وهي دعوة إلى حب الله من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة. فالبتولية تجمع الإنسان بكل طاقته، نفساً وجسداً، في حب الله. ولا يمكن أن نُدرك ذلك إلاَّ إذا اقتنينا في داخلنا المسكنة بالروح، وافتقرنا إلى الله، وأنكرنا ذواتنا، وتخلَّينا عن كل معونة بشرية. فالفقر شرطٌ لحريتنا الداخلية، واعتمادنا الكُلِّي على الله، كما يقول المُرنِّم: «صرتُ كبهيمٍ عندك، ولكني دائماً معك. أمسكتَ بيدي اليُمنى، برأيك تهديني، وبعدُ إلى مجد تأخذني. مَن لي في السماء، ومعك لا أُريد شيئاً على الأرض» (مز 73: 22-25).

والواقع أنَّ الفقر الحقيقي عاشته جماعة المسيحيين في عهد الرسل، فلم يكن لأحد شيء خاص به، بل كان كل شيء بينهم مشتركاً. وهكذا بدأت الرهبنة في القرون الأولى.

بعد البتولية والفقر هناك الطاعة لكي يكتمل المثلث الروحي للرهبنة. فالطاعة هي فضيلة التزام الحياة كلها، فضيلة دخول الراهب في الحياة الإلهية، ودخول الله في حياة الراهب؛ هي التمثُّل بالعذراء في قولها: «هوذا أنا أَمَة الرب. ليكُن لي كقولك». فعَلَى الراهب أن يتخلَّى عن مشيئته، عن جذور أنانيته، أي عن إرادته البشرية في اختلافها عن إرادة الله، لكي يُعيدها إلى الإرادة الإلهية، ويُقيمها فيها على الدوام. الطاعة الرهبانية لا تهدم الإرادة البشرية؛ بل تُعيدها لأصلها، لطريقها في الفردوس قبل السقوط. فهي الانفتاح الكُلِّي النهائي لصوت المسيح، وعدم السماح لحريتنا وإرادتنا بالانغلاق على ذاتها من جديد.

«أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة،

مولوداً تحت الناموس»:

بما أنَّ المسيح له المجد قد وُلد من امرأة يهودية خاضعة للناموس، فلابد أن يكون المولود منها تحت الناموس. وكان أول فرض في الناموس هو الختان، وهكذا «لما تمَّت ثمانية أيام ليختنوا الصبي، سُمِّيَ يسوع كما تسمَّى من الملاك قبل أن حُبِلَ به في البطن» (لو 2: 21). وكذلك «لمَّا تمَّت أيام تطهيرها، حسب شريعة موسى، صعدوا به إلى أُورشليم ليُقدِّموه للرب، كما هو مكتوبٌ في ناموس الرب: أنَّ كلَّ ذَكَر فاتح رَحِم يُـدعَى قُدُّوساً للرب. ولكي يُقدِّموا ذبيحةً كما قيل في ناموس الرب، زوج يمام أو فَرْخَيْ حمام» (لو 2: 22-24).

ويذكر القديس لوقا الإنجيلي أنهم «لمَّا أكملوا كل شيء حسب ناموس الرب، رجعوا إلى الجليل إلى مدينتهم الناصرة» (لو 2: 39). كما ذَكَرَ أيضاً أن يسوع كان يذهب مع أُمِّه والقديس يوسف النجَّار، خطيب العذراء وحارس السرِّ الإلهي، كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح، حسب ما أُوصِيَ به في الناموس.

فقد كان الرب خاضعاً لكل ما أَوصى به الناموس. ولكن لم يكن للناموس أية سيادة عليه، لأنه كان بلا خطية قط: «مَن منكم يُبكِّتني على خطية» (يو 8: 46). ورغم أنه أعلن للشعب أنه لم يأتِ لينقض الناموس أو الأنبياء قائلاً: «ما جئتُ لأَنقض بل لأُكمِّل» (مت 5: 17)؛ إلاَّ أنه كان يُعلِّم أنَّ الناموس (وحِفظ السبت) إنما جُعِلَ لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت (الناموس): «إذاً ابن الإنسان هو ربُّ السبت أيضاً» (مر 2: 28).

ويُعلِّق القديس بولس الرسول على ذلك قائلاً: «فلماذا الناموس؟ قد زِيدَ بسبب التعدِّيات» (غل 3: 19)، كما قال أيضاً: «لم أعرف الخطية إلاَّ بالناموس. فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يَقُل الناموس ”لا تَشْتَهِ“» (رو 7: 7)، «إذاً قد كان الناموس مؤدِّبنا إلى المسيح، لكي نتبرَّر بالإيمان. ولكن بعدما جاء الإيمان، لسنا بعدُ تحت مُؤدِّب» (غل 3: 25،24).

فالمسيح جاء تحت الناموس، وإذ كان بلا خطية، فقد صار فوق الناموس، ليرفع الذين آمنوا به ويجعلهم فوق الناموس. فالناموس أُعطِيَ لكي يكشف الخطية ويفضحها، ومع أنَّ المسيح بلا خطية، فقد قَبِلَ أن يُولَد تحت عبودية الناموس، ليُحرِّر كل الذين تحت عبودية الناموس، وذلك ”بحَمْله هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبرِّ“ (1بط 2: 24)، «إذ محا الصَّكَّ الذي علينا في الفرائض (الناموس)، الذي كان ضدّاً لنا، وقد رفعه من الوسط مُسمِّراً إيَّاه بالصليب» (كو 2: 14)، «لأنه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحداً، ونَقَضَ حائط السياج المتوسط، أي العداوة. مُبطِلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً، صانعاً سلاماً، ويُصالِح الاثنين في جسدٍ واحد مع الله بالصليب، قاتلاً العداوة به» (أف 2: 14-16). وهذا هو السبب الذي لأجله قَبِلَ المسيح أن يولَد من امرأة تحت الناموس.

«ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبنِّي»:

أصل كلمة ”يفتدي“ تعني في اليونانية: ”يشتري لحسابه“. فالمسيح اشترانا لنفسه بتقديم نفسه وجسده ذبيحةً على الصليب، إذ مزَّق صكَّ الديون كلها، الذي كان علينا في فرائض الناموس الذي كان ضدّاً لنا، مُسمِّراً إيَّاه على الصليب (انظر كو 2: 14).

لذلك يقول بولس الرسول أيضاً: «لأنكم قد اشتُريتُم بثمنٍ. فمجِّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله» (1كو 2: 20). كما قال أيضاً: «لأن محبة المسيح تحصُرنا. إذ نحن نَحْسِبُ هذا: أنه إنْ كان واحدٌ قد مات لأجل الجميع، فالجميع إذاً ماتوا. وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام» (2كو 5: 15،14).

وفي هذا يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:

[لقد انعتقنا من العقاب، ونفضنا عنَّا كل شرٍّ. لقد وُلدنا جديداً من فوق (يو 3: 3)، وقمنا ثانيةً من بعد أن دُفِنَ إنساننا العتيق. لقد افتُدينا، وتقدَّسنا، ونلنا التبنِّي. لقد تبررنا، وصرنا إخوةً للابن الوحيد! صرنا شركاء معه في الميراث، وشركاء في الجسد، بل وصرنا جسده، وكمثل اتحاد الجسد بالرأس؛ هكذا اتحدنا نحن به. وهذا كله هو ما يدعوه القديس بولس «فيض النعمة» (رو 5: 17)، مُبيِّناً أننا نلنا، ليس فقط دواءً مناسباً لجُرحنا، بل وصحةً وجمالاً وكرامةً ومجداً واستحقاقاً، بما يفوق بكثير طبيعتنا...

فإنَّ المسيح قد دفع أكثر بكثير مِمَّا كنَّا مديونين به، كمثل ما تفوق مياه المحيط اللانهائي قطرة ماء صغيرة](2).

فالمسيح له المجد افتدانا جميعاً من موت الخطية بموته هو لأجلنا على الصليب، افتدى الذين كانوا واقعين تحت عبودية الناموس، ونحن الأُمم أيضاً الذين كنَّا بلا ناموس مذلولين تحت عبودية إبليس؛ اشترانا كلنا بدمه وحرَّرنا ووهبنا نعمة التبنِّي: «أمَّا كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه. الذين وُلدوا ليس من دمٍ، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله» (يو 1: 13،12).

فالفداء الذي أكمله لنا الابن، كان لتحضيرنا لنحصل على التبنِّي من الآب، لنصير أبناء لله في ابنه الحقيقي الوحيد الجنس. لأن الله أحبنا محبة أبدية حتى قبل أن يفدينا، وهذا الحب لم يهدأ ولم يتوقف حتى وهبنا التبنِّي بالفداء لنصير ورثة الحب الإلهي: «ثم بما أنكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً: ”يا أَبَا الآب“. إذاً لستَ بعدُ عبداً بل ابناً، وإنْ كنتَ ابناً فوارث لله بالمسيح» (غل 4: 7،6).

وهكذا بالتبنِّي صار لنا كل ما هو للابن عند الآب حتى وإلى الميراث!!

ويقول الأب متى المسكين مُعلِّقاً:

[على أنَّ اتحادنا بالابن على مستوى القيامة من بين الأموات، هو الذي وهبنا الروح القدس، وهو الذي يشهد لأرواحنا أننا صرنا أولاد الله بالقيامة من بين الأموات، وهو الذي يُحقِّق أُبوَّة الله لنا كلما رفعنا صلاة باسمه، لأنه هو الذي يصرخ في الصلاة بفمنا وروحنا نحو الله قائلاً: ”يا أَبَا الآب“. ومناداتُنا الله بالقول: ”يا أَبا“، هو دخول في الحضرة الإلهية بدالة البنين مع إحساس بحضور الله بآنٍ واحد. وهذه أعظم عطية نلناها لندخل بها إلى الله كل حين ولنا في الابن وجود، وبالروح القدس دالة!](3)

(يتبع)

(1) مُقتبس بتصرُّف من كتاب: ”مريم أُم الرب ورمز الكنيسة“، لمؤلِّفه: ماكس توريان.
(2) عظة 10 على الرسالة إلى رومية.
(3) ”شرح رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل غلاطية“.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis